شاهد بالصور.. الخرطوم تتعافى.. 50 حافلة تنقل المواطنين مجاناً من "الجرافة" حتى السوق العربي يومياً دعماً للقوات المسلحة والقوات المساندة لها    شاهد بالصورة والفيديو.. بعد أن شاركتها الغناء في حفلها الجماهيري بالقاهرة.. الفنانة هدى عربي تتغزل في "بلوبلو": (في فنان بخلي الغناء بس الغناء ما بخليهو وفي فنان الغناء بخليهو رغم انه بكون عايز لسة)    بالصورة والفيديو.. ناشط سعودي ينشر مقطع لمنزله بمدينة "جازان" ويشبهه بالمنازل السودانية: (اعلم كما قيل لي انها تشبه السودان ونفس كل شي في السودان و لذلك احس بكل الشوق الذي في دواخلكم إلى بلدكم)    وفاة جندي بالدعم السريع بعد تعرضه لنوبة هلع أثناء قصف الجيش لمطار نيالا    التراجع عن قرار اغلاق القنصلية سليم، حتى السفارة في أبو ظبي كان يمكن الابقاء عليها    بثلاثية الفيحاء.. الاتحاد يضع يدا على لقب الدوري السعودي    ((مبروك النجاح يانور))    التعادل.. آرسنال يخمد ثورة ليفربول في أنفيلد    صاحب أول حكم بإعدام رئيس مصري سابق.. وفاة قاضي محاكمات مبارك ومرسي    من قال إن للهلال مشروعًا؟    توثيق ذاتي لمفقودي جرائم الدعم السريع بمخيم زمزم    إدارة جامعة بحري تقف على سير الامتحانات بمقر الجامعة بالكدرو    الهلال يضع اللمسات الأخيرة لمواجهة نواذيبو    غياب 3 أندية عن مجموعات التأهيلي    حاكم إقليم دارفور يهنئ القوات المسلحة والقوات المشتركة عقب معارك مدينتي الخوي وأم صميمة    تجهيزات الدفاع المدني في السودان تحتاج إلي مراجعة شاملة    السعودية: تدريبات جوية لمحاكاة ظروف الحرب الحديثة – صور    رونالدو يضع "شروطه" للبقاء مع النصر    شاهد بالفيديو.. بعد أن قدمت له الدعوة لحضور حفلها الجماهيري.. الفنانة هدى عربي تتفاعل مع أغنيات الفنان علي الشيخ بالرقص أعلى المسرح    "نسرين" عجاج تهاجم شقيقتها الفنانة "نانسي": (الوالد تبرأ منك عام 2000 وأنتي بالتحديد بنت الكيزان وكانوا بفتحوا ليك التلفزيون تغني فيه من غير "طرحة" دوناً عن غيرك وتتذكري حفلة راس السنة 2018 في بورتسودان؟)    الطاقة تبلِّغ جوبا بإغلاق وشيك لخط أنابيب النفط لهجمات الدعم السريع    ترامب: الهند وباكستان وافقتا على وقف النار بعد وساطة أميركية    محمد وداعة يكتب: التشويش الالكترونى .. فرضية العدوان البحرى    على خلفية التصريحات المثيرة لإبنته الفنانة نانسي.. أسرة الراحل بدر الدين عجاج تصدر بيان عاجل وقوي: (مابيهمنا ميولك السياسي والوالد ضفره بيك وبالعقالات المعاك ونطالب بحق والدنا من كل من تطاول عليه)    إتحاد كرة القدم المصري يدرس دعوة فريق سوداني للدوري المصري في الموسم الجديد    بمشاركة زعماء العالم… عرض عسكري مهيب بمناسبة الذكرى