كشف نواب برلمانيون عن أن عجز الحكومة عن تسوية مديونيات مالية مع الصين والهند يقف عقبة أمام تشييد مشاريع تابعة للسكة حديد. ودعا النواب الحكومة لتسوية هذه القضايا المالية، ليتسنّ لها تنفيذ تلك المشاريع. وأشاروا إلى عدم توفير بنك السودان لخطابات اعتماد لشراء قاطرات للهيئة، وأكد النواب أن عدم توفر العملات الصعبة يقف أيضاً عقبة أمام تشييد آخر خطوط السكة حديد، وهو خط نيالا أبوجابرة. وأشاروا إلى أن شراء الشركات للعملة الحرة من السوق الأسود يوضح الخسارة، وعدم إنفاذ العطاءات في مواعيدها المحددة. وقطع النواب في مداخلتهم عقب بيان وزير النقل حول ملخص خطة هيئة سكك حديد السودان (2016 - 2029) بأن التخلص الكبير من العمال المهرة والمهندسين وراء التدهور الحالي للهيئة. وطالبوا وزارة النقل بتأهيل الكادر البشري ليواكب الخطة الموضوعة. وانتقد النواب اعتداء بعض الولايات على السكة حديد، ودعوا الوزارة لنقل المحطات الحالية المتواجدة داخل المدن إلى خارجها. فيما طالبت نائبة بإبعاد خطوط السكة حديد عن موقف المواصلات بولاية الخرطوم وقالت أن مرور القاطرات يخلق ربكة وإختناقات. ويبدو أن كل هذا الحديث عن السكة حديد لم يكن ليدور إلا بعد أن فاحت رائحة الفساد، بحيث أصبح التغاضي عنها ضرباً من المستحيل. هذا الإلتفات المتأخر للسكة حديد بعد أن آل أمرها إلى ما آلت إليه، يعيد للأذهان نظرية التنمية ب(الأفكار اللاحقة)، وما بعد الإنهيار التام للمرافق، والمؤسسات، على طريقة (سنعيدها سيرتها الأولى). فالسكة حديد التي كان لها قصب السبق كمورد إقتصادي هام ومؤثر، وكناقل وطني كان له أثره الإجتماعي كذلك، وكمؤسسة عريقة تناوشتها يد الإهمال والفساد لسنوات حتى صارت خفيضة الصوت بائسة المباني والقطارات، لم يعرف التخطيط الإستراتيجي الجاد إليها درباً ولا سبيل. على الرغم من كل الإدارات المتعاقبة التي تولت أمرها على امتداد الحقب والسنوات. إن إصلاح أمر السكة حديد هو أمر إداري فني يتطلب إرادة حقيقية للإصلاح، وأن يقف على تنفيذه القوي الأمين من ذوي الخبرة والدراية والمعرفة، بعيداً عن أصحاب الغرض والمنتفعين، ممن ينظرون لمؤسسات الدولة ومرافقها كغنائم من أجل المصلحة الشخصية، ومحاولة إظهارها كعبء على الإقتصاد تمهيداً لبيعها لمستثمرين برأس مال تشغيلي أجنبي، أو محلي خاص، وبشروط مجحفة لا تراعي إلا حجم العمولة التي يتقاضاها الوسيط ما بين حكومة السودان والمستثمر الأجنبي أو المحلي، أو تعطيل المرفق كيما يتسنى لغيره من الشركات الخاصة التي تقدم نفس الخدمة العمل على أنقاض مؤسسات الدولة، ولو أدت هذه الممارسات بالإقتصاد الوطني إلى أسفل سافلين. ومثلما لا يمكننا التحدث عن تكنلوجيا بلا كهرباء، فلا يمكننا الحديث عن إصلاح إقتصادي دون أن تكون مؤسساتنا الإقتصادية بمنجاة من غول الفساد. [email protected]