قرارات لجنة الاستئنافات برئاسة عبد الرحمن صالح في طلب فحص القوز ابو حمد وإستئناف الصفاء الابيض    هلال كريمة يفتتح تجاربه بالفوز على أمل الدويم    رئيس القوز ابوحمد : نرفض الظلم المقنّن ولن نتراجع عن حقنا    دليل الرجل الذكي في نفي تهمة العمالة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (اللغم يتكتك)    سلفاكير يؤكد على أهمية استمرار تدفق النفط من حقل هجليج    شاهد بالفيديو.. ناشط المليشيا الشهير عبد المنعم الربيع يفجرها داوية: (خالد سلك هو من أشعل الحرب بين الجيش والدعم السريع وليهو حق ياسر العطا يسميكم "أم كعوكات")    إنشاء مسالخ ومجازر حديثة لإنتاج وتصنيع اللحوم بين مصر والسودان وزيادة التبادل التجاري بين البلدين    مجلس الوزراء يجيز بالإجماع الموازنة الطارئة للدولة للعام المالي 2026    رحيل ضابط بالجيش السوداني في القاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة سودانية تشعل حفل غنائي بوصلة رقص فاضحة بمؤخرتها وتصرخ: "بنحب الركوب العالي" والجمهور: (النظام العام ما بنفع مع القونات جيبوا ليهم القوات الخاصة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات الوطن العربي من "اليمن وسوريا ولبنان وتونس" يتنافسن على ترديد الأغنية السودانية الترند "بقى ليك بمبي" وساخرون: (شكله متحور جديد زي الليلة بالليل نمشي شارع النيل)    الإمارات تسحب قواتها من اليمن    محافظ بنك السودان المركزي : انتقال الجهاز المصرفي من مرحلة الصمود الي التعافي والاستقرار    شاهد بالصورة.. ظهرت بفستان فاضح.. مودل سودانية تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة للجدل    الخارجية الإماراتية: نرفض الزج باسم الإمارات في التوتر الحاصل بين الأطراف اليمنية    نجم برشلونة يتصدر قائمة الأغلى في العالم 2025    القوات الجوية السعودية تستهدف شحنة أسلحة إماراتية في ميناء المكلا كانت متجهة للانفصاليين    الحكم بالإعدام على مشارك مع قوات التمرد بالأبيض    لماذا تجد صعوبة في ترك السرير عند الاستيقاظ؟    بعد تأهل صقور الجديان للدور الستة عشر في البطولة الافريقية إبياه: تحررنا من كل الضغوط    والي ولاية غرب كردفان ومدير شرطة الولاية يشهدان تخريج دورة حرب المدن لمنسوبي الشرطة بالولاية    عبده فايد يكتب: تطور تاريخي..السعودية تقصف شحنات أسلحة إماراتية علنًا..    إنشاء مطار جديد في الخرطوم    التحالف: نفذنا ضربة جوية استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا    الفنّانُ الحق هو القادر على التعبيرِ عن ذاتِه بما لا يخرج عن حدود خالقه    الخرطوم .. افتتاح مكتب ترخيص الركشات    السودان..مسيرات في الشمالية والسلطات تكشف تفاصيل المداهمة    رئيس الوزراء يهنئ المنتخب الوطني بفوزه على غينيا الاستوائية في بطولة الأمم الإفريقية    رونالدو يرفض الاعتزال قبل الوصول لهذا الرقم    5 أطعمة تخفف أعراض البرد في الشتاء    الحقيقة.. كرة القدم تجرّنا جرّاً    رئيس الاتحاد السوداني ينعي الناظر طه فكي شيخ    الجامعة العربية: اعتراف إسرائيل ب"إقليم أرض الصومال" غير قانوني    الجزيرة .. ضبط 2460 رأس بنقو بقيمة 120 مليون جنيهاً    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان في ظل واقع متغير.. " الإخوان المسلمون " و " المؤتمر الوطني ".. إعلان حالة الطوارئ!!
