المزيد من التضليل ! شمائل النور وزير الإعلام أحمد بلال يُبشر بانطلاق قناة فضائية ناطقة بالإنجليزية؛ لمخاطبة العالم الخارجي، خبر ممتاز ويحتاج الفضاء إلى قنوات تُحسّن صورة السودان، حيث أقر الوزير بلال أن صورة السودان ما زالت مشوهة، الانتباه لسوء هذه الصورة والإقرار بذلك ثم الشروع في معالجات هذا هو المطلوب، لكن- قطعاً- الوزير وحكومته لا يفكرون وفق ما تتوقعون، في ذات التصريح هاجم الوزير الإعلام الإلكتروني الذي شوّه صورة السودان للدرجة التي اضطرت الحكومة إلى تحمل تكلفة لتُطلق فضائية تعمل ممحاة لهذه الصورة أولاً، ولتُقدم صورة مغايرة، الوزير يتحدث عن مشروع قانون للصحافة والمطبوعات يتضمن إنشاء مجلس للإعلام الإلكتروني للرصد والمتابعة- وهو فعلياً موجود كما تعلمون- لكن القانون الجديد الذي يتحدث عنه الوزير سوف يُمكن من محاكمة المدونين بشكل أكثر ردعاً، لأن الإعلام الإلكتروني تحول إلى سلاح خطير- حسب وصف الوزير، خطورته في بث الشائعات والتضليل وخدش الحياء، ثم كشف وزير الإعلام- الذي كان يتحدث في البرلمان- قرب إطلاق قمر صناعي سوداني. الحديث عن إنشاء قناة فضائية؛ لتحسين صورة السودان يرجع إلى أبريل 2014م فقد أوصت لجنة فنية بمجلس الوزراء بإنشاء قناة سودانية جديدة متخصصة تعمل قلم تصحيح لصورة السودان التي طالها التشويه كثيراً… ثم كثر الحديث عن ضرورة تأهيل إعلاميي السفارات في الخارج؛ حتى يتمكنوا من عكس الوجه الأجمل للسودان.. بل حتى السفراء هم مكلفون أن يجتهدوا ويقدموا أفضل ما لديهم لتقديم صورة السودان في أبهى حُلة.. كل هذا العصف الذهني للوصول إلى وصفة تنفع هو مطلوب، لكن علينا أولاً أن نعيد النظر مرتين وثلاث في صورة السودان- ذاتها- التي مطلوب تقديمها على أحسن ما يكون، هل هي مثالية، والتقصير في الإعلام، هل هي مثالية والإعلام الإلكتروني ذلك السلاح الخطير يمارس الكراهية ضد هذه الصورة لوجه الله، أم أن هناك علة حقيقية؟. التحسين يبدأ من الداخل قبل الخارج، مطلوب أولاً أن تتحسن صورة السودان عند السودانيين قبل العالم الخارجي، الذي بات هماً أكبر من الداخل، المطلوب كذلك قبل كل هذا أن تكف وزارة الإعلام عن التضليل، وتلتزم بتقديم المعلومة الحقيقية كاملة دون أن تلبسها ما يضطر الإعلام الإلكتروني إلى كشفها، أو خلق معلومة بديلة، ويتحول بالتالي إلى سلاح خطير في مواجهة الإعلام التقليدي. إن كان من يستحق المحاكمة قبل المدونيين، فهذه الألسن التي لا تمل التضليل ينبغي أن تُحاسب، هذه لو تعلم السلطة ضررها عليها أكبر من ضرر المدونيين الذين تحولوا إلى أشباح مُرعبة تهز صورة السودان… المطلوب ليس المزيد من القوانين والمحاكم والمزيد من الردع، فكلما اختنقت المعلومة والرأي اتسعت دائرة الفضاء، الرأي لا بد أن يتنفس وكذا المعلومة، هذا هو الطبيعي، أما غير الطبيعي- فعلاً- أن يتحدث الوزير عن انطلاق قمر صناعي بينما هو يعلم لو امتلك الفضاء بأكمله لن يقدر على حجب وكتم المعلومة، المطلوب- بكل هدوء- أن ينفتح الهواء للجميع.