رغم ظروف الحرب…. بدر للطيران تضم طائرة جديدة لأسطولها    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    المتّهم الخطير اعترف..السلطات في السودان تكشف خيوط الجريمة الغامضة    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    إسرائيل تستهدف القدرات العسكرية لإيران بدقة شديدة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوثبة بعد عام.. لا زالت عالقة في الهواء
نشر في الراكوبة يوم 04 - 02 - 2015

يقول الشاعر الإنجليزي شيللي :( إنني أحمل بين جوانحي شهوة لإصلاح العالم ) , دعوني و إياكم أن نحمل بين جوانحنا شهوة لإصلاح السودان قبل أن يصبح في خبر كان , فهذا هو قدرنا ...
قبل أسابيع مضت كنت في إجازة في السودان , عشت فيها متغلغلا في دواخل الناس , و عجبت كيف تختلف ظواهرهم بينما دواخلهم تتقاسمها عوامل مشتركة من الإنقباض و الإمتعاض و الإحباط و النزوع إلى الإغتراب , مع التوقعات بحدوث شأن جلل . لا تخدعكم الأفراح و الليالي الملاح التي تعرضها الأجهزة الإعلامية المملوكة للدولة و تلك التي على شاكلتها , فلو إنها كانت حقا حرة لعرضت صور المعاناة و المآسي التي يعيشها أطفال الشوارع و ساكنو المناطق الطرفية من العاصمة ناهيك عن المدن الأخرى . المغتربون صاروا هم أطواق النجاة لعائلاتهم , و من لا مغترب له يضرّس بأنياب و يوطء بمنسم ! كان الله في عون أهلنا الطيبين ...
تمر هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى لوثيقة الإصلاح السياسي الشامل المعروفة بوثيقة الوثبة التي تلاها السيد رئيس الجمهورية في 27 يناير 2014 , و منذ ذلك الحين تابعت أمر الحوار المرتقب و تداعياته و مآلاته و طرحت كل ذلك في مقالات مترادفة سعيت فيها لسبر غور تلك الوثبة مع تطور الأحداث حتى اللحظة , و قد قادني عرضي التحليلي إلى نتائج أظهرت الأيام صدقيتها ... لقد تمت الدعوة للحوار الوطني بين الحكومة و المعارضة في وثيقة الوثبة بعيد الوثيقة الأمريكية التي صدرت من معهد السلام الأمريكي بإسم ( الوثيقة الناعمة لهبوط الرئيس البشير ) , و قد سبق هاتين الوثيقتين وثيقة داخلية تدارسها القياديون في حزب المؤتمر الوطني و أطلقوا عليها ( فرمان علي عثمان ) و قد ذكرت في حيثياتها كما أورد الأستاذ فتحي الضو أن الأزمات قد تكاثرت على الحزب الحاكم حتى أضحت تهدد وجود السودان و أن عضوية الحزب قد تصدعت و تقلصت بسبب الفساد الذي إستشرى و أن لا بد من تغيير الأوجه المستمرة على تقلد أعباء السلطة , بينما الأحزاب ذات الوزن تقف على قارعة الطريق و يمكن إستقطابها في ظل مشروع قومي , بقليل من التنازلات في الحكم . عملا على ذلك فقد قال الرئيس البشير في الإجتماع التمهيدي المنصرم لشورى حزبه أنهم هم ( الألفة ) على كل القوى السياسية بتفويض من الشعب ! من هنا يتضح أن مقاصد الإنقاذ من وثيقة الوثبة أن تشاركهم المعارضة في تحمل أعباء الوضع المزري في السودان مع الحفاظ على هيمنتهم , و لن يكون هنالك تحول ديموقراطي كامل الدسم !
