قضية بناء الكادر السياسي الحزبي عبر مدارس البناء وهي قضية أساسية لأن الحزب يسعى إلى تطوير إمكانات وقدرات أعضائه في مختلف الجوانب السياسية والفكرية والجماهيرية والنضالية... من خلال دراسة دقيقة لمواهب وكفاءة العضو وبالتالي القدرات الأولية المتوفرة عنده والتوجهات التي يمكن تطويرها ليكون كادراً سياسياً أو تنظيمياً أو مناضلاً ميدانياً أو تطوير قدراته في الميادين العامل فيها سواء في الحركة العمالية أو النسائية أو الطلابية أو المهنية على ضوء واقعه الاجتماعي. وتتحمل القيادة وضع الخطط السياسية والتنظيمية والإعلامية والنضالية وسواها سنوياً أو بين مؤتمرين.. وتضع الخطط لبناء كادر أو تطوير الكادر الموجود لديها ليتمكن من القيام بالمهمات المطروحة على عاتق الحزب... سواء من حيث تطوير القدرات الإعلامية أو حضوره وسط القطاعات الشعبية أو التجمعات المهنية.. إلا أن مسألة بناء الكادر الحزبي في السودان وأهميته ليس على قلب إنسان واحد بسبب تعدد الأحزاب التي تتحرك بين اليمن واليسار وبينهما وسط .. ولكل حزب طرائقه في بناء الكادر وهناك من ترتكز بنيته الحزبية على ضرورة بناء الكادر وهذا ما تطبقه بحرص الأحزاب العقائدية بينما الأحزاب التقليدية الجماهيرية تتعامل مع مدرسة الكادر على وزن فقه الضرورة ..( التيار) فتحت هذه القضية للتحقيق بشأن حضور أو غياب مدرسة الكادر في دفاتر الاحزاب السياسية السودانية ، وماهي التحديات التي تواجه حضورها، ومن المستفيد من تغيبها.. وفي هذه القضية سنطرح رؤية ومواقف ثلاثة أجيال حول مدرسة بناء الكادر .. وفي الحلقة الأولى نقف على إفادات الكوادر الوسيطة في حزبي الأمة القومي ، والحزب الشيوعي السوداني .. للوقف على تجربتي اليمين واليسار. آليات بناء العضو الكثير من الأحزاب تولي أهمية بالغة لبناء العضو الحزبي.. سواء من خلال الاجتماعات الأسبوعية التي تضع لها برنامجاً تثقيفياً (شهرياً أو سنوياً) قد يركز على قراءة بعض الكتب المنسجمة مع الخط الفكري للحزب بالإضافة إلى استعراض مجريات الصراع السياسي في البلاد بحيث يتعرف العضو على موقف الحزب من تلك الأحداث وبالتالي يدافع عن موقف حزبه، أو متابعة المهمات التنظيمية والجماهيرية التي توكل إليه في الاجتماع، وبالتالي تقييم أدائه في عمله.. أو من خلال الدورات الفكرية والتنظيمية والنضالية التي قد تكون قصيرة تهدف إلى توصيل المعلومة المحددة للعضو،والتي قد تقتصر على الجانب الفكري أو التنظيمي أو السياسي .. وبالتالي تطوير ثقافته ومعلوماته في تلك القضايا الأساسية. أو قد تمتد سنوات في مدرسة حزبية أو مدرسة كوادر كما نشاهد في الأحزاب الشيوعية أو الديمقراطية الثورية ... وقد يعمد الحزب الديمقراطي أو الاشتراكي أو الليبرالي إلى أساليب متعددة في البناء الحزبي عبر مؤسسات ثقافية أو صحيفته اليومية أو مجلاته الاسبوعية والشهرية أو عبر لجان متخصصة أو ندوات محددة تهدف إلى تعميق وعي العضو بمواقف الحزب ومرتكزاته الفكرية ومواقفه السياسية.. وقد يعتمد على العلاقات مع الأحزاب الأخرى ليرسل إليها أعضاء حزبيين يرى ضرورة تطوير ملكاتهم في قضايا محددة (العمل الحزبي التنظيمي مثلاً أو العمل الشبابي أو العمل البرلماني أو ما شابه..).. ولهذا يرى