نشر في الراكوبة يوم 16 - 10 - 2014

شكل تصريح مساعد رئيس الجمهورية البروفيسور "إبراهيم غندور" أمام وسائل الإعلام المحلية والعالمية خلال مؤتمره الصحفي الذي عقده ظهيرة يوم، (الثلاثاء) الماضي، المتعلق بعدم دعوة المؤتمر الوطني لإخوان مصر والواجهة السياسية للجماعة حزب (الحرية والعدالة) لحضور فعاليات المؤتمر العام الرابع للحزب الحاكم، المقرر قيامه في يوم 24 من الشهر الجاري بعد عودة رئيس الجمهورية المشير "البشير" من زيارته للجارة مصر.. شكل هذا التصريح مفاجأة وربما صدمة لبعض المراقبين، إذ يغيب لأول مرة موفد جماعة الإخوان المسلمين المصرية عن المشاركة في أعمال ومداولات تخص المؤتمر الوطني، في وقت وجه فيه الحزب الحاكم الدعوة لأكثر من (40) حزباً سياسياً بدول المنطقة والإقليم، حيث ظل إخوان مصر حضوراً بشكل دائم في غالبية الفعاليات الخاصة بالعمل السياسي والدعوي والاجتماعي بالخرطوم خلال حكم الرئيس الأسبق "محمد حسني مبارك" أو في عهد الرئيس المعزول "محمد مرسي".. ومن بين أبرز تلك المشاركات انعقاد اجتماعات مكتب الإرشاد العالمي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين بالخرطوم، بحضور المرشد العام الدكتور "محمد بديع" وصحبه من قادة التنظيم العالمي في وقت متزامن مع انعقاد أعمال المؤتمر العام الثامن للحركة الإسلامية السودانية في 2012م، وذلك بحضور موفدين للإخوان المسلمين من أكثر من (70) دولة يمثلون مراقبي الإخوان في تلك الدول، تلا ذلك حضور الرئيس المصري "محمد مرسي" إلى الخرطوم قبل عملية الإطاحة به من كرسي الحكم بوقت وجيز.
{ طوق أصولي
كان من المؤمل قبل إقصاء إخوان مصر من سدة الحكم تشكيل طوق إسلامي ومحور يجمع السودان مع إخوان مصر، بجانب إسلاميي ليبيا والنهضة في تونس بقيادة الشيخ "راشد الغنوشي"، بإيجاد حزام أو حلف يضم هذه المجموعات في منظومة واحدة بأدوار تنسيقية مختلفة، وجاءت اجتماعات التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بالخرطوم في العام 2012م كواحد من مظاهر تشكّل اتجاهات جديدة في الخارطة.. ومن المهم الإشارة في هذا الصدد إلي الأدوار الكبيرة والجهود التنسيقية بين السودان ومصر أثناء حكم الإخوان لدعم حركة (حماس) بقطاع غزة، حيث سمحت الحكومة المصرية بفتح معبر رفح البري لحركة مرور القوافل والدعومات السودانية– المصرية ووصولها إلى قطاع غزة، بمشاركة فاعلة للحركة الإسلامية السودانية وجماعة الإخوان المسلمين وجمعية (أنصار) الخيرية والرابطة الشرعية للعلماء والدعاة السودانية ورابطة علماء المسلمين، ثم الزيارات المتبادلة بين قيادات (حماس) إلى الخرطوم وقيادات الإسلاميين السودانيين إلى قطاع غزة بالضفة الغربية بالأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا بالطبع أدى إلى ظهور محور جديد (سوداني– مصري– فلسطيني)، وربما أدى هذا الحلف والائتلاف الجديد إلى ظهور انزعاج غربي أمريكي إسرائيلي الأمر الذي دفع إسرائيل لإرسال إشارات عنيفة وقوية للحكومة السودانية بتوجيه ضرباتها الجوية العسكرية نحو مصنع (اليرموك) للتصنيع الحربي جنوب الخرطوم بعد حادثة اغتيال القيادي بحركة (حماس) "المبحوح" بدولة الإمارات العربية المتحدة، ثم سبق ذلك ضرب سلاح الجو الإسرائيلي لقوافل سودانية كانت تسير بمحاذاة سلسلة جبال البحر الأحمر بالبوابة الشرقية، ثم حادثة تفجير مواطن سوداني ببورتسودان يشتبه في تهريبه السلاح من السودان إلى داخل الأراضي المصرية ومنها إلى قطاع غزة، وتردد أن الرجل كان معتقلاً بمصر لكنه أفلح في الهروب من سجون مصر.. وربما إعلان الحكومة وضع يدها على شبكة تجسس إسرائيلية لها علاقة بهذا الأمر، ربما يزيل ويميط اللثام عن الغموض الذي كان يحيط ويلف بهذا الملف الشائك. وكان يراد لهذا الحلف أن يكون لاعباً دولياً جديداً في الساحة، لكن القوى الدولية قتلته في مهده قبل أن يتحول إلى مارد يصعب التحكم فيه أو السيطرة عليه.
