عندما يطغى الناس على الناس و لا يجدون رادعا ، وعندما تعلو هاماتهم على لا شيء.. وعندما ينتشر فسادهم فيزكم الأنوف فلا يجدون رقيبا او حسيبا .. وعندما تقسو قلوبهم وتصبح أكثر قسوة من الحجارة ... وعندما تموت ضمائرهم ويستوى عندهم الأسود والأبيض فلا يصبح هنالك فارقا بين الصدق والكذب والحق والباطل .. وعندما يفشل الصحفيين في استنطاقهم قول الحق يأتي فعل الله سبحانه وتعالى فيستنطقهم دون إرادتهم وهذا ما حدث بالضبط في مؤتمر الحزب الوطني الحاكم (هايلكس) وفي كلمة السيد عمر حسن أحمد البشير الذي جاهد كثيرا في رمي المعارضة بالكيد وتدبير المؤمرات لحزبه وحكومته وهو يعلم علم اليقين أن إعلان باريس لم يكن وراءه يهوديا .. وأن سعي المعارضة لتغيير النظام نابع من حقها وحق الشعب في التغيير و ليست مدفوعة من أمريكا أو الصين... أن كل من يريدكم أن ترحلوا من أفراد الشعب وهم أكثر من 90% هاجر منهم ثلثهم خارج البلاد لا يدفع لهم الخوارج و لا المعتزلة ليناصبوك العداء ولكنهم يرون بأم أعينهم فسادكم، ظلمكم، جوركم، انانيتكم، دجلكم بالدين، وكثرة زواجكم مثنى و ثلاث ورباع في زمن أصبح فيه الحصول على زوجة من ثامن المستحيلات... لقد فشل البشير في أخفاء تآمرهم على الشعب وعلى الأحزاب عندما قال في دعائة وهو بالطبع لا يقصد أن يفضح نفسه ولا حزبه ولكن استنطقه الله ليفضحه أمام الخلق عندما دعى وقال "اللهم أجعل كيدكم في نحرهم" بدلا عن نص الدعاء المأثور "اللهم أجعل كيدهم في نحرهم" ولأنه لا يوجد من يكيد على الشعب السوداني إلا هم فقد جاءت الفضيحة على الهواء ليؤكد البشير أنهم هم من يكيدون وهم من يدبرون المكائد للأحزاب السودانية المعارضة و للشعب السوداني وليس العكس والدليل اللهم أجعل كيدكم "أي كيد المؤتمر الوطني" في نحرهم "نحر الشعب السوداني وأحزابه المعارضة" ... أن يطلق المؤتمر الوطني أكاذيبه في الهواء الطلق دون حياء أو خجل فهذا شيء تعودنا عليه.. و أن يكذب الرئيس البشير فهذا ليس شيئا مستغربا فقد بدأ مشوار الكذب على شعبه منذ أول يوم لاستلامه السلطة بالغدر والغش وقوة السلاح ومازال الرجل يتحرى الكذب حتى كتب عند الله كذابا.. ولكن أن يصدق الكذاب ما يقوله فهذا بالجد أمر مستغرب.. لقد فعلها البشير بالفعل وهو يخاطب ما يسمى بمؤتمر الحوار عندما أطلق العنان لخياله وهو يسرد تفاصيل ما وراء إعلان باريس أو مؤامرة باريس التي تعمل على تنصيب الامام الصادق المهدي رئيسا قوميا على السودان حيث سيتخذ الفاشر عاصمة له ويبدأ الزحف منها الى العاصمة و بقية أنحاء السودان.. الكذبة هذه لا تحتاج إلى تعليق من الشعب السوداني لكن الخوف أن يصدقها أهل الحكم ومؤتمرهم الوطني فيصاب بالشيزوفرانيا و الرهب السياسي إضافة الى أمراضه وعلله الكثيرة وهنا تبدو المصيبة حيث سيكون نتائج هذا المرض النفسي العضال وخيمة على الكل.. لقد عاب البشير رئيس حزب المؤتمر الوطني على حزب الأمة توقيعه لإعلان باريس بحجة أن مهندسه يهوديا وهى فرية أراد بها المؤتمر الوطني أن يبعد بها الجماهير عن التفافهم حول الإعلان الذي عالج الكثير من القضايا الخاصة بالحوار الوطني و الحكومة القومية والمحاسبة ووقف العدائيات ووقف الحرب في كل الجبهات وهو يعلم علم اليقين أنه لا يهوديا و لا نصرانيا كان وراء الإتفاق بل هي أيادي سودانية خالصة تسعى لتحقيق السلام والإستقرار في البلاد... ألا يتذكر البشير إتفاقية نفاشا التي فصلت جنوب السودان ، من كان مهندسها؟؟ ومن كان عرابها ؟؟ فإن نسي البشير وحزبه ذلك التاريخ الأسود نذكرهم بأحداث اليوم، من يقوم بإدارة الحوار بين الحكومة والحركة الشعبية شمال السودان؟؟ أليس هو ثامبيو أمبيكي؟؟ ومن هو أمبيكي ؟ اليس نصرانيا؟ أنه وآخرين من النصرانين واليهود وغيرهم يعملون على هذا الملف.. والمعروف أن أمبيكي ليس ابن عم بلال بن رباح ولا هو شيخ طريقة صوفية و لا علمانيا مسلما بل مسيحيا نصرانيا قبلت به الحكومة وسيطا ومهندسا لأي اتفاق يمكن أن يحدث بين الحكومة و فرقائها .. فهل هو حلال على بلابل الدوح وحرام على الطير من كل جنس.. رغم ان هذا الطير من كل جنس لم يفوض عنه نصرانيا و لا يهوديا لعقد إعلان باريس.. وحتى إن افترضنا ان يهوديا أو نصرانيا أو شيطانا أزرقا أو أحمرا قد فعل ذلك فما العيب في ذلك؟؟ فالعبرة ببنود الإتفاق ومدى صدقيتها في تحقيق السلام و الأمن والعدل والمساواة وفتح باب الحريات وانتقال سلس للسلطة مع تدوالها بشكل سلمي.. كان من الأحرى أن يدرس المؤتمر الوطني ونظامة بنود إعلان باريس ومن ثم اتخاذ موقف إيجابي أو سلبي من الإعلان وفقا لما يحتويه... ولكن كيد البشير وحزبه دائما ماثل و لا يترك مساحة تحرك لأي فئة تحقيق ما يصبو إليه شعبنا ولكن عليهم أن يعلموا أن الأيام دول ولا بد من صنعاء ولو طال السفر.. غازي محي الدين عبد الله [email protected]