مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقة غربية بين جهاز الأمن والصحف.. ذرائع الأمن القومي تعلّق الكلمة على «مشانق السياسة»
نشر في الراكوبة يوم 30 - 12 - 2013

42 صحيفة تطالع قراء السودان كلَ مشرق شمس.. نصفها موزّعٌ بين الملاعب وحكايا المشاهير، فيما الآخر حكرٌ على السياسة في وطن تفوح من جل زواياه روائح الموت وقصص تداعي الاقتصاد، واقعٌ كبّل الأقلام عن عكس الواقع مرارته ومآسيه وجعل سيف الرقابة مسلطاً على الرقاب، والحاكمون يرددون أنشودة الخلود المتوهّم: «لا أريكم إلّا ما أرى»، وتهديد الأمن القومي تهمةٌ يمكن أن تقود مُلصَقها إلى ما وراء القضبان إن لم يكن الشمس.
صودر القلم وعلّقت الكلمة على «مشانق السياسة» صحف موقفة وأخرى مصادرة.. صحافيون مجردو الأقلام وآخرون في دهاليز المحاكم. أمّا حرب الإعلان وسيلة للي ذراع الصحافة وانتهاجها خطّاً موالياً فتلك حكاية أخرى، فضلاً عن مشاكل أخرى أبرزها انعدام المهنية والمؤسسية وهجرة الأقلام بحثاً عن واقعٍ أفضل أو أقل سوءاً على أقل تقدير.
مانشيت:
اختار القدر الصحافي خالد أحمد بطلاً لرواية «هو والحاكمين» ذهب مبتعثاً يرافق قادة عسكريين أبرزهم رئيس هيئة الأركان وقادة الوحدات العسكرية إلى أبو كرشولا كأول وفود ما بعد المعركة أو خروج قوات الجبهة الثورية في رواية أخرى.
أجواء إلى الاحتفالية أقرب.. القائد الزائر يخاطب الجنود مثمّناً ما حقّقوا قبل أنّ يحدث ما يكن في الحسبان، معركة عسكرية يسقط فيها المهاجمون طائرة للجيش السوداني.
وبعد ساعات من القتال الضاري يتم إجلاء القادة وثلاثة مدنيين فقط كانوا شهوداً بينهم خالد عاد الوفد أدراجه، لم يكتب خالد في صحيفته غير رواية الجيش وفق بيان رسمي: «لقد سقطت الطائرة جراء عطل فني».
ظنّ خالد أنّ الأمر قد انتهى بخيره وشرّه خلد لنوم عميق بعد يوم من الرهق والرعب كاد أن يسافر به إلى البعيد، صحا على «كابوس إلكتروني» مقال منشور باسمه على أحد مواقع التواصل الاجتماعي يسرد معركة الأمس بتفاصيل مغايرة: وقع رئيس هيئة الأركان في كمين أثناء زيارة أبو كرشولا وأسقط جنود الجبهة الثورية طائرة للجيش الحكومي وسقوط قتلى في صفوف الجنود الحكوميين وهبوط الروح المعنوية لمقاتلي الجيش السوداني.
ولم تكد الشمس تعلن دخول يوم جديد حتى بدأ سيل الاتصالات ينهمر على هاتف خالد من عدّة جهات أمنية فحواها تقول: «إنّك مطلوب ومفتوح بحقك بلاغ من الجيش وستتبع الإجراءات القانونية بحقك وسنصر على سجنك وبعد السجن ستكون مطلوباً لدينا أيضاً» ولم يكن الرد أكثر من: «لا مشكلة ما دام هناك قانون».
لم تكد عقارب الساعة تشير إلى الثامنة مساء حتى كان خالد معتقلاً من قبل قوى الأمن في نيابة أمن الدولة والتهم طابور لا ينتهي: نشر معلومات عسكرية، إحباط الروح المعنوية للقوات المسلّحة، التحريض على ما يخل بالنظام، إشانة سمعة رئيس هيئة الأركان، نشر أخبار كاذبة.
ما شفع نفي خالد القاطع نشر المقال على الإنترنت له إذ استمرّ الاعتقال 3 أيام أحيل بعدها إلى ما تسمّى «نيابة أمن المعلوماتية»، قبع في زنزانة بينها وأبجديات حقوق الإنسان جفاء إن لم تكن قطيعة لا تهوية روائح لا تطاق وظروف اعتقال سيئة.
استغلّ المعتقلون عطلة نهاية الأسبوع للمماطلة بإطلاق سراح خالد بعد بدء إجراءات الضمان، عبر تأخير إجراءات التحقيق قبل أن تفلح ضغوط الصحيفة في إطلاق سراحه بالضمان الشخصي.. ليتم استدعاؤه للتحقيقات بعدها عدة مرات.
