لم يحالفني الحظ كي اتابع بصورة مكتملة احد برامج الحوار حول الاوضاع السودانية والذي دأبت علي بثه قناة ال BBC العربية من لندن، الاسبوع الماضي والذي كان من بين محاوريه القيادي الشيوعي د.عبدالملك العبيد وحامد ممتاز عن المؤتمر الوطني والذي توقف في اخر الحوار عند اتهام د.عبدالملك بان التزامه الفكري ما يحمله تشكك في تعاليم الدين لن يحمله علي تصديق اطروحات المؤتمر الوطني. رغماً عن موضوع الحوار لم يكن له صلة بالاديان. د.عبدالملك كان محقاً حين قدر ان كل ما يدور من احاديث واجراءات مجتمعة بانها ليست سليمة بل العكس ان الكثير من الشكوك والريبة تحيط بالحوار ومخرجاته ومئات الاسئلة تدور حول مصداقية نظام بدأ حكمه بانكار طبيعته (نحن لسنا يسار ولايمين) والدين يحض علي الصدق، وحين فشل في اخفاء طبيعته، قرر اللجوء لمبدأ الانحناء للعاصفة. واستعداداً لاعادة السيطرة علي الموقف بكل الوسائل من جديد، ولم تلبث فلول التضليل ان تبدأ مهمتها الجديدة في اجهزة الاعلام وعادت عجلة المطابع تدور لتخرج بالتبريرات الضرورية وتعلل الناس بالامال المفتعلة عن ضرورة الوحدة والديمقراطية وايقاف الحرب باستدرار عواطف السودانيين عن الاصالة والشهامة، تهيئة لهم لنسيان الماضي واستقبال حكم جديد يسيطر المؤتمر الوطني علي كل مفاصله وتلغي من خلاله لمن يقبل بفتاة الاستبزار والمعتمديات وخلافه. يحدث كل هذا في اطار انعدام الثقة التي سببها الرئيسي عدم الغاء القوانيين المقيدة للحريات والتي تبيح لجهازالامن والمخابرات مواصلة اعتقال المواطن متي وكيف شاء وفي ظل استمرار الحرب الاقتصاد وتدني احوال المواطن المعيشية وغياب الحريات العامة للاحزاب للتعبير عن خططها لحل الازمة الوطنية. ان القضية العاجلة هي الغاء القوانين المقيدة للحريات بمرسوم جمهوري حتي لا يستخدم مرة اخري في ظل مصالحة هشة مثلما حدث مع الطاغية النميري. ان شعار الساعة قيام حكومة انتقالية يشارك فيها الجميع لتضع السياسات البديلة التي تتأسس علي الديمقراطية وايقاف الحرب الدائرة والازمة السياسية..الخ لذا فما لجأ اليه حامد ممتاز مستخدماً العقيدة مثلما حدث استخدامها في 1965 وانتهت بحل الحزب الشيوعي والسؤال هل يظن حامد ممتاز بالعودة لاستغلال الدين مضافاً اليه خطة المؤتمر الوطني لانتاج الازمة سيكون فيه المخرج لحزبه الذي فاقم الاوضاع في السودان من بعد ثورة اكتوبر 1964 والي يومنا هذا؟ لا اظن ان تكرار ذلك لن يقدم بل يؤخر فليبحثوا عن غيرها. الميدان