الإنسان والكون : كل موجود فى الكون قد أخذ من صورة الوجود القديم بقدر ما تطلبه حقيقته الا أنت يا انسان .. فقد فزت بالجمعية وأنت صورة مصغرة للكون. والكون هو صورة الوجود القديم . والانسان نسخة مصغرة للكون . فانت يا انسان قد جمعت فيك الحقائق الكونية ولذلك فزت بالخلافة .. فالله عز وجل خلق صورة الانسان فى مقابل صورة الكون .. ولذلك فالانسان نسخة مصغرة للكون .. ظاهره فى مقابل المظاهر الخلقية .. وباطنه فى مقابل المظاهر الحقية , فظهر بذلك بكل ما فى الصورة الخلقية الوجودية وبالصورة الالهية الحقية , فحازت النشأة الانسانية برتبة الاحاطة والجمع بهذا الوجود. فنشأة جسد الانسان , أعنى صورته الظاهرة صورة للخلق او صورة للوجود الكونى ونشأة روحه ,وأعنى صورته الباطنة صورة للحق او صورة الحقائق الالهية. قال الشيخ عبد الكريم الجيلى (قدس الله سره) : اعلم ان الانسان الكامل مقابل لجميع الحقائق الوجودية بنفسه , فيقابل الحقائق العلوية بلطافته , ويقابل الحقائق السفلية بكثافته , فأول ما يبدو فى مقابلته للحقائق الخلقية يقابل العرش بقلبه , قال عليه الصلاة والسلام : قلب المؤمن عرش الله ويقابل الكرسى بانيته , ويقابل سدرة المنتهى بمقامه , ويقابل القلم الاعلى بعقله , ويقابل اللوح المحفوظ بنفسه , ويقابل العناصر بطبعه , ويقابل الهيولى بقابليته , ويقابل الهباء بحيز هيكله , ويقابل الفلك الاطلس برأيه , ويقابل الفلك المكوكب بمدركته , ويقابل السماء السابعة بهمته , ويقابل السماء السادسة بوهمه , ويقابل السماء الخامسة بهمه , ويقابل السماء الرابعة بفهمه , ويقابل السماء الثالثة بخياله , ويقابل السماء الثانية بفكره , ويقابل السماء الاولى بحافظته , ثم يقابل زحل بالقوى اللامسة ويقابل المشترى بالقوى الدافعة , ويقابل المريخ بالقوى المحركة , ويقابل الشمس بالقوى الناظرة , ويقابل الزهرة بالقوى الملذذة , ويقابل عطارد بالقوى الشامة , ويقابل القمر بالقوى السامعة , ثم يقابل فلك النار بحرارته , ويقابل فلك الماء ببرودته , ويقابل فلك الهواء برطوبته , ويقابل فلك التراب بيبوسته , ثم يقابل الملائكة بخواطره , ويقابل الجن والشياطين بوسواسه , ويقابل البهائم بحيوانيته , ويقابل الاسد بالقوى الباطشة , ويقابل الثعلب بالقوى الماكرة .. وقس على ذلك باقى قواه .. الى أن يقول : اعلم ان الانسان الكامل نسخة الحق تعالى كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال : خلق الله آدم على صورة الرحمن . وذلك ان الله تعالى حى عليم قادر مريد سميع بصير متكلم وكذلك الانسان حى عليم ... الخ ثم يقابل الهوية بالهوية والانية بالانية والذات بالذات والكل بالكل والشمول بالشمول والخصوص بالخصوص . ايها الانسان : أتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر؟ م.خالد الطيب احمد