عندما أطلت من بين الغيوم ملامح مدينة كارديف خفق القلب طربا..وسرت في القلب رعشة لاتحتمل لحظات الانتظار والترقب لنعانق هذا المرفأ الحميم المفعم بالود وعبق الذكريات... فتغيب في وسن من التبتل والسكون....فتعربد بك الاحلام والاشواق . .وتسافر...لماضي ايام زاهرات..ولوجوه زينت لوحة ذكرياتك وقلوب عاشت معك كل نبض...وكل فرح....فتتسارع خطاك لتتهجد في محرابها...ولتملأ رئتيك من عبير تلك الامكنه. لم تبخل علينا كما أعتادت حين استقبلتنا كارديف بنهار معتدل ونسمات منعشه تمسح ادران الزمن..وعناء السفر وعنته..ليمتلئ القلب بأكسير الحياة..فتجرى في العروق لتملأ الروح بدفء جميل وسعادة تجعل خطاك ترقص في الدروب بحثا عن الاحباب..لتعانق وجوههم الحبيبه..لتتزود روحك المتعبه من جراح الوطن وخير الزاد..قلوبا تستكين في وجودهم ودا ومحبه .ولكن..... .الحسرة والجراح. ولكن هي مجرد ثواني معدودات قبل ان يصفعك الواقع...... لتسقط من أجنحة الاحلام والخيال....ليحتضنك الوقع بكل قسوته....فيصيب الاحلام في مقتل...ويتناثر الامل حطاما لا يتماثل مع الماضي ألقا وجمالا.. ....ما أقسى الاحباط.. ويا جرحك يا قلبي عندما يغرس الواقع نصله فتترنح احلامك و تتلاشى...... ويصبح الماضي.. مجرد خيال ليس له من الواقع سوى ملامح باهته ونبعا للالم. أي كابوس هذا؟؟ لا تصدق عينيك عندما ..تحاصرك الغربه وانت في دارا كانت دارك..ولا تعانقك حروف لغة كانت لغتك وترى الخصام يمشي بين الدروب .. احبابا كانوا على قلب واحد يشاركونك الامل والحلم بالوطن السعيد... تجد ان قلوبهم قد تفرقت بها السبل..و ران على جدارها ستارا من الغضب والتنافر.....وكما تشرذم الوطن....وكما فشلنا على المحافظه على جسد الوطن موحدا.... فان جرثومه الانفصال قد اصابت من كاردف مقتلا ... مأ أقسى الحقيقه عندما تجد من يسألك.بكل بساطة..هل انت معنا ام معهم كارديف.؟؟؟ يا ألطاف السماء....يجرحني السؤال...فأستعيذ بالصمت.ولا تطاوعني الاجابه. كيف أقول أنا منكم جميعا ولا يعرف قلبي حاجزا بين...... أنتم و هم؟؟؟. هل وصل بكم الحد من التنافر هذا المدى..؟؟ ...و هل يعقل ان أصدقاء الامس اصبحوا لا يطيقون رؤية بعضهم البعض؟؟ ورسموا بينهم الحواجز وتهاوت كلمة نحن بكل مودتها....وحل مكانها جدار ودخلت لقاموسنا كلمة نحن..و هم؟؟؟ ومايحزن القلب..سهولة القبول بهذا الحاجز... والكل متمترس في ركنه..وكل بما لديه فرحون... انه جرثومة الانقسام....أصابت جسد الترابط في مقتل. احتفالات الاعياد التي كانت تجمعنا..والاتراح التي كنا نغسل قلوبنا فيها سويا...أصبحت رمزا للتشرذم... كل ....تقام الافراح في اطراف المدينه..في نفس الساعه...تقوم سرادق متباينه لقبول التعازي..في نفس اليوم وبينهما جميعا امتارا على الارض....واميالا بين القلوب... مناشطا كانت هدفها ان تجمع الجميع تحت ظلالها لتصبح واحة للتلاقي...صارت معاقلا متفرقه تتعارض في ازمانها...