وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار المدهش حول إنقلاب هاشم العطا في 19 يوليو 1971م 3
نشر في الراكوبة يوم 25 - 07 - 2017

ويتواصل الحوار المدهش حول إنقلاب هاشم العطا في يوليو 1971م ( الحلقة الثالثة)
صلة لما إنقطع من حوار الاسرار المدهش حقا والذي أجره الزميل مؤيد شريف قبل عدة سنوات مع الملازم مدني علي مدني وهو كما قلنا هو أحد وأهم منفذي ذلك الانقلاب بوصفه ضابطا في الحرس الجمهوري الذي كان قائده المقدم المحروم عثمان حاج حسين ( ابو شيبة ) الذي أتصف بشجاعة عالية ، فقال الملازم مدني في ذلك الحوار الذي كشف فيه أن كل الحوارات والتأويلات التي نشرت وأذيعت طوال السنوات الماضية كان معظمها لايمت للحقيقة بصلة ، فماذا قال في إفاداته :-
اذا هل لنا أن نقول بأن انقلاب 19 يوليو جاء لقطع الطريق أمام الوحدة الاندماجية مع مصر وليبيا ؟
نحن لم نكن ضد الوحدة مع مصر اذا جاءت بطريقة تدريجية ومن القاعدة ومن المعروف أن من أوجب واجبات الحزب أن يقوم بتنفيذ برامج القواعد
إذا كان الخلاف بينكم سياسيا فلماذا لم تختاروا التفاوض السياسي وانتم كنتم جزءاً من السلطة بدلا من الانقلاب ؟
كما سبق وذكرت لك فان الضباط الأحرار حاولوا مراراً وتكراراً التحاور والتشاور مع قادة النظام المايوي إلا أنهم شعروا بأن القوميون العرب قاموا بعمل تنظيم داخل التنظيم سمي أحرار مايو لم يشرك فيه سوى المؤمنون بفكر القومية العربية فقط وأقصي منه الشيوعيون والليبراليون والبعثيون والجميع ، وكانت لهم صلة مباشرة مع مصر ولا ابالغ اذا قلت انهم كانوا يأخذون تعليماتهم منها بدليل أنه وبعد نجاج الانقلاب قام السادات بارسال طائرة انتنوف ضمت عبد الستار الطويلة واحمد حمروش وصلاح حافظ وأنا كنت في استقبال الطائرة بالمطار وكنت قد أخطرت بأن هناك طائرة علي قدر كبير من الأهمية ، وعند وصولنا الي مطار الخرطوم وجدت السر أدم سالم وكان مديراً للمطار ومعه أحد الأجانب ووجدت أيضاً سرية كان قائدها ملازم من الدفعة 20 يدعى عثمان وكان يبادر بتحيتي باعتبار انني زول الانقلاب وكنت امنعه من ذلك واقول لع بانني من يجب عليه تحيتك وحتي السر ادم سالم كان يبادر بالاستئذان للخروج للحظات فكنت أقول لهم بانهم ليسوا بمعتقلين حتي يستئذنوا مني واوضحت لهم بانني في انتظار طائرة كلفت بأن استقبلها ، وصلت الطائرة ليلاً وكنت اطارد الطائرة بمحازاة "الرن واي" حتى توقفها في مدرعات صلاح الدين ، نزل من الطائرة عدة مدنيين معهم ضابط برتبة مقدم طيار واخر صول ، فبادرتهم بالسؤال أن كانت معهم اسلحة فجاوبوني بالنفي وبعد تفتيشي للطائرة وجدت رشاش بورسعيدي وطبنجات فصادرتها ، جاءني الرائد في ذلك الوقت الفاتح المقبول وحسن مكي مدني واخبروني بأن هؤلاء مدني وقالوا بأن هؤلاء صحفيون وتسلموا مني الزوار المصريين واتضح لي فيما بعد انهم كتاباً يساريين ارسلهم السادات للسودان لجس النبض ومتابعة التطورات .
