أجبر الجوع ومياه الأمطار وانتشار الأمراض داخل مخيم الأممالمتحدة بمنطقة بانتيو في دولة جنوب السودان مئات الأسر على مغادرة هذا المخيم الذي كانوا يحتمون به، والسير على أقدامهم يومين كاملين مسافة مائة كيلومتر ليبلغوا مشارف أراضي جمهورية السودان. وقالت أنتابا رواي -التي لجأت مع أبنائها إلى الخرطوم- إنهم عانوا من المجاعة بمنطقة بانتيو منذ أبريل/نيسان الماضي بعد فرارهم من منازلهم جراء القصف الذي تعرضت له المنطقة، ونهب مخزونهم من المواد الغذائية حتى "لم يعد هناك ما يسد به الرمق غير ألبان الأبقار، فاضطرنا للفرار إلى يونميس (بعثة الأممالمتحدة) طلبا للإغاثة". وأضافت -في حديث للجزيرة نت- أن كل الأهالي الذين يقطنون المقاطعات البعيدة يقصدون معسكر يونميس للحصول على المواد الإغاثية، الأمر الذي جعل المخيم مكتظا عن آخره، وأدى إلى سرعة انتشار الأمراض في ظل ظروف صحية بالغة التعقيد "ولذلك اخترنا اللجوء إلى السودان". ومنذ أن استفحلت الأوضاع الإنسانية في جنوب السودان، لم تفتأ منظمات ووكالات الإغاثة الدولية تطلق نداءات الاستغاثة والتحذير من مجاعة وشيكة تهدد حياة أربعة ملايين شخص في البلاد. غير أن حكومة جوبا ترى غير ذلك، وفق حديث الناطق الرسمي باسمها مايكل مكوي الذي قال للجزيرة "نحن نسمع بأن هناك مجاعة تهدد جنوب السودان من قبل الأممالمتحدة ووكالات الإغاثة فقط". أنباء "كاذبة" وبدوره، يؤكد وكيل وزارة الشؤون الإنسانية كلمنت تعبان دومنيك -في تصريحات صحفية- أن الأنباء التي تتناقلها وسائل الإعلام بأن دولة جنوب السودان ستواجه مجاعة "غير صحيحة" لأن هنالك ولايات مثل الاستوائية وبحر الغزال لم تتأثر كثيرا بالقتال، موضحا أن تلك المناطق تستورد المواد الغذائية من أوغندا والسودان. وأوضح دومنيك أن الحكومة قررت أن تمد المناطق التي تعاني كثيرا -مثل مناطق أعالي النيل الثلاث- بالغذاء من جوبا عبر نهر النيل وكذلك نقل المساعدات بالطيران، كما أن الحكومة اتفقت مع السودان على نقل المساعدات الإنسانية من الخرطوم عبر النهر والجو، إضافة إلى فتح معبر واحد. وذهب رئيس اتحاد مزارعي جنوب السودان قرنق دوت -في موافقة ضمنية على ما ورد بحديث دومنيك- إلى أن حديث المنظمات عن قرب حدوث مجاعة بجنوب السودان "غير دقيق ومبالغ فيه". واتهم دوت -في حديث للجزيرة نت- المنظمات المعنية بما أسماه "استقطاب الدعم" مستدلا على ذلك بأنها قدمت تصورا للمشاكل التي تواجهها الزراعة بجنوب السودان، غير أنها لم تأبه بما ذكره اتحاد المزارعين الذي يرأسه. لكنه أقر بوجود "مجاعة في جنوب السودان سببها عدم تمكن المزارعين من الزراعة، ولكنها ليست بذلك الحجم الكبير". يُذكر أن مجلس الأمن الدولي أعرب -في بيان- عن قلقه البالغ من انعدام الأمن الغذائي في جنوب السودان وما يسببه ذلك من أوضاع كارثية تعتبر الأسوأ عالميا، محذرا من أن الأزمة هناك قد تصل قريبا إلى عتبة المجاعة نتيجة استمرار الصراع واستهداف المدنيين وتشريدهم. المصدر : الجزيرة