رغم خلفيته الثقافية المؤطرة بالإنتماء الفطري لهذا الوطن والتي دعمتها سنوات الصبا بما فيها من صدق في تعميق الإحساس بالأشياء ، إلا أن الدكتور نزار غانم لم يُصب بالملل حتى الآن من إعلان ذلك الشغف الذي تجاوز حدود العاطفة نحو (إلتحام) العاطفة الوطنية بسودانية الهوى ويمانية الإنتماء ، نزار غانم ما بين الفكر والأدب وممارسة الإبداع في شتى إتجاهاته ظل (قلقاً) تجاه ما يمكن أن يتسرَّب من شظايا هذا الحب العظيم للوطن بمعناه المُطلق بما قد يجعل الخسائر ضخمة بين ثنايا من يقول (وطني الأول ووطني الثاني أو الشقيق) .. هكذا و بلا مبالغة و لا تكلُف أنشأ نزار غانم وطناً جديداً شاسع المدى في شكله ومضمونه وبلا تعقيدات ولا إعتراف دولي ولا دستور ولا قانون ، سوى ما تحويه قلوب اليمنيون والسودانيون من محبة متوارثة ومقدرة عالية على التناغم الثقافي والفكري و الإنساني ، (السومانية) هي دولته وجنسيته الجديدة في تركيبتها كمصطلح والضاربة في القِدم منذ الأزل في سماتها الحيّة والواقعية ، ثم أخذ هذ الرجل المتوهج علماً وفِكراً وأدباً ومواهب في سبغ السومانية على كل مُدرك من أبناء الشعبين لحجم ما يدور في خُلد الوفاء والإخاء والتعاضد وهم لا أقول كُثر ولا أغلبية لأنهم ببساطة هم (الجميع) بمُطلق المصطلح والمعنى ، الدكتور نزار غانم لم يدلُف إلى التبشير بالسومانية من منطلقات فلسفية بحته ولا قانونية ولا سياسية ، بقدر ما عرضها في ثوب العاطفة التي تجمع هذين الشعبين العريقين في تاريخهما وثقافاتهما ومساهماتهما في رفد الإنسانية بالكثير من المعالم الثقافية والعلمية والسياسية التي ما زالت وإلى عهدنا هذا تعتبر حجر الأساس الذي إنبنت عليه الكثير من الثقافات والإتجاهات الحضارية المُحدثة ، نحن نحتاج على النطاق العربي والإسلامي إلى تأطير أفكارنا (المهرجانية) المتعلِّقة بالوحدة العربية والُلحمة الإسلامية إلى التحقيق والتدقيق فيما يدعو إليه الدكتور غانم ، هذا الرجل الذي ورث حب السودان والسودانيين واليمن واليمنيين أباً عن جد ، وقد كان لوالدة البروفيسور غانم صولات وجولات في جامعة الخرطوم ما بين الوطنية والعلم و الإنتماء المتناهي الحدود ، نزار غانم كنز إنساني غريب الأطوار في بنيته الإبداعية والثقافية ، وأعتقد ويشاركني الرأي كثيرين أن ما ينتجه من فكر وأدب وإبداع لم يحِن أوانه بعد ، هو يعمل بيديه وفكره وماله و موجوداته العاطفية والروحية بشغفٍ وإيمان ووفاء في بناء الملحمة الوطنية (السومانية) ، رجلٌ جديرٌ بالإحترام والمحبة اللا مشروطة ، يلتف حول محرابه عددٌ من (الحواريين) هم نخبة مثقفي ومفكري وإعلاميي البلدين ، يعملون بجدِ وإجتهاد في سبيل بناء صرح الوفاء للوطن الكبير وثقافته وموروثاته وتاريخه الباذخ ، يدعون الله في أعماقهم أن يُزيل الغُمة عن فضاءات اليمن والسودان بما يوسِّع من آفاق الإستقرار و التنمية و ما فيه شفاءٌ للمواجع و الجِراح. الجريدة