السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يغادر المستشفى بعد استكمال الفحوصات الروتينية    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من خرج من كوبر بعد مسرحية اعتقاله من انقلاب هو مخططه هل يمكن لنا أن نصدقه ؟
نشر في الراكوبة يوم 22 - 02 - 2014

عودة الترابي لحظيرة النظام أو إعادة النظام لحظيرته هل هو الفصل الأخير من مسرحية الإنقاذ
أول مسرحية في التاريخ يكتبها البطل الشيخ من خلال الدور الذي أداه بدون مؤلف ومخرج
ما دمت يا شيخنا تؤمن بقومية الحل فلماذا خططت لانقلاب لتنفرد بحل قضية الجنوب مما أدي لانفصاله
خروجاً عن المألوف وعن ما تناوله عهدت في المقالات السابقة أتناول في مضت هذه المقالة شخصية قيادية مميزة هي احده من ثلاثة شخصيات كانوا الأميز في العمل السياسي في السودان في نصف القرن الأخير وهم الشهيدين عبدالخالق محجوب والشريف حسين الهندي - يرحمهم الله - والدكتور حسن الترابي أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية والأخير بلا شك الأكثر تأثيراً أصبح في الحركة السياسية. ذلك لان الشهيد عبدالخالق كان قد غادر دنيانا الفانية عام 1971.
كما إن الشريف حسين الهندي - استشهد وهو يقود النضال من الخارج ضد انقلاب مايو عام 1982 ليخلو الجو بعد رحيلهما للدكتور حسن الترابي ليلعب الدور الأساسي في الحركة السياسية بعد أن انفرد بالساحة تماما الاسم.
ففيما كان الشهيد الأول عبدالخالق زعيما للحزب الشيوعي في مواجهة زعامة الدكتور الترابي للحركة الإسلامية وفى موقفين متناقضين يستحيل التعايش بينهما أو أن يستقر الوطن تحت ظلهما قبل آن ترجح كفة الترابي للظروف القاسية التي واجهها الحزب الشيوعي بعد تصفية قيادته إلا والحق يقال لو طال العمر بالشريف حسين الهندي والذي كان يومها يمثل تيار الوسط والأكثر شعبية لكان الشريف وبما له من حنكة وقيادة لأقوى حزب عرفه السودان لكان قد كتب نهاية لكل السودانيين من اليسار واليمين المتطرفين ولكفى السودان شر ما لحق به بسبب التناحر بينهما والتناقض ولكن برحيله انفرد الدكتور الترابي بالساحة السياسية ليصبح اكبر صانع لأحداثها حتى اليوم .
إلا إن أهم ما يميز شيخ الترابي على رفيقيه إن التاريخ ليشهد علي مستوي السودان ليس مستوي بل العالم ممثلاً مبدعاً يلعب دور البطولة في مسرحية لم يكتبها مؤلف ولم يخرجها مخرج قررت مصير بلد وما كانت لتكتشف لولا إن أحداث مضت هذه المسرحية تداعت من خلال أدائه لدورا لبطولة بإتقان يعجز عنه اكبر مؤلفي ومخرجي وممثلي العالم و دون نص كتبه مؤلف أو أخرجه مخرج. ليكون هو المؤلف والبطل وفى سرية تامة حتى من اقرب المقربين إليه.
عفواً قلت لكم إنني استدعيت قدراتي في الكتابة المسرحية لأجمع هذا النص المكتوب غير وغير المعروف إلا في ذهن بطلة بعد آن كشف البطل نفسه عن أخر مشاهد دوره في المسرحية واعترف بان رصد مضت هذه المسرحية التي بلغت نهايتها لم تكن بالمهمة السهلة. ولا اجزم إن كان خيالي قد أصاب أم اخفق في رصد مشاهد مضت هذه المسرحية من خلال مواقف البطل
لكن وقبل أن أغوص في تفاصيل هذه المسرحية - كما أراها - لابد من وقفة مع بعض الأحداث التاريخية التي تكشف عن حنكة بطل مضت هذه المسرحية مما يستدعى أن نقف مع البطل الدكتور الترابي مرشد وزعيم وشيخ الحركة الإسلامية ومنظرها الذي لا يعلى عليه والذي بلغ مضت هذه المرحلة من hammoudi القيادة بعدان عرف كيف يزيح من طريقه قيادات كانت اسبق منه في الحركة الإسلامية الدكتور ولعل جعفر شيخ إدريس يقف علي رأس هؤلاء.