شهرٌ مضى. يتسلّم خالد خطاباً من محضر المحكمة مفاده تقديمه لمحكمة نيابة المعلوماتية، أجّلت الجلسة الأولى لعدم حضور المتحري، في الثانية باغته الجيش بسيل اتهامات.. «تعرّض بريدي للتهكير» إجابة خالد على مستجوبيه.. قالوا إنّهم ولما حاولوا التحقّق من الإيميل على موقع «ياهو» وجوده مستضاف في شركة إسرائيلية ولديهم شهود سيحضرونهم وخبير في المعلوماتية سيأتون به لإثبات الإدانة.
ورغم اطمئنان هيئة الدفاع إلى أنّ القضيّة في صالح خالد إلّا أنّها لا تستبعد حدوث تأثيرات سياسية تغيّر المسار في ظل ظروف البلاد وهيمنة الجيش.
ملحوظة: السجن 11 عاماً والجلد والغرامة العقوبات المنصوص عليها حال الإدانة.
شاهد من أهلها
وشهد شاهد من أهلها على ما أسماه الواقع المتردّي الذي وصلت مسألة المهنية في السودان غض النظر عن قضيّة الحرّيات وتكميم الأفواه وملاحقة الصحافيين، كان يعتقد لفترة طويلة ربما لم يطل التردّي تطبيق العدالة والقانون لكنه فوجئ بمتحر في قمّة الضعف لا تتعدّى خبرته في محكمة متخصّصة بجرائم النشر الإلكتروني أكثر من 7 شهور، إذ قدّم قضيّة اتهام غاية في الضعف والركاكة غير قادر على التفريق بين «البريد الإلكتروني» و«الموقع الإلكتروني»، ليخرج كل ما شهد الجلسة متحسّراً لما آل إليه واقع تطبيق القانون.
يروي الصحافي بابكر فيصل: «في الجانب الآخر ظهر أداء قائد الدفاع كمال الجزولي بتمكّن شديد استطاع إحراج المتحرّي وزميله قال لهم لأول مرّة أرى اتهام يقدّم مستند للدفاع، والغريب أنّ القاضي نفسه أبدى امتعاضا شديدا من المتحري وأحرجه في أكثر من مرّة، الأمر كان أشبه بالمهزلة، من الواضح أنّ القاضي إذا مضى في المحاكمة بالقانون من دون أي تدخّلات ستكون خاتمتها البراءة».
واقع مأزوم
يرسم الصحافي عمّار أحمد آدم صورة قاتمة لواقع الصحافة في السودان، مشيراً إلى أنّه «واقع استثنائي وشاذ ولأول مرّة تكون هناك علاقة غربية بين جهاز الأمن والصحف بتدخّلٍ مباشر في عملية النشر والتحرير والإعلان وتعيين رؤساء التحرير والأقسام»، لافتاً إلى أنّ «جهاز الأمن موجود وسط الصحافيين وهناك صحافيون كثيرون يعملون لصالحه بشكل لم يحدث من قبل في تاريخ السودان»، مبيّناً أنّ «أجواء الصحافة أصبحت مسمومة والأوضاع شاذّة وغريبة وأنّ كل من يحترم نفسه ابتعد إلّا من اضطرته لقمة العيش».
ويلفت آدم إلى وجود صحف أخرى تلعب دوراً أمنياً عبر استدراج بعض الصحافيين المؤثّرين وإغرائهم بالمال ومن بعد تحدث لهم عملية تذويب تدريجي، مؤكّداً أنّ «بعض الناشرين يطلبون من الصحافيين أخذ مرتباتهم من خلال استغلال العمود الذي يكتبه والبطاقة صحافي وذلك بخوض معركة مع وزير واستعداء وزير على آخر والعمل لصالح والٍ من الولاة، ما أدى إلى بدء استقطابات وسط الصحافيين بأن صار بعضهم لسان ناطق للأجهزة الأمنية.
ويكشف آدم عن أنّ «بعض رؤساء التحرير وكتاب الأعمدة يمارسون الابتزاز كأن يكتبوا عن والٍ معين أو مدير مؤسسة ما يضطره إلى تسوية الأمر ب «شيك» أو يعطي الصحيفة إعلانات وموضوع الإعلانات كبير للغاية وعلاقة الإعلانات بشركات الاتصالات وأي جهة معلنة لا يستطيع أحد أن يتناولها بالنقد باعتبار أنّ العقلية التي تحكم الصحف عقلية تجارية»، مشيراً إلى أنّ «هناك صحف أخرى ارتمت في أحضان العمالة لمنظمات دولية وسفارات باسم حقوق الإنسان».
