:: وزارة التربية والتعليم بالسودان (سعيدة جداً)، وتكاد توزع الحلوى والعصائر.. هي لم تكمل نسبة الإجلاس بالمدارس ولا الكتاب ولا المعلم، ولم تفك الإختلاط في مدارس الأساس، ولم تحدث إصلاحاً في المنهج ولا السلم التعليمي.. ومع ذلك، هي سعيدة للغاية .. قد أوجدت فرص عمل لأربعمائة وثلاثون معلماً سودانياً بمدارس سلطنة عمان بنظام ( الإعارة).. وإنها، أي الوزارة، ستطرح هذه الفرص للمعلمين في كل ولايات السودان قريباً، وهي فرص تستوعب مختلف التخصصات..ليس هذا فحسب، بل الوزارة ذاتها تسعى بصدق وإخلاص إلى فتح فرص عمل أخرى لمعلمين آخرين ب (دول أخرى)..هذا نموذج حدث يعكس لسان حال السودان..نعم، فالبلد الطيب أهلها دائما كما إبل الرحيل ( شايلة السقا وعطشانة)، أو كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول..!! :: وما لم تكن سقطت من ذاكرة الناس والحياة، في مثل هذا الشهر قبل عام، أحال القانون أكثر من اربعة ألاف معلم إلى المعاش رغم مطالب نقابة المعلمين برفع سن المعاش إلى ( 65 عاما)، بدلا عن ( 60 عاماً)..وقبل عام أيضا، ما لم تكن ذاكرة السلطات المسؤولة عن التعليم - كما ذاكرة السحلية- تنسى سريعاً، كشفت النقابة العامة للعاملين بالتعليم العام عن هجرة أكثر من أربعمائة معلم بالخرطوم من مهنة التعليم بسبب تردي أوضاعهم المالية، وطالبت النقابة الدولة بالتدخل السريع لمعالجة هذا الخلل..هكذا كان الحدث قبل عام، أي فقدان أكثر من أربعة ألاف و أربعمائة معلم بقانون المعاش ثم بالهروب بجلودهم من وطأة مهنة لم تعد ذات عائد يفي حاجة العيش الكريم ، فكم بلغت أعداد المعاشيين والهاربين بجلودهم في هذا العام الأقرب - وصفاً وحالاً- إلى ( عام الرمادة)..؟؟ :: وزارة التعليم بالسودان لن تبحث عن الإجابة ولن تسعى إلى الحلول، بل - كأنها وزارة تعليم بسلطنة عمان - تحتفى بالفرص التي أوجدتها لأربعمائة معلم بمدارس سلطنة عمان.. ثم وكأنها مسؤولة عن التعليم بكل دول الدنيا والعالمين، تبحث عن فرص عمل أخرى - للمعلمين السودانيين - بدول أخرى .. وليس مهما حال التعليم بالمناقل على سبيل المثال، إذ يقول الأستاذ محمود عوض الكريم مدير الشؤون التعليمية بالمناقل شاكياً : ( العجز في المعلمين بالمناقل بلغ 963 معلماً، ونناشد الجهات المسؤولة بضرورة سد العجز)، هكذا الحال بالمناقل، وما المناقل إلا جزء من الكل الذين يعاني من عجز المعلمين ويناشد الجهات المسؤولة بسد العجز .. وللأسف لا حياة لمن تناشد، فالوزارة المسؤولة عن التعليم بالسودان مشغولة بسد العجز بسلطنة عمان ..!! :: ليس هناك ما يمنع الدولة عن تصدير العقول - معلماً كان أو طبيباً- إلى سلطنة عمان وغيرها..ولبلادنا في هذا النوع من التصدير تاريخ ناصع البياض عندما كانت ساقية الأمور فيها تدور بقواديس التخطيط الجيد والتنفيذ المثالي، أي قبل عهد ثيران مستودع الخزف ..وللأسف، التصدير الراهن - للمعلم والطيب وغيرهما - لا يتم وفق خطة ودراسة ونهج يعمل التوازن ما بين ( التصدير والإنتاج)..ما يحدث محض تفريغ للمدارس والمشافي من الخبرات والكفاءات قبل أن تحل محلها خبرات وكفاءات، ولذلك أصبح الحال عجز في المعلمين ومشافي بلا أطباء وجامعات بلا أساتذة .. وليس في الأمر عجب، ( فالحال من بعضو)، أي لايستقيم الظل والعود أعوج .. وعلى كل حال، كما هي تجتهد في سد العجز بمدارس سلطنة عمان و الدول الأخرى بهذه الأعداد المهولة، نأمل ألا تنسى وزارة التربية والتعليم بأنها مسؤولة عن مدارس ..( السودان أيضاَ)..!! [email protected]