حينما تنغمس العقول التي تدير الدولة في هوس الفضيلة وتجعله الأمر الأهم على الإطلاق،فالنتيجة ما نتابعه من غثاء يومياً،البرلمان دوماً يمثل هذا الهوس.من جديد تعود إلى السطح قضية ختان الإناث وكالعادة مسرح هذه الكوميديا السوداء هو البرلمان السوداني،بحسب البرلماني دفع الله حسب الرسول الذي يهتدي في كل آرائه بقاعدة شاذة هي "المرأة فتنة" نقل كلاماً خطيراً،حسب الرسول قال إن الرئيس وعدهم بأنه لن يوقع على قانون يُجرم ختان الإناث،وأقسم جهد إيمانه أمام مجلس الوزراء ما هو بموقِع على قانون يجرم الأمهات اللائي يختن بناتهن.حسب الرسول يقول قوله هذا وهو ينتشي نصراً وقد حق له النصر. الحديث هنا ليس بشأن قضية ختان الإناث،والتي بفعل النشاط المكثف التي تُحظى به سوف تتحول إلى ثقافة وقد تراجعت الظاهرة بالفعل وربما لن تحتاج إلى قانون يرفضه حسب الرسول أو الرئيس.القضية هي انشغال الدولة الدائم بقضايا الفضيلة أكثر مما هو ينبغي،وانغماسها في تربية الأفراد وهو دور ليس مطلوبا منها بقدر ما أن المطلوب هو توفير العيش الكريم الذي يحول دون الوقوع في مثل هكذا حالات.حسب الرسول لا لوم عليه لأنه وكُثر غيره هم ولادة طبيعية وسليمة لنظام متكامل مهووس بالشرف والفضيلة ومصادرة الحريات الشخصية جداً،كيف لا وأن قانون النظام العام صيغت مواده لتكون حارسا للفضيلة التي بطبيعة الأشياء لا يُمكن أن تحتكم إلى قانون.هذه الحالة هي امتداد تلقائي لسلسلة من القضايا الانصرافية التي تجد حيزاً متسعاً من المداولات والجلسات سواء كان ذلك في البرلمان أو مجلس الوزراء أو مؤسسات الدولة والحزب الأخرى التي تصنع القرار.حينما وقف وزير الصحة إدريس أبو قردة أمام نواب البرلمان ودق ناقوس الخطر،شكا واقع الصحة وضعف الميزانية التي يتحمل المواطن منها ما قيمته 64% مقابل 25% هي تمويل الدولة،بدلاً من أن تستفز البرلمان مثل هذه الأرقام،استفزته قضية الواقي الذكري وجهاز الإجهاض وحولها لمعركة أساسية بينما يصطف العشرات يوميا في مراكز علاج السرطان وغسيل الكلى. حينما دخل الجيش الشعبي هجليج وبقيت تحت سيطرته لأيام قبل أن يستردها الجيش.بدلاً من مساءلة السلطات الدفاعية في البلاد،كان النائب حسب الرسول وعدد من النواب يرفعون صورة للفنانة المصرية شيرين،كان مسلكهم اعتراض على إقامة حفل لها بالخرطوم.انهارت العملية التعليمية في البلاد ووصلت أبعد مرحلة يُمكن أن تصلها ذلك لسوء التقدير والتخطيط وضعف الميزانية،اتجه من لديه استطاعة إلى المدارس الأجنبية التي يتلقى فيها معظم إن لم يكن كل أبناء المسؤولين تعليمهم،في عز هذا التردي،البرلمان،بدلا أن يحاسب ويساءل المسؤول عن انهيار التعليم بالبلاد،نوابه مهمومين بمنع الاختلاط وإقصاء المناهج الأجنبية.هو البرلمان الباحث دوما عن الفضيلة ولا يجدها،والبرلمان لا لوم عليه. [email protected]