الترابي.. أمنيات خريف العُمر!! كمال عمر: لن يعود الشعبي إلى الطغيان بعد تجربة اعتقالات وتنكيل وإغلاق دور وشهداء قدموا أرواحهم غالية في سبيل المفاصلة """""""""""""" الطيب مصطفى: الترابي يسعى لمنح المؤتمر الوطني خمس سنوات عجاف لن يتحقق فيها سلام ولن يتحقق مسار ديمقراطي وهل يظن الترابي أن الله غافل عمَّا يقترفه حزبه من تجاوزات وخروقات للعهود ومن دعم لشرعنة الاستبداد """""""" محمد بشير سليمان: قضية الترابي ليست في دنو الأجل ولكنها تكمن في ندمه على فشل مشروعه الذي كان يود أن يرى فيه السودان الدولة العظمى. """"""""""""""""""""""""" مريم الصادق: ادعو الجميع إلى الاستفادة من دروس التاريخ وعبره تقرير: عطاف عبدالوهاب حديث زعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي الذي تصدر الصحف أمس (الأحد) وبينها جريدة (التيار) التي خرجت بالعنوان: (الترابي قبل أن يتوفاني الله.. ليتني اطمئن على الوطن) وكان نصه كالآتي: "دعا الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. حسن عبدالله الترابي، إلى توحد الأحزاب السياسية وتشكيل تحالفات كبرى تؤدي بنهاياتها إلى وحدة شاملة تماثل ما ذهبت إليه أوروبا وبدأ ميالا إلى الوفاق وتشكيل التحالفات والابتعاد عن التحزب والفتن محذرا من مواجهة السودان ومصير سوريا والعراق. وأضاف الترابي بإن الفتن والقبلية التي انست الجميع أصول الدين، وقال إن الجميع ابتعد عن الائتلاف وكثر في البلد الخصام والصدام. وقال لو تعمقت الفدرالية في أنفسنا لما انفصل عنا الجنوب. واسترسل بالقول يوما ما نريد أن نجتمع كما اجتمعت أوربا، نريد أن نمتد شرقا وغربا وراء الحدود وأظهر الترابي تسامحه حيال النظام الحاكم، وقال إن السودان شهد تقلبا متصلا بين الأنظمة العسكرية والديمقراطية لأن الناس عادة ما ينشدون الاستقرار في حكم العسكر لكن ما يلبث أن ينقلب عليهم بثورة، وأضاف هذه المرة الحمدلله امتد بنا الحكم بعد أن أصابتنا الفتن جميعا وقامت علينا السلطة ثم تقدمت إلينا بكلمات ومن حياكم بتحية فحيوا بأحسن منها وإن جنحوا للسلم فاجنح له. قضايا أساسية من حديث الترابي تستبين مجموعة من الأمنيات وضعها في خطابه أمام المؤتمر العام الثالث لحزب الأمة الفيدرالي بحضور البشير والقيادات الحزبية، كتوحد الأحزاب السياسية والوحدة الشاملة وربما هذا ما تحدث به سابقا في حوار مع (التيار) الدكتور بشير آدم رحمة عندما صرح: بأن الشعبي يسعى إلى تنظيم يتجاوزه والوطني، القضية الثانية التي طرحها الترابي هي العودة إلى أصول الدين وذلك بالابتعاد عن الفتن والقبلية، ولعل هذه النقطة هي التي فجرت الحرب في دارفور وفي الشرق وفي النيل الأزرق وفي جنوب كردفان، مع وجود اتهامات مسبقة بأن بعض الحركات المسلحة هي الجناح العسكري للمؤتمر الشعبي الأمر الذي كان ينفيه الشعبي بقوة حينها. والقضية الثالثة هي مسامحة المؤتمر الوطني طوال الفترة الماضية من باب الجنوح للسلم والدعوة إلى مواصلة الحوار الوطني، باجتماع هذه القضايا في طاولة الشيخ حسن الترابي تدور أسئلة شتى يبدو أنه يعتقد أن له وزر كبير فيما حدث في السودان، ولذلك تمنى أن يرى البلاد معافاة قبل أن يتوفاه الله، ولكن السؤال.. هل يمكن قبول إشفاق الترابي على السودان؟.. (التيار) طرحت السؤال عبر أثير خدمة التراسل الفوري (الواتساب) على قادة بارزين بمسرح السياسة بالسودان، وامتد النقاش يهدأ تارة ويتفجر تارة أخرى لعدة ساعات. ليس دنو الأجل (على الترابي قبل أن يعبر عن إشفاقه