في كل عام وبالنص ترد في تقارير المراجع العام والحسابات المالية للحكومة ملاحظات عن إهدار المال العام ونهبه عن طريق التجنيب ووسائل أخرى. بالطبع يطلع مجلس الوزراء على هذه التقارير كل عام، ويحولها للبرلمان كل عام والنتيجة صفر على الشمال كل عام أيضاً فيما يتعلق بتنفيذ توصيات المراجع العام. ويبدو المشهد السياسي في بلادنا، كأنما الفساد ممارسة رسمية أو كأنما هو ممارسة طبيعية غير قابلة للنقاش، وبين هذا وذاك فأن الفساد هو المعوق الرئيسي للتنمية الاقتصادية في بلادنا، والمال العام الذي ينهبه المتنفذون في أعلى هرم السلطة هو مال الشعب الذي كان يجب أن يذهب للتعليم والصحة ويخفف تكاليف المعيشة، وبالأمس حذَّرَ مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش، من خطورة تبديد المال العام على اقتصاد البلاد، وأشار إلى أنه خطر حقيقي، ويجب التصدي له وصوب قوش انتقادات لاذعة للشرطة بخصوص المباني التي شيدتها، وقال إنها كلفت(2)مليارونصف المليار دولار، في حين بلغ عجز الموازنة(1,2) مليار دولار، وأضاف أن: التجنيب والتبديد يمثلان أخطر أنواع الفساد وهكذا قالها الفريق صلاح قوش، وقد كان جزءاً من السلطة ذات يوم وتمر على ناظريه تقارير المراجع العام دون جدوى. فالفساد ليس ظاهرة عابرة، بل هو محرك الرأسمالية الطفيلية وأداتها للتراكم الرأسمالي، مالم يسقط نظام الانقاذ الراعي الرسمي للفساد، فإن الفساد سيظل هو الآخر ماثلاً ينتج الفقر والجوع والمرض. الميدان