اعلم بالطبع إن هناك من يتساءل كيف عرفت إن المسرحية بلغت نهايتها ليصبح نصها مباحا لمن يجتهد فيه وهو سؤال مشروع.
والحقيقة إن البطل نفسه هو الذي أعلن عن المشهد الأخير من المسرحية التي ظلت منذ لغزا انقلاب الثلاثين من يونيو 89 يوم دخل البطل حبيساً في كوبر ضمن القيادات السياسية للأحزاب التي استهدفها الانقلاب. في أول مشهد من المسرحية.
فالبطل الذي فاجأ قوى الدفاع الوطني المعارضة للانقلاب بالانسحاب في هذا التوقيت من عام 2014 بذكاء منه أو من قوى الإجماع لغفلة الوطني إذ لم يكن انضمامه من البداية لهذه القوى يخرج عن دور البطولة الذي لعبه في تكتم شديد من اقرب الأقربين حتى حتى لا ينفضح أمره.
فلقد أعلن البطل انسحابه وردد إعلامه أكثر من مرة في الأيام الماضية مبررات الانسحاب بأنه يقبل الحوار مع النظام دون أي شروط بينما تصر قوى الإجماع علي الحوار المشروط وبهذا كشفت عن البطل بلوغ الدور الذي يلعبه البطل أخر مشاهد المسرحية ومرجعيتي علي هذا الفهم ما صدر علي لسان الشيخ الترابي شخصيا من أحاديث وتصريحات لتبرير موقفه الجديد حيث قال ما يلي:
1- القضية أصبحت قومية لا يمكن حلحلة الخلافات والأزمات الموجودة ببعض الولايات إلا في الإطار القومي ( أي يعنى إنها لا يمكن حلها في وعاء الإنقاذ وحده وان الإنقاذ بحاجة للآخرين للمشاركة في حلها وان الآخرين عليهم أن يغلبوا هذا على أي قضايا أخرى )
2- ثم قال ثانيا انه يريد معالجة الخلاف مع حزب البشير وان حزبه علي استعداد المؤتمر الوطني للحوار مع دون شروط وان نعالج خلافاتنا بالتي هي أحسن ( إعلان واضح منه بصرف النظر عن شعار إسقاط النظام الذي كان يروج له ممثلوه و يصرن عليه في قوى الدفاع الوطني حتى قبل ساعات من تصريحاته - السيد كمال عمر نموذجاً -)
3– ثالثاً: وفى لقاء له مع سفراء الاتحاد الأوربي تحدث لهم عن تعثر قضايا دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وإنها لن تحل إلا في الإطار القومي ( وهنا يكشف الشيخ إن قضايا هذه المناطق هي التي أملت عليه إعلان نهاية دور البطولة حتى يتصدى لهذه القضية في العلن ومن داخل النظام الذي لم يفارقه إلا بما أملاه عليه دور البطولة الذي لم يعد بحاجة إليه بالرغم من الكثير من المآخذ التي رصدها علي بعض رفقاء دربة في إدارتهم للنظام ) والسؤال الذي يفرض نفسه والذي تؤكد الإجابة عليه انه إعلان من البطل للمشهد الأخير من المسرحية حيث انه بهذا المشهد يعلن عودته رسميا لعباءة الانقلاب التي خلعها، pursuant مقتضيات دوره البطولي يوم افتعل الخلاف مع السلطة التي جاء بها في عام 89: مما اخل بما خطط له واجبره أن يضع نهاية لهذه المسرحية لينقذ ما يمكن إنقاذه سواء من تهديدات الوطن بالتمزق أو ما يواجهه النظام من أزمات استعصى حلها تتهدد البلد بانفلات عام لا يملك أحد أن يتكهن بعواقبه.
من هنا كانت قناعتي إن البطل أختار التوقيت المناسب بهذا الموقف ليعلن نهاية دوره في بطولة المسرحية لأنه لم يعد بحاجة لها لأن الموقف يحتاجه في الملعب منتدى البرامج لخطورته فاختار هذا المبرر لفراق قوى الإجماع حتى يعود لمكانه الطبيعي في حظيرة النظام بل قائدا سياسيا له في مضت هذه المرحلة فكان أن آن أعلن رفضه آن تكون هناك أي شروط تفاوض بينما تصر القوى التي كان حليفا لها يوم كان يؤدى دور البطل ليعلن انسحابه بنهاية الدور ألذي استنفذ أغراضه ولم يعد بحاجة إليه.
