* عند عودتنا.. صديقي عباس دلاقين.. وأنا من أم درمان عبر جسر الإنقاذ.. مررنا بشارع الغابة.. في طريقنا إلى كوبري (الحرية) ومن ثم جنوباً إلى مقرنا ومستودعنا وأهلنا في الديوم الشرقية.. لمواصلة زياراتنا الأسبوعية.. ولو وجدنا فرصة للعب (عشرة) مع الشلة القديمة هناك لا بأس.. هرباً من حيشان البيوت.. ونقة النسوان.. وطلبات العيال.. الذين لا يقدرون (دعماً) قد رُفع.. ولا برلماناً قد صفق.. ولا اعترافاً من (مؤتمر وطني).. يتخوف من الفجوة الكبيرة في الميزان الداخلي بمعدلات لم تشهدها البلاد من ( ۱5 ) عاماً.. كما يقول صابر رئيس القطاع الاقتصادي.. ومحافظ بنك السودان السابق.. والذي وحده يعرف أسرار (الجوكية).. ومعظم المجنباتية للمال العام.. والذي ذات يومٍ اشتكاه اتحاد نقابات البنوك المعاشيين.. مطالبين بحقوقهم التي تطاول أمدها.. (ده شنو ده).. نرجع لموضوعنا..؟!! * والسيارة الأمجاد لصاحبها ومالكها.. المستر (دلاقين) تيسر ببطء.. ونحن نتأمل في المباني.. والناس القيافة بعرباتهم القيافة.. والناس الشينين.. أهل الكداري.. والكدر.. والصبر الجميل.. لفت نظري بصوته الجهوري إلى تلك (العمارة) متعددة الطوابق.. والمعروضة للبيع بمبلغ ( 65 ) مليون بالجديد.. يعني بالقديم ( 65 ) مليار.. وبسرعة قذف بالسفة من فمه.. ومسح بيده شوية رذاذ تساقط هنا.. وهناك.. وواصل هل تصدق يا أستاذ.. أنها عُرضت على وزارة كبرى.. ولكن المسؤول فيها رفض وقال لن نشتري إلا ب( 5۷ )؟!! * يقال في دنيا الشمارات (العقارية) إن السماسرة نصحوا صاحب العقار بزيادة العمولة إلى ( ۳) مليار حتى تتم الموافقة من قبل الذي سيأخذها..؟!! * الغريبة أن هذا (الرجل) له حكاوى كثيرة وطلبات ولا يفعل أي شيء.. (إلا بتمنو).. وكأنه (ينقب) على التصديقات التي لا تكلفه إلا مجرد توقيع.. وصدقني يا أستاذ أن حكاويه نحتفظ بها للوقت المناسب.. غمزني بعينه وهو يقول.. قريباً إن شاء لله..!! * مرت السيارة بالقرب من مبنى آخر.. عليه لافتة مكتوب عليها.. إصلاح (شنو كده ما عارف).. ومواساة (منو ما معروف).. سرحت بخيالي وتنفست الصعداء خاصة أن المسؤول عنها رجل (صالح) يهتم بالإصلاح وله كلام سمح جداً يطلقه من فوق أجمل (وأنظف) المنابر المصلحة جداً.. وهو عضو في مجالس إدارات مختلفة وأكيد أنه يعمل على إصلاحها وتصليحها وتظبيط العمل فيها بصورة ممتازة وأكيد أنه من أجل ذلك لا يريد جزاءً ولا شكورا.. ولا أي (مخصصات) إن شاء لله حق المواصلات.. لأننا كما نعرفه من زمآاااان.. إنه لا يحب هذه (الحركات).. منذ أن كان يهوى ركوب الدراجات الهوائية كرياضة مثلاً.. وله شنو؟!! * وأنا سارح أتأمل الشارع المزدحم.. وبعض السيارات تتسابق يقودها شباب يبدو أنهم من أهل الترطيبة.. واللون البمبي.. حداثة سنهم تقول إن ميلادهم كان في.. أو بعد ذلك اليوم.. وذلك الشهر.. وتلك السنة.. والدليل أن أشكالهم تدل على بيوتهم التي أتوا منها.. فهي بالطبع ليست بيوت (شينة).. تتزاوغ عند سقوط الأمطار.. وترتجف خوفاً من السقوط.. بل بيوت لا يدخلها الغبار ولا الهواء الملوث بالنفايات.. بل هواء المكيفات.. التي تجعل (الذرية) مباركة فعلاً.. وترث ما تشاء..؟!! * على الجانب الأيمن من الطريق المؤدي إلى الخرطوم.. أو الخرطومجنوب.. وبعد الجسر سالف الذكر.. تنتشر حلقات الجلوس بكراسي تنتظم حول بائعات الشاي وبعض السريحة يبيعون أي شيء.. حتى لو كان (الهواء) نفسه.. وأدغال الأشجار تغري الشباب بالهبوط الاضطراري.. وحسب المعلومات أنها مناطق (للهواء).. واللهو غير البرئ طبعاً.. خاصة بعد المغيب.. وكلو (بتمنو) دون مفاصلة.. تحت شعارات سلم واتسلم.. (والرمة والحراسة).. والشاهد والضحية..!! * عباس دلاقين يغرق في الصمت.. وأنا كذلك.. وتذكرت رجل شرطة إمارة (دبي) القوي.. والذكي.. وهو يمسك بذلك السر.. وذلك المدير المالي في تلك المؤسسة الشهيرة.. وهو يرفع تقريراً يتكلم عن ثلاثة مليارات أخرى..؟!! * وهذا نذر يسير..؟!! * وبعض الصحف تقول إن عجز الموازنة.. لم تشهده البلاد منذ ( ۱5 ) عاماً..؟!! * والسيارة تصعد إلى كوبري الحرية.. وكأنما هي تعرف طريقها.. ومسجل السيارة يغني لوردي.. يا بلدي يا حبوب.. * ابتسمت قائلاً.. ويا حليل السروال والمركوب.. والسيف والسكين.. وسط ضحكات المستر (دلاقين)؟!!! صحيفة الجريدة السودانية