فتحتضن البعض وتقنن للتشرذم..ولا يتساءلوا اين الاخرين ؟؟؟ الكل يرى اهله ورهطه يحسب انهم مع الحق في دار سلام..وغيره دار حرب..ومن تسول نفسه الامارة بالسؤ ان تشبع خصيلة التواصل الحميم..بين هذه الديار...او ان ينثر جسور التعاضد....مرسلا تساؤله في ألم لما الانفصال وهل من عوده هل؟؟؟ حاصرته الشكوك..وطاردته النظرات واللعنات حتى يغادر مهرولا نادما على ما اقترفت يداه....لتستمر حبال التواصل في انقطاع ..وليعيش الكل في جزر معزوله يسعى لاستقطاب مؤيديه..ويسعى بين الناس لتشويه صورة الأخر...والتسبيح للديان الذى سخر لهم هذا و يسر لهم ان يقطعوا حبال الوصل وان يزيل هذا الرجس من حياتهم. .... أحبتي.. .. كلنا يعلم ان الاختلاف هو سنة الحياه...و سلوك طبيعي يحدث في داخل الاسره الواحده.....وبين كل البشر في ضروب الحياة العامه. لذا ليس غريبا ان نختلف في ادارة منظمات المجتمع المدني وهي محمدة تساعد في التطور....حيث يقود الاختلاف لتطور الوعي وتلاقح الافكار....لكننا نجد ان الاختلاف في وعينا المهزوم يعني الاقصاء والصراع ضد الاخر... ان مايحدث هو خير مؤشر لفشلنا في ادارة الاختلاف بصورة واعية وحضاريه..فحولنا الاختلاف صراعا يسعى الكل لاقصاء الاخر..لذا لا غرابة عندما تنحسر الشفافية والوضوح وتسود جرثومة الشخصنه والاتهامات..فتنتشر ثقافة اغتيال الشخصيه ولغة التجريح..فبين ذاك عنصري..وهذا سارق للاموال..ووهذا عميل للامن تقسمت الصفات وتوزعت وكل استلم نصببه من التجريح..ولم يألوا جهدا في نشر التجريح المضاد...وليبدأ جدارا من الفرقة والانقسام ينمو ويزداد غضبا وكراهية..وعدم احتمالا للاخر... وماهي الا عشية وضحاها والمدينه قد انقسمت لفريقين كل يغذي احاسيسه الذاتيه المجوفه يدافع عن رهطه ويهجو الاخر ومن والاه......وتدور الساقيه. وصوت الحكمه خافت لا يسمع له...وان صدح مناديا...(لاتتنابذوا بالالقاب ولا تتشرذموا ففي دولة المؤسسات من له حقا سيجده..ومن اتهم في عرضه يستطيع ان يحتمي بالقانون. وسيجد المخطئ جزاءه.....فلا حوجة لان تتراكم المرارات او تنقسم المنظمات)... ولكن لا حياة لمن تنادي....لذا نجد ان من رفع رأية التعقل..واحترام المؤسسات..والابتعاد من التجريح واغتيال الشخصيه.... وصله سيل من رذاذ بانه منحاز لطرف دون الاخر..او ..ماسكا للعصا من النصف..ويهاب المعارك والمواقف.. فانسحب من ساحة التهاتر يلعق جراحه في صمت... أحبتي سأظل على موقفي وان تناوشتني السهام..وخاصمني الحبان....وسأظل أردد ما أؤمن به ..... (.ان الصراع ليس صراعا عنصريا فانا أعلم مافي قلوبهم...وليس صراع مصالح وفساد فانا اعلم شرف اهلي ونقائهم..ولست معركة ضد أذناب السلطه. ..فأنا أدرى بصدق مواقفهم......انه فقط الاختلاف في الرؤى والذي تجاوز مساربه عندما تشبع بجرثومة الشخصنه ومعاداة الاخر..واقصاء الشخص صاحب الرأي المضاد.).. لن انحاز لا أحد ضد الاخر...