مئات الأبواب كانت تفتح بعفوية ويخرج منها أطفال وشباب ينضمون للموكب الجنائزي للشاعر الكبير"محجوب شريف"الذي كان يتدحرج على موج بشري أغلق أشهر الطرق التي تربط ما بين الثورة والشهداء. لم يكن الأطفال يخرجون من منازلهم للفرجة كعادتهم دائماً ولكنهم كانوا ينضمون للمشيعين الذين تقاطروا من كل الأحياء الأم درمانية للسير خلف الجثمان المحمول على أعناق النساء والرجال على حدٍ سواء فى مشهد أعاد للأذهان تشييع الزعيم الوطني الراحل "محمد إبراهيم نقد" الذي رحل قبل عامين تقريباً. النساء يسابقن الرجال!! كان الموكب الجنائزي المهيب الذي قطع المسافة بين الحارة (21) بمدينة الثورة ومقابر أحمد شرفي سيراً على الأقدام حيث ووري جثمان شاعر الشعب "محجوب شريف" الثرى يُقدر بحوالي عشرة ألف شخص، ثلثي هؤلاء من الشباب تتراوح أعمارهم مابين (15-30) عاماً. ورغم طول المسافة التي قطعها الموكب فى حوالي ساعتين ونصف سيراً على الأقدام إلا أن هذا لم يثنِ العنصر النسائي الذي كان طاغياً من المشاركة فى التشيع بجانب الرجال. هتافات داوية وأشعار ثورية: لم تكن النساء اللائي شاركن فى التشجيع طاعنات فى السن بل كانت بينهن عشرات الفتيات لا تتعدي أعمارهن المرحلتين الثانوية والجامعية كن يحملن لافتات كتب على بعضها أبيات من أشعار الراحل مثل: الثورة طريقي وأيامي معدودة وتحيا الحرية وأخري من مرثية الشهيرة (يابا مع السلامة) يابا مع السلامة يا سكة سلامة فى الحزن المطير يا كنخلة قامة ..قامة واستقامة هيبة مع البساطة ..أصدق ما يكون ضلك كم ترامي حصناً لليتامي خبزاً للذين هم لا يملكون بنفس البساطة والهمس الحنون ترحل يا حبيبي من باب الحياة لباب المنون!! وأخري كتبت عليها شعارات الحزب الشيوعي السوداني تنظيم دقيق ودأب عظيم عدد من الشباب الذين رافقوا الجثمان كانت تجربتهم الأولي فى الذهاب إلى المقابر بحسب"أمجد أحمد"الذي يدرس بالصف السابع ولكنه يحفظ الكثير من الأشعار الراحل ويتابع إطلالته عبر الأجهزة الإعلامية رغم إنها شبه معدومة كما وصفها. أمجد الذي رافقته شقيقته فى موكب التشيع خوفاً من أن يضل طريقه بين الجموع يري أن بموت "محجوب شريف"فقد الفقراء والمساكين لسانهم الذين كان ينطق بأوجاعهم وأحزانهم وقال: أن الفقد ليس لأسرته الراحل أو حزبه وإنما لكل الذين تفيض قلوبهم بالإنسانية. بجانب أمجد كان عشرات الأطفال يتدثرون بأحزانهم ويسيرون بجانب الجثمان فى مهابة دفعتهم للمشاركة فى تنظيم حركة سير الموكب خلف الجثمان الذي أسجي بصعوبة بالغة فى الميدان الذي يقع بالقرب من جامعة التقانة للصلاة عليه. طلاب الطرق الصوفية حضوراً لم ينحصر الحضور الشبابي على تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات وإنما كان لطلاب الأحزاب العقائدية وخاصة الحزب الاتحادي الأصل مشاركة فعالة حيث برز عدد من طلاب خلاوي الميرغنية فى مراسم التشيع بزيهم الموحد وتبعوا الجثمان حتى مواراته الثرى.