المدينة المنورة - مصطفى رياض - روائح طيبة تملأ الشوارع المحيطة بالمسجد النبوي في المدينة ، ويختلط الهواء برائحة بخور "العود" وروائح الورود، ولا يحتاج الأمر لجهد كبير لتكتشف أنها تتصاعد من متاجر العطور العديدة التي تحيط بالمسجد ويشهد التجار في المملكة العربية السعودية رواجا كبيرا في فصل الحج، وتسهم مبيعات العطور الشرقية، خاصة العود ، بقسط وافر في هذا الرواج. ويعد الطيب من أبرز سمات السعوديين، والذين يحرصون على اقتناء أطيب أنواعه وأذكى الروائح ، حيث يعتبرون أن "من أنفق ثلث ماله على الطيب لم يسرف" . بينما يعد البخور سمة أساسية من سمات البيت السعودي ، والذي ما إن تدخله حتى ترى عددا من المباخر التي تتصاعد منها أذكى الروائح ومعدة لاستقبال الضيوف والترحاب بهم ، ويولي السعوديون عناية فائقة باختيار أطيب أنواع العطور ، ولكل نوع من هذه الأنواع دلالة ومعاني وفقا للأصل المشتق منه. ويعتبر "العود" ، والذي يستخرج من أشجار نادرة تزيد أعمارها عن 60 عاما ، من أغلى العطور الشرقية التي تحظى برواج كبير في السعودية ، حيث يعتبر "هدايا الملوك" ، وذلك نظرا لارتفاع سعره ، حيث يصل الكيلوجرام الواحد من بخور العود الجيد لنحو 100 ألف ريال سعودي (6ر26 ألف دولار). وقال فايز العتيبي/ بائع عطور سعودي/ لوكالة الأنباء الألمانية ل(د.ب.أ) إن طيب العود يعد من أكثر العطور التي تشهد رواجا في السعودية خاصة في موسم الحج ، والذي يعد موسما تقليديا لشراء الهدايا خاصة العطور. وأضاف أن العود هو أبرز العطور الشرقية وأغلاها على الإطلاق ، مشيرا إلى أن بعض أنواع العود يصل سعر الجرام منها نحو 700 ريال سعودي ، أي أن الكيلوجرام يبلغ سعره 700 ألف ريال سعودي (2ر186 ألف دولار) وهو بالطبع أغلى من سعر الكيلوجرام من الذهب ، ولذا يطلق عليه "هدايا الملوك" . وأوضح العتيبي أن عطر "الورد" يأتي في المرتبة الثانية بعد العود ، حيث يعد "ورد الطائف" هو الأكثر شهرة بعد العود في المملكة ، والذي يحظى بإقبال بالغ خاصة بين النساء. وأضاف أن "ورد الطائف" تتنوع درجاته تبعا للموسم، حيث تعد "القطفة الأولى" هي الأغلى ثمنا بين درجات عطر الورد،و أردف قائلا إن الحجاج الأتراك من أكثر الفئات إقبالا على العطور ، يليهم الحجاج القادمون من قارة أسيا. وأشار خالد المجد/خبير عطور/ ل(د.ب.أ) أن أنواع العود متعددة أبرزها العود الهندي ، ويتميز بلونه البني الذي يميل للسواد ، بالإضافة إلى رائحته النفاذة وقواه السميك نوعا ما. ويأتي في المرتبة الثانية العود البورمي - نسبة إلى بورما - ولونه بني تعتريه الغبرة ، من حيث الجودة بعد العود الهندي ، ثم العود الجاوي ، ومنشأه الأصلي كمبوديا ، فالعود الماليزي ، والعود اللاوسي. ولا يقتصر استخدام العود علي البخور فقط ، فهناك أيضا "دهن العود" ، والذي يشبه قوامه قوام العسل ، ويعد من العطور الشرقية الهندية المنشأ وتسمى عبوته "التولة" ، وتتسع ل12 جراما ، والتي يصل سعرها أحيانا لنحو 3000 ريال سعودي(800 دولار) ومنها مقاسات أخرى هي نصف التولة ، وربع التولة وهو أقل العبوات. وقدر تجار ومتعاملون في سوق العطور حجم مبيعات العطور في السوق السعودية بأكثر من أربع مليارات ريال سعودي (06ر1 مليار دولار) ، مشيرين إلى أنه يتزايد بنسبة 20% سنويا. وذكر المجد أن بعض شركات العطور السعودية تبنت نهجا جديدا في إنتاجها وتسويقها للعطور، من خلال السماح لزبائنها بإضفاء طابعهم الشخصي، وتصنيع عطر مميز لكل عميل لكن شريطة أن يكون قادرا على دفع الكلفة الخاصة. وأضاف أن الأنماط التسويقية التي كانت معروفة قديما تغيرت ، واستعانت بعض الشركات بقواعد الفلك والنجوم وأبراج الحظ ، وعلم النفس في بعض الأحيان من أجل تصنيع وتركيب عطور تتناسب مع المزاج العام للعميل وميوله الخاصة