حدثنا قليلاً عن العلاقة بينكم واللجنة المركزية للحزب الشيوعي أو أي قيادات سياسية اخرى في الحزب الشيوعي ؟
أولاً ، 19 يوليو لا علاقة لها البتة بالحزب الشيوعي لا من قريب أو من بعيد _ 19 يوليو لا علاقة لها باللجنة المركزية للحزب ولا المكتب السياسي ولا السكرتير نفسه وعبد الخالق محجوب نفسه والي اخر لحظة كان ضد الانقلاب "ولا بعرف الشفيع احمد الشيخ" حتى مصطفى خوجلي والذي كان منتظراً ان يكون رئيس الوزراء بعد الانقلاب كان معتقلاً في سجن كوبر ، وهناك خطاء ارتكبه احد ضباطنا حيث أصدرت له التوجيهات باطلاق سراح مصطفى خوجلي فقط ليكتب الخطاب السياسي باعتباره من وقع عليه الاختيار لرئاسة الوزراء الا أن الضابط وبتصرف فردي منه قام باطلاق المعتقلين الشيوعيين فقط وترك بقية المعتقلين من الاحزاب الاخرى وكان أسمه زهير قاسم علي البخيت .
هل صحيح أن عبد الخالق عاتب هاشم العطا قائلا له " لماذا تعجلتم ؟"؟
عبد الخالق لم يقصد الانقلاب بقوله "استعجلتو" فان المعروف أن الحزب الشيوعي يؤمن بالعمل الدؤوب وسط الجماهير ولان الثورة الجماهيرية كانت آتية لا محالة فالماركسية والمادية التاريخية لا يؤمنون بشيء يسمى انقلاب وعبد الخالق كان يقول دائما بأن الانقلاب يولد في احشاءه انقلاباً اخر .
ومن الأشياء التي كنا نطالب بها أن البيان الأول يجب أن لا يلقيه هاشم العطا ، لأن هاشم العطا كان معرف كواجهة شيوعية داخل القوات المسلحة ، وكنا نعلم برد الفعل الذي سيحدث في الشارع وهذا ما حدث ، وكنا نطالب بأن يذيع البيان الأول قائد ثاني أو اخر غير هاشم العطا وأن لا يكون هاشم العطا ولا فاروق حمد الله ولا بابكر النور في مجلس الثورة منذ البداية ، وهذه النقطة التي استفاد منها أهل الانقاذ "أذهب انت الي السجن وساذهب انا الي القصر" ودائما ما يستفيد الاخوان المسلمين من اخطاء الشيوعيين .
اذا كيف تفسر عملية تهريب عبد الخالق من المعتقل في توقيت مشابه ؟
عبد الخالق محجوب في الاساس لم يكن يرغب في ان يهرب من المعتقل ، نحن من اجبرناه علي الخروج خوفاً علي سلامته لاننا كنا نعلم بوضعه الصحي الحرج والمتدهور . عبد الخالق وفي بداية اعتقاله كان معتقلاً في السجن الحربي وكان يعامل فيه معاملة حسنه وكريمة علي يد قائد السجن الحربي وقائد الشرطة العسكرية في ذلك الوقت محمد امحد محجوب "ود المحجوب" وعندما شعرت الاستخبارات العسكرية بالمعاملة الطيبة التي يجدها عبد الخالق في السجن الحربي تم نقله الي معسكر الذخيرة ولو لم تكن لقائد السجن الحربي والشرطة العسكرية محمد احمد محجوب علاقاته الطيبة بالمايويين لربما اُقصي من موقعه بسبب معاملته الطيبة لعبد الخالق محجوب . ومن المعروف ان معسكر الذخيرة كان ممتلأً بالمايويين المعروفين كمصطفى اورتشي وسعد بحر وسيد المبارك وسيد احمد الحموري والذين كانوا يمثلون مجلس الثورة السري او "مجلس الظل" .