هذا هو مجمل الغرض من الحوار الوطني يا أيها السادة , رغما عن الدعوات التي تزين الحوار بأنه شامل و حر و شفاف و قراراته ملزمة لحل كل مشاكل البلاد , و رغما عن مفرزات اللقاء التشاوري و تكوين لجنة ال 7+7 ثم السفر إلى أديس ابابا و الإتفاق على خارطة الطريق بين الآلية الأفريقية و لجنة ال7+7 و الجبهة الثورية . إن أول الحواجز التي وجب عبورها كان موضوع الإستيفاء بمطلوبات الحوار التي لا تزال تطالب بها أحزاب المعارضة الحقة و القوى الثورية وهي إشاعة الحريات و وقف الحرب و إلغاء القوانين المقيدة للحريات و إطلاق سراح المعتقلين و السجناء السياسيين و العودة إلى دستور 2005 و الإنتقال إلى الديموقراطية و تكوين حكومة قومية للفترة الإنتقالية . لقد حاول فرس الإنقاذ القفز فوق هذا الحاجز و لكنه كبا فيه شر كبوة و أخرج فارسه منه أعرجا و فاقدا و ليس كاسبا . لقد ظل الوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي يعاود محادثات السلام بين الحركة الشعبية قطاع الشمال و المؤتمر الوطني إلى أن تعدت في مجملها التسعة لقاءات و الأخير كان بوجود الحركات الدارفورية المسلحة المنضوية في الجبهة الثورية و وجود تحالف قوى الإجماع الوطني و الذي افرز نداء السودان في 3/12/2014 . لقد فقدت الإنقاذ الإصلاحيين بقيادة الدكتور غازي صلاح الدين بعد تكوينه لحزب الإصلاح الآن , و أيضا خرج الخال الرئاسي الطيب مصطفى بعد أن كون حزب منبر السلام العادل و أعلن تأييده لإعلان باريس بين السيد الصادق المهدي و الجبهة الثورية و الذي كان في 8/8/2014.
في هذا الظرف الموغل في قتامة المآلات في السودان , و مع سعي الحادبين على إضاءة قبس التحول الديموقراطي السلمي في متاهة النفق المظلم , و مع كل ما أوردته في بداية مقالتي هذه من سؤ الأوضاع في السودان التي وصلت حد التوقع بكل الإحتمالات .. يأتي إنقلاب الإنقاذ الثاني في شكل قرارات تمكينية تكرس للحكم الشمولي الديكتاتوري , لا أرى لها سببا سوى التقارب المخيف بين المعارضة السلمية و المعارضة المسلحة و توحدها في نداء السودان عاليه ! هل الأمر يعود إلى عدم ثقة المؤتمر الوطني في تركيبته ؟ ماذا يضير المؤتمر الوطني لو ارتضى بتطبيق خارطة الطريق و سمح بتنفيذ كل مطلوبات الحوار ثم حاور من أجل الإصلاح السياسي و كون حكومة قومية و دخل انتخابات حرة و نزيهة إعتمادا على عضويته التي تساوي عشرة ملايين كما يقولون ؟ و لكن على العكس من ذلك فقد نسف المؤتمر الوطني أي تقارب يقود إلى الحوار الوطني . لقد تم تعديل الدستور الإنتقالي لعام 2005 الذي كان قد أجيز بعد إتفاقية نيفاشا فتحول جهاز الأمن و المخابرات إلى قوة نظامية ذات سلطات لمكافحة المهددات العسكرية و الأمنية و الإقتصادية و الإجتماعية و يظل تابعا للسيد رئيس الجمهورية الذي تركزت في يديه سلطة تعيين و عزل الولاة و التصرف في أراضي الدولة و التدخل في القضاء , و تم إلغاء الهامش الديموقراطي و هامش الحريات رغم ضيقهما , و قد أدى كل ذلك التحول إلى مركزية القرار و إلى خلافات و إستقالات داخل المؤتمر الوطني و داخل ( لجنة بدرية ) لتعديل الدستور .