{ شبكات تحتية
أدى هذا الحراك إلى وضع وبناء شبكات تحتية بالقارة الأفريقية تبدأ وتنطلق من السودان الذي تجلس عليه الحركة الإسلامية الحديثة ويمر عبر مصر حينما كان يحكمها الإخوان المسلمين في فترة الرئيس السابق "محمد مرسي"، مروراً بحركة النهضة التونسية وحركة التوحيد والإصلاح المغربية، عبر توليفة ومنظومة تقودها الخرطوم. ولعل هذا كان واضحاً من خلال اصطفاف قوى اليمين في العديد من المواقع والمواقف خلال الأعوام المنصرمة.. وقطعاً لن تكتمل الصورة ما لم تتم الإشارة إلى عامل آخر أدى إلى تسخين المشهد في بعض دول العالم العربي والإسلامي، وهو التمدد الشيعي، وتزايد دور ونفوذ إيران مؤخراً في عدة جبهات منها على سبيل المثال دعمها لنظام الرئيس "بشار الأسد" عبر قوات الحرس الثوري وقوات حزب الله اللبناني الموالية لنظام الحكم في سوريا، ثم دعم إيران للحوثيين باليمن، وازدياد تأثيرهم بعد سقوط نظام "علي عبد الله صالح"، بجانب ما تردد عن وقوف إيران خلف الاضطرابات التي حدثت من قبل في دولة البحرين.. هذا قطعاً في شبه الجزيرة العربية وفي القارة الأفريقية، فإن إيران استطاعت الوصول إلى مصر بعد تسلّم الرئيس "محمد مرسي" مقاليد الحكم، خاصة وأن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين يعد أول هيئة إسلامية أيّدت قيام الثورة الإسلامية بإيران بقيادة الإمام "الخميني" في العام 1979م، تبع ذلك إعلان الحركة الإسلامية السودانية بقيادة الدكتور "الترابي" تأييدها للثورة بإيران وظهور تنسيق واضح فيما بعد، خاصة بعد حركة التغيير العسكري في الخرطوم في العام 1989م بين إسلاميي السودان وإيران.. ولم يقع السودان وحده تحت الحزام الشيعي بل تغلغلت إيران ومن خلال وجودها بالسودان حتى استطاعت الوصول إلى أكثر من (30) دولة أفريقية فيها تمثيل ووجود للشيعة في بعض مناطق تلك الدول تحت سواتر دبلوماسية، وأحياناً عبر غطاء ثقافي، ومرات من خلال وجود تجاري استثماري أو شراكات اجتماعية واقتصادية.
{ مواقف حرجة
كذلك تطورات الأوضاع في بلاد الشام ونمو وتصاعد التيار السلفي الجهادي والحضور القوي للقاعدة وواجهاتها الجهادية هناك، يضاف إليها التمدد الشيعي والدور الإيراني في سوريا والعراق وبعض البلدان الأفريقية الواقعة على سواحل البحر الأحمر، بجانب وجود الحوثيين باليمن والمطامع الإيرانية في بعض دول الخليج العربي.. كل ذلك جعل السعودية تشعر بالقلق، خاصة بعد دخول الحرب في سوريا عامها الرابع دون أن ترجح كفة جهة ضد جهة أو على حساب جهة أخرى، فتعدد الجبهات في العراق والشام سيولد من جديد واقعاً معقداً يتشابه مع الوضع الذي كان سائداً في أفغانستان قبل أكثر من عقدين من الزمان، ويذكر بانقسامات الفصائل المجاهدة وتشظيها واقتتالها ثم توزع بعض المقاتلين على عدد من الدول العربية، من بينها السودان، عقب انتهاء مرحلة الجهاد الأفغاني، فالوضع الحرج في السعودية ووقوعها تحت الحزام الشيعي كمهدد أمني سياسي فكري ثم تمدد ذلك ووصوله حتى داخل بلدان القارة الأفريقية– خاصة السودان ومصر– أدى