الأخبار والأفعال السيئة والسلبية التي كانت تصدر من الإدارات الأمريكية السابقة، بل والإدارة الأمريكية الحالية أيضاً ضد السودان، دائماً لم تكن تحدث بعد توقعات لحدوثها أو بعد مؤشرات تنبئ بها . جميع القرارات والإجراءات الأمريكية التي ظلت تتخذ ضد السودان، كانت تأتي هكذا بدون أي مقدمات.. تأتي مثل صواريخ كروز التي ضربت مصنع الشفاء.. وتأتي في الوقت الذي نكون فيه ننتظر عكس معناها تماماً . حتى قرار ترامب المكرر بحظر دخول السودانيين إلى الولاياتالمتحدة ضمن قائمة مواطني عدد آخر من الدول الإسلامية، كان صادماً لتيار مشاعر إيجابية متفائلة ببشارات تتوالى علينا بعد بشارة أوباما لنا والتي قذف بها في باحة البيت الأبيض قبل أن ينصرف . وبالمقابل فإن المؤشرات الجيدة بالنسبة لنا في علاقات السودان مع الولاياتالمتحدة لم تكن بمثابة علامات حاسمة للتوقع بما سيأتي وسيصدر من أمريكا تجاه السودان .. والدليل على ذلك أن السودان ومنذ اتفاق نيفاشا كان قد بدأ التعاطي بشكل إيجابي جداً مع الخيارات والنصائح الدولية على المستوى السياسي، ثم فاق الوصف بأنه متعاون بشكل مثالي على المستوى الأمني والاستخباري مع الولاياتالمتحدة خاصة في ملف محاربة الإرهاب .. وقد كان هذا التعاطي الجيد والمتبادل بإيقاع متطور بين السودان وأمريكا دافعاً لجعل الكثير من المسؤولين السودانيين يتوقعون، عن يقين كامل ومنذ سنوات ليست قليلة، نهاية قريبة جداً لأزمة العلاقات الثنائية مع الولاياتالمتحدة وإصدار قرار رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب على أقل تقدير.. لكن توقعاتهم خابت في تلك الفترة . وظلت السياسات الأمريكية تجاه السودان غير مفهومة لأحد.. وغير متوائمة مع نفسها، إذ هي دائماً تمضي عكس اتجاه مؤشراتها.. ولا يكاد – في كل مرة – أشطر الخبراء والمحللين يستطيعون الجزم بما سيصدر عن الإدارة الأمريكية في الخطوة القادمة . الآن وبعد بدء العد التنازلي لنهاية فترة الستة أشهر التي سيتم بعدها صدور القرار النهائي الخاص بالعقوبات الأمريكية ضد السودان، فإن جميع المؤشرات المنطقية تمضي في اتجاه واحد هو صدور قرار من إدارة السيد ترامب برفع العقوبات بشكل كامل عن السودان، وإزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. خاصة بعد الزيارات المتبادلة والوعود القاطعة والخطوات الكبيرة التي تحدث الآن مثل مشاركة السودان لأول مرة في اجتماعات قمة رؤساء أركان المجموعة الأمريكية الأوروبية الأفريقية (أفريكوم) بألمانيا . ورغم أنه لم يتبق شيء ناقص إطلاقاً للجزم القاطع والتوقع الأكيد حسب منطق الأمور ونظريات السياسة والدبلوماسية والمنطق والفلسفة وكل شيء، بأن تكون بلادنا على موعد مع قرار رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ورفع العقوبات الأمريكية ضد السودان بشكل نهائي.. برغم ذلك علينا أن نتحسب للاحتمال الآخر.. فهو ليس احتمالاً مستحيلاً في أدبيات السياسة الأمريكية تجاه السودان . شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين. اليوم التالي