ثمة من يرى أن هناك وجه شبه كبير بين مجالس المدينة في العاصمة الخرطوم وكل من مدن ومناطق شرق دارفور التي تشهد صراع قبلي حصد مئات الأرواح من قبيلتي(المعاليا والرزيقات) وجه الشبه يتمثل في أن مجالس الخرطوم تتحدث عن إرتفاع سعر الدولار بينما تتحدث المجالس في شرق دارفور عن إرتفاع أسعار (الزخيرة) بسبب تجدد الصراعات بين القبيلتين حيث إرتفع سعر طلقة (الكلاشنكوف) من ثلاثة جنيهات الى خمسة جنيهات وإرتفع سعر طلقة (الجيم ثلاثة) من ثلاثة جنيهات الى ستة جنيهات ورغم ذلك يتم شرائها لحصد مزيدا من أرواح الطرفين الأمر الذي يحتم تدخل الدولة لوقف الاقتتال. وتعود تفاصيل الأحداث الي صراع قديم متجدد بين القبيلتين حول ملكية أرض منطقة (كليكلي أبوسلامة) وقبل نحو أكثر من شهر فشل مؤتمر للصلح والتعايش السلمي بين القبيلتين بسبب تبعية المنطقة المتنازع عليها بين الطرفين، وعقب فشل مؤتمر الصلح شهدت المنطقة حملات تصعيد شرسة من القبلتين وتطورت الى سرقات مواشي من الطرفين، وبعدها تدخلت الادرات الأهلية للقبيلتين إلا أنها فشلت في إحتواء الصراع الذي إنفجر بشكل عنيف. الصراع التقليدي بين الطرفين تجدد منذ ثاني أيام عيد الفطر وإستمر لعدة أيام حصد خلالها أرواح عشرات القتلى والجرحى من الطرفين تجاوزعددهم (300) من الطرفين، وفي بداية الصراع رشح حديث في بعض أجهزة الاعلام بأنه بين قبيلة الرزيقات والحركات المسلحة ولكنه إتضح لاحقا بأنه بين قبيلتي (المعاليا والرزيقات) ولاعلاقة للحركات المسلحة بالصراع بحسب ما أكده العقيد الصوارمي خالد سعد المتحدث الرسمي بإسم القوات المسلحة، وبرز صراع الأرض من جديد حينما رفض المعاليا المتواجدين بمنطقة (كيلكلي أبوسلامة) التبعية لمحلية عسلاية وفي المقابل تمسك الرزيقات بتبعية المنطقة لهم وإستمرت حالة الاحتقان والشد والجذب بين الطرفين الى أن إنفجر الوضع. وبعد أن سالت شلالات الدماء وأزهقت الأروح أوفدت الحكومة المركزية عدد من الوفود لإحتواء الصراع الذي تجدد بشرق دارفور وضمت الوفود التي وصلت الولاية كل من حسبو محمد عبدالرحمن الوزير بديوان الحكم الاتحادي والفريق أحمد علي من هيئة الأركان والفريق شرطة عصام شريف قائد الاحتياطي المركزي واللواء أبوبكر أحمد الشيخ، غير أن تلك الوفود لم تفلح في نزع فتيل الأزمة التي لازالت متفاقمة بين الطرفين، فيما أفلحت لجنة المساعي الحميدة للصلح بين القبيلتين التي قادها عثمان كبر والي شمال دارفور ونجحت في نزع فتيل الأزمة وحددت أمس الأول (الأحد) موعدا للتوقيع على إتفاق وقفا العدائيات بمنطقة (الطويشة) في شمال دارفور، بعد أن توصل الطرفين على الموافقة على وقف العدائيات وأختار كل طرف ممثليه للتوقيع على الاتفاق. غير أن إختطاف(42) من المعاليا بمدينة الضعين عجل بتأجيل التوقيع على وقف العدائيات بين الطرفين بعد أن قامت مليشيات تدعى مجموعة (سافنا) بإختطاف الرهائن الذين معظمهم من النساء الذين