بحسب علمك هل كانت هناك رعاية طبية كافية لعبد الخالق من قبل نظام مايو ؟
لم تكن هناك أية رعاية صحية علي الرغم من الحالة الصحية السيئة لعبد الخالق ، وكنا نعلم بالوضع الصحي المتدهور لعبد الخالق واب شيبة كان مقربا جدا من عبد الخالق ومحجوب طلقة كان له صلة رحم مع عبد الخالق "ابن خالته" وكان يعمل في سلاح الذخيرة وكان ممنوعاً من الاقتراب من عبد الخالق محجوب ، وبعد تهريب عبد الخالق القوا القبض علي محجوب طلقة دون أن يكون مشتركاً في عملية تهريب عبد الخالق محجوب . اما عملية التهريب فقد قام بها هاشم العطا نفسه وكان بصحبته أو من كان يقود العربة حسن سيد قطان وهو من ابناء الدويم ، والشخص من داخل معسكر الذخيرة والذي سهل عملية التهريب هو العريف عثمان عبد القادر والذي كان يحلم بالسفر الي المانيا ووعد بتحقيق رغبته اذا ما نجح الانقلاب وفعلا نفذ العريف عثمان عبد القادر وعده وسهل عملية التهريب ليخرج عبد الخالق من معسكر الذخيرة بصحبة هاشم العطا .
عبد الخالق لم يعترض علي هاشم العطا وربما خرج معه برغبته فكيف تجزم بعدم رغبة عبد الخالق في الهروب ؟
الهروب كان بغير رغبة عبد الخالق لكنه لم يكن ليفضح الناس ، فلم يكن ممكناً أن يفضح عبد الخالق شخصاً شهماً جاء لينقذه كهاشم ،ففضل ان يخرج معه ولكن علي غير رغبته وهذا أكيد عندي ، بل أكثر من ذلك ، أن كل الاشياء التي تمت كانت علي غير رغبة عبد الخالق سواء كان تهريبه من المعتقل أو اجباره علي الموافقة علي الانقلاب فموقفه كان ثابتاً في رفض فكرة الانقلاب الي ساعة الصفر وحتى ما بعد نجاح الانقلاب واصبح أمراً واقعاً فقد حاول عبد الخالق أن "يلملم المشاكل" بقدر ما يستطيع فقد حاول أن لا يجعل من الحكومة المقترحة شيوعية صارخة بدليل أن الورقة التي وجدت عنده كمقترح لتشكيلة للحكومة ضمت اسماءً لم تنتمي يوماً للحزب الشيوعي فضلاً عن أن عبد الخالق لم يدلي خلال الثلاثة أيام التي نجح فيها الانقلاب بأي تصريحات وكان حانقاً وغاضباً جداً مما حدث ، الا أن العسكريين هم من فرضوا الانقلاب فرضاً ، وعندما قال الحزب الشيوعي أن 19 مايو شرف لا ندعيه وتهمة لا ننكرها فانهم قالوا الحق فهم لم يقوموا ب 19 يوليو حتى يكون لهم شرف المحاولة وليست تهمة ينكرونها لانهم أيدوا الانقلاب ووقفوا معه عندما نجح .
اذا انت تقول بأن منفذي الانقلاب لم تكن لهم علاقة بقيادات شيوعية سياسية البتة ؟
نعم ، ولا حتى تنظيم الضباط الاحرار ، ولا حتى الاغلبية العامة من تنظيم الضباط الاحرار
فهمت من حديثك انكم لم تكونوا تتمتعون بأي غطاء سياسي ، اذا فمن اين لكم بالامكانات المادية ؟ وهل كنتم تتوفرون علي كل احتياجاتكم ؟
كنا نعتمد علي شيء واحد فقط : أن نعمل علي ايقاف الوحدة القسرية مع مصر وليبيا ، لم يكن هدفنا الاتيان بشيوعيين أو غيرهم . ما كان مطروحاً هو أن تعود مايو لمبادئها المعلنة في 25 مايو – وكنا معتمدين علي جماهير 25 مايو نفسها لذلك نحن لم نقل "مجلس قيادة الثورة" بل قلنا "مجلس الثورة" ولم نقل يوليو جديدة بل قلنا حركة تصحيحية ل 25 مايو ، واذا كانت مايو تعبيراً عن أشخاص - نميري أو غيره - فان هذه مسالة اخرى ، واذا كانت مايو مبادئ فنحن اتينا بمبادئ 25 مايو الاساسية والتي أعلنت في 25 مايو "سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية ".
بوصفك أحد المشاركين في الانقلاب وقائد فرقة في الحرس الجمهوري صاحب الانقلاب ذاته..... أضاف مدني مقاطعاً .......