ويشير آدم عن أنّ «الحكومة ليست شيئاً واحداً وأنّ هناك صحفا تابعة لمسؤولين حكوميين كبار وأخرى تتبع للقصر الرئاسي نفسه»، مضيفاً أنّ «رؤساء تحرير الصحف وضعهم الطبيعي أن يكونوا رؤساء أقسام».
ولم يجد عمّار آدم تدليلاً أفضل على انعدام تأثير الكم الهائل من الصحف الصادرة في السودان من بيت الشاعر دعبل الخزاعي:
إني لأفتحُ عيني حين أفتحُها
على كثيرٍ ولكن لا أرى أحدا
متاعب لا أكثر !!
ويقلّل الأمين العام للمجلس السوداني للصحافة والمطبوعات العبيد مروّح من حدّة الآراء المشيرة للأزمة الخانقة التي تعيشها السلطة الرابعة، واصفاً الأوجاع بأنّها لا تعدو مجرد «متاعب» تعانيها قطاعات أخرى في المجتمع ما يجعل ليس من الدقّة محاولة الوصول إلى حكم أو نتيجة عبر النظر إلى الصحافة أو قطاع الإعلام عموماً بمعزل عن القطاعات الأخرى سواء السياسي أو الخدمة المدنية أو العسكرية،
ويقفز مروّح إلى الضلع الثاني من المعادلة مشيراً إلى أنّ «الصحافة كصناعة تعيش متاعب على غرار أغلب الصحف في بلدان كثيرة من العالم»، لافتاً إلى أنّ «كل الدول الفقيرة أو النامية وحتى تلك التي تطوّرت فيها أدوات التواصل الصحافة الورقية فيها تعيش متاعب وبعضها تتراجع وبعضها صحف مشهورة تلاشت».
وزر اتحاد
ويذهب مروّح إلى القول: «وفقاً للقانون مهمة تدريب الصحافيين هي مهمّة الناشرين وهم لا يفعلون، إذن خيار المجلس يبقى أحد أمرين: أولهما إلغاء الترخيص ...
وعندما يفعل ذلك سيأتيك الصحافيون أنفسهم يشتكون من أنك قطعت أرزاقهم الحل هو أن نضغط طبعاً هي تجربة هذا فعل بشري يتطوّر بالتدريج لكن التوجّه العام الذي يختطه المجلس هو أن يساهم بنفسه في موضوع تدريب الصحافيين وهذا ما يحدث»، لافتاً إلى أنّ «القيد الصحافي انتقل ومنذ العام 2009 منذ المجلس إلى سلطة الاتحاد، وبالتالي من يمارس المهنة دون تأهيل يقع وزره على الاتحاد».
تشخيص آلام
يشخّص الكاتب الصحافي عثمان ميرغني واقع الصحافة في السودان بشكل أكثر وضوح عبر وصفه له ب «السيئ للغاية والمنحدر»، مشيراً إلى أنّه «وعلى الدوام هناك أسباب معلنة وأخرى مسكوت عنها تتمثّل الأولى في غياب الحرّيات وأنّه وعلى الرغم من رفع الرقابة القبلية منذ مدّة ليست بالقصيرة إلّا أنّ هناك تدخّلات بصورة مباشرة أو غير مباشرة من قبل الأجهزة الأمنية»،.....
مضيفاً أنّ «المشكلة الكبرى التي تقعد الصحافة السودانية ليست التدخّل الأمني بقدر ما هي مشكلة داخلية تتمثّل في معاناة الصحافة من حصار داخلي يتسبّب في عدم مواكبتها وقدرتها على لعب الدور الحقيقي وعدم تأهيل البعض بصورة مؤثّرة جدّاً على الأداء المهني للقيادات العليا في الرقابة الأمنية لكن أحياناً تكون الرقابة الداخلية أسوأ أحياناً نفضّل الرقابة الأمنية على الداخلية».
ويشير ميرغني إلى ما أسماها أسباب داخلية يتم تجنّب الخوض فيها كي لا يتم استعداء الصحافيين، كاشفاً عن أنّ «قياديي الصحافة في السودان هم أكثر الناس عدم قبول للرأي الآخر ما يعد أم المشكلات»، مشدّداً على ضرورة تبني الصحافة خط يخدم رسالتها ودورها باعتبار ما تواجهه من مخاطر وتحدّيات غض النظر عن الأرباح والخسائر الأمر الذي يحتّم عليها خوض دورها بصورة مجرّدة من المصالح.
نيران صديقة
ويضيف ميرغني أنّ هناك مفارقة تتمثّل في أنّه وعلى الرغم من أنّ أغلب الصحف مملوكة للحكومة بصورة مباشرة ويتبع صحافيوها ورؤساء تحريرها للحكومة إلّا أنّها أحياناً تكون مدمّرة جدّاً لسمعة الحكومة وسياساتها. ويبرهن ميرغني على السيطرة الأمنية على الصحف وما تنشره بالتظاهرات التي اندلعت في الخرطوم خلال سبتمبر الماضي، لافتاً إلى أنّ اجتماعاً عقد بين قوى الأمن ورؤساء التحرير مفاده توجيهات بعدم ذكر أي معلومات عن التظاهرات ما عدا البيانات الرسمية،.....