ولعل أهم ما تكشف عنه حنكة الشيخ وخبرته وذكائه أنة لم يشرك أي من شركائه في قياده الحركة الإسلامية في مضت هذه المسرحية حتى يضمن أداء الدور وفق ما يخطط له حتى لا ينكشف أمره فيفشل في أداء دوره كما آن انفراده بهذا الدور يمكنه من آن يتعرف علي حقيقة رفاقه ومواقفهم بين متطلع في شخصه لسلطة وبين من هو جاد في تحقيق الأهداف العامة لدعوته وقد تحقق ذلك بالفعل لة بسبب هذا الكتمان الحديدي علي دور البطولة الذي لعبه بحنكة وجدارة والذي يؤدى لفرز الكيمان بين من التزموا بطرح التنظيم وبين من ساقتهم تطلعاتهم الشخصية بعيدا عنه لهذا فهو الآن يمتلك خارطة طريق لا لبس فيها تساعده في لم شتات الحركة التي تمزقت جماعات وأضاد.
ولكن وقبل أن أخوض بالتفصيل حول تفاصيل هذه المسرحية لابد من الوقوف عند بعض المحطات الهامة للشيخ الترابي في مسيرته السياسية.
1- لقد شهد عام 1964 مولد زعامة الشيخ وقيادته للحركة الإسلامية وكان ذلك عندما لمع نجمه قبل ثورة أكتوبر 64 بأيام عندما فتح النيران علي دكتاتورية نوفمبر في ندوة سياسية بميدان جامعة الخرطوم حث فيها الطلاب للثورة عليها والتي انطلقت صدفة بعد أيام من الندوة مما جعل اسمه يلمع باسم الثورة إلا انه ورغم ما تمتع به من صيت بسبب هذه الندوة إلا انه حتى ذلك الوقت لم يشكل قوة مؤثرة في الساحة السياسية.
لحظتها أدرك الشيخ خطورة الحركة النقابية التي يهيمن عليها الحزب الشيوعي وأدرك الدور الذي يمكن آن يلعبه الحزب في الثورات علي الانقلابات فعمل علي التخطيط لاختراق الحركة النقابية بعد أن نجحت الحركة الإسلامية اختراق الحركة الطلابية وأصبح ندا بل أكثر قوه من أليسار في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم لهذا عرف كيف يبنى إستراتيجيته ويخطط للحركة الإسلامية:
أ - أن يكون للحركة الإسلامية دورا مؤثرا في انتفاضة ابريل وان يهيمن على بعض مفاصلها الهامة.
ب - أهم الدروس التحى استوعبها كيف أنة نجح بعد انقلاب 89 أن يصفى الحركة النقابية حتى يضعف قواها كقوة مؤثرة في التغيير ساعده علي ذلك أنة أصبح رقماً مؤثراً في نظام النميري الذي انفرد بسلطة الانقلاب رئيسا للجمهورية حيث أصبح هو واحدا من وزرائه بعد المصالحة ومساعدا لرئيس الجمهورية حيث شهدت مضت هذه الفترة كتابة نهابه نقابة السكة حديد واتحاد العمال والمزارعين كما أمكن له اختراق بعض النقابات المهنية مثل نقابة الأطباء والمحامين وهى ذات الفترة التي شهدت اخطر المفكرين الإسلاميين تصفية المناوئين للحركة الإسلامية التي يتزعمها الشيخ حيث اعدم الشهيد محمود محمد طه.
3- نجح الشيخ في فترة الديمقراطية المرحلة النهائية وقبل أن ( يتمكن) بمصالحته انقلاب مايو نجح في أن يدفع بالأحزاب السياسية التي تضاعفت مخاوفها من الحزب الشيوعي وهيمته علي الحركة النقابية المهنية والاتحادات وتهديدها لسلطتها فنجح في أن تتبنى مضت هذه الأحزاب الدعوة للدستور الإسلامي واستغلال قضية شوقي الشهيرة فأقدموا علي حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان ليكون هذا الحدث سببا في تورط بعض قيادات الحزب الشيوعي في انقلاب مايو 69 والذي ترتب عليه تصفية قيادات الحزب الشيوعي بعد انقلاب 19 يوليو 71 مما اضعف نفوذ الحزب تماما ولم يعد له وجودا مؤثرا في الساحة السياسية مما مكن الشيخ الترابي من أن يحكم قبضته على نظام النميرى بعد مصالحة 1977 والتي مكنته من آن يدفع بتوجهات النميري الإسلامية وإصدار قوانين سبتمبر الإسلامية ولكن أهم من هذا كله إن الشيخ بعد أن أصبح نافذاً في سلطه مايو فلقد أمكن له اختراق القوات المسلحة بعد أن أدرك أهميتها في اللعبة السياسية.
