لا أظن ان احدا يشك ف ان السياسة تتبع المصالح . وقد ظللت اكرر هذا فى جميع مقالاتى حول الوضع فى السودان والمواقف الاقليمية والدولية منه .فقد تلاقت مواقف امريكا والصين وروسيا وكذلك بعض الدول الافريقية والعربية فى مساندة النظام السودانى سرا وجهرا ، بالرغم مما يعرفونه جميعا عن جرائمه التى اعترف هو نفسه بها مع بعض التخفيضات المضحكة مثل ( 10000 قتيل فى دارفور وليس 300000 كما تزعم الاممالمتحدة !!) . والان بعد الموقف الامريكى والخليجى من قطر ، بدأت تظهر بعض التصريحات التى تتحدث عن وثائق تربط قطر والسودان ، بل وتركيا ، وبشكل صريح ، بالارهاب ! تلك كانت مقدمة ضرورية للحديث عن موقف الدول من الازمة الخليجية . فااذا بدأنا بامريكا ، الصانع الحقيقى للارهاب فى المنطقة ، من خلال زرع القاعدة وداعش بالاضافة الى نظرية الفوضى الخلاقة ، فاننا نجد موقفا غريبا وعجيبا ينكشف فى انقسام الادارة الامريكية بين الرئيس ، الذى قبض ثمن الموقف قبل اعلانه ، وبقية الادارة ، التى عبر عنها موقف وزير الخارجية والكونجرس واخيرا ممثلة الولاياتالمتحدة فى الاممالمتحدة ، وهو موقف مسك العصا من المنتصف – فى مثل القول بان القضية خليجية وعلى دول الخليج ان تحلها فيما بينها ! أو نؤيد الوساطة الكويتية ! او لدينا قاعدة فى قطر ولكن اولوية ترامب لمحاربة الارهاب ! وهكذا وهكذا . واذا اتينا لموقف دولة مثل المانيا ، نجد ان المصالح تدفعها لاقوال لم نكن نتوقع ان تصدر من السياسية المحنكة ميراكل ، مثل : ان بعض المطالب من قطر مضحكة ولايمكن تنفيذها من دولة ذات سيادة ! او ان بعض الطلبات مخالف للقانون الدولى وحقوق الانسان ! وكأن مافعلته قطر من خلال دعمها المؤكد للجماعات الارهابية بجميع الوسائل ، والذى كانت نتيجته ما حدث ويحدث فى العراق وسوريا وليبيا ومصر ودارفور، بل وما حدث ويحدث فى المانيا وانجلترا وفرنسا وغيرها من بلاد الدنيا من قتل وتشريد الملايين ، كأنه لايقع ضمن حقوق الانسان ! او كأن مافعلته قطر لم يخرق سيادة الدول المقاطعة ، وليس بالمقاطعة والحصار ، وانما بالمدافع والدمار ! كذلك تؤيد اليابان الوساطة القطرية (!) وتقول انها ستزيد من توثيق العلاقات مع قطر فى جميع المجالات ! المدهش فى الامر ان هذه المواقف تصدر عن دول كبيرة لايمكن ان يخفى عليها دور قطر فى الارهاب ، ولكنها المصالح ! واذا افترضنا ان هذه المواقف تصدر عن جهل بما كانت تفعله قطر ، اليس فى مواقفها بعد المقاطعة ، من اللجوء الى ايران بدورها المعروف فى المنطقة وفى العالم ، وتركيا التى تحتضن الجزء الاكبر من الاخوان المسلمين ، اليس اللجوء لهاتين الدولتين بالتحديد دليل جديد على تورط قطر فى رعاية الارهاب ؟!!! لكل هذا فان ماصرح به سفير الامارات بموسكو من ان الدول المقاطعة ربما تلجا فى المرحلة القادمة الى تخيير الدول بين علاقاتها معهم اومع قطر ، قد يكون هذا هو الموقف الضرورى لتحدد هذه الدول موقفها بوضوح من القضية رقم واحد فى عالم اليوم . وقبل ان اختم لابد من الاشارة الى ان الكويت ، صاحبة الوساطة المفترى عليها ، صرحت بانها تؤيد موقف السعودية فى عمل كل مامن شأنه ان يحافظ على امنها القومى ! هذا بالرغم من ان موقف الكويت الذى يبدو محايدا بدرجة ما ، يتطلبه وضعها السياسى الداخلى