مشيراً إلى أنّه «ليس من مصلحة الحكومة كبت الصحافة باعتبار أنّ الحرّيات الصحافية تطيل عمر الحكومة وتعطيها مزيداً من الاستقرار»، مردفاً القول: «لكن تفسير الحكومة هنا هو الخلل إذ كنت تتكلم عن حكومة حزب المؤتمر الوطني الحاكم فالحرّيات تطيل عمرها، لكن تفسير الحكومة في الأشخاص البارزين على رأسها فالحرّيات لا تسمح لهم بالبقاء وتكون ضدهم لأنك في بقائك فترة طويلة في الحكم تتراكم أخطاؤك ومع الاستمرار تفقد مبررات وجودك في السلطة، فالحل الوحيد أمامك هو كبت الحرّيات، هم الآن يتعاملون مع الحكومة كأشخاص من أجل البقاء».
تبيان حقائق
قامت الدنيا ولم تقعد على تناول صحيفة «الصحافة» تظاهرات السودان الأخيرة لاسيّما عنوانها الأشهر: تبّت يد المخرّبين.. ما خلق تساؤلات عند البعض عن سر التبعية العمياء لبعض الصحف وتبنيها وجهة نظر السلطات وتأثير ذلك على مستقبل الكلمة الحرّة.
«البيان» استنطقت مدير تحرير الصحيفة حسن البطري بعد اعتذار رئيس التحرير عبد المحمود الكرنكي:
لماذا كان شكل تناولكم للأحداث مجرّماً للمتظاهرين وصادماً للشارع، أمن أجل نيل الرضى الحكومي؟
رؤية الصحيفة أنّ ثمة حراكاً شعبياً اندلع في الشوارع وهو ليس بريئاً تماماً وراءه أيدٍ خفيّة ويسعى إلى زعزعة الوطن بعيداً عن الخلاف من مع الحكومة ومن ضدها، هذا الموقف فسّر من الكثيرين على أنّه اصطفاف إلى جانب الحكومة ويعبّر عن وجهة نظرها، وآخرون فسروه على أنّه يمثّل موقفاً عدائياً ضد الحراك.
وأقول بشجاعة إن هناك خلافات داخل الصحيفة حول هذه الرؤية ولكن وبعد النقاش وعندما تنتصر وجهة نظر يلتزم بها الكل.
إبّان الأحداث اجتمعت الحكومة برؤساء تحرير الصحف ووجهّت إليهم تعليمات بعدم قول كلمة متظاهرين بل مخرّبين وصحيفتكم التزمت حرفياً بالتوجيهات؟
أنا لا أجزم بأنّ الحكومة وجهت أو لم توجّه. لكن أجزم بأنّ رؤية الصحيفة والتحليل الذي توصّلت إليه أنّ هؤلاء مخرّبين وتمّ التعامل معهم بناء على هذا الأساس.
هناك أصوات داخل الصحيفة كانت رافضة إلى درجة توقّف بعض الصحافيين عن الكتابة اعتراضاً على هذا النهج؟
هذه حقيقة كان هناك تيّار معارض لهذا التوجّه والتناول لكنني لا أسطيع التحدّث في هذا الأمر يمكنك سؤالهم.
في تقديري أنّ كل الصحف السودانية سواء كلها تمر بأزمات اقتصادية وتتعامل مع الأجهزة الرسمية مستصحبة أنّها في حاجة إلى الاستمرار عبر الإعلان.
لكن هناك صحف متوقّفة وصحافيون موقوفون عن الكتابة منذ أكثر من عام وبعضهم تجاوز العامين. كما احتجبت بعض الصحف عن الصدور في الأحداث الأخيرة؟
لا أعرف صحفاً متوقّفة لأكثر من عام سوى صحيفة «التيّار»
لا. هناك «رأي الشعب» و«الميدان».. أليس كذلك؟
«الميدان» و«رأي الشعب» لسان حال حزبين سياسيين معارضين لهما وجهة نظرهما المغايرة.
هناك صحف ليست حزبية يتم التعامل معها بنفس النهج على غرار صحف: «التيّار» و«الجريدة» و«الأيام»؟
أنا لا أعرف ماذا تريد، أنا أقول لك إنّ ثمة مناخ صحافي في السودان لا يحتمل عدد الصحف لخروجها عن خط عام تراه الدولة
إذن، هناك تضييق على الحرّيات أليس كذلك؟
أنت تحاول استدراجي.. أقول لك إنّ مناخ الحرّيات في السودان ليس المطلوب والأمثل
في ظل هذا الواقع كيف تتخيّل مستقبل الصحافة؟
اتخيّله مظلماً جداً لأسباب في غاية التعقيد منها الجانب الاقتصادي.