5- ولعل أهم ما نجح فيه بعد أن أصبح قوى مؤثرة في الساحة السياسية:
أ - نجح فئ أن يحكم قبضته السياسية علي انتفاضة ابريل حيث نجح في أن ن يأتي علي رأس الحكومة المؤقتة قائدا عسكرياً من المتعاطفين مع الحركة وان يأتي برئيس لوزارة الانتفاضة واحدا من كوادره السرية التي لم يتكشف موقفها إلا بعد أن بانت حقيقة مواقفه الداعمة لمخططات الشيخ
ب – أن يقلب الطاولة علي الحزب الشيوعي ويهيمن علي الدوائر المخصصة للخريجين في البرلمان بالرغم من آن حزبه لم يكن يتمتع بأي قوى الحزب الشيوعي تضاهى فيها إلا أنه عبر كوادره في السلطة ابتدع توزيعاً جغرافيا لدوائر الخريجين منافياًَ لكل السودانيين القيم الديمقراطية بدلا عن نظام الاقتراع الذي كان متبعا باقتراع كل الخريجين علي قوائم المرشحين ليحقق الفوز الحزب الذي يحوز أغلبية أصوات الخريجين وليس بحساب عددهم في دوائر جغرافية مما مكن حزب الشيخ أن يكتسح دوائر الخريجين بأصوات انتخابية تقل كثيرا عن الأصوات التي حققها الحزب الشيوعي من مجموع أصوات الخريجين الذين شاركوا في الاقتراع بفضل التوزيع الجغرافي الذي فوز نوابا لحزب الشيخ بأصوات لا تصل ربع ما حققه الحزب الشيوعي.
ج _ أمكن للشيخ بما يتمتع به من ذكاء وقدرة علي التخطيط لأول مرة يحقق آن نسبة من الدوائر الجغرافية مكنته من أن آ يصبح حزبه القوى الثالثة في التحالفات بعد حزبي الأمة والاتحادي بل والتي تملك آن تسخر hammoudi الصراع بين الحزبين الكبيرين لصالح الحركة الإسلامية.
أحيراً وهذا هو المهم تمكن من إحكام قبضته الشيخ علي الفترة الانتقالية وبما له من تأثير علي رئاسة حكومة الانتفاضة التي رفضت طلب منه بتخطيط كل الأحزاب ما عدا الحركة الإسلامية لمد الفترة الانتقالية حتى تنتظم الأحزاب وترتب نفسها للانتخابات كما آن حزبه ومآ تمتع به من نفوذ احكم قبضته على اختراق القوت المسلحة خاصة بعد التصالح والتحالف مع النميرى ليصبح الطريق سالكا له للتخطيط لانقلاب يونيو 89 لما تأكد له أن الأحزاب السياسية قررت المضي قدما في القمة لتسوية مع الجنوب لتحقيق الوحدة ودولة المواطنة التى يترتب عليها صرف النظر عن فرض الحكم الإسلامي علي السودان فكان بيان الانقلاب قبل أيام معدودة من جلسة البرلمان التي كان مقررا لها آن تصدر قانونا يلغى قوانين سبتمبر الإسلامية لتحقيق حدة الوطن القومية لكل السودانيين مناطقه دون تفرقة عنصرية أو دينية.