ال80 للنصر على النازية    أصلا نانسي ما فنانة بقدر ماهي مجرد موديل ضل طريقه لمسارح الغناء    عادل الباز يكتب: النفط والكهرباء.. مقابل الاستسلام (1)    خدعة واتساب الجديدة لسرقة أموال المستخدمين    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    شاهد بالفيديو.. بعد غياب دام أكثر من عامين.. الميناء البري بالخرطوم يستقبل عدد من الرحلات السفرية و"البصات" تتوالى    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطبعة الأولى
نشر في الراكوبة يوم 31 - 07 - 2017

كنت قرأت خبرا عن صدور «بعيدا عن الشتاء» الرواية الجديدة للكاتبة التشيلية المعروفة إيزابيل أليندي، التي تتحدث فيها عن واقع المهاجرين في أمريكا، في شهر يونيو/حزيران الماضي، بلغتها الأصلية، أي الإسبانية، وكانت الطبعة الأولى قد صدرت في ثلاثمئة ألف نسخة، أي أن ثلاثمئة ألف قارئ، يتوقع أن يلهثوا خلف الرواية لقراءتها، أو لعلهم ينتظرون صدورها، وقاموا بالفعل بحجز نسخهم مع الإعلانات الأولى للكتاب، التي عادة ما تسبق الصدور بأشهر عدة، يكون فيها الكتاب جاهزا للتوزيع، وهناك من قام بكتابة مراجعة له في صحف مهمة.
أيضا ذكر الخبر، أن طبعات بلغات عديدة أخرى منها الإنكليزية والفرنسية، والإيطالية، ستصدر لاحقا قبل نهاية العام، وستطرح أيضا كميات كبيرة، من الكتاب للقراء الذين ينتظرونه. مثل هذه الأخبار تبدو رائعة على الصعيد العام، لمن يتعاطى الكتابة، ثمة فرح غامر أن هذا العدد الكبير من النسخ لعمل إبداعي ستطرح، ويتوقع لها أن تنفد، وقد تلحق بها طبعات أخرى مستقبلا، في فعل ليس مغامرة على الإطلاق وإنما فعل عادي، لا يربك الناشر ولا يربك سوق القراءة. إنه يعني أن الأدب سلعة أساسية عند تلك الشعوب، تتعامل معها كما تتعامل مع كثير من السلع الأخرى الضرورية للحياة، وفي الوقت نفسه، إذا نقلنا الخبر لمتابعينا وقرائنا هنا في الوطن العربي، سيكون صادما للغاية، فلا كاتب مهما بلغت شهرته، ووصل صيته إلى أي بقعة في الوطن العربي الكبير، ستنشر له ثلاثمئة ألف نسخة، من كتاب إبداعي، ولا حتى من كتاب للطبخ أو النكات، أو التعامل مع الجن والعفاريت، وكل تلك الكتب المنتشرة، التي دائما ما توضع في قوائم الأعلى مبيعا والأوسع انتشارا.
لن أتحدث عن هذا الزمن، لأن الأمر معروف، ولطالما نوهت ونوه غيري، إلى سطوة التكنولوجيا الحديثة، وجبروتها، وكيف قامت بسرقة القارئ، وبرمجته في مسارها، بحيث أضحى الهاتف المحمول خاصة، ملهاة دائمة، لا تفارق العيون ولا اليدين ولا الذهن العاشق لها، إلا في ساعات النوم، وحتى في تلك الساعات، قد يستيقظ النائم فجأة، لا لشيء، سوى أن يداعب هاتفه، يرسل ويستقبل شيئا غير ضروري، ويواصل النوم من جديد.
