التاريخ يروي ان الخليفة عبدالله التعايشي أراد الحرب في موسم الجدب.. جيوش الخليفة مضت شمالا لفتح مصر.. وفي ذات الوقت كانت تحارب في كل الاتجاهات وضد كل القبائل ..حملة عبدالرحمن النجومي كانت تهاجم المخزون الاستراتيجي للمواطنين لتجعله (تشوين ) وزاد حرب للعسكر..العقل الجمعي للسودانيين سار في ذلك الوقت بعبارة ( فاكر الدنيا مهدية).. العبارة كانت ترمز للفوضى والعنف المصاحب للثورة.. ومن ذلك التاريخ فقدت المهدية الشرعية الشعبية..بل ان عدد من رموز المجتمع السوداني أيدوا قوات الاحتلال الثنائي الزاحفة من الشمال للأطباق على الثورة التي لم تطعمهم من جوع ولم تأمنهم من خوف. والتاريخ يعيد نفسه مرة اخرى ..الرئيس جعفر نميري يحمل عصاته ويهز على جموع المسيرات المصنوعة وبعض من شعبه في العام 1983 يبحث عن القوت في جحور النمل.. وفي ذات التاريخ تبدا نذر الحرب الاهلية تتصاعد في جنوب السودان بعد ان نقضت الثورة بعض من المواثيق..الحكومة آنذاك رفضت الاعتراف بكارثية الأوضاع حتى بدا نقص في الارض الأنفس والثمرات..لم يجد السودانيون الفرج الا من الغرب البعيد.. وافتتن الناس بالمنقذ الذي كان وقتها الرئيس الامريكي رونالد ريجان .. وبالغ البعض في التعبير عن ذاك الوفاء وهم يصبغون *لقب الحاج ريجان على الرئيس الامريكي ..بعد عامين *سقطت مايو في هبة شعبية.. وكانت اخر عبارة قالها نميري قبل الخلع الشعبي( مافي زول يقدر يشيلني). قبل ايام اعلنت الاممالمتحدة ان نحو ثلاثة مليون وثلاثمائة الف سوداني يتهددهم خطر المجاعة.. اجهزة للرصد المبكر توقعت ان يرتفع العدد ليصل الى اربعة مليون مواطن اغلبهم في المناطق الموبوءة بالحرب..قبل هذا التقرير المؤلم كانت الحكومة السودانية قد أجبرت الصليب الأحمر على تعليق اعماله في السودان بسبب إجراءات روتينية .. حتى هذه اللحظة لم يرد رد فعل من الحكومة السودانية يخفف من وقع الفاجعة او يعلن السودان منطقة كوارث تستحق العون من العدو و الصديق والقريب والبعيد. المصائب لا تأتي فرادى.. صحف الامس تنقل اخبار كارثية اخرى.. المصارف السعودية تخطر بنك السودان المركزي بإيقاف التعامل مع البنوك السودانية .. الخطوة جاءت استجابة للضغوط الغربية التي تحاول تضيق الخناق على الحكومة السودانية..بنك السودان رد استباقا انه سيبيع الثروة الحيوانية (بالكاش).. رغم كارثية الخبر المعروف منذ وقت طويل لم تتكرم وزارة الخارجية بإصدار بيان يأسف للواقعة ويناشد المملكة التي كانت دائماً مع شعب السودان في الأفراح والأتراح ان تعدل من موقفها. كل المناظر السابقة تؤكد ان بلادنا مواجهة بأيام صعبة..في مثل هذا الظرف لا تجدي الحلول التقليدية التي تستهدف كسب الوقت.. أدى دقيقة تمضي من عمر المباراة تؤزم الموقف وتزيد من تعقيد الأزمة.. في مصر أخت بلادي استقالة حكومة حازم البلاوي بسبب عجزها في مواجهة إضرابات عمالية محدودة..متى تغادر حكومتنا التي عجزت عن التصالح مع الداخل والخارج المسرح السياسي. اغلب الظن ان خدر السلطة يجعل الحكومة تظن ان كل شيء تمام وان على مواطنيها ربط الحجارة على البطون ومن كان يأكل ثلاث وجبات يكتفي باثنتين وصاحب الدخل المحدود يكتفي برغيف جاف ان وجد..الطامة الكبرى قادمة ولكنهم لا يبصرون. الأهرام اليوم [email protected]