منذ بداية الخلق كانت الثنائية هي محور الفهم والتبادل.. بحر ويابسة.. ليل ونهار.. شتاء وصيف.. حلو ومُر.. وتبقى ثنائية الرجل والمرأة هي الأروع على الإطلاق حين تكون هناك محبة ومحاولة فهم متبادل. «الأهرام اليوم» وقفت مع البعض وساءلتهم عن رسم الشريك في مخيلتهم، فماذا قالوا؟ يقول «ناصر محمد عثمان»: في أحيان كثيرة يشكو البعض من عدم إيجاد الشريك الذي يناسبهم في تفكيرهم وطبيعة حياتهم، وحقيقة، رغم إلحاح أحاسيس الحب والعاطفة.. إلا أن هاجس الآخر المناسب يبقى مصاحباً في رحلة الحياة، ولا بد من التوافق الفكري والتناغم. وأوضح د. إبراهيم عبد الله، الاختصاصي في علم النفس، أن الطفل الذي يكبر وهو بعيد عن التصاقه بالأم والأب، لا يريد أن يتكرر معه ذلك، ومن يواجهون هذا الحرمان لا يحصلون على إشباع عاطفي من الخارج إذ لم يشعروا بذلك قبلاً من الداخل، والسؤال الذي يجب أن يسأله هؤلاء لأنفسهم ليس «أين هو الشخص الذي يشبعني بحبه»، بل: «ما الذي أتحاشاه في تطوير نفسي»؟ ويجيب: عليك أن تملأ ذاتك، ولا تبحث عمن يشبع لك ذلك.. من جانبه يقول د. الواثق أحمد حميدان الاختصاصي في علم الاجتماع إن دراسات العلاقات الإنسانية تؤكد أن أقوى علاقة بين شخصين هي العلاقة التي يكون فيها الطرفان على درجة عالية من الاعتداد بالنفس ومعرفة الذات. ويضيف: إن الذين دائماً يصرّحون بأنهم في فراغ عاطفي ويبحثون عن شخص يحرّك شيئاً فيهم قد وضعوا حواجز في داخلهم ليمنعوا أي أحد من مساعدتهم، وهذه الفئة رخوة وتتأثر بأي رأي، ونحن بالطبع نؤمن بضرورة أن نسمع رأي الآخرين عنّا، لكن ليس لدرجة امتصاص كل شيء يُقال. أما سلمى محمد الباشا، الباحثة في المجال النفسي، فتقول: بصراحة ستجد الشخص المناسب حين تكون أنت نفسك شخصاً مناسباً بينك وبين ذاتك. وأشارت إلى أن أغلب الذين يعانون من حرمان عاطفي يشعرون ببُعد عن الشخص الذي معهم وتكون شكواهم دائماً «فلان بعيد عني»، وتضيف أن الحب ليس سجناً والرجل والمرأة ليسا توأمين ملتصقين. وألمحت إلى أنه ليس من الضرورة أن يكون هناك حب وإشباع بالتواجد الدائم معاً، وهناك أشياء يجب عليك أن تجدها وحدك.. لافتة إلى أن الكثيرين من الذين يعانون من عدم الإشباع في العلاقة يعود السبب لديهم، وليس إلى شريك الحياة الموجود، بل الأمر ما في اللاشعور يجعل العلاقة غير ناجحة، ونقول: ابحث عن السبب بنفسك، أو بمساعدة معالج نفسي، واستشر جميع المختصين في هذا الصدد، إلا أن هنالك أيضاً واقع آخر.. فالإنسان قد لا يجد الشخص المناسب فعلياً، والمسألة ليست مسألة نفسية بقدر ما هي مسألة عدم حُسن تصرُّف. وللذين يعانون من معضلة عدم الإشباع العاطفي يقول د. الواثق أحمد حميدان: ابحثوا في مكان آخر، ابحثوا عن نموذج آخر، غير الذي تريدون.. واستمروا في البحث. الاهرام اليوم