الإسم بشرى الفاضل الموضوع بريد إلكتروني [email protected] الرسالة أمّن الفاتح عزالدين الرئيس الجديد لمجلس الشعب على مبدأ الفصل بين السلطات في المجلس و شدّد على أن ينهض المجلس بدوره الرقابي والمحاسبي. ولعل أهم ما قال به في خطابه هو اعتذاره للشعب السوداني (عن أي تقصير للإنقاذ طيلة الخمسة والعشرين عاماً التي تولت فيها الحكم). وأكد أنهم يتقاصرون دون هامة الشعب، وقال (لو رصفنا كل الأرض ذهباً أو أنزلنا المنَّ والسلوى فلن نستطيع إيفاء الشعب حقه). ووجه تحية للمهدي، وللأزهري، ولعلي الميرغني، ونميري، وسوار الذهب وقال إن تاريخ السودان لم يبدأ بالإنقاذ ولن ينتهي به. قول الرئيس الجديد للمجلس في عبارته الأخيرة مسألة بديهية فالتاريخ لن ينتهي بحكومات انقلاب الإنقاذ نعم ولم يبدأ بالانقلاب لكن ما يهمنا من تصريح خطاب تنصيبه اعتذاره للشعب السوداني عن أي تقصير للإنقاذ فهذا الاعتذار بالكلمات من ناحية لا يكفي فطيلة ربع القرن الماضي لم يكن ما ارتكبته الإنقاذ مجرد تقصيرات فهل استمرار الحرب في ربوع السودان المختلفة وفصل الجنوب والفصل التعسفي والانهيار الاقتصادي والتعليمي والفساد ومصادرة الحريات وحل الأحزاب والهجمة على الصحافة مجرد تقصيرات؟ ومن ناحية أخرى كيف يعتذر التشريعيون عن أخطاء التنفيذيين؟ كيف يحق لرئيس المجلس التشريعي الاعتذار عن أخطاء الحكومة التنفيذية بدلاً عن محاسبتها بالطرق البرلمانية المعهودة في البرلمانات الديمقراطية المعروفة؟ هل هو كتشريعي مشارك في تلك الأخطاء حتى يعتذر ؟ هذا الاعتذار الذي ابتدر به رئيس المجلس فترة رئاسته يشكل دليلاً دامغاً على أن السلطة التشريعية ليست منفصلة عن التنفيذية وأن الإنقاذ كتلة واحدة بمجلسها وحكومتها وحزبها الحاكم والمتوالين معه.كتلة واحدة غير ديمقراطية . ولا داعي وليس في وسع الإنقاذيين رصف ارض السودان ذهباً كما تمنى الفاتح عزالدين. يكفي أن يرصفوا الطرق السريعة حاصدة الموت ولا داعي ولا يمكن للإنقاذيين إنزال المن والسلوى من السماء بل يكفي ألا يجلبوا التقاوي الفاسدة وأن تتم الزراعة بالطرق التي يعرفها الزراعيون والمزارعون لا السماسرة وهي الطرق التي كانت الزراعة عليها لنصف قرن في المشاريع المروية قبل الإنقاذ. يكفي ذلك كي يجد الشعب الجائع قوت يومه مما يزرع حقاً لا مما يزرع ويحصد الشعارات والأمنيات الخلب. ما بين بروفيسور زين العابدين ود غازي ما بين الحركة الوطنية للتغيير بقيادة بروفيسور الطيب زين العابدين وحزب الإصلاحيين بقيادة الدكتور غازي صلاح الدين مشتركات كثيرة فكلاه الكيانين في طور التكوين وكلاهما يدعو للانفتاح على الآخر ، على الشعب والنظر في مشاكل السودان من هذا المنطلق فالبروفيسور الطيب زين العابدين يقول عن حركتهم أنها (عبارة عن حركة فكرية سياسية ومنبر لحوار الهدف منه خاصة في هذه المرحلة التحاور حول أُسس كيفية حكم السودان في المستقل بالاتفاق وإجماع عام.... رؤيتنا تشخيص مشكلة السودان منذ الاستقلال حتى الآن وما هي الأشياء التي أضرت بها وكيفية تجاوزها) من حوار نشرته صحيفة الانتباهة أما الدكتور غازي فيقول في حوار له مع الجزيرة نيت (نحن ندعو إلى مطلب أساسي، وهو تعزيز الوحدة الوطنية من خلال إيجاد الحد الأدنى المشترك بين القوى السياسية، وهو ما أسميناه خيار حل الأزمة، ونعتقد أن هناك فرصة سانحة لمصالحة كبرى بين السودانيين حول الأرضية المشتركة التي يمكن أن تقف عليها، هناك إجماع على أن الجميع يريدون مثلاً دولة عادلة محايدة غير منحازة لطرف، ويريدون حرية في المجتمع، ويريدون أن تتأطر هذه من خلال مؤسسات الدولة والمجتمع، هذه مطالبنا ومطالب السودانيين جميعاً نحن نعبر عنها ربما بصورة اجماعية أكثر.