إن عدالة السماء سوف تنتصر ، وأنين الأرض سوف يخمد ، بعد أن يأخذ الملكوت الالهي ما امهله الزمن ، فما أهمل لكنه يمهل ، وها هو نظام (البشير) طغي ، وتجبر وطفح الكيل ، وزاد الويل ، فما تركوا لأنفسهم بقايا من مآثر يذكرونهم بها . وها هي ذكري (الثمانية وعشرون) ضابطا" الذين تم إعدامهم في هذا الشهر الكريم ، تأتي بعد ثمانية وعشرون عاما" ، وتتطابق مع عدد الضابط الذين أعدموا ، وتتشابه في نفس الشهر الكريم الذي قبروا فيه ضباطنا الأحرار ، في مجزرة دموية سردها يدخل القشعريرة ، وطريقة تنفيذها توضح معدن منفذيها ، شواذ العقل والدين ، في أبر الأشهر ، وهو شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن ، ليهبط فيه المتأسلمين بقيادة ثلة من الضباط الفاسدين ، ويعيثوا في الأرض فسادا ، وما إقترنت الذكري الا لعبرة وعظة ، وما تقاربت الأرقام والاسماء الا لشئ يريد المولي إيضاحه ، وما إحساسي الا بان ارادة المولى عزوجل أحكمت قبضتها ، وعدالة السماء اظهرت رغبتها ، ليستبين الصباح الأبلج ، وما كانت حقوق العالمين عند رب العباد نسيا" منسيا ، ومعظم القائمين بهذه المجزرة الدموية المروعة يترنحون وتتخاطفهم الأمراض ، والعلل ، وتتشبث بهم المعضلات من كل حدب وصوب ، فهنالك ارواح لن ترتاح الا بإعادة الحقوق الي أهليها ، وأول ما يسال عنه المرء عند خالق السماء والارض هي النفس التي أزهقت بغير وجه حق ، والدماء التي سفكوها ترتوي بها مشارق الارض حتي مغاربها فلم يتركوا اسرة سودانية الا وإمتصوا دماء أحد بنيها ، أو شردوها أو عذبوها ، او أمرضوها . إن الأيام دول والحياة فواصل ، وها هو فصل الميزان يستوي . ثمانية وعشرون ضابطا" زمرة من الأخيار تم إعدامهم مقيدين مجموعات ، ولم يتحسسهم طبيب ، فقبرتهم الجرارات ، تمزق أجسادهم حتي ساوا بهم الارض ، وخرجوا يهللون ويكبرون ، كأنهم انتصروا في معركة ، ولم تحرك نوازع الاخلاق والزمالة فيهم نازع الرحمة والإنسانية ، ولم يحترموا شرف الجندية ، ليعلنوا بلا خجل ولا حياة إعدامهم ، سنين جمعتهم ومنشأة عسكرية رفعتهم ، فما نالوا شرف ولا اخذوا الامان . ان ترادف الايام وترابطها يوحي بمرمي ، ويبين النهاية ، ويحكي سوء المنقلب . إن مجزرة (ضباط رمضان) الذين نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة ، ستكون ذكري حزينة تحكي سيرتها مسآويء حكومة (البشير) وعصابته ، وتوالي مفاسدهم ومآخذها ستتناقلها الاجيال ، لمعاني الغدر ، والخيانة ، وعدم الايفاء بالأمانة ، مواجع تتمني الأمم ان لا تتكرر ، ولسان حال الوطن يقول : (الله لا عادها ) ولسوف يأخذهم الله اخذ عزيز مقتدر ، فما تشابهت البدايات ، الا لتتشابه النهايات .. غالب طيفور