مع توالي النتائج الأولية لاستفتاء جنوب السودان التي تظهر تأييد الغالبية العظمى من الجنوبيين للانفصال عن الشمال يستعد أهل الجنوب بالفعل لدولتهم الجديدة. وأقر الجنوبيون نشيدًا وطنيًّا جديدًا بدأ بعضهم يستخدمه نغمة للهواتف المحمولة. ويقول الفونس كورنيليو (32 عامًا) الموظف الذي يعيش في بلدة واو الصغيرة بجنوب السودان، إنه لا يجيب على الفور على مكالماته الهاتفية لأنه يستمتع بسماع النشيد الوطني على هاتفه المحمول. وقال كورنيليو: "أولا وقبل أي شيء، يذكرني بكل معاناة الماضي التي كابدها أجداد أجدادنا. يحفزني في وضعي الراهن أنني مواطن حر أنعم بالحرية الكاملة، وبالعدل، والمساواة، وأشترك بحقوق كاملة مع الشماليين في الجنوب، ومنحني كذلك أملا في مستقبل أبنائي والأجيال القادمة". وكان كورنيليو في الخامسة من عمره عندما اندلعت الجولة الأخيرة للحرب الأهلية بين الشمال والجنوب عام 1983. وبدأت الحرب عام 1955، وحصدت أرواح زهاء مليوني شخص قبل أن تنتهي بتوقيع اتفاقية للسلام عام 2005. ويشبه النشيد الوطني جنوب السودان بمملكة كوش الأفريقية القديمة ومملكة عدن اللتين ورد ذكرهما في العهد القديم. وذكر مارتن بابتيست بابي، صديق كورنيليو الذي يعيش أيضًا في واو، أن الاستماع للنشيد الوطني الجديد يمثل له تجربة خاصة. وقال: "أشعر كما لو كنت في الفردوس.. إنها أغنية خاصة.. تعطيني إحساسًا خاصًّا. لا أستطيع أن أصف ما أشعر به". ويحرص فيليب بيتر نومبوبو، المهندس الذي يعمل في منطقة راجا، على ترديد النشيد الوطني الجديد كلما سنحت له الفرصة واضعًا يده على صدره. وقال نومبوبو: "أنا سعيد جدًّا جدًّا.. فرحان جدًّا جدًّا لأننا استطعنا أن ننشد النشيد الجديد للوطن الجديد وللدولة الجديدة. وأنا لا أستطيع وصف شعوري وسعادتي بأننا لن نكون دولة واحدة، (ودولة تاع الجنوبيين دولة تاعة أفارقة). ونستطيع إن شاء الله أن نتقدم لقدام بإذن الله". ويمكن الاستماع إلى النشيد الوطني المقترح من خلال بعض محطات الإذاعة والتلفزيون في جنوب السودان، لكنه لم يعلن بعد نشيدًا وطنيًّا رسميًّا لجنوب السودان. وقال نومبوبو: "أريد أن أغنيه طول الوقت من الصباح إلى المساء". وأجريت مسابقة قبل ثلاثة أشهر في مركز نايكرون الثقافي في جوبا عاصمة جنوب السودان لاختيار نشيد وطني جديد. ووقع الاختيار على النشيد الجديد بعد عدة أيام من المناقشات. وفي قاعة الموسيقى بالمركز أدت مجموعة طلاب من جامعة جوبا النشيد المقترح لأول مرة أمام آلاف الجنوبيين. وذكر جوزيف أبوك، رئيس اللجنة الفنية لوضع النشيد الوطني لجنوب السودان: إن كلمات النشيد تحكي عن تاريخ جنوب السودان وشعبه وأرضه وموارده وكفاحه في الماضي. وأضاف: "اليوم انتهينا من إعداد النشيد الوطني لجنوب السودان. قطعنا شوطًا طويلا على مدى ثلاثة أشهر من المناقشات لاختيار الكلمات التي ستقدم إليكم في صورة نشيد عصر اليوم". وبكى كثير من الحاضرين في القاعة أثناء عزف النشيد الذي كتب كلماته 49 شاعرًا سودانيًّا وفقًا لقواعد إرشادية وضعتها الحكومة والجيش في جنوب السودان.