تقرير هيومن رايت ووتش (HRW) أعتقل أفراد من الشرطة وجنود موالين للرئيس سلفا كير , ما بين 200 و 300 من رجال النوير وأجبروهم على الدخول فى غرفة ضيقة في مبنى حكومي فى حي قدلى في مدينة جوبا يوم 16 ديسمبر 2013م ، حيث قتلوهم جميعا ، ومنظمة هيومن رايتس ووتش توثق لهذه الجريمة في تقرير صدر لها مؤخرا . ووفقا لهيومن رايتس ووتش , تعد هذه الجريمة من أسواء الجرائم التى نفذها أفراد من الدينكا فى الجيش الشعبى فى جنوب السودان بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى ضد رجال من النوير ، بما في ذلك المدنيين. الوثائق التي جمعتها جماعات حقوقية مختلفة فى جوبا , بالإضافة إلى شهادات شهود العيان الذين شهادوا العديد من الشاحنات المليئة بالجثث تتحرك في شوارع جوبا متجهة إلى مكان مجهول , كلها تعزز وتؤكد حدوث المذبحة التى تمت ضد رجال النوير فى جوبا. تفاعلا مع هذا التقرير , أمر اللواء بينج دينج كول ، مفتش عام الشرطة في جنوب السودان ، بتكوين لجنة من خمسة أعضاء للتحقيق في عمليات قتل المدنيين في جوبا بما في ذلك حادث حى قدلى . وبالمثل ، أمر جيمس هوث ماي، رئيس أركان الجيش ، بإعتقال كل الجنود المشتبه في قتلهم لهؤلاء الجنود والمدنيين الأبرياء , لمجرد أنهم ينتمون لقبيلة مختلفة , والتحقيق معهم فيما نسب إليهم من جرائم. إستندت منظمة هيومن رايتس ووتش فى تقريرها هذا على أكثر من 200 مقابلة أجرتها مع ضحايا وشهود عيان للحادث. حيث ذكروا أنه فى ليلة 15 ديسمبر واليوم التالي له ، جمع جنود من الحركة الشعبية ورجال شرطة من قبيلة الدينكا ما بين 200 و300 رجل من قبيلة النوير من أنحاء مختلفة من جوبا , وأحضروهم إلى نهاية شارع يفصل بين حيى قودلى واحد وقودلى أثنين , وأحتجزوهم في مبنى تستخدمه الشرطة. تم إحتجاز هذا العدد الكبير من الرجال في غرفة صغيرة , كانت من الإزدحام والسخونة بمكان أدى إلى أن ينهار العديد من هؤلاء المحتجزين فى نهار اليوم الثانى 16 ديسمبر , حتى أن البعض منهم أغمى عليهم وهم وقوفا. الإعدام المنهجي _____________ جاء فى التقرير , " شهد بعض الناجين من هذه المذبحة , أنه في حوالي الساعة 8 مساء يوم 16 ديسمبر ، فتح بعض المسلحين التابعين للقوات الحكومية شبابيك الغرفة من جانب واحد , وبدأوا فى إطلاق النار بكثافة على المحتجزين ، بهدف قتل كل المحتجزين في الغرفة. ونقلت هيومان رايتس ووتش عن أحد الناجين قوله " لقد تم فتح نوافذ الغرفة ثم أطلقوا النار من خلالها. كان الضوء الذى نراه من داخل الغرفة هو فقط الضؤ النابع من البنادق عند إطلاق النار. لقد أطلقوا النار علًي وأصبت في الجانب الداخلى اللفخذ ، وعندما سقط , سقطت العديد من الجثث من فوقى وأخفتنى عن الأنظار. " ويضيف التقرير , "بعد حوالي الساعة من الإنتهاء من إطلاق النار من خلال النوافذ ، دخل مسلحون يحملون مصابيح يدوية , وبدأوا فى إطلاق النار مرة أخرى على كل من حسبوه حيا داخل الغرفة , ثم خرجوا وتركوا الباب مفتوحا بعد مغادرتهم. تمكن أثنان من الناجين من الهروب خلال الليلة نفسها. وبعد ظهر اليوم التالي ، حضر أعضاء من جهاز الأمن الوطني في جنوب السودان وإستطاعوا إنقاذ 11 ناجى آخر , حمتهم الجثث المتراكمة التى سقطت عليهم وباتوا ليلتهم تحتها. العديد من الناجين مصاب بجروح خطيرة جراء إطلاق النار عليهم. وشهد أحد المختبئين بالقرب من موقع المذبحة قائلا: " لقد اعتقدت انني سوف اصاب