منتهى الفوضى ، ذلك الذي يجرى في " عمليات " التقديم لمؤسسات التعليم العالي السودانية .. ومنتهى الاحتقار هو الأسلوب الذي يعامل به " المغتربون" الراغبون في إيجاد مقاعد لبناتهم وأولادهم ، ضمن القسمة الضيزى المسماة " كوتة الشهادة العربية" .. الملخص المهم هو أن السفارة السودانية بالرياض تشهد منذ ثلاثة أيام تجمعات لأولياء أمور طلاب وطالبات الشهادة العربية، وكذلك الطلاب أنفسهم، رغبة في التعرف على طريقة سداد رسوم التقديم .. يوم الاثنين زاد التجمهر، وكثرت الأسئلة التي لا إجابة عنها.. لقد وعدوا بأن " بطاقة السداد ، بقيمة 25 دولار ( أمريكي) ستكون جاهزة للبيع، وعلى هذا الأساس جاء السودانيون من كل المناطق.. وقد حضرت جانباً من المشهد، والأسئلة الحائرة التي تطرح على بعض مسؤولي السفارة، وإجاباتهم " اللاأدرية ".. لا يدرون أي شيء عن موضوع التقديم للجامعات، ويدفعون بأنهم يحاولن التواصل لفك طلاسم الحالة.. والمختصر المهم الثاني في الموضوع هو أن التعليم العالي قد حددت بطاقة السداد بخمسة وعشرين دولاراً، ولكن الحاضرين في السفارة فوجئوا بأن البطاقات التي أعلن عن توفرها في آخر اليوم تباع بمائة وخمسين ريالاً .. أحد الغاضبين أخذ البطاقة ورفض أن يدفع أكثر من المبلغ المحدد.. وكثيرون تسلموا بطاقة المائة وخمسين وبعضهم يردد " ملعون أبوكي بلد".. وكل من يخرج من المكتب ، الذي خصص للبطاقات في الطابق الأرضي من المبنى الرئيس للسفارة، يلعن الحال الذي بات مائلاً في كل شأن يخص الوطن المكلوم.. كثيرون يتساءلون : ما الفرق بين هذا التضليل وبين قصص الفساد التي اشتهر بها السودان؟ وهم يستندون في هذا الاتهام إلى المبلغ الهائل الذي يجنيه القائمون على هذه البطاقة ... الفرق بين 90 ريالاً ، السعر الذي حددته التعليم العالي، وبين 150 ريالاً السعر الذي تباع به البطاقة ، مضروباً في أعداد الطلاب في الدول العربية ... في أي بالوعة يصب هذا المبلغ؟ تساؤل منطقي .. ولكن معشر المغتربين على يقين من أن تساؤلهم لن يجد إجابة .. والمختصر المهم الثالث : لماذا هذا التمييز بين المواطنين ؟ لماذا يسدد طلاب الشهادة السودانية 40 ألف جنيه، و يسدد أبناء المغتربين ما يقرب من 400 ألف جنيه ، والشرط بالدولار ؟ هل هذه الممارسة الشائنة من الدستور في شىء؟ نقول بذلك ونحن نعلم أن لا شيء في هذا الوطن المثخن بالجراح يسير بصورة طبيعية. ما موقف " جهاز السودانيين العاملين بالخارج " من هذا التمييز ، هل وضعت التعليم العالي " أسعارها" بالتنسيق معهم؟ والمختصر المهم الرابع : هو أنه يبدو أن التعليم العالي عندما أعلنت " التقديم الإلكتروني للجامعات " لم تضبط أمورها كما ينبغي .. أو أن المسألة تمت على عجل .. وإلا ما هذه " الدربكة" ، خاصة في موضوع السداد؟ فحتى الجهة التجارية التي تعاقدت الوزارة معها لتحصيل مبالغ الرسوم موقعها الإلكتروني لا يعمل بكفاءة ، وفي الحقيقة يصعب الدخول على الموقع لاتمام العملية ... ولذلك ينبغي للتعليم العالي أن تأخذ في الحسبان هذا العطل ، وتتيح مهلة ل " الشهادة العربية ". ... والحديث يطول ، وهو يستحق استطلاعاً لآراء المغتربين .. هذه الشريحة التي لا يلتفتون إليها إلا في النائبات، وعند تنظيم المؤتمرات لامتصاص الموارد... وعندما يطالب المغتربون باستيفاء أقل الحقوق تضيع أصواتهم في البرية ، فلا " وجيع" .. ولا ترتيب لموقف موحد في ظل الممارسة المنظمة للتشتيت واستقطاب الولاءات، واختراق تنظيمات المجتمع المدني وتقسيم الجمعيات الفاعلة. [email protected]