كسبت الراكوبة لكوكبة كتابها القيادي بحزب الأمة والكاتب المعروف صلاح جلال المقيم باستراليا وهو بلا شك اضافة حقيقية . السودان المشهد السياسى مأزق النظام وفرص المعارضة2015م بقلم صلاح جلال (1) السودان الوطن يمر بأزمة سياسية مستحكمة ومتعددة الأبعاد إقتصادية و إجتماعية وثقافية ، أزمة غير مسبوقة فى تاريخه الحديث تهدد بقائة وإستمراره موحداً ، إذا لم يتم التعامل معها بمزيد من الجدية والأنتباه خاصةً بعد تطاولها لربع قرن من الزمان ، مما خلق حالة توازن ضعف يجب الخروج منة والإنفتاح على مشروع سياسى جديد ينهى الإحتقان ويحقق العدل سأحاول التعرض لمعطيات الأزمة ومكونات الحلول من خلال هذة القراءة للمشهد العام فى البلاد فكل مأذق للنظام من الممكن أن يشكل فرصة لمعارضتة . الأزمة الإقتصادية :- لقد خرّبت الإنقاذ كل ما وقع تحت يدها من مُقدرات البلاد ، و أصبح التدهور هو الصفة الغالبة فى كل شئ ، طموح الناس الآن (أعيدونا إلى المحطة التى انقذتمونا منها) فقد إختفى ثلث الأرض وخمس السكان وأختفى مشروع الجزيرة وإختفت الموانى البحرية وأختفت سودانير و أختفى السلام المجتمعى كما إختفت وجبة من وجبات المواطن الثلاثة التى كان يتناولها قبل لانقاذ زيادة الانقاذ الوحيدة فى عدد الحروب فقد وجدت حرب واحدةغيركافية أضافت إليها ثلاثة جبهات قتال أخرى . لقد إتسع خُرم الإقتصاد على الراتق نتيجة للعشوائية والفساد حيث ذكرت منظمة الشفافية الدولية فى عام 2012 أن جملة الأموال المنهوبة بلغت 13.7 مليار دولار بالإضافة لعدم وجود سياسات حقيقية لمواجهة التدهور ، الإنقاذ ليس لديها ماتقدمة لحل الأزمة الاقتصادية ، برندوك أمدرمان (كيسها فاضى) فطبيعة نظامها السياسى يعمق الأزمة بالصرف على الحروب و الأمن وشراء الولاءات السياسية لضمان إستمرارية النظام ، والفشل فى تحسين علاقات السودان الإقليمية والدولية لخدمة الاقتصاد فقد ذكر الدكتور صديق أمبدة الخبير الاقتصادى ببنك التنمية الأفريقى فى دراسة قدمها بعد عودته من مؤتمر للبنك الدولى بتاريخ 12-05-2013 المصدر صحيفة سودانايل مؤكداً فيها أن إعفاء ديون السودان المستحقة فنياً وفقاً لمبادرة الهيبك (HIPC) يستحيل الاستفادة منها فى ظل سياسات نظام الإنقاذ المعادية لدول الدائنين كما أكد ذلك د.إبراهيم البدوى الخبير بالبنك الدولى على خطورة الوضع الإقتصادى الراهن للبلاد ، من خلال السياسات المالية والاقتصادية المتبعة من قبل النظام والمديونية الخارجية التى بلغت 45 مليار دولار فى محاضرة قدمها بواشنطن فى العام الماضى 2013 م. كذلك جاءت ورقة دكتور التجانى الطيب وزير الدولة للمالية السابق والخبير بالبنك الدولى التى تم نشرها بصحيفة الراكوبة بتاريخ 7-10-2014 فقد أوضح فيها إستحالة الاصلاح الاقتصادى فى ظل البنية السياسية للنظام الحالى وناقش كذلك سياسة التجنيب التى ذكر أنها من أجل الصرف الخفى على الحروب الأهلية ، وتعرض لمسألة الانخفاض المؤقت لسعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية الذى جاء نتيجة لتوقف الإقتصاد عن التداول . الخلاصة : الأزمة الإقتصادية الراهنة يقف نظام الإنقاذ الإقتصادى عاجز عن مواجهتها وتهدد بانهيار إقتصادى غير مسبوق فى تاريخ السودان وتزداد الأزمة خاصة بعد مقاطعة البنوك الاقليمية والدولية للتعامل مع المصارف السودانية و إعادة تجديد القرار الأمريكى القاضى بوضع السودان ضمن الدول الراعية للإرهاب والتى تمنع الولاياتالمتحدة إداراتها وشركاتها ومصارفها التعامل