المرءُ بما خطته يداه . من بين الناس من تسعدك رؤيته ولو لم تكن له من العارفين،ومنهم من تبغض فيه إطلالةً وإن كنت من معاشريه. .هكذا..ضربة لازب ، وهنالك من يطربك منه حديثٌ، فتسأله : هل من مزيد؟ وآخر تستثقل منه حرفا يتيماً ، ناهيك عن كلمةٍ. ففى حديثه ترويعٌ و هلاك ،وفى صمته أمانٌ للناس من بعد خوف . ثمة سؤالٌ يطرحه البعض : أو يدرى الثقيلُ ثقالةً انتاشته ، والجاهلُ جهالةً أظلمت فيه لُبّا ، واللزجُ شديدَ لصقه ؟..أقول لهم كما قال عنترةُ بن شداد : ( لو كان يدرى ما المحاورةِ اشتكى. .ولكان لو عَلِم الكلامَ مُكَّلمى). بعض الوجوه و الألسن قد لاتعكس حقائق الشخصيات ومكنون نفوسها. .فرُبَّ وجهٍ خالٍ من الملمح ،لكن صاحبه يملك قلباً عطوفاً رؤوفاً وكبداً رطبا. .وآخر تُجمِّله وسامةٌ ، يعلق على شفتيه فى صُبحه ومسائه ابتسامةً وضاءةً، تكون له كجوازِ سفرٍ، يدخله فى نفوس الأنام أجمعين، دون جمارك أو تأشيرة ...ورُبَّ شخصٍ حاد الطباع سريع الانفعال، لكنه أخُ نجدةٍ ومروءة. .وآخر ناعم الملمس ساحرَ الألفاظ.. لكنه نذلٌ. .كاسرٌ للظهر لا سانده ، حاملٌ فى دواخله سما زعاف. ليست الوجوه ولا الأحاديث ولا لغة الجسد...وحدها الأحرفُ المكتوبةُ هى ما بشأنها سبر الخفايا وإخراج التِبر والدُرر، أو العَطنِ والعَفن...علماً كان، أم جهلاً بالغ العظمة...أدباً و خلقاً ، أو فجوراً وبذاءةً ودناءة. المرءُ بما خطَّته يداهُ. ..أعسرها و أيمنها ..فالمكتوب أوقعُ وأبلغُ أثراً، ألماً و فرحاً ... حتى الأديان قالت: أن السماء ستوسمنا بالإدانة أو تُكللنا بالبراءة عبر مكتوبٍ فى لوحٍ محفوظ، لا بكلامٍ مرسل، والمستندات إن صَحّت شكلاً ومخبراً يُعوّلُ عليها فى المحاكم أكثر من شهادة الشهود. الملفوظُ من الحديث تذَرهُ الرياحُ وإن كسته قسوةٌ، وتقطيب الجبين تمحو خطاياه إشراقةُ بسمةٍ. ..وحده المكتوبُ تحفظه الخزائنُ والقلوب وتطالعه الأعينُ كل ما سنح الزمانُ بذلك...فيكون تقييمه متغيراً بتغيير الأزمان والأمزجة.. وصحيح القراءة وصحة البصر.. وخلو النفسِ من الغرض. ان أردت معرفة شخصٍ معرفةً حقَّة لا يعتورها شكٌ ، أخبره أن يُكاتبك. فإن الحرفَ المكتوب ضميرُ كاتبه وزنادُ خواطره وريحُ دواخله . الكتابةُ إما ناثرة للورود ..مرشدة للحق هادية له..نابذة للقبح ..ناصرة للعلم. .وإما تكون مجراً ، تمر من خلالها مياه الصرف الصحىِّ، لتصنع فى نهاية الطريق بِركةً تقبع فيها الضفادعُ، فيختارها البعوضُ بعد ذلك ملاذاً وسكنا،وقاعدةً منها ينطلق . محمود، ، ، محمود دفع الله الشيخ/ المحامى