بدأت الحكومة في الخرطوم أكثر تفاؤلاً بزيارة رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير الخاطفة للبلاد تفاؤل الخرطوم يسنده توقعات بأيلولة ملفات القضايا العالقة لطاولة التفاوض، لكن دون تدخل وسطاء حسب ما ردده رئيس دولة جنوب السودان وهو يقوم بانحناءة لافتة لعلم جمهورية السودان الدولة الأم التي قبلت ذهاب ثلثي أراضيها لقتوم دولة الجنوب وفق استفتاء عام 2011م. غير أن مراقبين هنا في الخرطوم يستبعدون إمكانية انتقاء الحاجة لوسيط بين الخرطوموجوبا بسبب أن القضايا العلقة من الصعوبة بمكان ويحتاج حلها لوسطاء دوليين ومن الاتحاد الأفريقي وربما سنوات أخرى من التوترات على الحدود قبل الاتفاق علي أي ملف. خذ مثلاً ملف منطقة أبيي فقد أعلنت حكومة جنوب السودان منذ شهور خلت عزمها علي إجراء استفتاء احادي لتحديد تبعية المنطقة، الأمر الذي قاد لموجة من الغضب في أوساط قبيلة المسيرية التي سارعت لرفض أي خطوة أحادية تحدد مصير المنطقة الغنية بالنفط، في المقابل رفضت الحكومة أي خطوة لاجراء استفتاء من جانب حكومة جوبا لا يشمل سكان المنطقة من قبائل المسيرية وغيرهم من السكان المحليين وفق تعريف بروتوكول أبيي في اتفاقية السلام الشامل 2005م. واشنطن ولندن رفضتا أي تحرك احادي من حكومتي السودان من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة ودفع رئيس آلية التفاوض رفيعة المستوى بين السودان والجنوب باعتراضات قوية تؤكد رفض الاتحاد أي استفتاء أحادي من قبل دولة جنوب السودان ورأي ثامبو أمبيكي أن الأولوية الآن لقيام المؤسسات التشريعية والإدارية في أبيي التي سيدعها الاتحاد من أجل تعزيز فرص الاستقرار في المنطقة. في السياق أعلنت الحكومة البريطانية معارضتها اي تحرك في أبيي مشددة على أن أي خطوة يتعين أن تكون بموافقة الخرطوموجوبا وحسب سفير المملكة المتحدة لدي الأممالمتحدة مارك ليال فان الحكومة البريطانية تؤيد اقتراح الاتحاد الأفريقي الذي نص إجراء استفتاء في أبيي في شهر أكتوبر القادم وحصر مقترح الاتحاد حق التصويت فقط في أولئك الذين يقيمون بشكل دائم في المنطقة غير أن الخرطوم تعارض بشدة اجراء أي استفتاء احادي الجانب، مؤكداً أنها لن تعترض بأي خطوة في هذا الاتجاه. لكن ماذا عن واشنطن اللاعب الأكثر فاعلية في ملف العلاقات بين الخرطوموجوبا فقد سمت ادارة الرئيس اوباما رسمياً دونالد بوث مبعوثاً خاصاً للإدارة لدولتي السودان، لكن الخرطوم علي غير العادة استقبلت مبعوث واشنطن بالكثير من الاتهامات فيما يتعلق بجدية الإدارة في التعاطي الايجابي مع ملفات السودان، وحذر علي كرتي وزير الخارجية في لهجة بدأت غير مألوفة واشنطن بأن الحكومة في الخرطوم لن تتعاون مع المبعوث الأمريكي الجديد إذا لم يهتم بالعلاقات الثنائية. وقال كرتي ان واشنطن أكبر معيق للعلاقات بين جوباوالخرطوم ودعا كرتي الإدارة الأمريكية للعمل بنية خالصة أو أن تترك البلدين يتفاوضان في ملفاتهما وخلافاتهما بشكل منفرد ويري مراقبون أن زيارة سلفاكير الأخيرة للسودان أعطت الخرطوم بارقة أمل في إمكانية تجاوز الخلافات بدوافع ذاتية بمعزل عن أي وساطة، ولكن هل سيكون ذلك ممكناً وما هي الضمانات التي يمكن للخرطوم الركون إليها وهي تبتدر شهر عسل جديد مع الجار الجنوبي الأكثر اثارة للمشاكل غير ان الأوضاع في جوبا ليست كما في السابق وتتوفر لسلفاكير الآن فرص اكبر لتحسين العلاقات مع جاره الشمالي لإبعاده العناصر المناوئة للتقارب مع الخرطوم كاباقان أموم ودينق ألور. تقارب دولتي السودان سيكون اتفاقاً علي تدفق النفط شمالاً وعائدات هنا وهناك ولكن ملفات الخلاف حول مسألة أبيي ستكون أكثر صعوبة حتى لو أدعت الخرطوم غير ذلك، فجوبا لن تفرط في مصالحها النفطية في المنطقة حتى لو قاد ذلك لعودة البلدين للمربع الأول.