كانوا في طريقهم الي أبوكارنكا بعد خروجهم من مدينة (الضعين) حاضرة ولاية شرق دارفور ويذكر أن الرعايا كانوا محتجزين بالمدينة منذ إندلاع المعارك بين القبيلتين، وعقب خروجهم من مدينة الضعين بثلاثة كيلومترات وإتجاههم نحو أبو كارنكا إعترضتهم ثلاثة عربات مسلحة تتبع لمجموعة (سافنا) وإقتادتهم الي جهة غير معلومة الأمر الذي أكده عثمان قسم معتمد أبوكارنكا حينما كشف في حديثه ل(اليوم التالي) عن تدخل بعثة الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي (اليوناميد) ونجاحها في إجلاء (656) من أفراد قبيلة المعاليا المقيمين بمدينة الضعين. وتدخلت عوامل أخرى كانت غير موجودة في السابق منذ تجدد المواجهات المسلحة بين الطرفين وأخذت منحى أخر أكثر خطورة بسبب إستخدام الطرفين وسائل حديثة في الحرب الأمر الذي أدى الى إزدياد عدد القتلى والجرحى، وخطورة الأمر بحسب المتابعين تكمن في لجوء أحد أطراف الصراع لاستخدام حرق القرى حيث حرقت خمسة قرى في تجدد الاعتداءات الأخيرة بشرق دارفور وتم حرق كل من قرى(دارالسلام والصهب وشق المرفعين وكديده وبردانة) التي تتبع للمعاليا الي جانب إختطاف(42) الرعايا الذين لازال مصيرهم مجهول. وتعود جميع المشاكل التي وقعت بين الطرفين الى صراع تقليدي حول ملكية الأرض والتبعية وبدأت أولى حلقات هذا الصراع عام 1966م وطوال تاريخه حصد مئات القتلى والجرحى من القبيلتين اللتين فقدتا جراء الصراع أفضل وأميز الشباب والشيوخ من الطرفين في الصراعات التي دارت بينهما في كل من( أبوكارنكا والتبت والقرضاية والمجيلد وأبوجعبة والصحب ودارالسلام والمعقرات) ومؤخرا تجددت الصرعات بين القبيلتين لذات السبب المتمثل في صراع حول ملكية وتبعية الأرض. وفي السياق شدد بعض النشطاء من أبناء شرق دارفور على ضرورة وقف الإحتراب بين القبيلتين وتعزيز القوات الحكومية بالولاية من المركز وتعيين قوات كافية بالولاية لبسط الأمن والاستقرار والعمل على نزع السلاح فضلا عن تقوية الادارة الأهلية ومنحها صلاحيات إدارية وقضائية ومالية تمكنها من مساعدة الحكومة، وشددو على ضرورة رد الحقوق الي أصحابها لمنع تجدد الصراعات. ويرى مراقبون لطبيعة الصراع في ولاية شرق دارفور أن أبرز التحديات التي تواجه الولاية تتمثل في إعادة بناء النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي بين مكونات الولاية الاجتماعية التي تفككت بشكل غير مسبوق في تاريخها بسبب الصراع الذي شهدته مؤخرا وأستخدمت فيه أسلحة حديثة وثقيلة وسيارات عصفت بالأمن والاستقرار والنسيج الاجتماعي، غير أن الواقع على الأرض يشير الى أن الطرفين إستمرا في دق طبول الحرب ودخلا في حالة إستنفار قصوى ومتواصلة لحشد أكبر عدد من الفرسان للدخول في حرب ربما تكون مفتوحة في عدد من الجبهات بالولاية الأمر الذي إعتبره متابعون يحتم تدخل الدولة لفرض هيبتها ونزع فتيل الأزمة في أسرع وقت ممكن. [email protected]