بسم الله الرحمن الرحيم سفه الاحتفالات لا أدري ، أهو ضعف المردود من المنجزات الحقيقية ، أم نزعة التغني بالنفس من المسئولين في سبيل ضمان امتداد مواصلتهم في المواقع ، والتطلع إلى ما هو أكثر دُهناً ، أم الإيهام الخادع للنفس والمزيف للوقائع والتاريخ بأن المحتفين آتون بما لم تستطعه الأوائل ، هو الذي انحدر بالاحتفالات في كافة المواقع إلى ذا الدرك الذي نراه . فلا عجب ما دامت البدايات كانت بافتتاحات رأس الدولة لدكاكين التعاون وكبسولات بسط الأمن الشامل ، أن تأتي الخواتيم بتنزل تلكم النزعة لا إلى المعتمدين في المحليات وحدهم ، بل إلى صغار التنفيذيين والإدارات. ولئن استشرى هذا الداء في كل المجالات، فإن مؤسسات التعليم قد نالت نصيب الأسد من ذلك بحكم اتساع نطاقها الجغرافي ، من أدنى سلالم التعليم قبل المدرسي إلى أعلى درجات التعليم الجامعي ، الذي مدح الخريجون بإيقاعات نفس الدفوف، ولم يكتفوا بالتخريج الرسمي.وظهرت تقليعات حنة الخريج بكلفاتها العالية. وقد زادت سهولة تصميم الشهادات وقلة تكلفتها عبر أجهزة الحاسوب من تفشى الاهداءات حتى صارت لا قيمة لها.وأعجب كيف تصدق سلطات المرور بمسيرات السيارت التي تتقدمها السارينا عبر سياراتهم أو دراجاتهم البخارية ، في فرض احتفالات مؤسسات التعليم على من لا صلة لهم بها بالتجول في شوارع المدن. وها نحن في الفترة التي تعقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية.والتي تتميز باحتفالات المدارس المختلفة بنتائجها . ولا ضير في ذلك إن كانت في حدود الأهداف التربوية وتكريم المتفوقين تحفيزاً لغيرهم. أما أن تتحول الاحتفالات إلى صور من تمجيد النفس من قبل الإدارات وهيئات التدريس ، أو المبالغة في صور التحفيز التي أدخلتها المدارس الخاصة لأساب تجارية بحته ، فهذا يقدح في جدوى هذه الاحتفالات من النواحي التربوية . ولقد تساءلت يوماً إن كان علينا توقع يوم تهدى فيه لأول الشهادة السودانية دبابة أو طائرة حربية إمعاناً في رسم صورة بطولية له ، وترسيخاً لعسكرة الدولة. لكن ما لا تعرفه هذه الجهات ، أن الوعي الشعبي والكثيرين من الشخصيات الإدارية ، لا تفوت عليهم الأهداف المختبئة وراء هذه الممارسات . فبالأمس الأول ، غادر مديرو مدارس ساحة الاحتفال ، دون أن يكمل المدير كلمته التي كرسها للتغني بشخصه بوصف أن النجاح مرهون به حيث حل !أما بالأمس فقد سخر أحد قدامى المعلمين من مسيرة لطالبات مدرسة برتل من السيارات تفسح لها سلطات المرور الشوارع قائلاً. أليست هذه في الأصل من مطلوبات وظيفتهم ! ؟ وقد صدق . فتخيل أن تخرج مسيرة في كل مجال تتقدمها عربة المرور ، فمثلاً هل سيخرج الأطباء في مسيرة مماثلة بانتهاء موجة وباء الكوليرا ؟ أم سيخرج المزارعون بشاحنات تحمل منتجاتهم بنجاح الموسم الزراعي أو حتى موسم الأمطار؟ أم ستملأ الخراف شوارع المدن من الرعاة احتفاءً بنجاح موسم الهدي !؟أرحمونا وتعقلوا، فأنتم لا تخدعون إلا أنفسكم. معمر حسن محمد نور