نبض المجالس الحرب (باسياف العشر) ..! ان السلاح الذي تحرص الحكومة الان علي جمعه من مجتمعات وحركات دارفور هو ليس ذلك السلاح الذي تتوشح به اكتاف اهل دارفور كما ليس هو السلاح الذي تتعارك به حركات دارفور ومليشياتها ومجموعاتها , وانما السلاح الذي يتوجب علي الدولة نزعه وجمعه هو السلاح الذي في صدور الناس ويموج كالمرجل باثار الحرب وبما تركته من ماسي وحرمان لقناعة الكثيرن بان الذي حدث في دارفور من هدم في الثقة ومن مرارات واحقاد وضحايا كان كفيلا بان يصنع حربا يمكنها ان تمتد الاف السنين ولذلك فان حاجتنا الاولي والاهم والاكثر فائدة للسودان ولحكومته هي ان ينصلح ما في النفوس من حواجز (وجراحات قديمة) علي ان تجتهد القيادة من اجل اعادة ترتيب البيوت والقبائل ورتق نسيجها الاجتماعي واعادة لحمتها من جديد وعلي الحكومة ايضا ان تتعامل مع حركات دارفور"المسلحة" التي ارتضت الدخول تحت مظلتها او تحالفت معها ان تتعامل معها بمبدأ المثل القائل (الجفلن خلهن اقرع الواقفات) لان من بين الحركات من هو لازال متوشحا"بكلاشه" وهو يلتهم بكلتا يديه (كيكة السلطة). . ولعل الحرب بمفهومها الحديث ليس بالضرورة ان تكون ادواتها ووسائلها عينية او (لوجستية) ولكن الاجدي ان تمضي الحكومة في اتجاه تجفيف كافة المنابع التي تغذي النفس بدوافع ومحركات الحرب ونزاعاتها القبلية ورواسبها القديمة ان كانت حقا تسعي لبناء ارض الاحلام والسلام بدارفور علي منطقة منزوعة السلاح وبالتالي لا سبيل لها سوي ان تعمل علي ردم كل الفجوات وتجعل الطريق بينها وبين المواطن سالكا ومعبدا لتبني عليه ثقة جديدة قوامها الوضوح والشفافية والحقوق والمسوؤليات المتبادلة ,ليس من المنطق ان ننزع السلاح الذي علي الاكتاف ونترك النفس التي ظلت هي وقودا للحرب في دارفور منذ اندلاعها بكل مراراتها وهواجسها القديمة فالحرب لو لم تكن بالاسلحة الحديثة فيمكنها ان تشتعل (باسياف العشر). قلق "الوافدين" في الخرطوم يتحدث المعتمد احمد علي ابو شنب عن اقتراب الاجل الذي معه تصبح محلية الخرطوم خالية تماما من كافة مظاهر الوجود الاجنبي لكنه بالطبع لم يبلغ ابو شنب مواطنيه ورعاياه بالخرطوم عن تلك السياسات والاليات التي بموجبها يمكن ان يحقق (الجنرال) فكرة اخلاء الخرطوم من وافديها ..فالحقيقة الماثلة ان انفجار الوافدين لازال مستمرا ليملاؤا علي الخرطوم كل فضاءاتها وساحاتها وحتي ازقتها . وعلي جبهة اخري كان الدكتور احمد بابكر نهار وزير العمل يجأر بالشكوي ويستنجد بالشرطة حتي تلبي له مطالبه باعتماد (شرطة خاصة) تعني بقضايا ومشكلات وجرائم العمالة الوافدة بالسودان هكذا كان يتحدث وزير العمل في حواره مع (الانتباهة) الاسبوع الماضي وذلك حتي يتسني لوزارته اعادة ترتيب سياساتها تجاه الخدمة المدنية بضوابط واجراءات حاسمة تنهي كل مظاهر الخلل في التوظيف وفي معايير الصحة المهنية لاعتقاد الدكتور نهار ان الوجود الكثيف للعمالة الوافدة دون ضوابط ودون شرطة متخصصة من شانه ان يقود الي اتساع قاعدة الجريمة والمظاهر السالبة . ولان الدولة تنقصها الارادة القوية والكافية لانهاء مشكلات هذا الوجود الاجنبي فان الوضع الحالي سيهزم اي سياسة او اي اجراء لا يستند علي حقائق علمية او موضوعية حتي لو اعلنت محلية الخرطوم وبصوت جهير بانها تريد اخلاء الخرطوم من مظاهر الوجود الاجنبي غير الشرعي , ولكن ربما يكون مبعث الهزيمة لسياسات وتوجهات معتمد الخرطوم ستاتيه من ثغور الدولة ومن اطرافها البعيدة خصوصا من البوابة الشرقية في كسلا حيث تحدث واليها ادم جماع امس بان ولايته يدخلها يوميا ما لا يقل عن 60 وافدا جديدا فهم في الواقع يخالطون الناس هناك ويقتسمون مع اهلي كسلا لقمة العيش وضنينها ومن