تناقض تصريحاتُ رفاق الأمس وخصوم اليوم في دولة جنوب السودان أفعالَهم، ولا يصمد الحديث عن الرغبة في السلام وإنهاء الاشتباكات الدامي كثيرا أمام آلة الحرب لدى الطرفين اللذين باتا أمام مهلة لتوقيع اتفاق نهائي تنتهي بعد تسعة أيام. مثيانق شريلو-جوبا تعقب الالتزامات والتعهدات المتكررة الصادرة عن القيادة السياسية لطرفي الأزمة في دولة جنوب السودان بشأن سعيهما لتحقيق السلام مواجهات مسلحة بين القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفاكير ميارديت وبين جيش المتمردين بزعامة رياك مشار نائب رئيس الجمهورية المقال، الأمر الذي يشكل خيبة أمل كبيرة للمغلوبين على أمرهم الذين يرزحون تحت وطأة الصراع المسلح بين رفاق الأمس وخصوم اليوم. والحلقة الأحدث في مسلسل الصراع هي المواجهات التي أعقبت إعلان كل من سلفاكير ومشار الاتفاق، والالتزام بتوقيع على اتفاق نهائي للسلام يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهي المهلة التي حددتها قمة رؤساء دول إيغاد التي ترعى المفاوضات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الأسبوع الماضي. عصا العقوبات وكانت سفارات أجنبية عدة في جوبا قد لوحت بفرض عقوبات على طرفي النزاع الرئيسيين في جنوب السودان إذا لم يتمكنا من تحقيق أي تقدم إيجابي في محادثات السلام. وقالت وساطة إيغاد إنها قد تحيل ملف القضية إلى الاتحاد الأفريقي حتى يتخذ الإجراءات المناسبة حال فشل كل من سلفاكير ومشار في إحداث اختراق في المحادثات الثنائية بينهما. واعتبر وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان وعضو الوفد الحكومي المفاوض مايكل مكوي التعهدات التي تمت بين الحكومة والمتمردين "مؤشرا متقدما على قرب التوصل لاتفاق سلام ينهي الحرب الدائرة في البلاد". وأضاف مكوي في تصريح للجزيرة نت أن الجولة القادمة ستناقش قضيتي السياسة المالية والاقتصادية خلال الفترة الانتقالية التي تعقب التوقيع على اتفاق السلام، مؤكدا تمسك حكومته بموقفها الداعي الى عدم وجود أي صلاحيات تنفيذية لمنصب رئيس الوزراء الذي سيشغله زعيم المتمردين. على الجانب الآخر يرى ألفريد كينيث مدير الشؤون السياسية والتنظيمية بمكتب مشار أن "آفاق التوصل لاتفاق السلام متوفرة إن كانت هنالك رغبة من النظام الحاكم في جوبا في الأمر والالتزام بقرارات القمة الاستثنائية لرؤساء دول إيغاد دون انتهاكها". وفي تصريحه للجزيرة نت أشار كينيث إلى أن نقاط الخلاف في المفاوضات "محصورة في الهيكل التنفيذي للحكومة التي ترى ضرورة وجود نائب للرئيس ورئيس وزراء بنائبين، ونحن نرى أن هذه المناصب ستؤدي إلى تعقيد تطبيق اتفاق السلام المتوقع". تبادل الاتهامات على الرغم من ذلك يتبادل طرفا الصراع الاتهامات بشأن وجود خروقات، وعدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الشامل، ويتهم المتمردون قوات الحكومة بشن هجوم على قواعدهم بولاية الوحدة الغنية بالنفط، في حين يقول الجيش الحكومي إن المتمردين هم من هاجموا المناطق التي تقع تحت سيطرته. ويرى الناشط السياسي بجنوب السودان أجاك ماكور أن الحكومة والمتمردين "غير مستعدين لتحقيق أي اتفاق للسلام في الوقت الراهن ويتوقعان حسم الصراع الحالي بتحقيق تفوق عسكري على أرض الميدان لتحقيق مكاسب كبيرة في اتفاق للسلام يمكن أن يتم". ويضيف "قطار السلام سيتأخر في أحدث دول العالم نتيجة للتداخلات الإقليمية التي تلعبها بعض من دول الجوار مثل أوغندا والسودان، والملف الأمني بين الطرفين سيواجه تعقيدات كبيرة بسبب نية المتمردين الاحتفاظ بقواتهم خلال الفترة الانتقالية".