من ناحية أخرى صدرت قرارات لجنة السلم و الأمن الأفريقي رقم 456 و مطلوب العمل بها و لكن من الواضح أن تستمر جولات أمبيكي المكوكية دون نتائج مرجوة لأن الشقة بين طرفي الحوار بدأت في الإتساع مع الإنقلاب الإنقاذي الثاني و ما رافقه من عودة إلى الحل العسكري و حشد المليشيات و العتاد لإنهاء الحرب في دارفور و المنطقتين و أن هذا العام سوف يكون عام الحسم ( كسوابقه ) , و تم إعلان الإنتخابات في موعدها في تجاهل تام للمعارضة و للحوار . من ناحية أخرى لم تصمت قوى نداء السودان على إعتقال قادتها و أعلنت خريطة طريقها للنضال السلمي لإسقاط النظام و مقاطعة الإنتخابات تحت شعار ( إرحل ) , فهل بقي بعد هذا شيء لحوار الوثبة ؟
لم يبق شىء ذو وزن , و لأن فكرة إشراك أحزاب المعارضة ذات الوزن التي تقف على قارعة الطريق مع قليل من التنازلات لم تنجح في تكوين أحزاب التوالي الثاني , و كذلك لم تنجح فكرة السيد الصادق المهدي التي ظل يدعو لها مرارا – و لا أستبعد أن يكون في إتفاق مع المؤتمر الوطني – عن الهبوط الناعم للنظام عن طريق الحوار الذي يقود مساومة الإصلاح السياسي بالعفو عما سلف على مبدأ ( أعط و خذ ) , و لكن من الواضح أن الإنقاذيين قد أحسوا بأن السيد الصادق قد توغل مع الجبهة الثورية أكثر من اللازم فأخلوا بهذا السيناريو بعد إعلان باريس و نداء السودان , و صار السيد الصادق مطلوبا للعدالة و صار حزبه محظورا !
نتيجة لكل ذلك لم يتبق سوى الحل الليبي الذي ظللنا تفاديه , و لكن بعد ( نداء السودان ) زاد إطمئناننا على العمل المشترك , فالخوف من التفتيت كان قد جعلني أكتب مقالات عدة عن رؤساء أتوا إلى السلطة عن طريق الإنقلابات العسكرية و لكنهم خدموا بلادهم و شعوبهم و أعلنوا التحولات الديموقراطية و تنازلوا عن الحكم و كونوا أحزابهم ثم عادوا إلى السلطة عن طريق الإنتخابات الحرة , فضربت أمثلة بأوباسانجو في نيجريا و أورتيجا في نيكاراجوا و شافيز في فنزويلا و محمد ولد عبد العزيز في موريتانيا , و انتظرت من رئيسنا البشير أن يحذو حذوهم و لكنه لم يفعل , هل لأنه لم يخدم بلده و شعبه كما فعلوا ؟ لقد قالها الدكتور نافع قبل هذا أنهم لن يلفوا بأنفسهم الحبل حول أعناقهم ! فقضايا القتل و التعذيب و الفساد بأنواعه محفوظة للجميع .
عليكم يا ثوار نداء السودان بالعمل بخريطة طريقكم للنضال السلمي لإسقاط النظام , و هأنذا أرى شباب قرفنا و التغيير الآن قد إتخذوا مواقعهم في الميادين و بين الناس , و سوف تتبعهم بقية التنظيمات من داخل التنسيقية !
أخيرا أكرر و أقول : إن الحل لكل مشاكل السودان السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية يكون في العودة إلى مكون السودان القديم و هو التعايش السلمي بين العروبة و الأفريقانية و التمازج بينهما في سبيل تنمية الموارد و العيش سويا دون إكراه أو تعالٍ أو عنصرية . قبل ألف عام كانت في السودان ثلاث ممالك افريقية في قمة التحضر , و طيلة ألف عام توافد المهاجرون العرب إلى الأراضي السودانية ناشرين رسالتهم الإسلامية و متمسكين بأنبل القيم , فكان الإحترام المتبادل هو ديدن التعامل بين العنصرين العربي و الأفريقاني . إن العودة إلى المكون السوداني القديم تتطلب تغييرا جذريا في المفاهيم و في الرؤى المستحدثة و في الوجوه الكالحة التي ملها الناس !
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.