ذلك إلى انزعاج بعض دول الخليج العربي، مع بروز نغمة جديدة هذه الأيام بوجود بوادر أزمة مكتومة بين بعض البلدان الخليجية مع السودان، وهو أمر بدا واضحاً للعيان ولم يتم تلطيف هذه الأجواء إلا بعد إقدام الحكومة السودانية على إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية وطرد الملحق الثقافي مؤخراً، وتبع ذلك زيارة "البشير" إلى السعودية في خطوة مهمة لاستكمال ملف تطبيع العلاقات بين السودان ودول الخليج العربي على ضوء هذه المستجدات.. غير أن إغلاق ملف إيران دون تحديد الحكومة موقفاً واضحاً من جماعة الإخوان المسلمين لن يكون أمراً كافياً من السودان لنيل رضا بلدان المنطقة العربية، خاصة مصر من جهة الشمال ودول الخليج العربي من جهة الشرق، فالوصفة أو الروشتة الخليجية تجبر السودان على تحديد موقف واضح ورؤية تتكامل أو تتسق مع رؤية دول الخليج العربي لجماعة الإخوان المسلمين بوصفها حركة إرهابية مثلها و(القاعدة) و(الحوثيون) و(داعش)، على خلفية إصدار العاهل السعودي "عبد الله بن عبد العزيز" مرسوماً ملكياً وقراراً صنّف بموجبه جماعة الإخوان المسلمين كحركة إرهابية تم إدراجها ووضعها في القائمة السوداء، وسبقه قرار آخر قضى بسحب الجنسية السعودية من كل مواطن سعودي يهاجر خارج المملكة لكي يلتحق بالجماعات الجهادية المقاتلة بالخارج، وتنفيذ حكم السجن كعقوبة لمن يتم القبض عليه معاوناً أو مشاركاً في مسارح العمليات بالدول التي تدور فيها رحى الحرب.. يأتي هذا المرسوم كخطوة استباقية واحترازية تمنع تأثر المملكة العربية بإفرازات وتداعيات ونتائج ما تتمخض عنه نهاية الحرب في سوريا، باعتبار أن عودة المقاتلين السعوديين من سوريا ستشكل مهدداً أمنياً داخل وخارج المملكة مثلما حدث من قبل خلال فترة الجهاد في بلاد الأفغان والعراق، ولتحصين جبهتها الداخلية من المهددات والتحديات التي يخلفها رجوع وعودة الجهاديين السعوديين لبلدهم. ومن اللافت للأنظار أن القرار السعودي وجد مباركة وترحيباً من مصر والإمارات العربية المتحدة، وهذا يحمل العديد من المؤشرات والدلالات أهمها وجود تنسيق وتعاون بين الدول المهتمة بمكافحة الإرهاب في المحيط الإقليمي والدولي.. ومن جهة ثانية يجعل دولاً أخرى تسير على خطى تلك البلدان الثلاثة لاحقاً وهو أمر وقع بالفعل، حيث أعلنت موريتانيا أيضاً وضع الإخوان المسلمين في قوائم الإرهاب، بجانب وجود ثمّة احتمالات ترجح أن حركة الإخوان المسلمين ستشهد في المرحلة المقبلة هجمة شرسة، الأمر الذي يرجع بالأمور إلى الوراء إلى عهود سابقة كمرحلة "جمال عبد الناصر"، "السادات" ومبارك في مصر بالتضييق مرة أخرى على الإخوان المسلمين ومحاصرتهم، ويتجلى ذلك في صدور حكم من القضاء المصري بإعدام عدد من رموز الإخوان المسلمين مؤخراً.. سبقت هذه الإجراءات قرارات أخرى، من بينها حل جماعة الإخوان المسلمين بمصر وحظر نشاطها وإيداع قياداتها السجون ليكونوا ضيوفاً ونزلاء المعتقلات والزنازين، ليرجع الوضع إلى ذات الحالة التي كان يعايشها إخوان مصر إبان العهود السابقة.
