أعجبتني شجاعة المشير محمد حسن سوار الذهب، وهو يتعهّد بإخلاء مقعده في لجنة ترشيح الرئيس البشير، متى ما ثبت له – أو لغيره – أن الحملة مُمولة بمال الشعب. لكن – في الوقت ذاته – فقد أشفقت على الجنرال من عاقبة تلك الوعود. أما إعجابي فتمحور في أن الرجل كتب على نفسه "شيك" مسحوباً على بنك العهود الصارمة. وأما شفقتي، فتلخّصت في أن "سوار الذهب" ربما يكون قد مهر هذا "الشيك"، دون أن يتحسس الرصيد المصرفي. أو حتى دون أن يتفحص اتهمات المعارضة القديمة المتجددة، للحزب الحاكم بتسخير موارد وأموال الدولة في حملته الانتخابية. وأهم من ذلك كله، هل درى "الجنرال" أن الليالي من الزمان حُبالى، مثقلات يلدن كل عجيب..! وعليه، أتوقع أن يكون الجنرال أمام نظرية العقدة والمنشار، وليس أمام أي شيء آخر، إذا توافرت له العزيمة الحقّة. وظني أن ذلك ما ينتظر الرجل الموصوف بأنه لم يكن عادلاً، حينما كان موكولاً له أمر قيادة الفترة الانتقالية، عقب انهاء حكم النميري بالهبة الشعبية..! الثابت، أن المشير "سوار الذهب" يقف على رأس لجنة ترشيح البشير، في السباق الانتخابي الرئاسي الذي يتنافس فيه (14) مرشحاً، ليس بينهم أو فيهم من يملك حظوظ الفوز على مرشح المؤتمر الوطني المشير عمر البشير، وهذا يثبّته واقع القدرة المالية للحزب الحاكم، إذ أن المؤتمر الوطني خصص (10) مليارات جنيه للحملة الانتخابية، بينما يمارس مرشحون آخرون – يفترض أنهم سينافسون البشير – تسولاً سياسياً، بجمع تبرعات الأعضاء على طريقة "الشيرينق" من أجل تدشين الحملات الانتخابية، على نحو ما ذكره المرشح الرئاسي محمود عبد الجبار، والمرشح الرئاسي عمر عوض حسين الذي يدخل الانتخابات فقيرًا يعوزه كل شيء، الا التأهيل والمعرفة. يحدث هذا في الوقت الذي يتبرع فيه رجال أعمال لمرشح المؤتمر الوطني، وهو وثيق الصلة بالكرسي والفوز، دون أن يطعن احد في ذلك، لجهة أن المال عند رجاله لن يجري، الا اذا جرت قبله، أو بعده المصلحة الأكيدة. ثمة ملاحظة أخرى عنت لي وأنا أتفحص قائمة الأحزاب التي ستخوص المنافسة الانتخابية. فالناظر الى تلك القائمة سيجد أنها ضمت (44) حزباً، وهذا أمر جيد، وربما يستند عليه أهل المؤتمر الوطني في سبيل تنفير شبهة البوار والكساد عن الانتخابات، لكن هذا لن يكون شاهد دفاع، بل انه قرينة إثبات وإدانة، لأن انتخابات ابريل 2010م بكل زخمها، لم يشارك فيها هذا العدد من الأحزاب، بينما تصاعد العدد في هذه الانتخابات، التي يروق لي تسميتها ب (اُم 44)، لكونها شملت (44) حزباً. "لاحظوا أنني قلت حزباً وليس رِجلا أو "كراع"، حتى لا نُتهم بالسخرية من الانتخابات..! صحيح أن العدد الكلي للأحزاب التي شاركت في انتخابات ابريل 2010م كانت اكبر من التي تشارك الآن، وصحيح أنها تجاوزت حاجز الخمسين حزبًا، متضمنة الاحزاب الجنوبية. لكن اذا خصمنا عدد الأحزاب الجنوبية التي شاركت سابقًا وغابت الآن، مضافاً اليها أحزاب الإجماع الوطني التي كانت عماد الانتخابات الماضية، وغابت الآن، فسنجد أن الانتخابات الحالية حفلت بمشاركة واسعة جداً. لكن هذه المشاركة الكبيرة تجعلنا نتساءل "من أين أتى هؤلاء..!"، لأن غالبية الأحزاب التي تشارك في هذه الانتخابات، لم تكن جزءًا من انتخابات أبريل 2010م المشهودة.. فتعجب يا صاحِ..! نُشر بصحيفة (الصيحة)