وماذا عن الجوانب الأخرى لو تحدثنا عنها بإيجاز؟
أنا غير مهيأ لأتحدث عنها.
مثلث سوء
«سيئ».. أول كلمة نطقها الصحافي السوداني المخضرم فيصل محمد صالح واصفاً واقع الصحافة في بلاده، مقسّماً السوء إلى ثلات نواح: أولها، انعدام المؤسّسية بعدم وجود مؤسسات صحافية بل صحف تقوم بشكل عشوائي بما فيها القديمة إمّا بانقطاعات تعترض مسيرتها كل حين وآخر أو انتقال ملكيتها إلى جهة أخرى.
ويلخّص صالح ثاني معيقات عمل الصحافة في مشاكل المهنية وقدرات الصحافيين، مشيراً إلى أنّ «الأوضاع السيئة استنزفت الصحافة بهجرة كوادرها منذ زمن بعيد وحتى الآن ما خلق فراغاً في القدرات المهنية بين رؤساء تحرير وشباب جدد»..
فيما تكمل البيئة المحيطة ثالث المعضلات المزمنة من بيئة سياسية وقانونية صعبة لا تعترف بدور الصحافة وتتصرف بعداء لا تخطئه العين وتتمنى اختفاء الصحافة من الخريطة بممارسات من قبل السلطة السياسية تصب كلها في هذا الاتجاه، مبيّناً أنّ «كل هذه قوانين لا تساعد على أداء صحافي جيّد بما تؤدي من تضييق على الصحافة ورقابة عليها ومحاسبة وخنق بما أنتجت المنظومة السياسية من قوانين منذ قانون 1993 إلى قانون 2009.
ويبيّن صالح أنّ «قانون الصحافة الحالي ليس سيئاً تماماً لكن المشكلة أنّ الصحافة محكومة بقوانين أخرى منها قانون الأمن الوطني والقانون الجنائي وهي قوانين أبعد ما تكون عن المعايير الدولية لحرية التعبير وحرّية الإعلام»، لافتاً إلى أنّ «الأدهى والأمرّ أنّ هناك أيضاً ممارسات خارج القانون وهي التي تتم الآن ممثلة في إغلاق الصحف ومصادرتها وإصدار عقوبة عليها وإيقاف صحافيين عن الكتابة كل هذه الأمور ليس لها سند في أي قانون حتى في القوانين سيئة السمعة».
ضد قانون
ويكشف صالح عن حملة يعد لها ضد نسخة جديدة لقانون الصحافة ينتظر صدورها باعتبارها أسوأ من القانون الحالي، مشيراً إلى أنّ «أبرز بنود القانون الجديد إعفاء جهاز الأمن من المواجهة بتضمنه جزءا كبيرا من ممارسات جهاز الأمن داخل القانون الجديد في مسعى لشرعنتها وتغليظ العقوبات».
في دهاليز اتحاد الصحافيين
تأبطت «البيان» إفاداتها حول واقع الصحافة في السودان وجلست إلى نقيب الصحافيين محيي الدين تيتاوي لتستكمل الحقائق، وسألته:
يرى الكثيرون أنّ الصحافة في السودان تعيش أزمة حقيقية تتمثّل في الرقابة والمصادرة الواسعتين.. إلى أي مدى تتفقون مع هذه الآراء؟
الصحافة حرّة ما لم تأت بعمل يتعارض مع سياسة الدولة التي تسعى لجعل الصحافة تتماشى مع هذه السياسات هذا مبدأ معمول به في كل مكان.
هي حرّة ما لم تتعرّض لقضايا تمس الأمن القومي بموجب قانون الأمن القومي وقانون الأمن القومي أجيز عبر البرلمان والأجهزة الأمنية لا تتدخّل في شؤون الصحافة ما لم تستخدم المادة المذكورة في قانون الأمن.
هل أنتم مع الرقابة القبلية على الصحف؟
لسنا مع الرقابة القبلية ولا مع مصادرة الصحف ولا إيقاف الصحافيين، لكن إذا كان هناك مادة في قانون الأمن تتيح للأمن التدخّل ماذا بوسعنا أن نفعل؟
شجبنا واستنكرنا ممارسات جهاز الأمن الوطني عبر بيانات موجودة .. أي حدث أو تدخّل أصدرنا بشأنه بياناً، لكن وبكل أسف الصحف نفسها لا تنشر بياناتنا.