هناك شيء مهم أريد أن اذكره لك قبل سؤالك ، إذا ما كنا نريد أن نقوم بانقلاب شامل وكامل لما نفذنا الانقلاب في وقته وذلك بسبب أن نظام مايو كان يتجه لتطبيق انتشار جديد للوحدات العسكرية وكان منتظرا أن تكون قوة أو سلاح الحرس الجمهوري القوة العسكرية الوحيدة الضاربة في الخرطوم ، وبالفعل فقد شرعوا في إخراج المدرعات إلي خشم القربة والدمازين والمظلات أيضا خطط لترحيلها وكان من المخطط له أن يصبح سلاح الحرس الجمهوري سلاحاً مكتفياً ذاتياً بها دبابات ومدرعات ووحدة إشارة ووحدة سلاح نقل وان تكون كل هذه الفروع تحت قادة أب شيبة ، وبناءا عليه فإننا وان كنا نريد القيام بحركة شاملة كان بإمكاننا الانتظار شهرا أو شهرين أو أكثر حتى يصبح سلاح الحرس الجمهوري هو الوحيد في الخرطوم وفي هذه الحال ما كنا لنضطر للقيام بأي اعتقالات أو تأمينات كثيفة أو بيت ضيافة أو أمن قومي نحتجز فيه الناس .
صف لنا اللحظات التي سبقت لحظة الصفر ؟ موقفكم الداخلي والوضع العام في الدولة ؟
كان مقرراً للانقلاب يوم 7 يوليو وهذا التاريخ أعود للتأكيد من جديد بأن لا علم للجنة المركزية أو الحزب أو أي جهة سياسية أخرى به ، وكان تحديد ساعة الصفر نتيجة لتقديرات موقف عسكري بحت ، فقد كانت درجة الاستعداد في القوات المسلحة في ذلك الوقت 50% ، ومع بداية تحرك كتيبة من شندي متجهة إلي الشرق الأوسط ارتفعت درجة الاستعداد ألي 100% فمن المعروف أنه عند دخول قوة كبيرة إلي المدينة يرتفع استعداد القوات المسلحة وبعد مغادرتها يعود الاستعداد إلي وضعه الطبيعي شيئاً فشيئا ، وعند بداية تناقص درجة الاستعداد رأى هاشم العطا بأن الوقت غير مناسب فهاشم لم يكن يرغب في أن يتواجه العساكر بعضهم ببعض وتحدث خسائر كبيرة في صفوفهم ، فتم تأجيل ساعة الصفر إلي يوم 11 ،، إلا أن يوم 11 كان الاستعداد لا يزال عند 50 % ولم يتناقص بسبب هروب عبد الخالق محجوب والذي أزعجهم جداً للدرجة التي بدءوا فيها باعتقال الكثير من الشيوعيين وتم نقل الكثير من الضباط إلي خارج الخرطوم .
علي الرغم من أننا كنا ضباطاً مشاركين إلا أننا لم نكن نعلم بالقائد الحقيقي للانقلاب حتى قبل لحظات من ساعة الصفر ، فقبيل وقت قصير من ساعة الصفر قام الشهيد عثمان حاج حسين أب شيبة ، وكنا علي مقربة من وقت الانصراف وعربات الترحيل كانت لا تزال مرابضة بالخارج ، قام بإصدار أمر لنا بتأخير الجنود قليلاً وان نتحدث معهم عن الضبط والربط وأي موضوعات أخري ، وكنا قبل ذلك أي في الشهور التي سبقت الانقلاب قد تلقينا منه تعليمات بان نتحدث للجنود عن منجزات مايو وما حققته من مكاسب وأوصانا بأن نتحدث في نهاية حديثنا للجنود عن شيء من العيوب والتراجع عن مبادئ مايو بالارتماء في أحضان المصريين وبيعها لقضايا الوطن ، وفي هذه الأثناء وصل هاشم العطا إلي "ميز" الحرس الجمهوري واستبدل ملابسه المدنية بالعسكرية وهو نفس الوقت الذي أمرنا فيه أب شيبة بالتجمع في جنينة القصر ، والقوة التي تجمعت في الجنينة كانت تضم ضباط صف يتبعون لتنظيم الضباط الأحرار وتنظيم ضباط الصف لم يكن معلوماً لأي جهة حتى الاستخبارات العسكرية لم تكن تعلم بوجودهم وكانوا يضمون رقباء أوائل ورقباء ورتب أخرى ، بعد أن تجمعنا في حديقة القصر تم تنويرنا من قبل أب شيبة شخصياً قائلاً " نحن في تنظيم الضباط الأحرار قررنا أن نغير النظام بالقوة ، بانقلاب ، والان لكم مطلق الحرية وكل من لا يرغب في الاشتراك معنا يعلمنا الان وسنضطر لاعتقاله هنا ً فقط ولن يصيبه منا أي مكروه وكلامي هذا ينطبق علي الضباط وصف الضباط . في حال نجاح الانقلاب فكل الموجودون هنا هم أخوة لنا حتى وان لم يشاركونا الان ، أما وان فشل فلن نعمل علي كشف أي منكم وستكونون في أمان " . وسألنا بصراحة هل هناك أحد لا يريد الاشتراك معنا ؟ فلم يرد احد ووافق الجميع . فأردف قائلاً :" إذا دعوني أبشركم بأن قائد الانقلاب هو الرائد هاشم العطا " . وبحكم معرفتنا بهاشم كأحد أشهر ضباط التكتيك في القوات المسلحة فقد اطمأننا بأن القيادة ستكون قيادة حقيقة وأن الخطة محكمة . بعد ذلك أخرج أب شيبة ورقة من جيبه وبدأ يقرأ مهام كل ضابط علي حده وترك لكل ضابط حرية اختيار ضباط الصف الذين يود أن يصطحبوه في مهمته . عرضنا علي أب شيبة أن نعتقله تمويهاً وتحسباً لفشل المحاولة الانقلابية ولأننا كنا نعلم بمكانة أب شيبة لدى النميري فإننا أردنا أن نؤمن لأنفسنا سنداً قريباً من النميري في حال فشل المحاولة . رفض أب شيبة مقترحنا وقال : "إذا اعتقلتموني فلن يقبل الجنود بالتحرك معكم " . بعد ذلك طلبنا منه أن تصرف لنا الذخيرة من مخزن السلاح ولا ذلت أذكر مقولته حيث قال لنا : " انتو ما محتاجين لجبخانه ، امشوا ساكت ديل نمور من ورق " . وهذا ما حدث بالفعل فقد تحركت لتنفيذ المهمة المناطة بي وانا ضابط أقود فرقة ولم تكن معي ذخيرة تذكر فقط ثلاثة طلقات في "الاستيرلنق" وأفراد الفرقة التي كنت أقودها كانوا يحملون بنادق "مارك4" بنادق تشريفة "ابوعشرة" أو أبو ترباس ولم تكن لديهم ذخيرة إطلاقا .
اذكر فيما اذكر ، أن قبل الانقلاب بيوم كان من المفترض أن يقوم المرحوم الشهيد معاوية عبد الحي بتنوير الحرس من الشرطة العسكرية والأمن التابعين لنا والذين كانوا وكلفون بحراسة وحماية بيوت منازل أعضاء مجلس قيادة الثورة ، بأننا سنأتي لاعتقالهم وان لا يقاومونا أثناء تنفيذنا لعمليات الاعتقال وهذا ما لم يقم به المرحوم معاوية عبد الحي ، فقد تفاجأت وأنا أقوم بتنفيذ مهمتي باعتقال مامون عوض أبو زيد وعمه الرائد فتح أبو زيد بعدم معرفة حرس المنزل بالانقلاب فاضطررت لاعتقالهم . وكان معي ثمانية ضباط صف هم الرقيب الضي مهدي والعريف عبد الحفيظ سرور ووكيل عريف النزير وخمسة جنود . بعد دخولنا لمنزل مامون عوض أبو زيد تفاجأت بأن الهاتف كان لا زال يعمل وبه حرارة في الوقت الذي كانت العلية قد بدأت وكان من المفترض أن تكون كل الهواتف مقطوعة ! فقمت بالاتصال بالحرس الجمهوري في محاولة مني لتبليغ أب شيبة بعدم وجود مامون عوض أبو زيد أو عمه الرائد فتح أبو زيد بالمنزل فجاوبني علي الهاتف النقيب محمد خاطر حمودة والذي أطلق سراح النميري عند انتهاء العملية يوم 22 فسألته عن المقدم أب شيبة وطلبت منه أن يقول لأب شيبة إنني لم أجد " الراجل " ، فسألني الراجل منو ؟ وهنا علمت انه لم يكن يعلم أو ينور بالانقلاب من أب شيبة فقفلت الخط ، اتضح لي فيما بعد بأن الضابط الذي كان مكلفاً بقطع خطوط الهاتف زهير قاسم لم يكن يعلم بوجود كبانية الخرطوم جنوب الواقعة بالقرب من مدرسة الأم واكتفي بقطع واذكر أن بعض منسوبي الأمن القومي كانوا متواجدين في المكان فسألوني عما يحدث فأجبتهم بأنه انقلاب فعرضوا علي الانضمام للانقلاب فوافقت علي الفور واصطحبتهم إلي الحرس الجمهوري وكان معهم عربة بها جهاز إرسال لاسلكي استخدمناه في عمليات الاتصال . قبل أن أغادر المنطقة التي كان يوجد فيها منزل مامون أبو زيد جاءني عبد العظيم عوض سرور واخبرني بأن مجلس قيادة الثورة مجتمع في هذه الأثناء في منزل النميري وان الاجتماع يضم احمد جبارة وأخبرني أيضا بأن زين العابدين محمد احمد عبد القادر سيأتي اليوم من مرسى مطروح لينور الاجتماع بنتائج زيارته لمصر بخصوص خطوات الوحدة مع مصر ، زين العابدين لم يكن مكتوباً في قائمة الاعتقالات لكبار القادة وخالد حسن عباس أيضا بسبب تواجده في موسكو . الرائد أبو القاسم احمد إبراهيم كان من المفترض أن يعتقله عبد العظيم احمد سرور . الملازم فيصل مصطفى كلف باعتقال أبو القاسم هاشم ، أما الرائد مامون عوض أبو زيد فكنت أنا مكلفاً باعتقاله ولم أجده في منزله كما سبق وذكرت ، أما جعفر نميري فكان من المفترض أن يعتقله أحمد جبارة مختار .
عند دخول هاشم العطا إلي القيادة العامة وجد الباقر رئيس هيئة الأركان الذي كان مداوماً في مكتبه كالعادة فأمر هاشم بأن يصطحبه بعض من جنودنا ليوصلوه إلي منزله حتى لا تعترضه نقاط التأمين وهذه حادثة تدل علي أننا لم نعتقل حتى رئيس هيئة الأركان والذين اعتقلناهم هم من كانوا يدينون بالولاء لنظام مايو من رتب صغيرة ملازمين وملازمين أوائل ورقباء وبعد الرتب الكبيرة مثل سعد بحر وسيد المبارك واورتشي الذي اعتقل تحديداً يوم 21 ولم يكن مخططاً لاعتقاله إلا أننا رصدنا اجتماعات لهم في منطقة امبدة وتحركات أخري اضطرتنا لاعتقالهم .
اذكر وأثناء ما كنت في مكتب أب شيبة جاء صلاح عبد العال وطلب مني" طبنجتي "وقال بأنه يريد الذهاب إلي القيادة الغربية إلا أن أب شيبة منعه من الذهاب إلي المنطقة الغربية وقال له ننحن نحتاجك هنا وأكد له بأنه أرسل العميد حسن إدريس سعيد ليعاون ود الزين في المنطقة الغربية . واذكر أيضا أم مامون عوض أبو زيد حاول كل جهده من أجل أن يقنع النميري بأن صلاح عبد العال كان جزءاً من الانقلاب ، وتعرضت أنا شخصياً ومعي عوض عبد الكريم سرور لأنواع مختلفة من الإغراءات لكي نشي بصلاح عبد العال . فقد أخذونا إلي سلاح المهندسين وقالوا لنا بأننا لا زلنا صغاراً وتنتظرنا حياة طويلة ومستقبل كبير فقط علينا أن نخبرهم إذا ما رأينا صلاح عبد العال في القصر في الثلاثة أيام التي سيطرنا فيها علي القصر . أكدت لهم بأنني لا أعرف صلاح عبد العال فاستنكر مامون أبو زيد ذلك وقال لي كيف لا تعرف صلاح عبد العال وقد كنت تعمل في الحرس الجمهوري وهو كان الأمين العام لمجلس الثورة فأجبته بأن الأمانة العامة تقع في القصر الجمهوري بينما عملي كان في مباني الحرس الجمهوري فسألني أذا كان بإمكاني أن أتعرف علي الضباط الذين تواجدوا في القصر أثناء الثلاثة أيام التي استولينا فيها عليه في حال عرضوا أمامي ؟ فأجبته بالإيجاب . فأدخلني إلي غرفة بها نافذة شفافة وقال لي بأنه سيأتي لي بصلاح عبد العال وإذا كنت قد رأيته أشير له بالإيجاب وإذا لم أراه أشير له بالنفي . دخل صلاح عبد العال ومعه ميرغني حبيب ومامون نفسه فأشار لي مامون أبو زيد باتجاه صلاح عبد العال مبروك فهززت رأسي نافياً . أي أنني لم أره في القصر . فقال لي مامون أبو زيد : " انته ابن كلب " وأمر بأخذنا إلي الشجرة في سلاح المهندسين .