ولن اتورع في رفض الخطأ والوقوف ضده ولن افتح قلبي ولا داري الي لغة التهاتر وتجريح الاخر اعلم اني سأجد نفسي وحيدا يرثي حال نفسه.واحبابه المتناحرين.. لكنها ضرببة الانتماء للحقيقه..ورفض التشرذم....والايمان بالجسد الواحد والتواصل الحميم مع سيادة تقافة احترام الاخر وادب الاختلاف..... أعلم انها ليست أزمة كارديف وحدها أعلم انها أزمة شعبنا أعلم انها أزمه متجذره في وعينا الاجتماعي والسياسي..انها أزمة احترام الرأي الاخر وأدارة أدب الاختلاف......انها أزمة الوعي القاصر الذى يرى في الاختلاف نقدا لشخصه وانتقاصا لوجوده...فيستدعي انيابه واسلحته للدفاع عن الذات ضد خطر متوهم..ومعا رك يغذيها خيالنا المحدود انها ليست جرثومة نبتت وترعرعت في ويلز...بل هي في ثقافتنا حملناها معنا وجبنا بها العالم..جرثومة سودانية الهوى والمنشأ تعيش بيننا وسط المسام داء زعاف..يسمى بداء التشرذم والخصام. لم نتعلم من تجاربنا لم نستفد من دولة المؤسسات وأرثها التي نعيش فيها.. فاذا ارسلت بصرك حولك سيرتد اليك وهو حسير محملا بالتجارب الفاشله والصراعات الجوفاء التي استنزفت قوانا واستلبت قيمنا وجعلت نغرق في اوحال تلطيخ الاخر الذي فشلنا في ادارة الاختلاف معه.. ولا نحتاج لنتعب في التقصي والبحث فهي حولنا في كل يوم وساعه... فحياتنا السياسيه هي تاريخ كالح من التشرذم...وكل حزب سياسي هو مادة خصبه لصور الظلم و سؤ ادارة الاختلاف الذي ينتهي بالاقصاء..والفصل والاتهامات المتبادله من عمالة ..وخيانة امانه..وسؤ اخلاق.. ورصيدنا في العمل في الخارج ليس افضل حالا ولننظر للجاليات في كل مكان وفي كل مدينه انخنا رحالنا من نيويورك الي سيدني..وفي كل بقاع العالم وضعنا متاعنا من تشرذم وخصام..لن نجد ايا منها قد سلم من هذا المرض العضال؟؟حتى منظمات المجتمع المدني الحديث التي قامت لتتجاوز هذا الارث.. لتبنى قيما جديد من الاحترام وحقوق الانسان. نجدها تفرهد الى بعض حين ثم تصيبها جرثومة الصراع فتهوى على عروشها.....مثخنة بجراح التهاتر مقدمة مبادئها..و ابنائها قرابينا وضحايا... لذا فما كارديف الا نموذجا لفشلنا في الوطن وخارجه.. فيا حسرتي..على قلب كان يحلم بنسمة تنعش الروح المعنى...لكنه وجد سماء كاردف ملبدة بغيوم الشك والغضب....ملوثة بضباب كثيف من التشتت والانقسام يجثم فوق الصدور..يكتم الانفاس...يستلب احساس الأمن والأمان.. فيمنعك الابتسام..ويسرق منك كل لحظات الفرح...... سأغادر وفي القلب حسره.. وسأحمل جرح كاردف كما حملنا الوطن وهو ينزف....... ولا..لن نفقد الأمل.....ولن ننزوي نبكي الزمن ونلعق جراحنا...ولكنها محطة للتعلم.. يخرج القدر لسانه ساخرا...فلا وطنا قد بنينا...ولا كابوس الظلم قد هزمنا...بل هي معارك طواحين الهواء...وهدر جهدنا في معركنا الداخليه..نحارب الاخر ولا نحترم ادب الاختلاف.....فان لم نجتث هذه الجرثومه من ارثنا المتخلف هذا...فأبشر يا وطن...بدوام سلطة التتار....ودوام سيفها على رقابنا... مجدي اسحق