ماذا بيدكم غير الشجب وإصدار البيانات؟
الاتصال والتحاور اتصلنا بالسلطات الأمنية وبرئيس الجمهورية واجتمعنا به وتحدثنا إليه بخصوص إطلاق سراح الصحافيين في مرات استجيب لنا وفي أخرى لم يستجب، نحن منظمة مجتمع مدني سلاحنا الوحيد هو البيان، يظن الناس هنا أنه إذا أوقف صحافي فإنّ العالم يجب أن ينقلب رأساً على عقب وعلى اتحاد الصحافيين أن ينوح ويهيل على رأسه التراب.
البعض يتهم الاتحاد بالاصطفاف إلى جانب الحكومة باعتباره تابعاً لها كيف تردون؟
سمعنا هذا الكلام كثيراً، نحن نمثّل الصحافيين والحكومة تعرف هذا الشيء، وشبكة الصحافيين التي تروّج هذا الكلام يعرفون هذه الحقيقة.
السودان متقدّم جداً في مسألة الحرّيات الصحافية ولكن أصحاب الأجندة الصهاينة والغربيين نحل في تقييمهم في الرقم 187.
يرى كثيرون أنّ قضيّة الصحافي خالد أحمد غير مسبوقة في تاريخ الصحافة السودانية؟
قضيّة خالد عادية جدّاً ما دامت ذهبت إلى المحاكم، في زمن الديمقراطية التي يتباهى بها البعض زمن الصادق المهدي أنا فتح علي بلاغ تحت المادة 96 أ من القانون الجنائي تصل عقوبته إلى الإعدام على أساس أنني أحاول التحريض ضد الدولة في كاريكاتور لم أرسمه، لم تتحرك النقابة ولم يتحرك الصحافيون إلى أن حقّقوا معي وتأكّدوا من براءتي.
بخصوص قضيّة الصحافي خالد أحمد ماذا فعلتم؟
القضيّة أمام المحاكم الآن، وأقول لك إنّ بعض الصحافيين متخذين موقف من الاتحاد لا يأتون بقضيتهم إليه ولا يعترفون به.
لماذا لا يعترفون به؟
أنت قلت إنك من صحيفة «البيان» وتريد أن تتكلم عن الصحافة السودانية. تحقيقك هذا تحقيق بوليسي ينقل اتهامات من «شبكة الصحافيين» المعارضة لتوجيهها إلينا، أنت مشبّع بها، طريقة أسئلتك طريقة كلها اتهامات ولن أجيبك هذا استجواب.
كم عدد عضوية الاتحاد؟
هذه معلومة سرّية ليست للنشر.
هناك من أخبرك بأنّ عضوية الاتحاد تضم ضباط شرطة وضباط أمن وعلاقات عامة، ومن أعطوك هذه المعلومات عليهم أن يطلعوك على عدد عضوية الاتحاد، أنا لن أجيب لك على هذا السؤال.
هل الاتحاد يضم أعضاء لاعلاقة لهم بالصحافيين؟
أيضاً لن أجيبك على هذا السؤال!!
الصحافيون يقاومون واقعاً مأزوماً
شدّد الصحافي فيصل محمد صالح صالح على أنّ «الصحافة غير مستسلمة لواقعها المأزوم بما تلعبه من دور ملموس، لافتاً إلى وجود مقاومة وسط الصحافيين عبر أجسام سواء شبكة الصحافيين السودانيين أو مجموعات أخرى، مضيفاً أنّ «حركات احتجاجية مختلفة ووقفات تنظّم أحياناً أمام مجلس الصحافة حيناً والبرلمان أحايين وبيانات تصدر وإضراب نظم أكثر من مرّة».
ويمضي إلى القول: «في تظاهرات سبتمبر الماضي 4 صحف توقّفت تماماً «الأيام» و«الجريدة» و«القرار» و«المشهد الآن» بقولها إنّها لا تستطيع أن تعمل في مثل هذه الظروف، بعد رفضها إملاءات قوى الأمن بضرورة وصف المتظاهرين بالمخرّبين، ونظم الصحافيون إضراباً لمدة ثلاثة أيام فقط لأن قانون العمل يفصل الصحافيين حال زاد الإضراب عن هذه المدّة..
وشارك 70 في المئة من الصحافيين بما فيها صحف تحسب على الحكومة مثل صحيفتي «الرأي العام» و«السوداني» وكررناه مرة أخرة لمدّة يومين، أي منبر يتاح لنا لانتقاد قانون الصحافة نستغله فضلاً عن عمل ندوات».
مجلس الصحافة .. أدوارٌ أبرزها التصديق
بشأن دور مجلس الصحافة والمطبوعات يذهب الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات العبيد مرّوح إلى أنّ «أبرزها التصديق للصحف عبر ضوابط ليست صارمة باعتبار أنّ الأصل في حق إصدار الصحف موجود في الدستور في المادة 39 التي تكفل الحقوق الأساسية فيما يتعلق بالأمن وتداول المعلومات»..