ثم ينسربون الي داخل مفاصل ومكونات الدولة باريافها ومدنها الكبيرة . وهذا العدد من الوافدين الجدد بمقاييس الاممالمتحدة في محاولات رصدها ومتابعتها لحركة الهجرة واللجوء بين دول العالم يعتبر رقما كبيرا خاصة اذا اعتبرنا ان الدولة المستضيفة لمثل هذه الاعداد تعاني فقرا وشحا في خدماتها الاساسية وفيها تتراجع مستويات المعيشة الي ما دون الحد الذي اعتمدته المنظمة الاممية . وطالما ان ثغور كسلا تتسرب عبرها هذه المعدلات المخيفة من اللاجئين والوافدين دون اقرار سياسات امنية او شرطية تكافي هذه الظاهرة المقلقة فان فضاءات السودان بحضره وريفه ستمتلي حد التضخم بكل الظواهر(المستوردة) التي تربك مجتمعاتنا المحافظة وتعيد انتاجها من جديد وبالشكل الذي يستجيب لكل مطلوبات العصر والحياة الجديدة , كنا نظن ان حكومة كسلا ان تعلي صوتها واستنجادها بالحكومة المركزية لتقوية ادوات المكافحة لهذا النشاط التهريبي بانماطه واشكاله المختلفة , وليس مها فقط ان تقر الحكومة قانونا خاصا للحد من جرائم التهريب وتضعه في اضابيرها بلا فاعلية وبلا حراك . كيف نغتال الشائعة؟ بات واضحا ان انظمة الدولة ومؤسساتها لم تعد قادرة علي استيعاب ثورة التدفق الاعلامي الكثيف الذي ينهمر عليها بلا انقطاع عب سماء مفتوحة وغرف بلا سقوفات (وميديا) تابي الا وان تملاء كل الفضاءات زخما وضجيجا (وشائعات). هو اذن ذات الواقع المفروض علينا ولا فكاك منه ولا سبيل لالجامه مهما حاولات الشرائع والقوانين المحلية والدولية ان تفعل هذا الشي , فالحكومة الان يبدو وكانها قلقة من هذا الفضاء المفتوح فاخذتها الغضبة وجن جنونها فظلت تمارس كل اساليب النفي حينا (بالتكميم ) وفي كثير من الاحيان بالرجاءات والتوجيهات بشان كل ما لا يرضيها من المحتويات الاعلامية التي تتناقلها الاسافير بالحق وبالباطل دون رقيب وبلا حراس علي بواباتها فانطلقت الشائعة بكل قوتها واشكالها ربما في محاولة لمحاصرة كل سياسات واشكال (التحجيم الاعلامي) وبالتالي ليس هناك حلا منطقيا او قبولا للتعاطي مع ظاهرة الشائعات سوي ان تلجا الحكومة الي اقرار منهج جديد بعيدا عن سياسة (الانكفاء) , ومطلوب الان وبشكل رسمي انتهاج سياسة الابواب المشرعة امام كل انماط الاعلام توفيرا للمعلومة والمطلوبة علي جناح السرعة حتي تقتل الشائعة في مهدها ,بالتاكيد فان هذا لن يتاتي الا بتوجهات جادة ورسمية تلزم كل مؤسسات الدولة خصوصا تلك التي تعتبر كواجهات للدولة امام (الميديا) المحلية والعالمية بان تخصص متحدثين باسمها مهمتهم فقط توفير المعلومة لكل من يطلبها من الاعلاميين فتوفير المعلومة واجب علي الدولة بمثل ما انه حق لكل مواطن اقرت به مواثيق الاممالمتحدة في وثيقة (الحقوق العامة) وهذا لا يعني ان الدولة ملزمة بوضع كل معلوماتها في (سلة واحدة) في وجه الباحثين عن تلك الحقائق . صحيح ان الدولة لديها تقديراتها الخاصة في تعاطيها مع المعلومات وربما تعتقد ان نشرها يمكن ان يضر بالامن الوطني ولكن قد يكون المطلوب هنا فقط ان تجد هذه (الميديا) من مؤسسات الدولة ما يجنبها عناء البحث عن الحقيقة وبالتالي اللجوء الي من ينتجون "الشائعات) ويضعون (السم في الدسم) علي اطباق شهية حتي يلتهما الباحثين عن معلومات او تبريرات او تفسيرات لكل ما يطرأ من احداث خصوصا تلك الاحداث التي تشغل الناس وتتحكم في مصائرهم وقضاياهم , فهل يمكن ان تستجيب الدولة فعلا الي ضرورة اقرار منهج او خطاب اعلامي جديد وبمعطيات ومعايير جديدة .. خطاب يصلح ان يكون (وجبة غذائية) بكل مكوناتها حتي لا تلجأ ماكينات الاعلام الجديد لالتهام كل ما هو امامه من شائعات ..فالجائع لا ينتظر ان تضاف علي مائدته كل المحسنات (والمشهيات) . هاشم عبد الفتاح