إن وقفتنا مع الشجاع "البيرونى" حتى لو تراجع "قهرا" عن موقفه. أو حتى لو كان له هدف وغرض من ذلك "التصرف" كما أدعى البعض". سوف تكون وقفة ساذجة لا قيمة لها إذا لم تتكء على "فكر" ووعى ومعرفة وإذا لم ندرك هذه الحقائق. بأننا ومنذ حوالى 1500 سنة يراد لنا أن نعيش فى عالم من الظلام والجهل والتخلف "نعلف" كالبهائم ونعمل "كالعبيد". يقول الحديث الذى يرفض "الخروج" على الحاكم "المسلم" وإن قتلنا وظلم وبغى وأكل مالنا بالباطل. "أطيعوا وإن ولى عليكم عبد حبشى كأن رأسه ذبيبة". حيث لا يقبل أى "إجتهاد" آخر أو طريقة للمخارجة من هذا "النص". الذى يشرعن "التمكين" و"الهيمنة" على السلطة والإستحواذ على "الثروة"! للأسف العديد من المثقفين والناشطين فى مجال حقوق الإنسان. يرددون فى مثل هذا الموقف الذى تعرض له "البيرونى". الآية التى تقول "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". وهم لا يدرون بهذه "السلوك"، يشجعون "خفافيش" الظلام فى التمادى فى طريقهم. لأنهم يشعرون بأن "مخالفيهم" فى الفكر يقرأون عليهم ما يبرأ ساحتهم وما يعتنقون. وبعض آخر رغم أنهم لا ينتمون للتنظيمات "الإسلاموية". لكنهم يرددون معهم، عبارات اصبحت محفوظة تقول "لا تسئ الى ديننا". أو يبررون بقول مثل "هذا الكلام يقوله نظام البشير أو يقوله الإخوان المسلمون والوهابية، لكن الإسلام برئ منه". وهم لا يدرون بمثل هذا الحديث يتهمون "الإسلام" بالتناقض! وهم لا يدرون أن الشهداء الأبرار على مر العصور دفعوا حياتهم ثمنا لفك هذا "التناقض" بالفكر والمعرفة وبالممارسة المجودة الصادقة للدين. آخرهم الشهيد/ محمود محمد طه. الذى قال لا قيمة "لإجتهاد إذا لم يكن فيما فيه نص" على عكس ما يقول كآفة من يسمون بطبقة "الفقهاء" والعلماء. لقد أختصر الأمر كله من أجل بسط "الحريات" فى ضرورة "تطوير" التشريع الإسلامى، لكى يواكب العصر ويحل مشاكله. وهو القائل أن "الأله لا يشرع لكماله وإنما لنقص خلقه ووفق وسعهم وطاقتهم". بلا أدنى شك فإن وسع وثقافة إنسان العصر الحالى وحاجاته تختلف عن إنسان الجزيرة العربية فى القرن السابع الميلادى. لقد كانت رؤية "الشهيد" التى فيها "الحل" الذى لا حل غيره، للخروج من هذا المأزق. بالعودة "للنص" المكى لكى يصبح "حاكما" وسيدا وهو النص الأصلى. بدلا من النص الذى "نسخه" وهو فرعى ونزل بعده فى "المدينة" أى بعد 13 سنة من بعث الإسلام. السؤال هنا!! لماذا يتمسك "الإسلاميون" بالنص "الفرعى" منذ حوالى 1500 سنة تقريبا؟! الإجابة وببساطة .. لا لأن الأمر عندهم "دين" والدليل على ذلك أنهم مستعدون أن ينزعوا عنهم آخر ورقة "توت" إذا وجوهوا بخطر حقيقى. كلما فى الأمر أن تلك "النصوص" المدنية، هى التى توفر لهم "التسلط" على رقاب خلق الله وتجعل "السلطة" فى يدهم يفرضونها بكل السبل. بالإستمالة والترغيب أحيانا، وبالترهيب والقتل والذبح والإبادة ، بالحرق والذبح والسبي والإستعباد والإسترقاق. قولا واحدا بكلما هو "مناسب" وما هو أفظع من كل ذلك. تسجيل موجود على أشرطة "اليوتيوب" لمن يريد الرجوع اليه للشيخ "السلفى" – أبو إسحق الحوينى - الذى يتبعه ملايين المسلمين. يقول فيه "أن سبب تدهور الإقتصاد والضنك الذى يعيش فيه المسلمون اليوم، أنهم لا يقيمون فريضة الجهاد". لأنهم لو أقاموها فسوف يدخلوا فى حروب "فتوحات" متواصلة. وفى كل عام يحصلون على "غنائم" وسبابا وملكات إيمان و"عبيد" من ديار الكفار. مما يحتم إقامة سوق "نخاسة"، فيستمتعوا بمن تشتهيهم أنفسهم من السبايا. ويبيع "المجاهد" ما تبقى من نصيبه من "عبيد" و"جوارى" فينصلح حاله إقتصاديا ويحل دينه إذا كان عليه دين. وقال الشيخ "الإخوانى" الإرهابى الذى كانت أرض السودان مفتوحة له "وجدى غنيم" ساخرا من نقيب الصحفيين المصريين وواصفا اياه بالجهل. قائلا "أن من يقل بأن الإسلام دين رحمة ومحبة فهو جاهل وغبى". فذلك كان قبل "التمكين"! فماذا يقصد "وجدى غنيم" بذلك. يقصد أن الايات التى تتحدث عن الرحمة والمساواة بين الناس كآفة. و"التسامح" والمحبة وعبارة مثل "أذهبوا فأنتم الطلقاء". كانت فى "مكة" وقبل فرض "الشريعة" فى "المدينة" وقبل "التمكين" وتأسيس الدولة الإسلامية! الا يؤكد هذا وجود "إسلامان" على خلاف ما يقول "الإسلاميون"؟ إسلام "نسخت" آياته واصبح "حكمها" ملغى، يمكن التعبد بها فى الصلاة وفى تلاوة القرآن. مثل الآية التى نرددها جميعا فى مثل حالة "البريونى" والتى تقول "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". ومثل آية أخرى تقول "دْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ". ومثل الآية "فذكر أنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر". تلك الايات "نسخت" وأستبدلت بآيات اصبحت سيدة الموقف منذ ذلك الوقت فى القرن السابع الميلادى وحتى اليوم. وهى لا تتحدث عن "المرتدين" وحدهم كما فى هذه الاية "وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّه عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ". وكما جاء فى "الحديث"عن بن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من بدل دينه فاقتلوه". البخاري 3017". بل هنالك "نصوص" تدعو لابعد من ذلك و"لقتال" كل من لا يؤمن "بالإسلام" حتى لو كان "كتابيا" أى مسيحيا أو يهوديا! مثل الاية "فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.". ومثل الاية: "قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ". يؤيد تلك الآيات، الحديث الذى يقول: "عن ابن عمر رضي الله عنهما ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى". مرة أخرى لا يخدعنك أحدهم فيقرأ عليك الايات "المنسوخة" التى نزلت فى "مكة". فإذا كان صادقا فيما يقول! لماذا تم القبض على "البيرونى" الآن وتمت ومواجهته بالمادة 126 ومن قبله مواجهة "مريم" أو "ميرى" بذات المادة؟. الم تكن موجودة وقتها الآية "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"؟ الا توجد هيئة "علماء إسلام" فى السودان مهما كانت درجة جهلها، قد مرت على تلك الاية من قبل؟ الحل الذى لا حل غيره إذا كان الناشطون فى مجال حقوق الإنسان والمثقفون "عامة" جادون فى حسم قضايا الحريات والديمقراطية. بالا ينتظروا من وقت لآخر حدوث حالة "تجاوز" كما يسمونها. بل أن يطالبوا فى شجاعة بعدم "تحكيم" "الشريعة" الإسلامية كما كانت فى "القرن السابع" فى اى بلد من بلدان الدنيا. خاصة فى السودان، الذى اراده الله متعددا دينيا ومتنوعا ثقافيا. وأن يطالبوا بإعتبار كل من يدعو لتطبيقها بأنه "إرهابى" وأنه لا يعترف بالمواثيق والعهود التى وقعت عليها كآفة الدول المنتمية للأمم المتحدة. بمعنى يجب الا يستثنى من الإرهاب "المنظر" و"المفكر" وأن يجرم فقط مرتكب الجريمة الإرهابية والأول هو الأشد خطرا. لا يخدعونكم بالحديث المردود عليهم "أنها ثقافتنا وأنه ديننا .. وحديث آخر عن الإسلامفوبيا". فالإسلام فى اصوله وكما نزل فى "مكة" متقبلا الآخر ومعتقداته هو "الدين" لا "الشريعة" التى لا تعترف بالآخر ولا تعترف بغير دين واحد. بخلاف ذلك سوف تكثر مثل هذه الحالات التى تحاكم "الضمير". وسوف تتكرر حالات الدهس بالشاحنات على الأبرياء "ظنا" بأنهم "كافرون". وحتى لو كانوا كافرين، هل يدهسون؟ وسوف يتزائد التفجير والتعدى على الكنائس ودور العبادة والأضرحة. وسوف نخرج مبررين كالعادة نتحدث عن "الإرهاب" الذى ليس له دين وأن الذى يحدث عبارة عن "تطرف" وسلوك فردى. بينما الذى يحدث فى حقيقته عمل "ممنهج" تسنده "نصوص" وأدلة وبراهين وله دعاة "جهلة" يجيدون فن إصدار الفتاوى. قال الشيخ "الإخوانى" يوسف القرضاوى "أن التفجير بتصرف فردى لا يجوز لكنه جائز إذا صدرت فتوى من الجماعة"! يعنى مثل جماعة "الإخوان المسلمين". الحل واضح وهو الذى جاء به المفكر الشهيد/ محمود محمد طه، حيث لا حل غيره. فالأسلام "برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين". وأن "الشريعة كانت أكمل ما يكون الكمال فى وقتها، لكنها لا تناسب إنسانية هذا العصر". ولابد من تطويرها ولا بد من إجتهاد فيما فيه نص. ومن يقول لك أن أن الشريعه صالحة لكل زمان ومكان. هو إنسان جاهل ودموى وإرهابى. فى هذا لا فرق بين "عمر البشير" وبين من يدهس المارة "بحافلة" أو من يذبح الناس على طريقة "الدواعش". تاج السر حسين – [email protected]