تقرير: صديق رمضان: تأكيد والي شرق دارفور الدكتور عبدالحميد موسى كاشا، فشل تجربة اختيار ولاة من مناطقهم،وكشفه عن ان مطالبات المواطنين باختيار حكام من خارج ولاياتهم لاتقتصر علي دارفور بل علي معظم ولايات السودان، وجهة نظر قد تتباين حولها الاراء، الا انها ربما تكون ذات قيمة، من واقع تجربة الرجل. حديث والي شرق دارفور استبقته الحكومة بعقد عدد من الورش والسمنارات التي تناولت بالتشريح والتحليل تجربة الحكم اللامركزي، وخلصت الدراسات والتوصيات الي ان التجربة تحتاج لتقويم ومراجعة حتي تحقق النتائج المرجوة ، الا ان قضية حكم ابناء الولايات لمناطقهم لم تخضع من قبل للتشخيص والمراجعة خلال الفعاليات المختلفة التي عقدت من اجل مناقشة قضية الحكم الفدرالي، ولكن التقييم علي ارض الواقع يوضح ان هناك ولايات تشهد تململا من اداء الحكام وتختلف الاسباب التي تقف وراء ذلك ،ففي ثلاث ولايات علي سبيل المثال طالب مواطنون بتعيين حكام لاعلاقة لهم بالولاية حتي تتوفر فيهم صفة الحيادية ،حيث يعتقد اصحاب هذا الرأي ان الحاكم المنحدر من ذات الولاية يظهر انحيازا واضحا لقبيلته علي حساب المكونات الاخري،ولايأتي اداؤه متسما بالعدالة والحكم الرشيد ،وبالمقابل هناك من يفضل ان تحكم الولايات بواسطة ابنائها لانهم ادري بتفاصيلها ولعل مطالبات قادة ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان التي تحققت تصلح مثالا لهذا التيار. اصوات المطالبة بحاكم محايد ومن خارج الولاية بدأت ترتفع في الفترة الاخيرة ،فهل يعني ذلك فشل تجربة الحكم الفدرالي ام ان المناط بهم تنفيذها»حكام الولايات» هم الذين يقفون وراء مايعتبره البعض تشوهات قد التصقت بثوب تجربة الحكم اللامركزي ،يجيب عضو المجلس التشريعي بولاية البحر الاحمر حامد ادريس، مشيرا الي ان العلة تكمن في اختيارات مركزية الحزب الحاكم للولاة ، وقال في حديث ل«الصحافة» ان المؤتمر الوطني ليس لديه معايير دقيقة في اختيار الولاة ،وانه يدفع بشخصيات لاتحظي بالقبول ولاتتمتع بالكفاءة اللازمة ،معتبرا ان ذلك يقود الي فشل الوالي ،ضاربا المثل بوالي البحر الاحمر ،ويعتقد ادريس ان المطالبة بوال محايد نتاجا لاحباط مرده فشل ابناء الولايات في تحقيق امال وتطلعات المواطنين . اذا وتأسيسا علي حديث عضو تشريعي البحر الاحمر فان العلة ليست في قوانين الحكم اللامركزي بل في اختيار المؤتمر الوطني للولاة ،ولكن هناك من يعتقد ان المطالبة بتغيير الولاة بحكام محايدين من ولايات اخري مرده ليس الاخفاق الاداري ،بل لتفشي القبلية والجهوية التي جعلت بعض الولاة محل اتهام بانحيازهم لقبائلهم . ويعتقد والي ولاية سنار المهندس أحمد عباس ان العلة لاتكمن في قوانين الحكم اللامركزي ،»وانما تكمن في البشر انفسهم» ،وقال عباس في حديث ل«الصحافة» ان تجذر وتفشي القبلية التي باتت متأصلة في عدد من اجزاء السودان تقف وراء الامر ،ويفسر حديثه قائلا:في بعض الولايات خاصة تلك التي تتفشي فيها القبلية مهما حاول الوالي ان يكون محايدا فان اتهامات توجه له بالانحياز الي قبيلته ،وفي تقديري ان الحاكم مهما بذل من مجهودات وحاول ان يقف في المنتصف لتحقيق العدل فان 90% من المواطنين لن يقتنعوا ولن يعترفوا بما انجزه ،ويعود عباس ليشير الي ان هناك ولايات مثل سنار لاتعرف القبلية نسبة لانصهار مجتمعها في بوتقة واحدة ،وان هذا يجعل الوالي يؤدي بعيدا عن الضغط القبلي،ويري والي سنار ان القبلية هي السبب وراء عدم استقرار الكثير من الولاة الذين تطالهم اتهامات لانحياز تكون لا اساس لها من الصحة،مؤكدا ان استقرار الحاكم امر هام وهو لايتحقق الا بترقية المجتمع حتي ينبذ القبلية ،مبديا امتعاضه من ايراد خانة القبيلة في «ارانيك» رسمية، قال»يكفي ان يكون الانسان سودانيا وحسب». وقريبا من وجهة نظر والي سنار ،يعتقد نائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية الشمالية جعفر عبدالمجيد،ان حديث والي شرق دارفور ليس علي اطلاقه ،وذلك لأن هناك ولايات مثل الشمالية لاتعرف القبلية ولايمكن ان يطالب مواطنوها بوال من خارجها حتي يكون محايدا ولاينحاز لقبيلة محددة ،وقال في حديث ل«الصحافة» ان المدارس الادارية لدي الحكام تختلف وتحمل الايجابيات والسلبيات ،ويعتقد ان ارتفاع الاصوات المطالبة بحكام محايدين تنحصر في ولايات محددة ،ويري ان الحاكم هو من يقف في المنتصف بين كل مكونات الولاية ويعمل علي تطبيق الحكم الرشيد،مؤكدا ان هناك حكاما تمكنوا من تحقيق نجاحات باهرة في ولاياتهم.. ويعتقد المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر ان والي شرق دارفور يعيش في ظروف ضاغطة ،وانه كان من الرافضين لفكرة ان يعمل الوالي وسط اهله ،وربما لعبت هذه الاسباب دورا في وجهة النظر التي عبر عنها،وقال خاطر في حديث ل«الصحافة» ان تجربة الحكم الفدرالي جيدة من حيث الفكرة لان الهدف منها تحقيق قدر تنموي ونوعي وسياسي في الولايات ،معتبرا ان الطريقة التي تعاملت بها الانقاذ مع التجربة هي التي جعلتها مشوهة ومنقوصة وذلك لان المركز يمسك بكل مفاصل الدولة ولايمنح الولايات هامشا من الحقوق الواردة في قانون الحكم اللامركزي ،وزاد:اعتقد ان الحديث الصحيح هو ان الانقاذ لاتجيد انتقاء الكفاءات لادارة الولايات التي تأتي دائما دون المستوي المطلوب ،وهذا مايجعل المواطنين يطالبون بحكام من ولايات اخري ،الا ان تجربة الحكم الفدرالي هي الافضل اذا ماتم تطبيقها كما ينبغي.