معها وفقاً لقانون صادر من الكونجرس وقد تبع ذلك تشديد خليجى للتعامل مع التحويلات من السودان وإليه ، قد يؤدى الواقع الاقتصادى الراهن إلى إنفجار ثورة جياع حقيقية من أجل الطعام والدواء يصعب السيطرة عليها تطيح الإنقاذ وتهدد الأمن القومى للبلاد، رغم هذا الواقع المأساوى المُفزع النظام وقياداتة كالمسطول يحلق فى الخيال ويُجانب الحقيقة حتى تشرق شمسة وإنتفاضة الجياع تدق الأبواب . (2) العزلة الإقليمية والدولية:- الإنقاذ تقف بلاصديق وظهير دولى ، سوى إيرانوقطر وتركيا وعلاقات تخويف متبادل مع كل من إريتريا وتشاد و أثيوبيا (دبلوماسية توازن الرعب) فكل طرف يحتفظ بمفاتيح معارضة الآخر حتى يضمن مكره ويتكافى شرة (الجهاد الإسلامى الاريترى ومجموعات المعارضة الأخرى وأثيوبيا مجموعات الأروموا التى تطالب بالحكم الذاتى ومعارضة الأمهرا وتشاد المعارضة التى دقت مدافعها أبواب قصر الرئاسة فى إنجمينا والتى يقيم بعض قادتها بفنادق دولة قطر الآن ، كل هذه المجموعات التى يحتفظ النظام بمعسكرات لها منزوعة السلاح بعلم الطرف الآخر حتى يرعوى ). التحدى والمأذق الجديد فى سياسة النظام الخارجية هو محور ما بعد الربيع العربى الذى إعتبر جماعة الأخوان المسلمين جماعة إرهابية مهددة للأمن القومى الإقليمى ، فقد بدأت سياسة هذا المحور الإقليمى فى التبلور من خلال رؤوية موحدة للأمن القومى العربى فى ظروف غاية فى التعقيد والحساسية حيث تجتاح المنطقة مؤامرات ضخمة تستهدف بقائها موحدة وتطمع فى ثرواتها لإحياء نبوءة هنرى كيسنجر الذى قال بحرب عالمية ثالثة تنطلق من الشرق الأوسط وتنتهى بإحتلال أمريكا لسبعة دول فى الإقليم . كعادة الإنقاذ وقياداته القفز من المراكب الغارقة ، فقد حاول النظام أن يتملص من علاقتة الإخوانية إعلامياً ، و أن يتودد ظاهرياًً لدول الخليج بإدعاء تناقضه مع ايران وقفل المراكز الثقافية وتحجيم الحسينيات بالسودان ، الحقيقة كل هذه التصرفات الهدف منها إمتصاص ردود الأفعال السلبية على النظام من هذا المحور ، لكن علاقة الإنقاذ بإيران علاقة إستراتيجية ، أمنية وعسكرية الهدف منها بناء محور قادر على المساومة لتكييف سياسات منطقة الشرق الأوسط بمجملها ، فقد كشف التقرير الخاص بالإجتماع السرى لمجلس الأمن الوطنى للإنقاذ الذى حصل عليه الصحفى البريطانى المهتم بالشئون السودانية إيرك ريفز ، انهم يتعاملون بنظام التقية بالاتفاق مع ايران لخداع دول الخليج العربى وتجاوز المرحلة الحرجة الراهنة ، كما يؤكد ذلك تصريح قائد البحرية الإيرانية بتاريخ 9مايو2013 لوكالة شينخوا بطهران فى زيارة لنظيرة السودانى الفريق دليل الضوء ، حيث ذكرت إيران بالنص (ان الوحدة بين القوات المسلحة فى البلدين سوف تكون فعالة فى مواجهة أعدائهما المشتركين وسلامة أمن البحر الأحمر) مما يؤكد على أسترتيجية العلاقة الزيارة التى وقع بعدها السودان وإيران الإتفاقية الأمنية والدفاعية المشتركة. الأنقاذ وجمهورية مصر العربية :- تتقاطع السياسات السودانية والمصرية حول ملفات إسترتيجية منها ما يتعلق بالأمن الداخلى المصرى والمرتبط بالمواجهات المحتدمة مع الأخوان وفرار بعض قيادات الجماعة وشبابها للخرطوم التى تأويهم وتنظم حياتهم وأدوارهم بالإتفاق مع دولة قطر وتركيا ، السودان بلد مفتوح أمام مصر الرسمية وأجهزتها ، كما تتقاطع مواقف الدولتان فيما يتعلق بالصراع الليبى الليبى تقف مصر بجانب الحكومة الشرعية ومجلس النواب المنتخب فى الدار البيضا فى مواجهة المحور الإخر فى طرابلس