قبيل انتخابات العام 2010 كان الفريق صلاح قوش يطرق على باب مولانا الميرغني..الزيارة كانت مفاجئة ومجهولة الأجندة ..قبل ان يرتشف الجنرال قوش كوبا من القهوة كان يرمي بطلب غريب على طاولة الميرغني .."عاوز منك الفاتحة يا مولانا"..حينما فرك مولانا يديه كان قوش يكمل تفاصيل خبر انه قرر ان يخوض الانتخابات في دائرة مروي..على اثر تلك الفاتحة اكتسح قوش الانتخابات في منطقة نفوذ الختمية. الان الحزب الحاكم قرر ان يقسم غنائم البرلمان..من بين نحو خمسمائة مقعدا تم التوافق على منح الحزب الاتحادي الديمقراطي (21) مقعدا في البرلمان القادم ..اما الجناح الاخر الذي يتزعمه البروفسور جلال الدقير فقد تم التصديق له بثلاثة عشر مقعدا.. تمت إضافة مقعدين بعد ان كانت القسمة الأولى بعدد لاعبي فريق كرة قدم..على مستوى الولايات الصدقة اقل من ذلك بكثير رغم ان المناصب القابلة للقسمة كانت نحو ألف ومئتي منصبا . في تقديري ان الأحزاب الاتحادية وللأسف ستقبل بعطية المزين..العرض انتهى ولا سبيل لزيادة المقاعد بعد ان اعلن الحزب الحاكم عن كتائبه التي ستخوض الانتخابات ..الشواهد تقول ان مولانا الميرغني رغم التردد والاتصالات الهاتفية مع الدكتور على السيد سيخوض الانتخابات ..الميرغني يظن انه يلعب بالبيضة والحجر.. يهاتف الرئيس البشير مؤيدا ترشيحه في دورة رئاسية جديدة..ثم يطلب من الاستاذ علي السيد ان يعلن المقاطعة ..بين هذا وذاك ابنه محمد الحسن والأمير احمد سعد عمر يناقشان مع الوطني تفاصيل الصفقة. اما الحزب الاتحادي المسجل فلا مجال للمناورة امام قيادته.. المؤتمر الوطني هيا مقاعد وثيرة للقيادة الثلاثية..البروفسور جلال الدقير في رئاسة الحمهورية مشرفا على ملف الزواج الجماعي.. الدكتور احمد بلال عثمان يحمل خاتم وزارة الإعلام فيما يدير كل الملفات الاستاذ ياسر يوسف القيادي الشاب في الحزب الحاكم.. اما (دفعتنا) الاستاذة اشراقة سيد محمود فقد تم تكبيلها حينما حاولت محاربة مراكز القوة في وزارة الموارد البشرية..تم شق وزارتها بليل وتسميتها وزيرا لوزارة العمل التي ليس لها من الموارد الا اللوائح التي لا يلتزم بها احد في هذا البلد.. القيادة الثلاثية لن تتجرأ وتعترض على حكم القوي على الضعيف الا إذا مست القسمة المقاعد الوثيرة التي عليها يجلسون. وددت ان اقدم مرافعة عن هذا الحزب الكبير ..الحزب الاتحادي الديمقراطي كان الحائز الأكبر على أصوات السودانيين في انتخابات العام 1986 المعترف بها كمقياس معتمد دوليا..صحيح ان الحزب احرز المركز الثاني ببضع وستين نائبا وذلك بسبب تعدد مرشحيه في الدوائر ..هذا الحزب تاريخيا نال شرف قيادة الأمة السودانية للاستقلال..بل يعتبر الحزب الذي يجمع شمل كل السودانيين ..لا يحتاج الدخول الى أسواره الى تذكرة أو تزكية..حتى الخروج متاح بذات اليسر.. يمكن ان تجد بين جوانحه التيار اليساري الذي يمثله الدكتور علي السيد والاخواني الذي يعبر عنه الأخ احمد سعد عمر والصوفي الذي من رموزه الخليفة عبدالمجيد. بصراحة ..فقد هذا الحزب الدور الطليعي المؤثر حينما انفصلت قيادته عن القاعدة..خرج مولانا الميرغني من السودان عبر صالة كبار الزوار بشهادة طبية من القمسيون الطبي..تاه مولانا في المنافي تسعة عشر عاما ثم عاد مندفعا نحو مصالحة لم تمنح حزبه غير منصب مساعد رئيس الجمهورية.. حتى ذلك المنصب الصغير بمقاييس الحزب الكبير جعله مولانا من نصيب ابنه جعفر ليتعلم الرماية في الساحة السياسية. بصراحة ..ان لقواعد الاتحاديين ان تصرخ في وجه المرشد لا قداسة في محراب السياسة..حق لجموع الاتحاديين ان ينصرفوا عن هذا الحزب الذي سهل الهوان عليه.. حزب الميرغني لا يعبر عن مبادئ الازهري والهندي والفضلي.. تسخر كل إمكاناته لخدمة العاملين في بلاط السلطة من وزراء مهمشين ومستشارين لا يستشارون. (التيار). [email protected]