هددت «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» باستخدام القوة لطرد لوران غباغبو الذي يصر على البقاء في الرئاسة في ساحل العاج، على الرغم من الدعوات المتكررة التي أطلقتها الأسرة الدولية ليتخلى عن السلطة للحسن وتارا. وفي الوقت نفسه، كسر وتارا الصمت الذي يلتزمه منذ أسابيع ليدعو الجيش من مقر إقامته مع فريقه في أحد فنادق أبيدجان، إلى تقديم الولاء له لوقف «الفظائع» التي ترتكب ضد السكان. وفي ختام قمة لرؤساء دولها في أبوجا، دعت المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا في بيان غباغبو إلى الرحيل، وأعلنت عن إرسال مبعوثين قريبا إلى هذا البلد. وحذرت المجموعة بشكل واضح من أنه «في حال رفض هذا الطلب غير القابل للتفاوض، فلن يكون لديها خيار آخر سوى اتخاذ كل الإجراءات اللازمة بما في ذلك الاستخدام الشرعي للقوة لتحقيق تطلعات شعب ساحل العاج». وعلى الفور، ردت حكومة غباغبو، معتبرة أن تهديد مجموعة دول غرب أفريقيا باستخدام القوة «غير عادل». وقال المتحدث باسم حكومة ساحل العاج، أهوا دون ميلو، في حديث لإذاعة فرنسا الدولية: «إننا مندهشون من أن هناك مثل هذا التصعيد من العقوبات واتخاذ المواقف ضد ساحل العاج بسبب خلاف حول الانتخابات»، مضيفا أن «هذا غير عادل». وتعد هذه المرة الأولى منذ اندلاع هذه الأزمة التي يواجه فيها غباغبو، الذي تجاهل حتى الآن كل الإنذارات الموجهة إليه، تهديدا مباشرا بعملية عسكرية تهدف إلى إقصائه. وكانت هذه الأزمة اندلعت بعد الانتخابات الرئاسية في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقالت المجموعة في بيانها إنها «في مواجهة الحجم الكبير للخسائر البشرية، تحذر المسؤولين عن هذه الأعمال بأنهم سيتعرضون لملاحقات أمام المحاكم الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان في أسرع وقت ممكن». وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تبنى يوم الخميس الماضي قرارا يدين «الفظائع» التي ارتكبت بعد الاقتراع وأسفرت عن سقوط 173 قتيلا بين 16 و21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حسب الأممالمتحدة. ومن فندقه الذي تحاصره منذ أكثر من أسبوع القوات الموالية لغباغبو، قال وتارا للصحافيين وهو محاط بأعضاء حكومته إن «انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تسجل في كل مكان». وأضاف: «بصفتي القائد الأعلى للقوات المسلحة، أطلب من قوات الدفاع والأمن (الموالية لغباغبو) القيام بمهمتها الجمهورية في حماية السكان من الميليشيات والمرتزقة الأجانب الذين يريقون دماء أهل ساحل العاج». ووعد بنقل هذه القضايا إلى القضاء «لكشف هذه الجرائم الدنيئة» وبتشكيل «لجنة تحقيق وطنية»، معبرا في الوقت نفسه عن أمله في وصول بعثة من المحكمة الجنائية الدولية «في الأيام القليلة المقبلة». وبعد ساعات قالت حكومة غباغبو إن قرار الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا منح وتارا سلة مراقبة حسابات ساحل العاج في المصرف المركزي لدول غرب أفريقيا «غير شرعي». وحقق معسكر وتارا يوم الأربعاء الماضي انتصارا عبر اعتراف الأممالمتحدة بالسفير الذي عينه يوسف بامبا مندوبا لساحل العاج في المنظمة الدولية. وقد رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أول من أمس، بموافقة الجمعية العامة للمنظمة الدولية على اعتماد بامبا. وقال ناطق باسم بان إن «الأمين العام يشيد بقرار الجمعية العامة قبول اعتماد ممثلي ساحل العاج»، معتبرا أن «هذا القرار المهم يعكس الموقف الموحد للأسرة الدولية حيال شرعية الحكومة الجديدة برئاسة وتارا». ونتيجة لهذا الاعتماد يفقد سفير ساحل العاج السابق لدى الأممالمتحدة السيدي دجيدجيه المقرب من لوران غباغبو منصبه. وكان غادر الأممالمتحدة قبل عدة أسابيع لينضم إلى فريق مستشاري غباغبو. بدوره، صرح وزير الخارجية النيجيري، أول من أمس، قبيل اجتماع المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا، أن بلدان المجموعة ترفض «أي تسوية» مع غباغبو. وقال أودين أجوموغوبيا لوكالة الصحافة الفرنسية إن «موضوع التسوية ليس مطروحا على الطاولة»، مؤكدا أن تشكيل «شيء شبيه بحكومة وحدة وطنية كتلك الموجودة في كينيا أو زيمبابوي لن يطرح للنقاش». من جهتها، دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مجددا غباغبو إلى التخلي «فورا» عن السلطة وترك الساحة لخصمه الحسن وتارا لإنهاء الأزمة. وصرحت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشيل إليو ماري هي الأخرى أول من أمس أن غباغبو ما زال يستطيع الاستفادة من «خروج مشرف» من الحكم، لكنها حذرت من أن هذه الإمكانية تتضاءل إذا ما استمرت أعمال العنف. وتشهد ساحل العاج منذ الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية، أزمة سياسية خطيرة تتمثل في إصرار غباغبو على البقاء في السلطة رغم إعلان اللجنة الانتخابية المستقلة فوز الحسن وتارا ب54.10% من الأصوات. وأبطل المجلس الدستوري الموالي لغباغبو هذه النتائج التي أقرتها الأممالمتحدة وأعلن فوزه ب51.45% من الأصوات.