تواصل حميم للأجيال، شهده أستوديو علي شمو بالتلفزيون، الذي ضم أكبر تجمع لمقدمي البرامج، منذ نشأة التلفزيون في العام 1962م حشد من المحاربين القدامى، من مقدمي البرامج، بوجوههم النيرة وتاريخهم الناصع الجميل في تقديم البرامج في مقدمتهم حمدي بدر الدين، حمدي بولاد، بابا فزاري ويسرية محمد الحسن، كانوا محل حفاوة وترحيب من أبنائهم وتلاميذهم الواعدين من مقدمي البرامج، خاصة وأن التلفزيون جدد دماء مذيعيه بكوكبة من الشباب المسلح بالعلم والتقنية والموهبة، بجيل ربما لم يكحل عينيه الجميلتين ببرامج هؤلاء الرواد في التقديم التلفزيوني. رغم أن اللقاء جاء للتشاور والتفاكر حول احتفالية التلفزيون بيوبيله الذهبي الذي يأتي تحت شعار: (نحتفل بالماضي ونخطط للمستقبل), وعرض نماذج من المشاريع التي تصاحب الاحتفالية من افتتاح لبرج التلفزيون وقيام مهرجان الخرطوم للإنتاج الإعلامي, واستضافة اتحاد إذاعات الدول العربية بعد أربعين عاماً من انعقاد أول اجتماع له بالخرطوم، رغم كل هذه المشاريع التي أخذت وقتاً من التداول والبحث, إلا أن الأستدويو الذي ضاق على سعته بالكواكب والنجوم تجلت فيه الحميمية والدفء والتواصل بين هذه الأجيال. مقدمة النشرة الفنية ببرنامج كل الجمال ميسون محمد عبد النبي قالت إنها المرة الأولى التي تلتقي فيها مع رواد تقديم البرامج بالتلفزيون, مؤكدة سعادتها بهذه (اللمة) الجميلة والتواصل الحميم. وتمنت ميسون أن تتكرر مثل هذه اللقاءات حتى تتشبع وترتوي من رحيق تجربتهم الكبيرة في تقديم البرامج، وقالت: (وجودي في نفس المكان الذي يجمعني بهولاء العمالقه جعلني أشعر بحجم التحدي وعظم المسؤولية لإتمام الطريق الذي بدأوه لنا وأصبحوا مناراته، مثل الأستاذة يسرية محمد الحسن والعملاقين حمدي بدر الدين وبابا فزاري الرجل الذي جمل دنيانا الجميلة فترة من الزمان، وقالت ميسون إنها حتى الآن غير مصدقة أنها تلتقي كل هؤلاء العمالقة، تماماً كما قال الشاعر الرقيق صديق مدثر في (ضنين الوعد) التي جمعته بالدكتور الفنان عبد الكريم الكابلي: كأن لولا أنني أبصرت وتبينت ارتعاشاً في يديَّ بعض أحلامي التي أنسجها في خيالي وأناجيها ملياً تجاني خضر مقدم برنامج (بيتنا) تحسر على ضيق وقت اللقاء، متمنياً أن يتجدد التواصل بينهم وهؤلاء الأساتذة الكبار الذين وضعوا أساس التقديم التلفزيوني في البلاد, ليستمعوا لنصائحهم وتقويمهم، ويتعلموا مبادئهم التي أرسوها في مجال التقديم. تجاني أكد أن دخوله للأستوديو لم يكن اعتيادياً في ذلك اليوم بل كان مبهوراً خائفاً مشحوناً بالحب والعرفان لكل مقدمي البرامج الذين بدأوا المسيرة في التلفزيون. إدمون منير بقلبه الكبير قدم درساً جليلاً للواعدين من المذيعين وهو يبين لهم المعاناة التي كانوا يلاقونها في تقديم رسالة إعلامية هادفة وجاذبة, رغم قلة الإمكانات في تلك الحقبة مقارنة بما يشهده التلفزيون الآن من تطور وتقانة. إدمون منير كان يمسك بين يديه مشرطاً صغيراً في اليد عزيزاً على القلب, وهو يقول في فيلم (أصل الحكاية) الذي يوثق لمسيرة التلفزيون: (المشرط دا كان رفيق لي في مشواري الفني أكثر من خمس وعشرين سنة, وهو عزيز عليَّ جداً لأنه ساعدني في تقطيع كل الأشكال والرسومات التي استخدمتها بواسطة الورق في برامج الأطفال بالتلفزيون). المذيع المخضرم الأستاذ محمد طاهر أطل عبر شاشة التلفزيون لأول مرة بعد افتتاحه مباشرة ليقدم أولى نشرات الأخبار من سطح فندق المسرح القومي, ويعمل الآن بالإذاعة القومية ويقرأ نشرات الأخبار بتلفزيون ولاية الخرطوم، قال إن التلفزيون تطور كثيراً خاصة في مجال الأخبار والشؤون السياسية، موضحاً أن المذيع قديماً كان يقرأ النشرة من الورقة التي توضع أمامه، لكنه الآن أصبح يقرأ من جهاز البروميتر، فضلاً عن سهولة إنتاج التقارير بجودة عالية بفضل دخول الحاسوب لعملية المونتاج، يذكر أن محمد طاهر تولى إدارة التلفزيون في العام 1984 خلفاً للمهندس حسن أحمد عبد الرحمن وخلفه الأستاذ حمدي بدر الدين، صاحب البرنامج الشهير (فرسان في الميدان). الرواد والشباب أجمعوا على ضرورة التواصل والالتقاء لتتواصل مسيرة التلفزيون على ذات الخطى ويعبر لخمسينيته الجديدة التي تبقى لها عامان إلا قليلا. أمير الشعراني