مشيراً إلى أنّ «القانون الذي صدر في العام 2009 يحدّد الضوابط وتأتي اللوائح التي يسنّها المجلس لتفصّل أكثر والمجلس يطبّق اللوائح، لذلك عندما يستوفي ناشر ما أو شخص ما إجراءات متعلّقة بشركة صحافية لا سبيل غير التصديق أي لا يعمل المجلس رأيه في أنّ هذا الشخص يمكن أن ينجح مؤسسة صحافية أو خلافه ثمّ بعد ذلك تفاعل المجتمع وإقبال الناس على الصحيفة ولغة السوق هي التي تحكم على هذه الإصدارة في الاستمرار أو لا».
الرئاسة تترك سلطة التقدير بيد الأمن
ويرى مروّح أنّ الحل ليس في الرقابة على الصحافة عبر مذكرات وجهت للرئيس البشير مفادها ضرورة إتاحة مساحة حرّية يركّز على جانبين في العمل الصحافي: الأول التوافق على ميثاق مهني يقدر قضايا الأمن القومي التي تشكّل مداخل لموضوع الرقابة القبلية، وتنمية قدرات العاملين في الحقل حتى يتمكنوا من التعامل باحترافية ومهنية.
وتضمّنت مذكرات مجلس الصحافة والمطبوعات كذلك أنّه ليس من مصلحة العمل الصحافي ولا العمل السياسي وصورة السودان كبلد عرف صناعة الصحافة قبل أكثر من قرن أن يقال إنّ هناك رقابة قبلية أو أن هناك صحفا تتم مصادرتها..
فيما كان رد الرئاسة إقرار المبدأ وسردها أيضاً ما قالت إنّها مساحة تقديرات متعلّقة بقضايا الأمن القومي تقدرها الأجهزة الأمنية، موجّهة قيادة جهاز الأمن والمخابرات للجلوس مع مجلس الصحافة للتوصّل إلى صيغة ترفع من خلالها الرقابة وتوقف عمليات المصادرة، إلّا أنّ الجلسات لم تنعقد بسبب الأوضاع الأمنية في كردفان.
محكمة الصحافة «بدعة سودانية»
مشكلتان تتقاسمان الصحافة في السودان في نظر الكاتب الصحافي المعروف الطاهر ساتي: الأولى، تتمثّل في القيود الاقتصادية بعد أن أصبحت صناعتها الآن مكلّفة ومفروض عليها قيود اقتصادية تكاد تتفوّق في خطورتها على نظيرتها الأمنية..
مشيراً إلى أنّ «الصحف الآن إن لم يكن كلها فمعظمها منهارة يدلّل على ذلك توقّف صحيفة وتشرّد صحافييها كل فترة، وتنشب المشاكل بين الناشر والصحافيين بسبب الجمارك والضرائب والرسوم المفروضة على مدخلات الصناعة، والتي لا تختلف كثيراً عن الرسوم المفروضة على أي إنتاج غذائي».
ويبيّن ساتي أنّ «هذه مشكلة كبرى ومقصودة من قبل الحكومة التي لا تريد صحافة ناجحة، إذ كانت أول من تعرّض للانتهاكات، منذ مجيء نظام عمر البشير وحتى الآن تتعامل الحكومة مع الصحافة من منظور العداء».
ويشير ساتي إلى أنّ «قانون الأمن يعطي الجهاز سلطة الرقابة على الصحف ووقفها»، رغم أنّ «قانون الصحافة الموجود الآن في السودان هو الأفضل نسبياً من كل القوانين السابقة بعدم وجود نص قانوني يفرض رقابة أمنية ويصادر صحيفة ويعطل أخرى»، لافتاً إلى أنّ «الأفضل أن تكون المحاكم هي الفيصل بين الصحافة وأي جهة متضرّرة كما في كل العالم..
وأنّ محكمة الصحافة بدعة سودانية»، مردفاً القول إنّه «في النهاية الأمر إشانة سمعة أو كذب ضار هناك نصوص موجودة في القانون الجنائي الصحافة من المفروض أن تحاكم عبر المحكمة». ويربط ساتي ربطاً وثيقاً ما بين توفّر مناخ ديمقراطي معافى للصحافة والقوى السياسية ونجاح الانتخابات الرئاسية المقبلة.
اتحاد حكومي
اتهم عثمان ميرغني اتحاد الصحافيين بأنّه لا يضطلع بدوره المنوط وأنّه أقرب إلى الإدارة الحكومية، مبيّناً أنّ «تكاثر الصحف ليس ذو تأثير لأنّ عدد القراء هو الأهم ومصداقية الصحافة عند القارئ هذا هو العامل الأهم»، متسائلاً: «ما يعني أن تصدر صحيفة ولا توزّع 1000 نسخة أو أقل؟. القارئ السوداني يمتاز على نظرائه العرب بأنّ لديه القدرة على التفاعل مع ما يكتب في الصحف.