الذى تقودة جماعة الأخوان المدعومة من الحكومة السودانية وقطر وتركيا ، فقد زار السودان فى الفترة القليلة الماضية عبدالحكيم بلحاج رئيس جماعة أنصار الشريعة التى تقاتل الجيش الليبى فى بنغازى كما زار السودان كل من السيد نورى أبوسهمين رئيس المجلس الوطنى المنحل والسيد الصادق الغريانى مفتى ليبيا وهم يمثلون الأخوان المسلمين فى صراع السلطة القائم وتؤكد التقارير أن السودان يقدم الدعم العسكرى واللوجستى لهذة المجموعات كما تعتقد القاهرة أن المجموعات الجهادية التى تحارب فى سيناء تحصل على إمداداتها من الأسلحة الإيرانية عن طريق السودان وحماس وكذلك فقد إتهمت إسرائيل رسميا الخرطوم بتهريب الأسلحة عبر سيناء لعناصر حماس بغزة لهذا السبب فقد قذفت اسرأئيل السودان أكثر من ثلاثة مرات بالطائرات وما زالت الخرطوم تحتفظ بحق الرد، كما لمصر تحفظات على تعامل الخرطوم مع جماعة الحوثيين من حيث توصيل السلاح الإيرانى لهم وتدريبهم مما تعتبره مصر تهديد مباشر لأمن المملكة العربية السعودية حليفتها الأولى فى الخليج . زار البشير القاهرة فى الأيام الماضية فقد واجهه الإعلام المصرى مواجهة عاصفة وعدائية أغضبتة ووفده الزائر ، أبدى الرئيس البشير موافقة مبدئية للتعامل الإيجابى مع كل هذة الملفات ذات الطبيعة الأمنية التى طرحها الجانب المصرى و كعادة نظام الإنقاذ فى شراء الوقت ومحاولة التذاكى على الآخرين فقد تعلموا سياسة التقية من أساتذتهم فى المذهب الشيعى وهى (القول باللسان ما ليس فى القلب) ، النتيجة مازالت الأزمة مكتومة بين الخرطوم والقاهرة وكل طرف يراقب الآخر ويتغزل فيه بالتصريحات من شاكلة ما قاله البشير بأن السيسى أفضل رئيس مر على مصر عبرتاريخها . العلاقات الخارجية مع بقية دول العالم فقد راوحت مكانها فى التدهور خاصةً الأمريكية حيث أصدر الرئيس الأمريكى باراك أوباما قراره بتجديد وضع السودان فى قائمة الدول الراعية للإرهاب والمنتهكة لحقوق الانسان وغير القادرة على انهاء الحروب الأهلية بينها ومواطنيها فى توفمبر الجارى القرار الذى ظلت الحكومة الفيدرالية تجدده كل عام منذ 03-11-1997 ، مما يعنى أنة لا أمل فى إلغاء الديون فى ظل حكم الإنقاذ وهى مفتاح مواجهة التدهور الإقتصادى. علاقة نظام الإنقاذ بالولاياتالمتحدة الأمريكية علاقة مدهشة ، فقد تعاونت الأنقاذ فى موضوع الإرهاب تعاون كبير وصل إلى تبادل المعلومات وتسليم الإرهابين وكما أعترف الفريق صلاح غوش بأن الخرطوم كانت أحد المراكز للتحرى والسجون للمتطرفين تحت رعاية البوليس الفيدرالى الأمريكى ، كما وافقت الإنقاذ بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية على إجراءات إنفصال الجنوب بسلاسة أدهشت الأمريكان أنفسهم كما ذكر ذلك دانفورث فى محاضرة له مقابل وعود غير قابلة للتحقق، نظام الإنقاذ مطيع لهذه الدرجة أمام الأمريكان ومستعد للتضحية بمصالح بلاده القومية فى مقابل إستمراره فى الحكم السؤال لماذا تستمر الولاياتالمتحدة فى معاداته ؟ ربما تحتفظ به كنظام ضعيف قابل لمزيد من التنازلات لتفكيك السُودان الفضل كما نعلم هناك مشروع مطروح لدى بعض الدوائرالغربية لتقسيم السودان لأربعة دويلات ، فى ظل السياسة الدولية فى المنطقة ،التى إنكشفت بعد سقوط الإخوان فى مصر . دولة جنوب السودان :- نظام الإنقاذ يعتبر نفسه مستفيد من إندلاع الحرب فى الجنوب ، لإعتقاده أن دولة الجنوب هى الممول للجماعات المسلحة فى الشمال ، لذلك رغم المأساة الإنسانية فهو لا يخفى شماتته فى الموقف على قاعدة مصائب قوم عند قوم آخرين فوائد ، وبعد مساندة دولة أوغندا للرئيس سلفا كير، قفز نظام الإنقاذ لمساندة السيد رياك مشار ودعمه بالسلاح والعمل الإستخبارى وفتح مكاتب له بالخرطوم ، مما أثار حفيظة كير وقياداته التى جاءت للخرطوم فى إجتماع غاضب إنتهى بالفشل بين الدولتين كما صرح بذلك عبدالرحيم محمد حسين وزير الدفاع السودانى بأن حكومة الجنوب لم تكن جادة فى تنفيذ الإجراءات الأمنية بين البلدين ، هذه العلاقات مرشحة لمزيد من التدهور فى مقبل الأيام رغم ظروف الحرب . (3) المشهد السياسى الداخلى حزب المؤتمر الوطنى :- لايوجد حزب بمعنى ممثلين للجماهير وهمومهم فى مطبخ صناعة سياسات الدولة ، فقد تراجعت الديمقراطية الداخلية فى حزب المؤتمر الوطنى منذ المفاصلة 1999 وبدأت مرحلة تركز إتخاذ القرار بيد الرئيس البشير حتى إكتملت آخر الحلقات بتصفية من سماهم مراكز القوى فى الحزب والدولة والحركة الإسلامية ، فأصبحت كل هذة المسميات تعبر عن رغبة البشير السياسية فهو الحاكم الفرد الصمد للحزب والدولة والأجهزة الأمنية التى تديرها وما عدا ذلك كويكبات تدور فى فلكه وتلعب الأدوار المسموح بها كمساحيق تجميل لنظام متسلط . فقد تجلى هذا المشهد فى المؤتمر العام للحزب ، الذى كان كالجثة تحت يد غاسلها ، من إعادة إنتخاب الرئيس بمخالفة للدستور القائم ، والتغيير حتى فى إجراءاتهم المعلنة لكيفية إختيار المرشح للرئاسة ، وتبارى القيادات فى مدح الرئيس وقدراته التى لا مثيل لها فى البلاد ، وكلهم يعلمون يقيناً أن الرئيس معاق بقرار المحكمة الجنائية الدولية وهو ليس عبقرية زمانه عسكرياً أو سياسياً أو فكرياً ، إنما هو رجل عادى بقدرات متواضعة من غمار السودانيين وأوسطهم فى كل شئ ، دفعت بة الصدفة ليكون رئيساً للبلاد ميزته الوحيدة أنه يلعب دور الإسفنج بين ألواح الزجاج المتصارعة فى حزبه وحكومته و بإختياره مرشحاً ورئيساً للبلاد (بالتزوير) يكون الحزب قد قرر تجميد منصب رئيس الجمهورية وجعله خندقاً لحماية الرئيس من المحكمة الجنائية دون أى إعتبار لمصالح البلاد العليا وعنوان لإستمرار سياسات الفشل والفساد الماضية . من هذا المدخل يبدو أن المؤتمر الوطنى والرئيس البشير قد إختاروا الإنتخابات المزورة أُسلوباً لمواجهة أزمات البلاد بالمزيد من الإقصاء والتفرد والعناد للإستمرار فى السلطة لخمسة أعوام قادمة ، السؤال الذى يطرح نفسه ماذا سيفعل المؤتمر الوطنى بمزيد من السنوات فى الحكم بعد ربع القرن المنصرم ؟ أخشى أن يكونوا مثل كلب القرية الذى يندفع مطارداً العربات الجارية ، إذا توقفت لة عاد أدراجة ، لأنه ليس له معرفة بطبيعتها ولا برنامج للتصرف فيها ، إنما يطاردها من أجل الرياضة وغريزة حب الصيد . الإنقاذ والحوار الوطنى:- فلسفة الإنقاذ للحوار الوطنى أصبحت واضحة وضوح الشمس فى رابعة النهار وهى قائمة على صنع الكيكة وأكلها فى آن واحد ، فهم يريدون حوار وطنى يفضى للمحافظة على السلطة لهم بأغلبية 50+1%ويُقنع قوى المعارضة المدنية والمسلحة بالمصادقة على ذلك ، مع تفضلهم لمن يريدون وظائف فى الدولة من الأحزاب وقوى الهامش بتقسيم ما تبقى من 49% فيما بينهم الحوار الذى يريده المؤتمر الوطنى هو حوار محاصصة ، وليس إعادة هيكلة للدولة ومعالجة المظالم التاريخية وبناء دولة للإنسان ومحاولة إستعدال هرم السلطة ليجلس على قاعدته بدل وقوفه على رأسه غير المستقر ، الآلية التى يقترحها المؤتمر الوطنى للحوار هى 8+4 حوار فى الداخل ، الحركة الشعبية شمال التفاوض