نحاول أن تكون هذه الأطروحة ليست أطروحة حزبية لحزب بعينه، وإنما أطروحة مطلبية جامعة) كلا الرجلين ينظر إلى حركته بأنها ستأتي بما لم يأت به الأولون فالدكتور غازي يقول (مطالب السودانيين هذه نحن نعبر عنها بصورة اجماعية أكثر) وبروفيسور الطيب يقول (هذا الحوار لم يُفتح من قبل لا من الحكومة ولا من أي حزب سياسي آخر) ومع احترامنا لمأثرة العودة للحق؛ والتنادي بالاحتكام إلى الشعب نقول إن هذا ما ظلت تنادي به معظم أحزاب المعارضة حتى بح صوتها فكلنا سمعنا الدعوات المنطلقة من قوى الإجماع الوطني بضرورة عقد مؤتمر دستوري لمناقشة قضايا السودان الراهنة وهناك من دعا لاجتماع طاولة مستديرة وهناك من دعا لحكومة قومية إلى آخر الدعوات .أما الفصل بين السلطات فهو ما كان عليه الوضع في الديمقراطية الثالثة وكان ذلك الفصل سيتحقق بصورة تراكمية على أمثل وجه كلما سارت دورات الانتخاب الديمقراطي للأمام لولا الانقلاب الذي قطع عليه الطريق .الديمقراطية وحدها هي المخرج لشعبنا والمهمة الأولى لتحقيق ذلك هو ترد الإنقاذ طوعاً أو كرهاً حكم الشعب للشعب ومن ثم يتم اعتماد المواطنة وحدها كلبنة أولى بالصمت التام عن أي أيديولوجيات أو مذهبيات لبناء نظام ديمقراطي معافى وفيه يتم الفصل بين السلطات. ونحن لا نرى أي فرق بين دعوة البروفيسور الطيب زين العابدين والدكتور غازي صلاح الدين فحين يقول البروفيسور زين العابدين ‘ن (هناك مقترح نحو تطوير الحركة إلى حزب إذا توفرت المقومات الآتية: «الجماهير والكوادر والتمويل» فإذا لم تتوفر تلك المقومات فلن نستطيع إنشاء الحزب) فكأنما هي دعوة غازي نفسها.وهذا بالطبع من حقهم لكنه لن يحل قضية الوطن فشعبنا الجائع لا تنقصه الأحزاب التي جربت الحكم أو ساندته كي تنطلق في ثوب جديد بل تنقصه الديمقراطية نفسها بدون أي إيضاحات وهي ديمقراطية قديمة لن تأتي بها فجأة أحزاب جديدة كأنما بواسطة ليلة القدر. من الذي يشعر بالحرج؟ قال الدكتور نافع على نافع خلال زيارته لباكستان البعيدة (إن المعارضة تشعر بالحرج إزاء التعديل الوزاري الذي أجراه حزبه) وأبدى استغرابه من انتقاد المعارضة لأمر داخلي يخص المؤتمر الوطني. وما كان ينبغي له أن يستغرب فالحزب هو الحزب الحاكم و بصفته تلك فإن أي تعديلات يتم فيها تصعيد قيادات جديدة ، إنما يتم ترفيعها لتحكم والحكم بالطبع يهم الشعب. وقال الدكتور نافع (نحن سنرتضي بما يختاره الشعب، وإن قدموهم باركنا لهم وإن قدمونا لن نتركها لهم). لكن ما يختاره الشعب عن طريق الانتخابات دونه شك أحزاب المعارضة المبرر القائل بأن الانتخابات لن تكون نزيهة في ظل هيمنة الإنقاذ على كل شيء في الدولة فإن أراد الدكتور نافع أن يرتضي بما يختاره الشعب فالشعب ممثلاً في منظماته العديدة الحزبية وغيرها يطالب بأن تتم تلك الانتخابات على أصولها فللنزاهة أسس وأصول هو يعلمها جيداً وقال نافع (إن رؤية المؤتمر الوطني للحل السياسي والاستقرار وتوطين الديمقراطية في السودان تكمن في إتاحة الحرية السياسية لكل كيان سياسي، وهذا ما يطرحه الحزب للوصول لما يرتضيه الشعب). وهذا الذي يطرحه الدكتور نافع كان موجوداً قبل هجوم الإنقاذ عليه والآن وباعترافه بهذا فإن ما يرتضيه الشعب هو الحرية والديمقراطية كاملتين غير منقوصتين فليرفع حزبه يديه عن الصحافة الحرة والصحفيين وليسمح بإجراء انتخابات نزيهة بشروط كل الأحزاب المشاركة فيها.هل هذا مطلب عسير؟ وإن لم يتم ذلك فإن موسم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة -إن عبر الشعب وهو في حالة غضبه الحالية إليها دون هبة وانتفاضة - ستشهد مقاطعة تامة من أحزاب المعارضة. فهل هذا ما يسعى إليه المؤتمر الوطني من أجل توطين الديمقراطية؟ ________________________ إطلالة السبت - نشرت بصحيفة الخرطوم [email protected]