ويشير ميرغني أنّ الصحافة وكما هي مطالبة بالحديث عن الحكومة بشجاعة وعدم خضوعها للابتزاز والتخويف مطالبة بالقدر ذاته بالحديث عن المواطن وعدم مجاملته وبيعه «عواطف كاذبة».
الأمن يوقف الصحف
يشير مراقبون إلى أنّ «هناك عدداً من الصحف موقوفة من قبل جهاز الأمن صحيفة التيّار أوشكت الآن على إكمال عامها الثاني. «رأي الشعب» تجاوز إيقافها ثلاث سنوات. «الجريدة» أوقفت قرابة العام. «ألوان» مصادرات من المطبعة يومياً بعد الطباعة وإيقاف الصحافيين عن الكتابة والرقابة، فضلاً عن ممارسات على نسق الاعتقال والملاحقة والاستدعاءات المستمرّة والتحقيق، جهاز الأمن الوطني فوق القانون ليس هناك قرارات مكتوبة لإيقاف الصحف».
العدد الهائل ليس في مصلحة التطوّر
رداً على سؤال «البيان» حول العدد الهائل من الصحف في مصلحة الصحافة، قال الأمين العام لمجلس الصحافة العبيد مروّح: «نحن كمجلس قلنا هذا الكلام من قبل أنّه ليس من مصلحة تطوّر صناعة الصحافة أن تكون هناك صحف كثيرة، الأفضل أن تكون هناك مؤسسات قادرة وتصدر عددا معقولا، لأنّ إصدار الصحف معني بجملة أشياء منها حجم الإعلان وبنية الأساسية شبكات التوزيع وعدد المطابع والورق الذي يستخدم ومدخلات الطباعة..
فعندما تكون هناك مؤسسات متقزّمة محدودة الإمكانيات لن تسهم في تطوير صناعة الصحافة قلنا هذا الرأي وطلبنا من المؤسسات الصحفية إعادة النظر في هيكلتها واندماج ما يتشابه بعضها مع بعض لكنها لم تفعل ولم نجد ما يدفعنا لإجبارها، نحن طالبنا بأن يعدّل قانون الصحافة والمطبوعات بحيث يمكّن أكثر من التحقّق من قدرات الشركات الصحافية وهو بحاجة للتعديل ليواكب متغيّرات كثيرة نحن قلنا ذلك وكتبناه وبعثنا به إلى البرلمان في مارس لم يناقش الأمر لأنه ليس من الأولويات كما قالوا وربما يناقشه في وقت لاحق».
قادة الحزب الحاكم ليسوا سعيدين بأوضاع الحرّيات
ينظر العبيد مروّح، إلى دور الصحافة في مرحلة الانتخابات المقبلة بمنظور إيجابي باعتبار أنّ السودان من أوائل الدول في محيطه العربي والإقليمي التي مارست صناعة صحافة حرّة وعملية انتخابية حرّة، معرباً عن أمله في إسهامها مع حراك القوى السياسية في تهيئة الأوضاع للانتخابات.
ولا يعتقد مروّح أنّ أداء الصحافة والأداء السياسي اليوم هو الذي يمكن أن يقود إلى الصورة المطلوبة للانتخابات، معرباً عن يقينه أنّ الوضع سيتغيّر سواء المتعلّق بأوضاع الحرّيات العامة أو الخلافات المتجذّرة بين القوى السياسية وفقاً للإعلانات الرسمية للدولة رأس الدولة وبرلمانها وحزبها الحاكم، ليس استدراراً من الحزب الحاكم لعطف الجماهير..
وإنما إدراك حقيقي لأنّه سيفقد قاعدته التي كان قد حصل عليها في الانتخابات السابقة إذا سارت الأوضاع على ما هي عليه الآن، كاشفاً عن أنّ «قادة الحزب الحاكم ليسوا سعيدين بأوضاع الحرّيات ولا الوضع الاقتصادي».
ويقر مروّح بوجود مصاعب تواجه صناعة الصحافة اقتصادية وسياسية وأخرى مهنية، معرباً عن تفاؤله أنّه وبمزيد من التجريب والحرّيات ومحاولة تخفيف الضغوط الاقتصادية ستجتاز الصحافة هذه المصاعب، مردفاً: «فقط المهم أن يدرك العاملون في حقل الصحافة من صحافيين وناشرين أنّ هنالك تحدّيات تفرضها طبيعة التحوّل التكنولوجي الماثل ما لم يتم إدراك هذا ستظل الصحافة تعاني».
البيان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.