قبل عام واحد كانت الفتاة زانيلي مامبا/ 25 عاما/ تعيش وسط حالة من الاثارة والصخب في مملكة سوازيلاند، تلك الدولة الداخلية الواقعة في الجنوب الأفريقي وتحدها موزامبيق من الشرق وجمهورية جنوب أفريقيا من سائر الاتجاهات أصيبت مامبا وزوجها مفانزيلي ديلاميني بفيروس مرض نقص المناعة المكتسب (اتش آي في) المسبب للإيدز، وقد فقدا اثنين من أطفالهما الرضع بسبب الإيدز. عاش الزوجان في كوخ من غرفة واحدة في مكولاميني/ 50 كيلومترا شرقي العاصمة مباباني/ وكانا يعيشان على ما يحصلان عليه من العمل بالزراعة، بالاضافةالى وراتب ديلاميني البسيط حيث يعمل حارسا ليليا. دأبت أسرة ديلاميني التي تملك الأرض التي تعيش عليها الاسرة، على التحرش بالزوجين ومضايقتهما بسبب إصابتهما بفيروس " اتش أي في". تقول الزوجة: "تقول أسرة مفانزيلي ( لزوجي ) أمورا مروعة عن ( الإيدز).. ظللت أقول له ( لا تقلق من الإيدز) ولا تذهب إليهم ( أسرته) ولكنهم يأتون إلى منزلنا، ولقد تمادوا في توجيه الإساءات اللفظية (لنا)". يعيش الزوجان من أجل تربية صغيرتهما ، فيوا 14 شهرا ، التي لم تصب بفيروس ( اتش.أي .في) بفضل خدمات الوقاية التي تلقتها مامبا في عيادة محلية. وحصل ديلاميني ومامبا على أدوية مضادة للإيدز وفرتها الحكومة سمحت لهما بالتمتع بحالة صحية نسبيا. تفاقم الوضع بعد مرور عام حيث لم يفلح علاج ديلاميني وتمكن منه المرض بشدة حتى فارق الحياة في حزيران/ يونيو الماضي. وأدركت مامبا أنه لم يعد مرحبا بها في ذلك المنزل البسيط. وتقول مامبا المكلومة: " استولت أسرة ديلاميني على كل ما أملك. أخذت الدجاج والملابس، مما يعني ضرورة مغادرة المكان. . نحن لا نريدك هنا.. ولذا قررت أن أحزم أشيائي وأرحل". وعقب تشييع جنازة زوجها، أخذت مامبا ابنتها وغادرت بيتها وكانت آنذاك حبلى في طفلها الرابع. يوجد في سوازيلاند أعلى معدل لانتشار للإيدز في العالم، حيث أصاب الفيروس 26 في المئة من السكان بين الخامسة عشر والتاسعة والاربعين، كما يتعرض الذين يكشفون عن اصابتهم لوصمة عار. تعرضت فومزيلي ، التي طلبت عدم استخدام لقبها، للطعن بسكين من جانب زوجها بعدما تبين إصابتهما بفيروس ( اتش .أي.في)، حيث ألقى الزوج باللوم عليها في جلب المرض إلى منزلهما. رحلت فومزيلي لتعيش مع والديها وفقدت كل ممتلكاتها، وتعافت في نهاية الأمر من إصاباتها وتعمل حاليا في مستشفى حكومي، وتقدم النصائح للأخريات المصابات بفيروس "اتش .أي .في". وقالت زانديل نهليكو، موظفة اتصال بمؤسسة إليزابيث جلاسير لمكافحة الإيدز لدى الأطفال في سوازيلاند إن فيروس " اتش .أي .في" لا يزال منتشرا في المناطق الريفية من البلاد التي يقطنها أكثر من 75% من السكان. وأضافت نهليكو: "يحصل الناس في المناطق الحضرية على مزيد من المعلومات حيث يدخلون على الإنترنت، من اجل مزيد من المعرفة". ولا يكفي الحصول على المعلومات للتغلب على الفيروس حيث تذكر نهليكو أنها شاهدت ممرضات ترفضن تناول الطعام في طبق واحد مع زميلات مصابات بالفيروس. وقد أثار نائب برلماني في سوازيلاند موجة غضب عندما اقترح وضع علامة مميزة على مؤخرة المصابين بفيروس الإيدز. يلقي بعض الخبراء باللوم على قيادة البلاد في تفشي الفيروس، فلدى ملك سوازيلاند مسواتي الثالث الذي يحكم البلاد بشكل مطلق، 13 زوجة رغم أن تكرار الاتصال الجنسي مع آخرين في وقت متقارب يزيد من خطر الإصابة بالفيروس. وفي عام 2001، منع الملك الفتيات دون الثامنة عشر من ممارسة الجنس في محاولة للحد من انتشار الفيروس وذلك بعدما تزوج بفتاة في السابعة عشر من عمرها. وحتى الآن، لم يكشف أي سياسي في المملكة علانية عن حالته أو حالتها فيما يتعلق بالاصابة بفيروس " اتش.أي .في". وتتضاءل الامال في انحسار الاصابة بالفيروس في المملكة الصغيرة، مع قدوم اليوم العالمي للإيدز الذي يوافق الاربعاء الأول من كانون أول/ ديسمبر. تقيم مامبا حاليا مع والدتها أليس مامبا في منطقة لومبوبو الريفية. ولم تخف أليس سر إصابة ابنتها بالفيروس كما كشف العديد من جيرانها عن أوضاعهم مشيرين إلى استمرار جهود منظمات غير حكومية لتوعية المواطنين في البلاد بشأن المرض، وهو ما من شأنه ان يسهم في انحسار الفيروس. وتقول زانيلي التي وضعت طفلها في أيلول/ سبتمبر الماضي :" أشعر بسعادة غامرة هنا"، فالصغير الذي تصفه بأنه "هبة من الله" لم يصب بالفيروس حتى الآن. تشعر أليس أن المصابين بالفيروس يجب أن يتحملوا مسئولية القضاء على المرض في سوازيلاند. وتقول: "إن المصابين بالفيروس يجب ألا يخفوا حالتهم، ولكن يجب عليهم الكشف عنها وإخطار الجميع عن /اتش.أي.في/" وتضيف: " من الأهمية بمكان للكافة ان يعلموا أنه إذا كنت مصابا ب / اتش.أي.في/ فأنت لا تزال كائنا بشريا".