أورد يوسف الشريف في كتابه "السودان وأهل السودان ،أسرار السياسة وخفايا المجتمع " وجود ضابط غامض ومجهول في مكتب أب شيبة واختلفت الروايات حول من يكون فهل لديك معلومة من كان ؟
قطعاً لم يكن هاشم العطا كما يعتقد البعض ، فسبق أن ذكرت لك أن هاشم وصل الميز وبصحبته صلاح بشير عبد الرحمن وأحمد الحسن الحسين . ولصلاح قصة أود أن تقف علي تفاصيلها فقد زاملته في جبيت أثناء قيامه بأداء دورة أو كورس قادة الفصائل 30 ، وصلتنا برقية تفيد برفده وهو كان في طابور الخلاء وعند عودته تبرع الرائد محمد عمر إبراهيم العوض بإخباره بنزوله من الجيش فسأله :"هل كنت في تنظيم الضباط الأحرار ؟ فرد عليه صلاح لماذا تسأل ؟ شالوني يعني ؟ فأجابه محمد عمر إبراهيم بنعم فاقر صلاح بانتمائه للتنظيم وعندما سأله الرائد محمد عمر عن الكيفية التي كشف بها فأجاب بأنه وأحمد الحسين حاولوا تجنيد ضابط فني يدعى هاشم إلا أنه ابلغ قائد المدرعات احمد عبد الحليم ونقل احمد عبد الحليم الخبر إلي قيادة مايو وفصل الاثنان معا من القوات المسلحة . علي الرغم من فصلهما من القوات المسلحة إلا أن علاقتنا بهم لم تنقطع واتينا بهم في الانقلاب وكان من المهام التي أوكلت لصلاح بشير أن يعاون صلاح السماني الكردي في الاستيلاء علي منطقة غرب أم درمان حيث كانت ترابض سرية تابعة لنا هناك ومن ثم يتحركوا لاستلام كتيبة جعفر وبالفعل نفذ صلاح بشير مهمته بنجاح واحتل كتيبة جعفر وكان من المعروف انه أفضل مدفعجي في الجيش السوداني . أما احمد حسين فقد تحرك بصحبة هاشم العطا لاحتلال القيادة ومن هناك أفردت له قوة ومعه معاوية عبد الحي نجحت في احتلال اللواء الأول مظلات في شمبات ومن ثم تحركوا من المظلات ومعهم الملازم أول هاشم المبارك من الدفعة19 لاحتلال الإذاعة ونجحوا فعلاً في احتلالها . وبذلك فقد سيطرنا علي الإذاعة ، اللواء الأول مظلات ، القيادة العامة ، وكتيبة جعفر في أم درمان معتقلة ، اللواء الثاني في الشجرة معتقل ، ومطار الخرطوم احتله في اليوم الثاني خالد الكد . وأذكر أن خالد الكد وبعد نجاح الانقلاب استفسر هاشم العطا عن الرتبة التي يجب عليه أن يرتديها فسأله هاشم العطا عن الرتبة التي أنزل بها من الجيش فأجاب ملازم أول فأمره بأن يلبس ملازم أول كما كان علي الرغم من أن دفعته وصلوا إلي رواد .
لا زال الغموض يلف أحداث بيت الضيافة فهل ...... مقاطعاً
نواصل في الحلقات القادمة ،،،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.