قصدت بهذا السرد أن اكشف عن القائد والمخطط الحقيقي لانقلاب يونيو 89 ولكن كان يوم تنفيذه هو نفسه اليوم الذي بدا فيه الشيخ تمثيل دور البطل في مضت هذه المسرحية التي يشهد السودان اليوم إعلان بطلها أخر مشاهدها:
ففي ذاك اليوم وانطلاق البداية لدور البطولة كان الشيخ والمخطط للانقلاب بكل تلك الحنكة يأخذ طريقه لسجن كوبر ضمن قادة الأحزاب السياسية حتى لا يحسب الانقلاب للحركة الإسلامية فيقضى عليه قبل آن يشتد عوده وحتى لا يكشف الانقلاب عن وجهه قبل أن يؤمن علي السلطة فكان دخول زعيم الحركة الإسلامية سجن الانقلاب ضيفا علي سجن كوبر فجر الانقلاب الذي خطط له استهدف به إبعاد الشبهة علي أنة انقلاب الحركة الإسلامية ضمانا لنجاحه وهكذا بدأ دور الشيخ في بطولة المسرحية والتي سنقف علي ما تبعها من ادوار حتى نهايتها أعلن اليوم:
مؤشرات عديدة يبدو إنها كانت تشكل هاجس فشل الانقلاب تسيطر علي فكر الشيخ لهذا فانه وقبل أن قواته لتنفيذ الانقلاب خطط لثلاثة مواقف مهدت لنجاح الانقلاب بذكاء مفرط وهى:
1- فجأة وبلا مقدمات وفى خطوه تعتبر الأولى في تاريخ والسودان أقدمت قيادة القوات المسلحة علي رفع مذكره للسيد الصادق المهدي رئيس الحكومة الديمقراطية تنذر بتصحيح الأوضاع وتهدد وتطالب الأمر الذي اعتبر يومها اتزارا من القوات ا لمسلحة بأنها ستشاهد تستولي علي السلطة، if لم تصحح الأوضاع الحكومة لهذا فان بيان انقلاب يونيو عندما صدر لم يخالج السودانيين ادني شك في إن قياده القوات المسلحة هي التي استولت علي السلطة مما ساعد علي إخفاء الوجه الإسلامي للانقلاب حتى لا يتعرض لعمل مضاد بل ساعد هذا الاعتقاد علي أن يحظى بتأييد الكثيرين من القيادات العسكرية الذين كانوا ما ليفعلون هذا لو علموا لحظتها أنة انقلاب الحركة الإسلامية بل ربما وجد مقاومة فورية منهم خاصة آن الانقلاب نفسه شاركت فيه عناصر القوات المسلحة مدنيه باسم وكان هذا من أهم عوامل نجاحه ..
2- وفى خطوة لا تقل غرابة عن مذكرة القيادة العليا للقوات المسلحة فلقد سربت جهة ما معلومات عن مجموعة من الضباط وعلى رأسهم - رحمة الله عليه - الزبير محمد صالح وتمثل مضت هذه المعلومات خدعة هامه تشير إلي أنهم يخططون لانقلاب لحساب النظام المصري آذي كان في حاله عداء مع الحكومة الديمقراطية بسبب رفضها تسليم النميري مما عرض مضت هذه المجموعة لتوجيه الاتهام لها وحبسها توطئة لمحاكمتها ولكن كانت المفاجأة إن قائد مضت هذه المجموعة المتهم بلتخطيط الانقلاب لصالح مصر أن أعلن عضوا بل نائبا لرئيس الانقلاب الذي نفذه اكبر أعداء مصر وكان واضحا أن مضت هذه الطريقة قصد بها إيهام مصر علي أنه انقلاب لصالح الرئيس مبارك خوفاً من أن آن تسارع مصر بأي خطوة لإجهاض الانقلاب لو كشف عن هويته خاصة وان لها تجربة سابقة في أحداث الجزيرة أبا ضد مايو لهذا كانت مصر ودول الخليج أول المؤيدين لانقلاب يونيه 89 واكبر المعادين له بعدان تكشفت حقيقته لهذا وبالطبع لو تساءلنا من الذي خطط هذه الواقعة بذكاء لما كان غير الشيخ. نفسه
ثم كانت قد سبقت هاتين الواقعتين دخول مهندس الانقلاب الشيخ الترابي للسجن مع زعماء الأحزاب مما يؤكد آن مضت هذه الخطوات الثلاثة من تصميمه لضمان نجاح الانقلاب وقد حقق ما أراد حيث أن مضت هذه المواقف الثلاثة كانت السبب في أن أوسمة يتاح الوقت الكافي للانقلاب لترتيب أوراقه في السلطة حتى يقوي في مواجهة أي عمل مضاد.
لهذا وما أن اطمئن مصصم الانقلاب وقائده الفعلي علة نجاحه وأمنه حتى خرج من السجن ليأخذ مكانه الموجه والمرشد للسلطة ولينضم لكوكبة النظام الذي خطط له أن يبدو في بدايته بعيدا عن الحركة الإسلامية وقد نجح في ذلك بامتياز.