على السودان أن يتسم بشئ من الشفافية ويجيب عن السؤال لماذا أحدث المفاصلة قبل 15 عاما) ما سبق كانت تعليقا بين ثناياه زفرة حرى من رئيس حزب منبر السلام العادل الباشمهندس الطيب مصطفى، مستنكرا إشفاق الترابي الآن وقد حدث في البلاد ما حدث!! في حين كان بالإمكان تلافي هذه الاشكالات قبل المفاصلة وصدور قرارات الرابع من رمضان، من هذا المنطلق يرفض الطيب مصطفى إشفاق الترابي، ويذهب الفريق أول محمد بشير سليمان، نائب رئيس حركة الإصلاح الآن، إلى أن قضية الترابي ليست في دنو الأجل ولكنها تكمن في ندمه على فشل مشروعه الذي كان يود أن يرى فيه السودان الدولة العظمى والأنموذج من خلال الإسلام السياسي الذي أراد أن يقدمه للعالم فكان خيبة بسوء الممارسة وخطأ المثال. الترابي خاطب واقع السودان غير أن الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، كمال عمر، يرفض حديث الطيب مصطفى ومحمد بشير سليمان. ويرى أن الترابي خاطب واقع السودان بتجاربه التاريخيه والحاضرة وهو ما أدى إلى الحل السياسي الذي يستوجب وحدة مكوناته الحاضرة لمواجهة مصيرنا- حسب قوله-. وأصر كمال عمر أن الترابي مشفق على البلاد ويتمنى أن يرى المشروع الوطني وقد اكتمل نحو مقاصد الحرية والديمقراطية ممتدا على جوارنا خيرا في التوحد والسلام، وهذا يتفق تماما مع فكرة المشروع الإسلامي ومراحل تطوره ورغم الفتن والابتلاءات – يقول كمال - إلا أن الترابي لا يعرف اليأس والقنوت بل يخطط في حياته للمستقبل كحال المسلم التقي الذي يعبد الله في كل شعاب الحياة حتى آخرته ولا يعرف اليأس ولا القنوت. دنو الأجل السياسي طه يس رئيس حزب التضامن، وهو أحد أحزاب المعارضة التي كانت تشارك في الحوار وعلقت مشاركتها لاحقاً يرى أن الترابي ربما قصد دنو أجله السياسي بسبب المحاولة الانتحارية كما اسماها التي أقدم عليها وهي التقارب مع المؤتمر الوطني بعد القطيعة التي شهد عليها الجميع، فالحسابات عند الرجل قد تعقدت تماما حيث تنبه لأن المجموعة التي تسيطر على مقاليد الحكم هي الأقرب إليه من الآخرين خاصة بعدما شهد ما يجري بين الإسلاميين في مصر على الرغم من أنهم شركاء بالأصالة في الربيع المصري وهذا ما دعاه للقفز من مركب الاجماع الوطني بلا مقدمات ليبحث عن مخرج له ولشركائه في جريمة انقلاب الإنقاذ فطبخ معهم سيناريو الحوار الكذوب وهو الآن يهرول لإكمال الصفقة باستنساخ أشباح للدفع بهم إلى الحوار (بمن حضر) ولا تفوت على المراقب – يقول طه – مباركته للانتخابات المرتقبة والتي أعلن حزبه مقاطعتها مسبقا لكونها ليست ذات جدوى، وأشار طه إلى أن استدراك الترابي إلى أن اجله قد أزف، إنما كان يقصد اجله السياسي – ربما – أما اجله المحتوم فهو لا يلقي له بالا وإن لم يكن الأمر كذلك فلماذا يعود الرجل إلى من فاصلهم بحيثيات قوية ومسؤولة، ويقول طه إنه كان من الأجدى للترابي ولحزبه أن يتوكل على الله ويراهن على الشعب وليس على الطغاة. فصل الجنوب من حديث الترابي يبدو أنه نادم جدا على فصل الجنوب، هذا الانفصال الذي جر وبالا كثيرا على البلاد، بل حتى الحال في جنوب السودان لم يستقر وهو يدخل في حروب متناحرة بين القبائل، هل كان الترابي سببا فيه؟ هل نستطيع القول بأن هذا الأمر ناجم عن فشل المشروع الإسلامي؟! محمد بشير سليمان يعزو فصل الجنوب إلى فشل مشروع الترابي الكبير الذي لم ينتج عنه سوى دولة دكتاتورية، ويمضي بشير إلى أكثر من ذلك ويقول: إن خطر تفكيك بقية الدولة السودانية ماثل يهدد ما تبقى منها، وذلك ما يقلق الترابي ويخشى أن يسجل ذلك في مدونة حياته بل إن هذا – كما أوضح بشير – هو ما يدفعه لأن يندفع بكلياته تجاه المؤتمر الوطني عسى أن يلحق ما يمكن معالجته. المشروع الإسلامي حسنا.. هل كان هناك اصلا مشروعا إسلاميا، وهل كانت الإنقاذ تسعى نحو تحقيق هذا المشروع؟ الفريق أول محمد بشير سليمان يعتقد أنه لم يكن هناك مشروع إسلامي للإنقاذ أصلا، ولكنهم فكروا في الانقلاب ولم يفكروا في مطلوبات ما بعد الانقلاب أي مطلوبات الحكم من أهداف قومية ومصالح قومية ثم إستراتيجية وطنية ولهذا اعتمدوا على المؤتمرات القطاعية ثم الإستراتيجية القومية الشاملة (1992 – 2002) والتي تمت على أسس خاطئة فانتجت صفرا كبيرا مع الأخطاء التي صاحبت الإعداد والتنفيذ الذي افتقد كل مطلوبات النجاح والتي كان أهمها العلاقات الخارجية، ونوَّه سليمان إلى أن حديثه هذا مبني على كونه مقررا لإستراتيجية الدفاع سابقا، ثم إستراتيجية وطنية. إلا أن كمال عمر يرفض حديث سليمان، ويقول إن المشروع الإسلامي لم يفشل بل ازداد متانة بتجربة الأخطاء وأصبح لديه قدرة كبيرة في التعامل مع أزمة البلاد في الحريات والنظام الفيدرالي للدستور، مؤكدا على الاحتياج فقط للوفاق السياسي. أسئلة مشروعه وتدخل الطيب مصطفى ليطرح تساؤلات مشروعه: لماذا سكت الآن المؤتمر الشعبي وتماهى واندغم بل ودعم ما قاد للمفاصلة بمعشارة من موبقات خاصة الانقلاب الدستوري الكامل والانقضاض على كل العهود والمواثيق التي اجيزت في عمومية الحوار والتي أصبحت أكثر الزاما من أي دستور مشيرا بذلك إلى خريطة الطريق واتفاق أديس أبابا حيث قال إنهما لم يكتفيا بإطلاق سراح الأسرى إنما حتى المحكومين سياسيا هذا بخلاف النص على التوافق على الانتخابات والتشريعات والدستور والمفوضية بل النص على الحريات العامة والصحفية التي حددت خريطة الطريق بأن يكون الفيصل النهائي بشأنها القضاء وليس بأجهزة أخرى صار نفوذها أقوى من الجيش والشرطة مجتمعين. ويتساءل الطيب لماذا يجيز الترابي لتلميذه كمال عمر أن يحدد بالاتفاق مع الوطني اختيار من يمثلون المعارضة في آلية الحوار؟! هل يظن الترابي أن الله غافل عما يقترفه حزبه من تجاوزات وخروقات للعهود ومن دعم لشرعنة الاستبداد، لماذا لا يجيب الترابي ويبرر مواقفه الأخيرة التي يختم بها حياته سيما وهو يترقب دنو أجله الذي ينقله إلى يوم الحساب. ويدعم الطيب مصطفى، محمد بشير سليمان بتساؤله ايضا: هل يستطيع الترابي إصلاح ما أحدثته الإنقاذ في 25 عاما وتختزنه ذاكرة الشعب السوداني التي لا تنسى من خلال الأمنيات في الليالي السياسية، وحتى لا يكرر الترابي تجربة الفشل الوطني التي أنتجها المؤتمر الوطني تكاملا معه أو اندماجا من خلال ما يسوق له الآن حوارا بمن حضر وهو ما يعني التجزئة الوطنية تجاوزا لقوى سياسية لها ثقلها الجماهيري مما يعني عدم وحدة الصف الوطني وفاقا ومن بينه عبرة تجربة المؤتمر الوطني في 25 عاما وبحكومة سماها حكومة الوحدة الوطنية حيث نبحث الآن عن الوحدة الوطنية. أين كنتم؟ إلا أن كمال عمر يرفض ايضا حديث الطيب ويقول له بسؤال استنكاري: لماذا سكتم على كل التجاوزات والانتهاكات والخيانات في دستور 98 والنظام الأساسي للمؤتمر الوطني حين أقدم الرئيس على تجميد الأمين العام المنتخب؟ ثم يقول كمال: أنا اعلم وللتاريخ اجتهادات الطيب مصطفى لرأب الصدع ولكنهم سكتوا جميعا وتحول المشروع لاستبداد وقهر، ثم وجه حديثه للطيب وقال إن فيكم من شارك في الحيثيات ومنكم من صمت عن الحق حتى انفصل الجنوب وقامت الحرب في دارفور. الفرق بين اليوم والأمس الطيب مصطفى لم يصمت على هذه الاتهامات ورد على كمال عمر بقوله إن الفرق بين الأمس واليوم أن الرئيس طرح مبادرة للحوار واستجبنا لها بصدق على أمل أن نجمع أهل السودان حول تراض وطني نقرب به بين الحكومة واتباعها والرافضين للحوار والمحاربين، ويؤكد الطيب على أن سعادتهم كانت غامرة حين أجيز العهدان خريطة الطريق واتفاق أديس، مما بشر بجمع أهل السودان حول تراض وطني ينقل البلاد إلى مربع جديد ومسار ديمقراطي جديد ينهي الحرب من خلال اتفاق أديس وحوار بناء يرتكز على العهدين العظيمين، وكانت الأعين كلها مصوبة نحو إنفاذ الاتفاقين أو العهدين من جانب الحكومة، ولكن للأسف نكصت الحكومة عن العهدين ومضت في احداث انقلاب دستوري وانتخابات رغم أن الاتفاق ينص على غير ذلك بدلا من أن يضغط مع بقية قوى المعارضة التي تحالف معها لإنفاذ العهدين انقلب الشعبي عليها وأنحاز إلى الحكومة بكل خروقاتها مشرعنا ممارساتها وطغيانها وتضييقها على الحريات، ويقول الطيب إن المحصلة من اتفاق الشعبي والوطني تتمثل في منح الوطني بتآمر مع الشعبي خمس سنوات عجاف أخرى لن يتحقق فيها سلام ولن يتحقق مسار ديمقراطي ينقل السودان إلى مربع ومستقبل جديد يستدبر فيه عهود الطغيان والاستبداد وسيظل يتقهقر سياسيا واقتصاديا وأمنيا وأخلاقيا ولا يدري أحد ما يؤدي إليه هذا التقهقر، ثم يمضي الطيب مصطفى متسائلا، هل يؤدي إلى انفجار يكون اسوأ من أوضاع ليبيا وسوريا والصومال أم أن هناك شيئا آخر يخبئه القدر، إلا أن كمال عمر يخالف الطيب مصطفى الحديث بل وربما كان يبعث إليه بتطمينات عندما أكد على أن الشعبي لن يعود إلى الطغيان بعد تجربة اعتقالات وتنكيل وإغلاق دور وشهداء قدموا أرواحهم غالية في سبيل المفاصلة، وقال كمال إن الشعبي لو كان يرغب في الشراكه لكان شريكا في الانتخابات ولنال حظا يعلمه الطيب جيدا دون سائر الذين شاركوا. رضينا بالحوار ولن نشارك بالسلطة وجدد عمر تأكيده على أن الشعبي رضي بالحوار ولن يشارك في السلطة بل هي رغبة واجتهاد من أجل تجنيب البلاد مخاطر التقسيم والتشظي، وقال كمال: لن نجامل في طرحنا والأيام بيننا. ثم يضيف قائلا إن الشعبي يطرح ورقة الحريات والحقوق الأساسية ويتناول مواقفه الواضحة والمستنيرة والتي تتلخص في حرية التعبير والتنظيم والتجمع كحقوق دستورية محمية بالقوانين التي تنظم فقط دون أن تعطي الحق وبالتالي فإن الحبس والحد من الحرية اختصاص النيابة والقضاء جهاز الآن فقط للمعلومات، وقال كمال إن ما يدعم هذا الموقف المكتوب من كتلة الشعبي في البرلمان والرأي المنشور وبالتالي فإن الحديث عن الانسحاب من الحوار بسبب ذلك ولمخالفة خارطة الطريق يظهر جليان أن الآخرين لم يقرأوا النص جيدا وإن اسمها نظم الحوار بمعنى الحوار لم يبدأ وقال كمال إن الذين وضعوا الإشراطات خالفوا الفكرة التي جمعتنا وبالتالي استحال الوفاق إجرائيا فكان ما حدث، وأشار عمر إلى أن مواقف الشعبي الصابرة على التجاوزات تمليها عليه حالة البلاد، مشيرا وأكد على أن هناك بدائل مفتوحة فمن يرفض الحوار يسعى لإنفاذ خيار الإسقاط ومحله (الشارع) أما من ينتظر الجبهة الثورية فإن انتظاره سيطول. الاستفادة من الدروس والعبر حزب الأمة هذه الأيام حذر جدا في تصريحاته وهو يتوجه نحو العمل السري حيث دعت مريم الصادق نائبة رئيس حزب الأمة القومي الجميع إلى السعي والعمل بقيادة فعل يقوم على توخي الحكمة المتراكمة وأن نستفيد من الدروس والعبر لمهداة من كل صاحب فعل..