العرب: لم يستبعد وزير الخارجية السوداني علي كرتي إمكانية اندلاع حرب جديدة بالوكالة في المنطقة العربية، وبالتحديد في ليبيا التي تشهد تدهورا أمنيا خطيرا، وذلك في الوقت الذي أشارت فيه تقارير إلى أن الحكومة الليبية تسعى إلى طلب المساعدة الدولية لوضع حد لهذا التدهور الأمني. وقال كرتي في حديث ل"العرب" على هامش مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي الذي استضافته تونس يومي 13 و14 من الشهر الجاري، إن الانفلات الأمني الواسع في ليبيا لا يعجب أيا كان في المنطقة. واعتبر أن ليبيا تمر اليوم ب"حالة مُنفلتة ومُزعجة ومُقلقة"، ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة ودول الجوار التي سارعت إلى عقد اجتماع تونس لبحث كيفية التعامل مع هذا الوضع الخطير. ورفض وزير الخارجية السوداني الاتهامات الموجهة لبلاده بدعم أطراف مُسلحة في ليبيا، وخاصة منها تنظيم "أنصار الشريعة"، ومده بالسلاح، وقال في حديثه ل"العرب"، إن السودان "يعمل على جمع الفرقاء، ولا يدعم هذا الفريق ليحارب الفريق الآخر". وأضاف "نحن في السودان نتمسك بوحدة ليبيا، وندعم وحدة القوى الشعبية الليبية، وأملنا كبير في أن يتوافق جميع الفرقاء في ليبيا على وحدة مصير بلادهم، ووحدة اراضيها". وكانت تقارير إعلامية أشارت في وقت سابق إلى أن السلطات السودانية عملت خلال الأشهر الماضية على تسهيل مرور الأسلحة والذخائر إلى بعض الميليشيات المُسلحة الناشطة في ليبيا التي لها علاقة بتنظيم الإخوان المسلمين. وبحسب تلك التقارير، فإن الدعم السوداني لتلك الميليشيات، وخاصة منها تنظيم "أنصار الشريعة"، يتم انطلاقا من مدينة "الكفرة" الواقعة جنوب ليبيا، وبدعم من قطر التي مازالت أجهزة مخابراتها تنشط في ليبيا، في اتجاه زعزعة الأمن والاستقرار بهدف الإبقاء على الوضع الليبي العام هشا ورخوا حتى يسهل تمرير المخططات المشبوهة للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان. وحذر رئيس الدبلوماسية السودانية في حديثه ل"العرب"، من إمكانية اندلاع حرب بالوكالة في ليبيا، وقال "لقد سئمنا الحرب بالوكالة التي تجري في سوريا، وها هي حرب بالوكالة تجري في العراق، وقد تجري حرب أخرى بالوكالة في ليبيا". ولم يُحدد الجهة التي قد تُفجر هذه الحرب بالوكالة، واكتفى بالقول"لا يمكن أن نكون سببا لتشتعل حرب أخرى بالوكالة في ليبيا"، مؤكدا أن السودان ينسق مع كافة دول الجوار الليبي "ولدينا مواقف متقاربة جدا بخصوص هذا الملف". ويأتي هذا التحذير، فيما أشارت تقارير أمس الثلاثاء إلى أن الحكومة الليبية تبحث "طلب المساعدة الدولية لوضع حد للعنف على ضوء تجدد القتال بين الميليشيات المُسلحة وسط العاصمة طرابلس، وفي مُحيط المطار. وتسعى ميليشيات مُسلحة قريبة من جماعة الإخوان إلى مُحاولة السيطرة على العاصمة الليبية، وخاصة مطار طرابلس الدولي الذي يُسيطر عليه لواء "القعقاع" الذي لا يُخفي رفضه للميليشيات المُسلحة الظلامية والتكفيرية المرتبطة بالمخابرات القطرية. وذكرت تقارير إعلامية أن الحكومة الليبية "تفكر في مناشدة القوات الدولية للمساعدة في إنهاء العنف المتصاعد في البلاد"، علما وأن هذه الحكومة تخضع لنفوذ جماعة الإخوان والميليشيات الدائرة في فلكها. يشار إلى أن "العرب" كانت كشفت في تقرير سابق عن تحضيرات أميركية في البحر الأبيض المتوسط استعدادا للتدخل في ليبيا. ولا يخفى الاهتمام الأميركي بما جري في ليبيا، فقد حذر وزير الخارجية جون كيري أمس من أن تصعيد العنف الذي تقوم به ميليشيات ليبية مثير للقلق، مشددا على أن "هذا خطر ويجب ان يتوقف"، ما قد يوحي باستعداد أميركي للتحرك لوقف هيمنة الميليشيات على المشهد الليبي. ورأى مراقبون أن هذه الخطوة، أي طلب التدخل الدولي في ليبيا، إن تجسدت على أرض الواقع من شأنها إدخال ليبيا في نفق مُظلم لن تتمكن من الخروج منه إلا وهي منهكة وفاقدة للسيادة، وثرواتها الطبيعية قد استنزفت. وفي سياق قريب، كشفت مصادر مطّلعة في طرابلس أن أوامر قطرية لإخوان ليبيا كانت وراء الهجوم على مطار طرابلس الدولي، لافتة إلى أن الإخوان متخوفون من انتقال عملية "كرامة ليبيا" التي يقودها اللواء خليفة حفتر إلى طرابلس ما يعني أنهم سيكونون على رأس المستهدفين. وذكرت أن الدوحة طلبت من قيادات إخوانية تحريك قوات "درع ليبيا" للسيطرة على المطار وطرد ثوار الزنتان منه الذين سبق أن عبروا عن دعمهم لمهمة حفتر. وتطرح هذه التطورات تحديات جديدة على دول الجوار الليبي، وهو ما دفع وزير الخارجية السوداني إلى القول في حديثه ل"العرب"، إن كافة دول الجوار تعاني من الانفلات في ليبيا، ومعنية بتداعياته". وأعرب في هذا السياق عن أمل بلاده في أن تكون مصر قادرة على المساعدة في إدارة هذا الملف خاصة، وأنها دولة معنية جدا بتداعياته لأنها تتشارك مع ليبيا في حدود طويلة جدا صحراوية ومنفتحة". وكان وزراء خارجية دول الجوار الليبي قد قرروا في ختام اجتماعهم بتونس تشكيل لجنتين الأولى أمنية وعسكرية برئاسة الجزائر، والثانية سياسية برئاسة مصر، حيث ستتولى الاتصال بالأطراف السياسية ومكونات المجتمع المدني في ليبيا، في مسعى لتنظيم حوار ليبي-ليبي يُمهد لتسوية سياسية لهذا المأزق.