وفق قرار الأممالمتحدة 2046 الخاص بالمنطقتين فى أديس أبابا والتفاوض مع الحركات المسلحة الدارفورية فى منبر الدوحة أو أن يوافقوا على الإنضمام لحوار الداخل هذه هى مصفوفة الإنقاذ للحوار الوطنى ، فهى حشف وسوء كيل ، لمن أراد الإستقامة الوطنية و إقرار بالظلم والرغبة فى إزالة عدم الإستقرار والعيش فى الجحيم الذى يفضى لتفكيك السودان الوطن بما يحقق رغبة أعدائه وبعض أبنائه ممن أعمتهم شهوة السلطة عن معرفة المستقيم و الأعوج والممكن والمستحيل . مشهد قوى المعارضة حزب الأمة القومى :- كان ومازال رهانه الأول و المتقدم، الحل لقضايا البلاد عبر (الحوار الوطنى الشامل )، حقيقةًًًًًًًً الحل السلمى العادل الذى يفضى لنظام ديمقراطى كامل هو الحل المثالى للأزمة السودانية بحقائقها الراهنة والتى تتعلق بها القلوب وتتطلع له الأفئدة ، ولكنه حل يحتاج لإدراك مشترك وإرادة سياسية بين طرفيه (حكومة معارضة) ولا يقوم على رومانسية سياسية لا تسندها قوة تهدد إستمرار الحكم القائم ، الحلول التفاوضية تُؤسس على تغيير حقيقى لتوازن القوى بين الحكومة ومعارضتها على طول الشارع السياسى ، فالكوديسا الجنوب أفريقية قامت فلسفتها الأساسية على قدرة طرفيها على الإفناء المتبادل والخسائر العالية الكلفة المشتركة من خلال سياسة (Hit &hit back)، فقد خسرت الحكومة الأمن العام فى البلاد ووقفت الاستثمارات فى ظل مناخ دولى رافض للعنصرية ودول إقليمية داعمة ومساندة للمؤتمر الأفريقى ونضاله من أجل التحرر ، وشعب فى حالة مخاض ثورى حقيقى مستعد للتضحية من أجل حريته لة بضع مئات من المناضلين فى إنتظار تنفيذ أحكام الإعدام وعشرات الألوف فى السجون والموت يحاصره يومياً برصاص البوليس السياسى ، لقد كتبت ورقة بحثية كاملة عن الكوديسا فى إطار حوار حول مبادرات حزب الأمة القومى بتاريخ 07-02-2013 تم نشرها بصحيفة سودانايل ، لكى نحلم بكوديسا جنوب أفريقيا يجب علينا خلق الظروف المشابهة للمناخ الذى أفرز هذة الإتفاقية وفرض الإرادة على طرفيها للجلوس والوصول لهذه النتائج المبهرة والتاريخية ، تغيير مجرى الحياة لايتم دون حفر حقيقى على الأرض . لقد أدرك حزب الأمة هذة الحقائق خاصة بعد إعتقال زعيمة السيد الصادق المهدى الراعى الرسمى للحوار الوطنى ، دون مبرر كافى سوى عنجهية السلطة وجنون القوة ووضعه فى السجن ، الذى أكد لحزب الأمة وقياداته أن الحوار الوطنى الجاد لن يتحقق ما لم يتم تغيير توازن القوة الراهن لصالح قوى التغيير ، وهذا لن يتأتى من غير بناء مركز سياسى جديد و أن يكون التفاوض والحوار الوطنى أداة نضالية بيد الجماهير وليس عملية مساومة ورجاء يقوم على حسن النية وسلامة الأهداف والعشم فى تعقل الطرف الآخر فقط. هذه القراءة قادت إلى إعلان باريس التاريخى بين الأمة القومى والجبهة الثورية فى 6-7 أغسطس 2014، فقد ذكر السيد الصادق المهدى فى محاضرة بقاعة هيلتون فى لندن 01112014 الإسبوع الماضى فى إجمال أهداف إعلان باريس خاصة لجهة بناء مركز سياسى جديد لقوى المعارضة لتغيير ميزان القوة لصالحها وهو الهدف الأهم والمطلوب حيث ذكر المهدى (إن حملتنا الفكرية والسياسية منذ إعلان باريس تهدف لتوحيد الكلمة حول الأجندة الوطنية. فمنذ صدور "الإعلان" إتصلنا بكل القوى السياسية نناشدهم تأييد (الإعلان) وإبداء أية ملاحظات لازمة للاتفاق، والمرحلة القادمة هي أن يصدر من الجميع اتفاق حول خريطة الطريق لحوار باستحقاقاته ، أو إتجاه نحو التعبئة من أجل الإنتفاضة السلمية. فالحوار إن نجح