عبدالمطلب أن غياب مدرسة الكادر بحزب الأمة القومي له إسقاطاته السالبة على مسيرة الحزب وكشف أن حزبه في فترة النضال ضد الشمولية ساهم في بناء الكوادر إلا أن تغيير مواقفه السياسية ساهم في تراجع عملية البناء وقال الحزب واجه إشكاليات تنظيمية واعتبر تحول مواقفه من المواقف السياسية المعارضة الحادة إلى خيار المهادنة أوجد صراعات تنظيمية كبيرة ساهمت في إهمال بناء الكادر الطلابي منذ فترة، وبالتالي أصبح الحزب الكبير ليس لديه خطة مدروسة لبناء كوادره .. وهذه الصورة تعكس بوضوح المفارقات بين الحزب الشيوعي في الاهتمام ببناء الكادر وصورة واقع الأمة القومي. ويقول طارق عبدالمجيد إن مدرسة الكادر في الحزب الشيوعي مشرعة للجميع و لا تتقيد بتوقيت زماني لا تنقطع القيادات الحزبية من دخولها _ أي لا شيء يوقف عجلة التعلم الشيوعي لكون الفكرة الأساسية قائمة على التثقيف الحزبي، وقال عبد المجيد أي عضو في الحزب من السكرتير العام محمد مختار الخطيب إلى أصغر عضو يظل ملتحقاً بمدرسة الكادر وقطع بأنها ليست مربوطة بالقيادة ، واعتبر دخول ما تقدمه مؤسسات المجتمع المدني من التدريب على العلوم الحديثة والتطور التكنولوجي يمثل ركناً من أركان مدرسة بناء الكادر ومجازاً يطلق عليها منظمات المجتمع المدني وورش العمل والدورات التدريبية في العلوم الحديثة والتطور التقني.. إذاً اليمن واليسار العقائدية والتقليدية أجمعت على ان مدرسة بناء الكادر مهمة و قضية أساسية في البناء الحزبي ... حيث إن الحزب يسعى إلى تطوير إمكانات وقدرات أعضائه في مختلف الجوانب السياسية والفكرية والجماهيرية والنضالية... من خلال دراسة دقيقة لمواهب وكفاءة العضو وبالتالي القدرات الأولية المتوفرة عنده والتوجهات التي يمكن تطويرها ليكون كادراً سياسياً أو تنظيمياً أو مناضلاً ميدانياً أو تطوير قدراته في الميادين العامل فيها سواء في الحركة العمالية أو النسائية أو الطلابية أو المهنية على ضوء واقعه الاجتماعي .. الشمولية وصناعة الكادر حمل عبد المطلب قيادات الحزب مسؤولية بناء و تأهيل الكوادر وقال إنها مسؤولية أخلاقية تفرض على الحزب ، وقلل من تأثير الأنظمة الشمولية على بناء الكادر وقال إن حزبه اهتم ببناء الكادر لدرجة كبيرة في زمن الأنظمة الشمولية وأكد أنه كان متشدداً في مسألة البناء بالرغم من محاولات الشمولية لإضعاف الأحزاب .. إلا أن كادر الحزب طارق عبدالمجيد لم يقلل من تأثير الشمولية في مسألة بناء الكادر الحزبي في الأحزاب السودانية الوطنية واعتبر الحرية والمال لهما دور في مدرسة البناء ، وقال طارق إن الأنظمة الشمولية استهدفت الأحزاب وكسرتها، ولذا تعاني البؤس في مرحلة الشمولية واعتبرها تساهم في حصر التثقيف الداخلي في مجموعة معينة مما يساهم في خلق صفوة في الحزب وقال إن الصفوة في الحزب تفرض كادراً مكرراً يضطر الحزب بالدفع به في أي عمل ويتحول إلى كادر مستهلاً ، وربما يعرضه ذلك للغرور ، أو الاستهداف وقطع طارق بأن التطور والعولمة والتقنية الحديثة الثورة العلمية فتحت الطريق أمام تنشيط التثقيف الذي يدعم مدرسة الكادر بالاستفادة من المكتبات الإلكترونية .. وقال اليوم نلتمس الفرق بين فترة تدريب الكادر في الحزب الشيوعي بالكتابة