ü قبل ثلاث سنوات تقريباً.. طلب منى الأخ الفنان والمخرج الاذاعى الظريف المعشر (كمال عبادى) العودة إلى كتابة الدراما الإذاعية فقلت له : لدى فكرة مسلسل، نبعت من كتابتى لجسر ابداعى اسميته (الطبقات المعاصرة) فى الطبقة بعنوان (ود الناير الضيف سيد البيت) وحكيت له الفكرة فهلل لها.. وأخذنا كلما نلتقى تحت اشجار الاذاعة نتحاور فى الفكرة.. وأمطرنى بقصص كثيرة عايشها وبتجارب ثرة مع حوله من الناس فى عطبرة وفى الخرطوم .. وكلما تحاورنا اتسعت الفكرة.. ولما كانت الفكرة تقوم على (التكية) والتى تم هدمها.. وود الناير كان يريد أن ينطلق منها ليقوم بعملية تغيير آثرت أن أقرأ تاريخ (التكايا) حتى اتشبع بالفكرة.. ü وقرأت.. واستفدت كثيراً مما قرأت لتطوير نص المسلسل المزعوم وكلما أقطع شوطاً أحكى له ما كتبته وكان كل مرة يمطرنى بالحكايا الممتعة الحلوة .. واتفقت معه على انجاز المسلسل ليقدم فى رمضان.. ولكنى لم افعل بسبب عمق الفكرة وامتدادها ومن ثم ترهلها.. وكلما حكى لى ما يعتقد اننى يمكن ان استلهمه لتطوير الفكرة يجعلنى أضيف واحذف.. ومر رمضان ولم انجز المسلسل وكان صديقى الأخ الصغير (معاوية السقا) يتابع اخبار المسلسل ويعلن عنه فى صفحاته الفنية التى يحررها لعدد من الصحف.. ويندهش فى تباطؤى فى اكمال المسلسل فى حين إنه كتب عشرات المسلسلات فى هذه الفترة.. ومر رمضان الثانى.. ورمضان الثالث.. ولما قطعت شوطاً مقدراً فى العمل ذهبت الى مبانى الاذاعة لأبشر كمال العبادى بأننى انجزت الكثير.. وحتى اتزود منه بملاحظات تثرى المسلسل كما عودنى.. يا اخونا وين كمال العبادى؟ فى مكتبه ما موجود .. قالوا لى : كمال عبادى نزل المعاش.. ü صعقنى الخبر كيف ينزل فنان المعاش..؟ وما مصير مسلسلنا.. لم اتصل به فالحزن فاض بى.. وماذا سأقول له.. تساءلت: كيف سأجلس تحت الشجر فى بوفيه الاذاعة الشعبى لاحتسى الشاى مع عبادى.. هل لن تعود تلك الايام.. هل لن تعود حكاويه الجميلة الحلوة تبهجنى وأنا أزور الإذاعة .. لمن سأكمل المسلسل الذى بناه معى عبادى طوبة.. طوبة .. ü الى ان حاورتنى الصحافية النابهة (منى محمدين) فى آخر لحظة.. فحكيت قصتى فى الدفار أيام كان وسيلة مواصلات فاعلة .. وحكيت لها عن تكريم شعبى أبكانى إذ كان الدفار ممتلئاً.. وكان لابد أن اركب (شماعة) وما أن ركبت حتى وقف لى جميع ركاب وراكبات الحافلة حتى أجلس فأبكانى المنظر.. وأطلع عبادى عليها فبعث لى برسالة .. وتواضعاً منه عنونها بعبارة استاذى الفنان سعدالدين.. وهو الاستاذ والفنان لكن تواضعه الجم جعله يعطينى الاستاذية ولعله يرى فينى حقاً ذلك الاستاذ. فربما غطى الهوى على البصر.. كانت رسالته : استاذى سعدالدين.. تحياتى وكل اعزازى .. طالعت بالأمس سر بكاء شيخوختك فى الدفار.. وأنا أبكى الآن شيخوخة المعاش الاجبارى.. انتظرت « سيد البيت» لامن بقيت أنا « الضيف» .. (بالله مش عجايب) التوقيع: عبادى الاذاعة « سابقاً » .. والاشارة إلى عنوان المسلسل «الضيف سيد البيت» . كيف يذهب الفنان الى المعاش.. كمال عبادى.. أنا على يقين من ان مكانك سيظل شاغراً.. وربما حلمت بأن تعود الى عملك بعد ان استمعت الى قرار برفع سن معاش الخريجين الى سبعين عاماً.. أسوة برفع سن المعاش لاساتذة الجامعات الى 65 سنة فمن باب أولى أن يرفع سن المعاش للفنانين الى سن السبعين.. وعايد.. عايد.. ياعبادى !!