حقق السلام والنظام الجديد، وإن أخفق فإنه سيزود التعبئة من أجل الانتفاضة. هذا نهج النداء الوطني من تخلف عنه خان الوطن.) واضح أن حزب الأمة مدرك ومصمم هذة المرة على تغيير توازن القوة وبناء مركز جديد ، مما يعنى إستخدام صحيح للجذرة والعصا بدل سياسة الجذرة فقط السابقة والحديث التكميلى عن الإنتفاضة Lip service) (. هذا الموقف من حزب الأمة خلق روح جديدة لقوى التغيير فى البلاد Across the board و أعطى دفعة معنوية قوية من خلال التفاعل غير المسبوق بالكتابة والتعليق على إعلان باريس من قيادات وأحزاب سياسية وكتاب رأى وقيادات مجتمع مدنى هذا التفاعل وثقتة لة من خلال كتاب صدر بالقاهرة سبتمبر الماضى تحت عنوان ( إعلان باريس الفعل وردود الأفعال وتوقع المآلات ) ، بهذا إنتقل حزب الأمة القومى إلى وفاق داخلى بين قياداتة وكوادره على كافة المستويات حول صحة الخط السياسى للحزب وضرورة الإلتفاف حولة ودعمه ، فقد تمت تسويات وفاقية فى الاطار التنظيمى بين الحزب ومجموعتة التى تعاونت مع الجبهة الثورية بقيادة السيد نصرالدين المهدى وتم تفاوض من أجل معالجة إفرازات ونتائج الإجتماع الأخير للهيئة المركزية وبقية قضايا الأمة الداخلية ، فما زال حبل حزب الأمة للوحدة والتماسك الداخلى على الجرار مازال هناك دور لحكمائه لإكمال المسيرة والألتفاف حول برنامج المرحلة لتخليص الوطن والمواطن من الأزمة العميقة التى خلقها نظام الإنقاذ سلماً عبر الحوار الوطنى أو مواجهةً عبر الإنتفاضة . لقد ملئت الأحداث أشرعة حزب الأمة بالهواء بعد إتفاقه مع الثورية ، حيث وجد ترحيب دولى و إقليمى كبير ، من مصر ودولة الأمارات العربية المتحدة والجامعة العربية والأممالمتحدة والإتحاد الأفريقى ، مما شكل ضغط على النظام جعله فى تناقض يرفض إعلان باريس بالباب وتقبله بالشباك فى إطار إعلان أديس أبابا مع الجبهة الثورية والإتحاد الأفريقى ، كما تتطور موقف الإتحاد الأوريى ودول الترويكا ( النرويج والولاياتالمتحدة الأمريكية و إيطاليا ) فى نظرتهم لأهمية السلام الشامل والعادل الذى يفضى لتحول ديمقراطى كامل ، فقد أصدر فى هذا الإطار الإتحاد الأوربى خريطة طريق للحل السلمى الشامل بتاريخ 20-10- 2014 مطابقة لحد كبير لرؤوية القوى الوطنية السودانية . وقد أصاب حزب الأمة نجاح مهم فى توحيد قوى التغيير داخلياً ، من خلال إعلان (المهدى أبوعيسى )ولقاءاته المتعددة مع كافة ألوان الطيف السياسى حيث إلتقى بجبهة الشرق والحزب الشيوعى السودانى وحزب المؤتمر ومجموعة الأحزاب الإتحادية بالإضافة لعدد كبير من اللقاءات النوعية فى الداخل والخارج بما يفيد فى إتجاه توحيد قوى التغيير وإستنهاضها لمعركتها الأخيرة فى مواجهة نظام الإنقاذ ، فقد تجلى ذلك فى ندوة لندن وندوة عطبرة وندوة الأبيض السبت القادم والتواصل مع المجموعات النوعية من مثقفين ونقابيين سابقين وحاليين وقيادات مجتمع من أجل شرح أهداف إعلان باريس ولقاءات صحفية وتلفزيونية متعددة والتفاكر مع نافذين دوليين وصناع قرار يتعاملون مع ملف السودان . من المهم التأكيد على موقف الأمة الرافض لإجراء الإنتخابات فى ظل النظام الراهن وقبل الحوار الوطنى الشامل وفى ظل حكومة قومية إنتقالية متفق عليها لا تعزل أحد ولا يسيطر عليها أحد ، فقد أكد مراراً أنة سيقاطع هذة الإنتخابات التى يعتقد أنها تعقد الأزمة الراهنة ولا تيسر الطريق لحلها الجبهة الثورية :- هى تنظيمات سياسية ذات طبيعة خاصة ، بما لها من أجنحة عسكرية فاعلة فى صناعة القرار