جميل أن أن تكون البطولة القارية هي أسمى غايات الأندية، وطبيعي أن تستحوذ على الاهتمام الأكبر من أي ناد ساع للمجد، وزمان كنا نعيب على بعض الأندية العربية أحادية التركيز فإن حققوا نتائج طيبة في البطولة الآسيوية أو الأفريقية أخفقوا محليا والعكس أيضا.. كنا نتهم الأندية العربية والآسيوية تحديدا بغياب الاحترافية لتركيزهم محليا على حساب دوري أبطال آسيا أو آسيويا على حساب الدوري المحلي أو احتفالهم بانتصار قاري يجعلهم يخرجون تمام عن التركيز ويخسرون بفضيحة محليا، ولكن يبدو أن غياب الاحترافية وصل إلى اسبانيا وتحديدا إلى ريال مدريد. نعم ريال مدريد غاب عن الاحترافية تماما وهو يفرط في الدوري الإسباني بحر يديه وبإصرار منقطع النظير، دعنا من المباريات السهلة التي أخفق فيها الميرينغي على مدار الموسم، والتي كانت نتائجها مضمونة وكفيلة بإخراجه فائزا ومتصدرا لليغا بانفراد وربما قبل انتهاء المسابقة بمراحل، ولنتحدث عن الجولات الأخيرة ومنذ الفوز التاريخي لكتيبة أنشيلوتي على بايرن ميونيخ 4-صفر والصعود إلى نهائي دوري أبطال أوروبا بمجموع الذهاب والإياب 5-صفر.. ريال مدريد خسر 7 نقاط في ثلاث جولات. الأمتار الثلاثة 7 نقاط في ثلاث جولات خسرهم ريال مدريد وكأنه سأم من الدوري الإسباني وقرر أن يهديه للجار أتلتيكو الذي بدوره رفض قبول الهدية وربما يحيلها إلى الغريم برشلونة. ريال مدريد خسر أول نقطتين في الأمتار الأخيرة للدوري أمام فالنسيا في الجولة 36 وعلى ملعب سانتياغو بيرنابيو عندما تعادل 2-2 وبدأت سلسلة الإراحات والبدع التدريبية والإصابات ال"سياسية" من كارلو أنشيلوتي، ليخسر نقطتين أخرتين أمام بلد الوليد على ملعبهم عندما تعادل 1-1 في الجولة 37، ويتوقف الرصيد عن 84 نقطة ولكن الأمل لم يتوقف.. الطموح فقط هو من توقف. فبالوصول إلى النقطة 84 ومواجهة سيلتافيغو كان الأمل مازال موجودا لأنه في حالة فوز الملكي على الفريق المضيف كان سيصبح رصيده 87 نقطة وتتبقى له مباراة قد توصله للنقطة 90، وفي ظل تعثر كل من أتلتيكو مدريد وبرشلونة وانتظارا لتعادلهما كان ريال مدريد يمكنه التتويج بالدوري، أي أنه حتى مع النقاط التي نزفها أمام فالنسيا وبلد الوليد كان يمكنه الاحتفال بالتتويج أمام اسبانيول في الجولة الأخيرة. ولكن أبى أنشيلوتي وكأنه يتمنع عن الحصول على الدوري وقرر أن يلعب بتشكيل غريب أمام سيلتا فيغو نعم كان المعلن أن الإصابات هي التي أثرت على التشكيل، ولكن التشكيل غير المتجانس كان أغلبه من الاحتياطيين رغم جلوس بعض من الأساسيين على مقاعد البدلاء، فخسر ريال مدريد أمام صاحب الأرض بهدفين دون رد في واحدة من أسوأ مباريات الملكي في الموسم. كأن ريال مدريد لا يريد الدوري، وكأنه أصبح أحادي التركيز غير مكترث بالليغا لحساب دوري أبطال أوروبا، فما المانع الذي يحول دون السعي للبطولتين لو كانت حجة الإصابات أو راحة اللاعبين فلماذا لم يريحهم من بداية البطولة بدلا من إراحتهم في اللحظات الحاسمة بعد إهلاكهم طوال الموسم؟ وهل يحق لمدرب أو نادٍ أن يقرر فجأة أنه لا يريد الحصول على لقب الدوري، فجأة وفي نهاية الموسم.. هل يحق لأنشيلوتي أن ينسحب من سباق اللقب بمحض إرادته؟ ماذا لو خسر النهائي أمام أتلتيكو هل يخرج من الموسم خالي الوفاض أم أن في الأمر أمور -وهذا مستبعد طبعا- لاقتسام اللقبين بين الجارين؟ حتى لو كان كذلك فها هو برشلونة يأتي من بعيد وربما يسرق الفرح المحلي فما هو موقف أتلتيكو وريال وقتها وهل سينقض وقتها المتفقين العهد؟ ماذا بعد أن خسر ريال مدريد العصفور الذي كان في يده كيف الحال لو خسر العشرة على الشجرة؟!