بالجنون ... لمدة ثلاثة أيام متواصلة كنت أسمع صراخ المحتجزين وأصوات إطلاق النار عليهم يتردد صداها في رأسي"، وأضاف الرجل " لقد كنت أعرف أن أخي كان معتقلا معهم في تلك الغرفة. " تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا مع جيران من إثنيات مختلفة فى المنطقة , ووصفوا كلهم بقلق ورهبة شديدين الكم الهائل للجثث التى رؤها فى موقع المذبحة يوم 17 ديسمبر , ورأوا أيضا كيفية إزالتها بواسطة شاحنات كبيرة يوم 18 ديسمبر. جرائم أُرتكبت من قبل الطرفين ______________________ ووفقا لمجموعات حقوقية , فقد أُرتكبت جرائم ايضا على أيدي قوات المعارضة ، بما في ذلك قتل المدنيين في ولاية جونقلي ، حيث قامت مجموعة من الشباب المسلح المرافقة لقوات أمن نظامية موالية لنائب الرئيس المخلوع مشار في 19 ديسمبر , بمهاجمة قاعدة للامم المتحدة في بلدة أكوبو . وقال شهود عيان ان نحو 30 من الدينكا بما فيهم جنود مجردين من السلاح كانوا قد لجأوا إلى هناك من أجل الحماية. وفي هجوم كاسح على قاعدة الأممالمتحدة ، قُتل اثنين من قوات حفظ السلام وما يقدر ب 20 مدنيا وجنديا مزوع السلاح من قبيلة الدينكا. في حدث آخر ، شهد أثنان من الموظفين الدينكا يعملان في المنشأة المملوكة لكونسورتيوم شركة النيل الكبرى للبترول , ووصفوا لهيومن رايتس ووتش كيف هجم عمال اليومية من النوير على 6 على الأقل من الموظفين الدينكا وقتلوهم مستخدمين الهراوات والسواطير في ليلة 16 ديسمبر. وقال شهود العيان أن رجال الشرطة النوير فى المنشأة كانوا يشهادون أعمال القتل هذه ولكنهم لم يتدخلوا. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من إجراء تحقيق على الأرض في بلدة بور، عاصمة ولاية جونقلي , والتي ما زالت تحت سيطرة الجنرال بيتر قديت الموالي لمشار . ولكنها , ومن خلال مقابلات مع الناس الذين فروا من بور إلى اويريال ، وصفوا لها ضراوة الإشتباكات بين قوات الحكومة والقوات المناهضة للحكومة ، والهجمات العشوائية على المدنيين في المناطق المكتظة بالسكان , وعمليات إطلاق النار التى تستهدف المدنيين ، بالإضافة إلى عمليات السلب والنهب والدمار التى تمت على نطاق واسع في بور. عدد القتلى المدنيين فى بور غير محدد حتى الآن ، ولكن العديد من الشهود الذين عادوا إلى المدينة في أواخر ديسمبر , تحدثوا عن تناثر الجثث فى الشوارع المختلفة. أضطلعت منظمة هيومن رايتس ووتش أيضا على لقطات مصورة , حصلت عليها من مسؤول حكومي محلي , تُظهر 28 جثة في مختلف المواقع، بما في ذلك موقع بالقرب من قاعدة للأمم المتحدة ، وإستطاع العديد من الشهود الذين تمت مقابلتهم في اويريال تحديد بعض أقاربهم أو جيرانهم من تلك الجثث. وقال زعيم قبلى من بور لهيومن رايتس ووتش " عندما همت قوات بيتر قديت , المدعومة بالآلاف من قوات شباب النوير المسلحة ، بإستعادة مدينة بور في 31 ديسمبر 2013 , تم توجيه تحذيرات لسكان بور بإقتراب دخول قوات قديت للمدينة , فتمكن القادرين على الهرب من مغادرة المدينة قبل وقت كافى وفروا إلى الأدغال والمناطق الخلوية المحيطة بالبلدة ، تاركين خلفهم الأقارب من المرضى والمسنين الذين لم يتمكنوا من الهرب. ويضيف الزعيم القبلى " كل الذين لم يتمكنوا من الهرب أُحرقوا داخل منازلهم من قبل المتمردين , من بين هؤلاء , أثنان من كبار السن من الرجال ، وهما أتشينج ماين وكول قرنق ، وامرأة أخرى مشلولة , هى يانديت قرنق.