السياسى و تمثيلها لقوى مهمة فى معادلة الإستقرار السياسى بإتفاقها مع حزب الأمة القومى فى باريس فقد حققت قفزة نوعية كبيرة فى موقفها الذى يدعم التنسيق بين مكونات البلاد المدنية والمسلحة ويساعد فى خلق مركز سياسى جديد يسهم فى تغيير ميزان القوى لصالح قوى التغيير ، العمل العسكرى عمل معقد من حيث الإحتياجات اللوجستية وتأثرها بالأوضاع السياسية الإقليمية والدولية ، إجمال القول الجبهة الثورية الآن من الناحية العسكرية فى الموقف الدفاعى ومن الناحية السياسية فى الموقف الهجومى وستلعب دورأساسى فى بناء المركز السياسى الجديد الذى يقود التفاوض ويعمل من أجل الإنتفاضة ، المفاوضات الراهنة مع الحركة الشعبية شمال هى أقرب لمنتدى علاقات عامة كل طرف يخدم أهدافه الاستراتيجية من خلاله فالحركة الشعبية ملتزمة بتوحيد منبر التفاوض ليشمل كل فرقاء الساحة السياسية والنظام يسعى لتجزئة المفاوضات وتعدد المنابر لتساعدة على التبضع ، لذلك لايوجد إطار جامع سوى القضايا الإنسانية الملحة للمواطنين وقضايا القصف العشوائى، ستكون أديس أبابا مركزاً لمزيد من التفاكر والتفاهمات بين قوى التغيير من أجل تبديل ميزان القوى وبناء المركز الجديد. قوى الإجماع الوطنى :- فص الملح الذى يذوب ولا يفقد طعمه ، فقدت الأمة والشعبى من بين صفوفها وتبقى فى إطارها التنظيمى الحزب الشيوعى والمؤتمر السودانى وخمسة أحزاب قومية عربية صغيرة (4 بعث + 1 ناصرى) ، قوى معارضة أنجزت مهام أساسية منها مشروع البديل الديمقراطى ، أعتقد انها فى خواتيمها وستنتقل للمركز السياسى الجديد ،مما يؤكد ذلك إعلان المهدى و أبوعيسى وتفاهمات الأمة القومى مع بقية أطراف قوى الإجماع الأخرى ، التكوينات الجبهوية صفتها عبر التاريخ الحركة والتغير لخدمة القضايا والموضوعات التى تتبناها ، المرحلة القادمة لقوى التغيير هى مرحلة بناء الجبهة الوطنية العريضة التى تشمل الجميع ولا تعزل أحد سنفصل ذلك لاحقاً . المؤتمر الشعبى :- بقيادة د.حسن الترابى ينطبق علية حقيقة المثل ، الحزب الذى فقد ظله ، فقد عاد لصفوف المعارضة بعد المفاصلة فى عام 1999و أصبح جزء من قوى الإجماع بعد نقد خجول لذاته وسيرته فى الإنقلاب على النظام الديمقراطى و إقامة نظام الإنقاذ والمشاركة فى أسوأ مراحلها حيث شاع الإنتهاك المنظم لحقوق الإنسان وتوسعت الحرب الأهلية وغابت الحريات العامة ، بعدعودتهم للمعارضة فقد كتبت مقالاً تحت عنوان (الدكتور الترابى وثقوب الذاكرة ) بتاريخ 21-02-2014 منشور بسودانايل مطالباً بمزيد من النقد الذاتى لمنسوبى الجبهة القومية الإسلامية وقيادتها ، قبل أن يجف الحبر الذى كتبوا به النقد عادوا لشنشنتهم القديمة نتيجة متغيرات داخلية وخارجية وقرروا ركل الموقف المعارض والعودة للإندغام فى النظام دون قيد أو شرط ، لقد أدركت القيادات البراجماتية فى الإنقاذ كلفة عودة الشعبى لهم ، فهو يشكل الزيادة بالنقصان ، وكذلك الأخذ فى الإعتبار عدم رغبة الرئيس البشير الذى دانت له أطراف الحكم مجتمعة ، أن يعيد دكتور الترابى الذى لايوافق أن يكون ثانياً فى الحكم وسيخلق وضع سائق من الخلف Back seat driverكما حدث قبل المفاصلة فوضعوا له العراقيل حتى يئس الشيخ وهو الآن وفق ما ترامى من أخبار يرغب فى العودة للمعارضة ولن يجد من يصدقه هذه المرة ، عموماً يقع على الدكتور حسن وحزبة عبئأ كبير لإقناع الرأى العام بالتوبة والجدية هذه المرة ، فقد نقلت الصحف أن الدكتور الترابى يسعى لمقابلة المهدى لإقناعة بالعودة للبلاد وهذة