تكرر الحديث عن الحوار بين المؤتمر الوطني والقوى السياسية حتى بات الأمر مبعثاً للملل، لجهة أن «لا» حوار تم ولا خطوات سارت في ذات الاتجاه عدا ما جرى قبل سنوات وبشكل جدي بين الوطني وحزب الأمة والذي لبس الثوب الرسمي وأفضى إلى ما سمي بنداء الوطن الذي أبرم في الشقيقة جيبوتي.. بجانب لقاءات متفرقة فرضتها ظروف بعينها لكن أكثر الأحاديث التي وجدت اهتماماً هو نية الوطني التحاور مع الشعبي وحركة «الإصلاح الآن» حديثة التكوين التي يتزعمها د. غازي العتباني.. وكان القيادي البارز في الوطني د. نافع قد جعل الباب موارباً بشأن علاقة حزبه مع الشعبي وسبقها تصريحات لقيادات أخرى مثل د. الحاج آدم وعباس الفادني وآخرين.. الرابط بين تلك التصريحات أنها أمنيات وأشواق حتى جاء رئيس شورى الوطني أبوعلي مجذوب أبو علي ومضى في ذات الاتجاه رغم نفيه في حديثه ل «آخر لحظة» أن يكون قد تحدث عن حوار مع الشعبي والإصلاح الآن. في خضم تلك التصريحات أجرت آخر لحظة هذه المواجهة بين عضو القطاع السياسي بالوطني د. ربيع عبد العاطي والقيادي بالإصلاح الآن د. أسامة علي توفيق بشأن الحوار ... اجرى المواجهة : -عيسى جديد - هبه محمود د. ربيع عبد العاطي كثر الحديث عن اعتزام الوطني إجراء حوار مع الشعبي و«الإصلاح الآن» ما هي رؤيتكم بالضبط للحوار؟ - الدعوة ليست بجديدة وهى رغبة أصيلة بين الإخوان في الحركة الإسلامية وأنا أكون سعيداً جداً لو أتلقى كل الفرقاء الإسلاميين وكل من يريد أن يكون للإسلام قيمة وغاية وهدف بالاجتماع وليس بالفرقة ولا أرى خلافاً أبداً في القواعد والمباديء التي ينطلق منها الجميع وكذلك لا أرى داعٍياً لفقدان الزمن في الخلافات، لهذا سواء شكل المؤتمر الوطني لجاناً للحوار أو لم يشكل يظل الهدف دائماً هو الحوار مهما طال الخلاف، لأننا أبناء الحركة الإسلامية ولابد من النقاش والتفاكر والاتفاق. ولماذا خرج هؤلاء الفرقاء الإسلاميون من الأصل إذا لم توجد مشكلة؟ - أنا لم أنكر وجود مشكلة وخلاف ولكن هنالك بعض النفوس ترى ما كان بالأمس خطأ وما يكون اليوم صحيح وهى مسألة تقديرات فى وقتها وكذلك بعض الذين يقودون الحركة الإسلامية تعتريهم أحياناً لحظات ضعف ولحظات قوة ويتخذون حيناً قرارات قد لا تتفق مع الجميع، لهذا حدث الخروج لكن هناك باباً ما زال مفتوحاً للحوار والرجوع. * حزبكم قلل من الذين خرجوا من الحركة الإسلامية وقال إنه ليس لديهم القوة التي يخشاها، فلماذا إذاً يشكل لجاناً للحوار معهم؟ - في الحقيقة أنا لا أطلق مثل هذه الأقوال على عواهنها ولا أرى في هؤلاء الإخوة الذين خرجوا ضعفاً فهم منا لكن أعتقد أنها التقديرات للبعض فيما يراه في الآخرين وهي تختلف من وقت لآخر لحسابات يعرفها من يقول هذا القول. ü إذن ما هو الجديد في دعوة الحوار للفرقاء الإسلاميين؟ - الجديد هو تجاوز ما سبق والدعوة لأول مرة للحوار بطريقة جادة عبر تشكيل لجان وحتى إذا لم يكشف عنها بعد لكن أعتقد أن التفكير في ذلك يصب في مصلحة الحركة الإسلامية حتى لا تتفرق وهنالك بالطبع دروس مستفادة من التجربة لمعرفة ما هو سالب وما هو إيجابي، وهذا يفتح الباب لرؤى جديدة... مقاطعاً.. هذه الإجابة تقودنا إلى سؤال مهم حول ماهية الصراع، هل هو صراع سلطة ومراكز أم صراع رؤى وأفكار بينكم وإخوانكم؟ - أعتقد الاثنان معاً رغم بروز الناحية التي ترجح صراع السلطة والمراكز لكن أعتقد أن التحدي كبير وأنه وصل لنهايته، وأقصد بالتحدي هنا الصراع الإسلامي الإسلامي وذلك لاختلاط مركباته وعناصره ما بين سلطة ومركز ورؤى وأفكار. هل هنالك أفق وفرصة للتقارب والحل؟ - طبعاً كما قلت الفرص موجودة ولا مستحيل بين الإخوة إذا طابت النفوس وخلصت وصفت القلوب وتوقفت عن البحث عن الانتصار للذات والمصلحة الشخصية والتفتت لمصلحة الحركة الإسلامية ومبادئها، فذلك يعني أن الوفاق ممكن وأن الاتفاق ليس مستحيلاً إذا قدر الجميع التحدي وتعلموا من الدروس. * يقال إن نافذين يمسكون بمفاصل الأمور داخل المؤتمر الوطنى لا يريديون عودة هؤلاء الفرقاء الإسلاميين؟ لا لا.. أختلف معك تماماً في قراءتك، فنحن حركة إسلامية ليس بينها مجموعات تمسك بتلابيب الأمور وتسيرها حسب ما تريد ولا نملك إلا أنفسنا، بالتالي الجميع مطالبون بتغيير ما بأنفسهم حتى يغير الله بنا من حال إلى ما هو أحسن، فالأمر بيننا ما زال شورى وأخذاً وعطاءً ورداً وحوار .. لكن رغم حديثك هذا حدث الاختلاف بين الإسلاميين والسؤال أنتم مختلفون فكيف تدعون الأحزاب الأخرى للحوار والاتفاق معكم؟ - هنالك فرق، نعم نحن مختلفون داخلياً وهذا لا يمنع دعوتنا للحوار للآخر من الأحزاب، فداخلنا نحن متفقون على المباديء واختلافنا في الرؤى والأفكار، ومع الأحزاب الاختلاف متنوع أيضاً منه ما على المباديء ومنه ما هو خاص بالأفكار وطريقة الحكم والإجراءات والشكليات والنظم. إذن أين تقف الآن نقطة الخلاف التي تؤجل كل هذه الحوارات سواء مع الفرقاء الإسلاميين أو المعارضة؟ - تقف حيث دعوات المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية المتكررة للحوار مع الجميع وأن الوطن يسع الجميع وفق الأسس والمباديء التي يجب على الكل الاتفاق حولها. هل تتوقع تصعيداً من قبل المعارضة والفرقاء الإسلاميين وتحويل المشهد السلمي إلى حالة أشبه بما يحدث في مصر أو سوريا، أقصد المواجهة في الميدان؟ - لا أعتقد ولكن أقول يمكرون ويمكر اللّه وإن القضية فيها ابتلاءات إذا كان الناس لم يأخذوا الخلاف بحكمة وعقلانية فكل شيء ممكن أن يحدث، فلا أستبعد أي سيناريو وكما قلت البلاء والإبتلاء لا يتوقف في زمن أو فترة ولكن تظل دعوتنا هي الحوار، مستفيدين من الدروس حولنا بما يحدث من تداعيات أدت إلى حالة عدم استقرار في الدول التي ذكرتها. د. أسامة توفيق كيف تنظرون للدعوة التي وجهها لكم المؤتمر الوطني من أجل الحوار؟ - للحوار من أجل العودة ننصحهم ألا يتعبوا أنفسهم فقد قضي الأمر الذي فيه يستفتون، ونحن ما فاضيين ليهم.. أما حوار على الثوابت الوطنية والإصلاح فإننا نرحب وليس الوطني فحسب، بل مع كل مع كل القوى السياسية من أجل إصلاح الحياة السياسية في السودان. بماذا تطالبون في الحوار الذي تدعون له؟ - نطالب بأن يكون حواراً على العلن وتشارك فيه القوى السياسية الأخرى ويكون حول قضايا الإصلاح والثوابت الوطنية، فالبلاد مقبلة عل تحديات كثيرة ويجب أن يكون الحوار بقدر هذه التحديات. لكن المؤتمر الوطني قلل من قوتكم فهل تعتقد أن يدخل معكم في حوار وفق شروطكم؟ - إذا كان كذلك لماذا «ساكينا»، فإذا كان ليس لدينا قوة يجب أن يخلونا ويتركوا الشعب هو الذي يقرر، فنحن كنا في المؤتمر الوطني 24 سنة ونعلم تماماً أنه لا يعترف إلا بالقوي، فإذا لم نكن أقوياء فإنهم لا يحاوروننا. ما الذي يجعلك تؤكد بأنهم يعترفون بكم كأقوياء؟ - عندما أقمنا لقاءاً جماهيرياً بمدرسة في الحاج يوسف الأسبوع الماضي تم اعتقال مدير المدرسة في اليوم الثاني وعندما بدأنا في التصعيد أفرجوا عنه، فكبتهم لحرياتنا ومتابعتنا دليل على أنهم يعلمون بقوتنا. ذكرت بأنكم ستتحاورون مع الوطني في الثوابت الوطنية هل اختلافكم معهم في هذه الثوابت أم في نظام الحكم؟ - نظام الحكم هو الذي ألقى بتبعاته في الثوابت الوطنية وهي تحقيق العدالة والمساواة وبسط الشورى والحريات والحفاظ على الوطن وأراضيه، فالنظام هو الذي جعل الناس تختلف في الثوابت الوطنية. مقاطعة... كيف استطاع الوطني أن يجعل الناس تختلف في الثوابت الوطنية؟ - من خلال مليشيات عسكرية وهي ممنوعة في قانون الأحزاب، كما أن الوطني يعقد مؤتمراته ونشاطاته داخل مؤسسات الدولة ويصرف من أموال الدولة، فالمؤتمر الوطني والحكومة والحركة الإسلامية كلهم مندمجون مع بعض، بينما تعتمد بقية الأحزاب على الاشتراكات لذلك نطالب بفصل الحزب عن الدولة في الانتخابات القادمة. فيما يتعلق بالمليشيات التي أشرت إليها المؤتمر الوطني نفى أكثر من مرة امتلاكه لمليشيات؟ - جماعة المؤتمر الوطني دائماً يقولون ما لا يفعلون، موسى هلال قائد مليشيات عسكرية لهم ومستشار في الحكومة. طالبتم بفصل حزب المؤتمر الوطني عن الدولة في الانتخابات القادمة هل تنوون خوض الانتخابات المزمع عقدها في العام 2015؟ - سنشارك في أي انتخابات، إن شاء الله انتخابات حي، فنحن نطرح أنفسنا كبديل للمؤتمر الوطني، ونؤكد إذا انفصل الوطني من مؤسسات الدولة وتمويلها فسيبوء بالخسران المبين. هل تتوقعون أن تجدوا قبولاً من الشعب باعتبار أنكم كنتم جزءاً أصيلاً من المؤتمر الوطني طيلة ال24عام؟ - من ينتمون للمؤتمر الوطني لا ييشكلون أكثر من 10% في حركة الإصلاح الآن، وهي تيار شعبي وعضويتنا أصبحت ممتدة ومعظمهم لم ينتموا للمؤتمر الوطني في يوم من الأيام، أما بالنسبة لماضينا فإننا لن نبصق على تاريخنا، ولكن هنالك إخفاقات تحتاج إلى إصلاح، وعدم الالتفات لهذا الإصلاح أدخل البلاد في نفق مظلم، ونحن كنا جاهزين أن يتم هذا الإصلاح من الداخل ورفضوا ذلك فأول حسنة للإصلاح هي تشكيل لجنة لمحاسبتنا، وهذا لأول مرة يحدث أن تشكل لجنة ويجب محاسبة المفسدين أولاً ونحن مستعدون للمحاسبة إذا اتهمونا بالفساد. أين تقفون من المعارضة الأخرى؟ - نحن في اتصالات مستمرة مع كل القوى السياسية الأخرى للوصول للحد الأدنى للثوابت الوطنية، فهنالك من ينادون بإسقاط النظام بالقوة ومن ينادون بإسقاطه بالوسائل السلمية. وبماذا تنادون أنتم؟ - نحن ننادي بإسقاط النظام بالوسائل السلمية لا للعنف وننادي بإطلاق الحريات وممارسة الحرية بما فيها حق التظاهر السلمي، وحالياً نقف على الحفاظ على الوطن والتخلص من الجهوية والعصبية والقبلية التي أدخلها المؤتمر الوطني ونتحاور الآن مع الأحزاب للوصول إلى قواسم مشتركة.