عبارات في منتهى الحكمة والبلاغة كتبتها أمس ماريا زاخاروفا الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية في تدوينة على حسابها في تويتر تعليقا على ما أعلن عنه ترامب بإلغاء سياسة الرئيس السابق باراك أوباما، التي وصفها بالخاطئة في ما يتعلق بتطبيع العلاقات مع كوبا. زاخروفا قالت: (الصفة الوحيدة التي يمكن التنبؤ بها في السياسة الخارجية الأمريكية هي عدم القدرة على التنبؤ بها)..!! أي أن عدم قابلية السياسة الخارجية الأمريكية على التنبؤ بها هي إحدى ثوابت هذه السياسة الأمريكية.. لذلك وارد جدا بل قد يكون مرجحا وقريبا من التوقع أكثر أن تفاجئنا رياح السيد ترامب بما لا تشتهي السفن السودانية المبحرة في لج الحلم الأمريكي المتمنع . لأن المنطق الذي برر به ترامب قراره بإلغاء الاتفاق الذي توصلت إليه إدارة الرئيس باراك أوباما مع كوبا، ودعاها لإجراء انتخابات حرة بمراقبة دولية.. هذا المبرر يمكن نسخه وتعديله قليلاً بعد لصقه في حالة السودان بحيث تشترط إدارة ترامب مثلاً إنهاء الصراع الداخلي في السودان قبل رفع العقوبات أو أي مبرر آخر يعطل أو يؤجل به ترامب صدور هذا القرار المنتظر. كل شيء وارد في السياسة الخارجية الأمريكية وإلا فإن تعاون السودان مع الولاياتالمتحدة في مجال مكافحة الإرهاب كان لوحده كافياً ومنذ شهور لأن تصدر الإدارة الأمريكية قرارا تزيل به اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب لأنه ليس هناك أي منطق يجعل الولاياتالمتحدة مضطرة للتعاون والتنسيق مع نظام يحتضن الإرهاب في ملف مكافحة الإرهاب.. ولا جديد في الحديث عن أن السي أي إيه والإف بي آي تؤيد رفع العقوبات عن السودان لأن هذه المؤسسات الأمنية والعسكرية سبق أن أفادت موفدي الحكومة السودانية بأنها راضية عن موقف السودان، بل أعلن مدير السي آي إيه قبل أكثر من عام في بيان له أن السودان لا يدعم الإرهاب. فكيف يتحدث العالم عن أن أمريكا هي دولة مؤسسات حين تكون المؤسسة المعنية بملف الإرهاب في أمريكا تعلن براءة السودان قبل عام ونيف ثم ننتظر حتى الآن ولا يوجد بيد الحكومة السودانية ضمان بأن تعلن إدارة ترامب رفع العقوبات عن السودان منتصف يوليو حسب الموعد المحدد..؟! وكيف نقول إن أمريكا دولة مؤسسات ونهمل ملاحظة الدبلوماسية الروسية ماريا زاخاروفا بأن العقود الأخيرة أظهرت أنَّ كل إدارة أمريكية جديدة تلغي قرارات مبدئية اتخذتها الإدارة السابقة في مجال السياسة الخارجية حتى استحالت القدرة على التنبؤ بالسياسات الأمريكية . نحن لا نتوقع شيئاً فقط سننتظر منتصف يوليو ولن نفاجأ بأي شيء يصدر عن مستر ترامب . شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين. اليوم التالي