نصيحة من الأولى أن يسديها لنائبة الدكتور على الحاج الذى يقيم بألمانيا منذ المفاصلة وكذلك ستكون مهمة شاقة لطرفيها طارحها والمطروحة لة تحت أعين الرأى العام الذى لن يصدقهم أبداً يا صديقى دكتور المحبوب عبدالسلام، فأنت من القيادات الإسلامية التى تحظى بالمصداقيه فيما يتعلق بنقده الأمين والجاد لتجربة الماضى1989- 1999و قناعته بالحرية والتعدد و قبول الآخر فى سودان المستقبل ، هناك تيار من الإسلاميين المستنيرين الذين أدركوا خطورة التسلط والقهر على وحدة وسلامة البلاد بعد أن رؤوا بأم أعينهم تراجع مشروعهم من الأيدولوجيا إلى القبلية والجهوية والفشل الذريع من هؤلاء الذين يجب التفاكر معهم حول المستقبل د.الطيب زين العابدين ود.عبدالوهاب الأفندى ود.محمد محجوب هارون و آخرين . ختامة ما العمل :- العمل يجب ان يقوم على الخيارات والإحتمالات الممكنة لقوى المعارضة المعروفة والمغامرين ، فخيارات قوى المعارضة هى 1- الإنتفاضة الشعبية 2- الحوار الوطنى الشامل 3- المغامرين خيارهم الإنقلاب العسكرى واجبات متقدمة فى أجندة قوى التغيير :- 1- توحيد قوى التغيير من أحزاب سياسية والقوى المسلحة وتنظيمات المجتمع المدنى وقوى الشباب والمرأة والطلاب ، آلية ذلك الدعوة لمؤتمر جامع فى الخارج خلال الاشهر القليلة القادمة أجندتة أ) توحيد الرؤوى والموقف التفاوضى لقوى التغيير من أجل الحل السياسى الشامل والتحول الديمقراطى الكامل من خلال خطة موحدة ومتفق عليها توضح المسار التكتيكى و الإستراتيجى للحوار الوطنى وتحدد بوضوح اهدافة ونتائجة المتوقعة من منظورها . ب) توحيد كل فصائل قوى التغيير فى تنظيم جامع يتقدمة الشباب من الجنسين للنضال فى الداخل والخارج وفق مرئيات متفق عليها . ت) مناقشة تصورات ظل لموضوعات المؤتمر الدستورى الذى ينعقد أثناء الفترة الإنتقالية . ث) الترتيب الجدى والعمل المثابر المتزامن مع الحوار الوطنى وفق خطة واضحة من أجل الإنتفاضة الشعبية فهى الأداة لتغيير ميزان القوى الذى يفضى لتفاوض مثمر مع نظام الإنقاذ ، الذى لن يقدم تنازلات حقيقية مالم يكون هناك مهدد جدى لإستمرار سلطته وحكمه القابض على البلاد، نعلم أن شروط الإنتفاضة الموضوعية قائمة ، وتبّقى إنضاج شرطها الذاتى من خلال تفكير خلاق يتجاوز تجارب الماضى فى إكتوبر و أبريل ، وهذا ممكن إذا وضعنا العقول والخبرات فى إطار واحد و بدأنا التفكير خارج الصندوق وتجارب الماضى تحت شعار Yes we can . ج) الاتفاق على مقاطعة الإنتخابات وبرنامج نضالى لمواجهتها من خلال معارك دستورية وقانونية وسياسية تكون مدخل للتعبئة من أجل الإنتفاضة الشاملة على النظام . خيارات المغامرين :- لايجب علينا إغفال أن نظام الإنقاذ ليس كتلة صماء ، ففيه صراعات وطموحات وتناقضات شأن كل الانظمة الديكتاتورية التى أعلمنا التاريخ أن لحظة سقوطها تنقسم مكوناتها وتتصارع فيما بينها و تخرج الخطة (ب) ويقوم مغامرين من بينهم باطلاق رصاصة الرحمة على نظامهم ، خاصة أن القوات المسلحة على الرغم من التسييس و الأدلجة إلا أنها تشعر بالإهانة من المؤسسات العسكرية الضرار لها فى إطار النظام من دعم سريع ومليشيات متعددة ، كما يجب وضع أى إنقسام ممكن فى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والشرطية والجنجويدية الأخرى فى الحسبان لحظة النهوض الجماهيرى العام . ختاما التغيير القادم بالإنتفاضة الشعبية لن يكون مجاناً سيكون علية Price tag لابد من التحضير والإستعداد لفاتورتة من أجل الحرية والإنعتاق .