{ اتجاهات جديدة
وتأسيساً على ذلك، يتعين على السودان السير في خطى دول الخليج في التعاطي والتعامل مع الإخوان المسلمين بشكل يختلف عما كان عليه الحال في السابق، وتحديداً فض ونفض المؤتمر الوطني يده من كل ما له علاقة بالإخوان المسلمين على الصعيدين المحلي والإقليمي.. وقطعاً هذا أدى إلى انحسار وتراجع انفعالات الإخوان المسلمين مع حلفائهم في الحزب الحاكم بدرجة كبيرة، وتحول إخوان السودان إلى كيان شبه معارض إن لم يكن في خندق المعارضة بالكلية من الحزب الحاكم بعد أن كانت العلاقة متطورة ومتجذرة بين الطرفين لدرجة كبيرة للغاية بدأت بشراكة وتحالف جمعها بالمؤتمر الوطني منذ العام 2002م في حكومة البرنامج الوطني حينما مثلها الدكتور "عصام البشير" بعد تقلده حقيبة الإرشاد والأوقاف والمراقب العام السابق البروفيسور "الحبر يوسف نور الدائم" كرئيس للجنة التعليم والبحث العلمي بالمجلس الوطني، بجانب مقاعد وزارية أخرى في الولايات حيث تولى الدكتور "أبو بكر الدرديري" وزارة الصحة بالبحر الأحمر، ومولانا "سيف الدين الأرباب" عمل كمستشار بحكومة ولاية القضارف، و"علي تنقو" معتمداً برئاسة ولاية شمال دارفور، بينما نال ثلاثة من قيادات الجماعة عضوية البرلمان هم "الحبر يوسف نور الدائم"، "علي جاويش" و"عصام يوسف بدري"، ولاحقاً جلس الوزير الشاب الدكتور "سامي عبد الدائم يس" على كرسي وزارة الرعاية والتنمية الاجتماعية جنباً إلى جنب مع الوزيرة "سامية أحمد محمد"، غير أن الأمر تغير تماماً قبل وأثناء وبعد المرحلة التي تلت معركة الانتخابات البرلمانية العامة، ودخلت الشراكة إلى غرفة الإنعاش حيث رفضت جماعة الإخوان المسلمين مقترح التنسيق مع المؤتمر الوطني في الدوائر الجغرافية، وفضّل مرشحو الإخوان الدخول للمجلس الوطني عبر الترشيحات بقوائم منفردة بعيداً عن شجرة المؤتمر الوطني احتجاجاً على إبعاد رموزهم من التمثيل في حكومات الولايات، غير أن مرشحي الإخوان المسلمين كافة سقطوا في الانتخابات التشريعية في المركز والولايات، حيث اكتسح الحاج "عطا المنان" انتخابات الدائرة (31) الكلاكلات الجغرافية على منافسه الإخواني الوزير "سامي عبد الدائم يس" الذي رفض أداء القسم أمام رئيس الجمهورية بعد إعلان اسمه ضمن وزراء الحكومة ذات القاعدة العريضة، لتصل العلاقة إلى مرحلة التوتر والقطيعة بعد مجيء الرئيس "السيسي" وذهاب "مرسي" واختيار إخوان السودان مربع المعارضة بعد أن كانوا منخرطين في منظومة الحكم بمستوياته التشريعية والسياسية والتنفيذية بالمركز والولايات.
{ تسريح بإحسان
واليوم يرسل المؤتمر الوطني عبر نائب رئيس الحزب البروفيسور "غندور" إعلاناً ورسائل واضحة لا لبس ولا غموض فيها، وبعبارات وجيزة ومحكمة مفادها (عدم نية المؤتمر الوطني دعوة إخوان مصر للمشاركة في أعمال المؤتمر العام للمؤتمر الوطني الرابع)، ولن تقدم بطبيعة الحال للواجهة السياسية– الحرية والعدالة– للظروف والاعتبارات التي أصبحت معروفة وقادت الأوضاع في اتجاه مغاير جعل الحزب الحاكم يعترف بحكومة "عبد الفتاح السيسي"، ثم استقبلت الخرطوم الرجل قبل عدة أشهر في زيارة مفاجئة، وبعد يومين يتوجه الرئيس "البشير" إلى مصر في زيارة تعدّ ذات أهمية قصوى وبأجندة وتفاصيل وملفات لا تهمّ أمن البلدين فحسب، بل تهمّ غالبية بلدان ودول المنطقة العربية والأفريقية والإسلامية، في وقت يواجه ويتعرض فيه المؤتمر الوطني– طبقاً لحديث المراقب العام للإخوان المسلمين "علي جاويش"– إلى ضغوط كثيفة تمنعه من التعامل مع إخوان مصر والسودان على حد سواء، نظراً إلى وجود حسابات واعتبارات تتعلق بتوصيف دول الخليج العربي لجماعة الإخوان المسلمين كحركة إرهابية، في ظل تحولات ومتغيرات داخلية وخارجية بالغة التعقيد والدقة، وربما تحدث مفاجآت قادمة في المستقبل القريب في كيفية التعامل مع الإخوان المسلمين بالسودان، من حيث توفيق وإعادة تشكيل أوضاعهم بسيناريو تتشابه فصوله مع ما يجري في بعض الدول التي تغيّر فيها شكل ومسمى جماعة الإخوان.. ومن المصادفات أن مسمى الإخوان المسلمين لا يوجد في أي بلد غير السودان، حيث إن كل جماعات الإخوان المسلمين حول العالم غيرت المسمى القديم ولجأت إلى استحداث واجهات أخرى، كما أن اسم (المراقب العام) قد تم إلغاؤه ما عدا السودان، حيث يحتفظ الشيخ "علي جاويش" مسؤول التنظيم السوداني بذات المنصب والموقع على غير عادة بقية قيادات الصف الأول في بلدان ودول أخرى.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.