سأتحدث عن الزمن القديم، حين كانت القراءة هي الترفيه الوحيد للناس، بجانب السينما وأحيانا المسرح، أي حين كانت المكتبات المنزلية، أو التي في أي ركن في الشوارع والأسواق، غاصة بالكتب بأنواعها، والناس مهما تضاءلت سبل عيشهم، لا بد أن يقتنوا الكتب ليستمدوا المعرفة، وأيضا ليرفهوا عن أنفسهم في تلك الساعات التي يقضونها بلا عمل، ولا ارتباطات أخرى. في ذلك الزمن إذن كان المتعلمون معظمهم قراء، أو يصادقون القراء، أو يحاولون أن يكونوا قراء، وأيضا كانت الطباعة بدائية، وغير مكلفة كثيرا، وعلى الرغم من ذلك لن يجرؤ ناشر على طرح هذا العدد من النسخ، الذي طرحه ناشر أليندي، ليس هذا العدد ولا حتى ربعه أو خمسه، في لغة يتحدث بها ملايين الناس، وليست لغة يتحدث بها عدد يعتبر محدودا أيضا، وأقصد الإسبانية.
المسألة إذن في تركيبة الشعوب، ولن أقول بسبب شهرة الكاتب، وهناك كتاب ليسوا مشاهير كثيرا، في بلدان أوروبية وأمريكية، يوزعون بطريقة جيدة أيضا، ودائما ما نسمع كل عام عن كتاب حقق انتشارا كبيرا، هو عبارة عن رواية أولى ألفها صياد للسمك، يحاور فيها سمكة للقرش، أو يبكي فيها مع شبكته التي لا توقع بالفرائس كثيرا، أو حطاب في غابة عثر على شجرة مبتلة، وتخيل أنها تبكي وأراد أن يكتب ذلك البكاء، وكلنا يعرف كتاب: «طعام حب صلاة» الذي ألفته امرأة قد تكون قارئة، لكنها لم تكن على صلة بالكتابة، وسجلت فيه يوميات رحلة قامت بها وهي مكتئبة، لكن شيئا ما تحقق وانتشر كتابها، وحقيقة لا أعرف إن كانت قد كتبت مرة أخرى أم لا؟ لكن ما كتبته في تلك اليوميات، كان كفيلا بتغيير حياتها تماما.
هناك أشياء كثيرة في الحياة، وأعني حياة الغربيين، يمكن أن تلهم الكتابة وتحقق لهم الانتشار فورا، بينما الأحداث نفسها لا يمكن أن تصنع لنا أي مجد، مهما كتبناها وأرخنا لها وزدنا عليها من خيالنا لنحولها إلى عمل إبداعي، فتجربة السجن مثلا، سواء كان سجنا سياسيا أو سجنا من أجل سرقة أو مشادة في الطريق، أو أي شيء آخر، هناك من يسجلها في الغرب، وتغري بالقراءة كثيرا، وهنا أيضا يوجد من يسجلها ويقرأها البعض، لكنها لا تترك ذلك التأثير الكبير أبدا.
الطبعة الأولى عندنا لأي كاتب، باستثناء عدد قليل من الكتاب، لا تزيد عن ألف نسخة، وهذه الألف رغم ضآلة وزنها، تظل تترنح في سكة البيع، زمنا ليس بقليل قبل أن تنفد، والكاتب السعيد هو من تنفد ألفه من السوق في عام أو عام ونصف العام، وأعرف كتبا نشرت منذ عشرة أعوام، تحمل داخلها قضايا مهمة، على الصعيد الفكري والإنساني، ويملك أصحابها أسماء كبيرة وجيدة، ما تزال موجودة في المكتبات أو معارض الكتب، بطبعتها الأولى نفسها، حتى الآن، وقد اصفر ورقها وضاعت زركشتها تماما، وعثرت مرة في معرض للكتب، على رواية قديمة لي، بدت لي بلهاء، وغريبة المنظر، وسط الكتب الجديدة، التي تزهو بأغلفة ملونة، ونهج طباعي مختلف تماما عن نهج تسعينيات القرن الماضي.
لن نفكر إذن في طبعة أولى بحجم طبعة إيزابيل ولا بخمسها، فقط في طبعة أولى منعشة قليلا وأعني ألفين أو ثلاثة آلاف نسخة، تنفذ من السوق في عام.
كاتب سوداني
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.