بقلم( الكوبيا) والتدريب على أجهزة الحاسوب بالأسطوانات وغيرها، وأضاف قائلاً يمكن للأحزاب أن تستفيد من ثورة المعلومات. سوء النية بشأن دور المصالح الاقتصادية والشخصية والطبقية للأفراد في إيقاف مسيرة مدرسة الكادر قال عبد المجيد إن القضية لا يتم تحليلها في إطار سوء النية إلا أنه بالتأكيد الماركسية علمتني أن الانقسام الطبقي يخلق فئات اجتماعية ولها مصالح اقتصادية تغلق أبواب التثقيف، وأشار إلى أن فترة الستينيات كانت مكتنزة بمفهوم الثقافة للجميع باعتبار أن هذا الصراع الطبقي المعرفي قديم وعليه كانت ثورة تمليك الوعي للجميع لكسر قداسة الصفوة، وقال إن المؤسسات التي لها قدرة على تحقيق فكرة الديمقراطية الحقيقة سعت لإنهاء هذه القداسة الصفوية بينما التي لها تكلس ديني عنصري جهوي وقبلي تحرص على تجاهل التثقيف .. توافق رؤية طارق الكادر الشيوعي مع رؤية عبد المطلب كادر حزب الامة والأخير أكد وجود مجموعات في الأحزاب لها مصالح في تغييب مدرسة بناء الكادر وقال هنالك مجموعة ليست لها تأهيل سياسي ولا تاريخ نضالي في الحزب اقتحمت ساحته بدوافع ذاتية هدفها فقط رفع اسمها في سوق السياسة من أجل تحسين مركزها الاجتماعي، و مجموعات من داخل أسرة المهدي ترقت في سلم القياده باعتبارات أسرية وعاطفية فقط، وقال إنهم استندوا في صعودهم على رأس المال الروحي للأسرة وليست لديهم رصيد نضالي أو قدرات سياسية وفكرية تأهلهم للصعود للمواقع وفق المعايير الموضوعية ، ومضى قائلاً المجموعتان من مصلحتهم هدم الأدوات التي تعين على بناء قدرات الكوادر وترفع من وعيهم بالحقوق كمقابل للواجبات ، وذهب قائلاً ليست من مصلحتهم أن تكون هنالك منابر وأدوات تساهم في خلق العضو الفعال الذي يمتلك القدرة والارادة ، واعتبر وجود هذه المجموعات وصعودها أحدث خراباً واسعاً في البنية التنظيمية لحزب الأامة، وأقصت بشكل مرتب أغلب الكوادر التي تملك القدرات الفكرية وذات الالتزام التنظيمي ، واتهم هذه المجموعات بتخريب الحركة الطلابية بإغراقها في صراعات استنزافية وإهمال كل قضاياها وفتح الباب لصعود عناصر رخوة وضعيفة من أجل الحفاظ على صورة قيادية لامعة، واعتبر طلب التفكير الذاتي البائس سرب العجز لمفاصل الحزب التنظيمية في المركز والولايات.. بسبب غياب الكوادر المؤهلة التي صقلتها مدرسة الكادر. تواصل الأجيال بعيدًا عن السياسة فإن المدخل الأساسي لعملية البناء والتثقيف الحزبي هو استقرار الديمقراطية واعتبرها مفتاحاً أساسياً لعلاقات الإنتاج الفكري والثقافي بقيام المنظمات المختصة في الثقافية والفنون المسرح ، والأندية الرياضية والثقافية ، والجمعيات الخيرية لكونها تستوعب أكبر قدر من الجماهير وهي مواعين لممارسة الديمقراطية ويمكن أن تشكل قوة ضغط، وختم طارق قائلاً إن القضية الحاسمة هي أن المؤسسة التي تريد أن تكون لها خارطة في العقل الجماعي لابد أن تسلك سبل التطور والتثقيف وبناء الكوادر . وقال الحزب الشاطر هو الذي يعمل على تطوير مؤسساته ويعمل بنهج حسن إدارة تنوع أجيال باعتبارها مصدر ثراء، وشدد على أهمية دور القيادات وقال إنهم الشباب الذين قادوا الصراع على مؤسساتهم بشأن تجدد الأفكار ومضى قائلاً أي جيل له أفكاره وسيأتي جيل يرى أفكارنا مختلفة. التيار