إذن لا بد أن نصل للسؤال:
ما دفع الدكتور الترابي الذي بطل المسرحية آن يعلن نهايتها ويقرر العودة لمراكز القرار؟
لغط كبير يدور حول ما تردد من حديث بان السودان موعود بمفاجأة كبيرة من العيار الثقيل سيفجرها الدكتور الترابي والمؤتمر الشعبي ولكن يقيني الأكبر إن الترابي نفسه فوجئ بان الدور الزى ظل يلعبه من الخارج كبطل لحماية نظام هو مؤسسه لم يعد بحاجة له ممثلا من الخارج وإنما هو بحاجة إليه مباشرة من الداخل لهذا قرر إعلان نهاية دوره كبطل ممثل وليعود لمسئوليته المباشرة عن النظام وذلك للأسباب التالية:
1- ليس هناك خطر على النظام من الخارج بعدان وقف بنفسه (علي بير قوى الإجماع الوطني وما فيها) وانه ليس بحاجة لأن يواصل دوره كممثل لتعطيلها من الداخل خاصة بعد آن ابتلع النظام الطائفية بشقيها.
2- إن الخطر الأكبر الذي يواجه النظام داخل مؤسساته والأزمات التي تحاصره لهو اشد خطورة من الخارج مما يتطلب منه آن يعود لملمة ما يمكن له إنقاذه
3- تأكد إن حساباته نفسها كانت خاطئة وغير موفقة عندما خطط للانقلاب لوقف أي تصالح مع الجنوب تكون فاتورته خصما علي الحكم الإسلامي حيث آن فصل الجنوب كان من أهم مقومات إستراتيجيته للانقلاب يؤكد ذلك حرص قبل أن تكمل عامها الثاني الإنقاذ علي توقيع اتفاق مع الانفصاليين من قيادة الحركة الشعبية الذين انشقوا عن قرنق فوقع معه اتفاقا عام 90 يفضى لحقهم في تقرير المصير يؤكد ذلك إن من وقعوا عليه هم من اقرب القيادات إليه الدكتور على الحاج. فلماذا إذن خطط للاستيلاء على السلطة بانقلاب لتنفرد الحركة الإسلامية وحدها لحل قضية الجنوب ولم يفكر في يومها قومية الحل ومع ذلك الاتفاق انهار بسبب ما واجهه من معارضة من عدة جهات إلا ما تطلع إليه أن تحقق بالفعل بعد اتفاق تم انفصال الجنوب نيفاشا حيث ولكن المفاجأة له أنه لم يتحسب لردود فعل هذا الانفصال وذلك:
1- خابت توقعات بان الدكتور انفصال الجنوب ستشاهد يكتب تلقائيا نهاية حروب دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق حتى التي ساهم في إشعال نفسه بعضها مما يتهدد السودان بالتمزق واتساع دائرة الانفصال لأكثر مناطق السودان خاصة وان التآمر الأجنبي يستغل الأوضاع الداخلية ليحقق مخططه في تجزئة السودان
2- خابت توقعات الدكتور ولم يتحسب ألي آن انفصال الجنوب سيؤدى لانهيار اقتصادي يصعب تجنبه بعد آن انهارت كل مقومات الاقتصاد بعد الرهان علي النفط خاصة مع ما صاحب الواقع من سوء إدارة للمال العام بلغ مرحلة تنذر بالانفلات بالمواطن الشامل مما أدي لتمزق الحركة الإسلامية من الداخل.
لكل هذا لم يعد أمام الدكتور إلا كتابة أخر مشهد من مسرحيته التي أدارها بإتقان ولكن يبقى السؤال الأكثر أهمية:
هل يملك الدكتور عصي موسى وهل هو عائد لتصحيح ما ارتكبه وخطط له في حق الوطن وان كان كذلك هل هو قادر علي إعادة الجنوب لحظيرة الوطن وللحفاظ علي السودان من التمزق بالتراجع عن الدعوة لفرض الحكم الإسلامي حفظا للوطن من التمزق إن كان جادا في الحديث عن الحل القومي لمشاكل السودان وهو طريق واحد غير.
دعونا ننتظر الإجابة من الدكتور وإلا فالطوفان هو المصير المحتوم للسودان
خارج النص:
عفوا بعد كتابة المقال هذا وإرساله لصحيفة المشهد نهار الجمعة وتم نشره عدد السبت اطلعت مساء الجمعة بالنت علي خبر يفيد بان الدكتور الترابي لدى مخاطبته مؤتمراً للشباب أنه طالب المعارضة بعدم العمل علي إسقاط النظام من اجل الوطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.